تأملات في انجيل لوقا 10: 38-42، 11: 27-28
في ذلك الزمان دَخَلَ يسوع قَرْيَةً فَقَبِلَتْهُ امْرَأَةٌ اسْمُهَا مَرْثَا فِي بَيْتِهَا. 39وَكَانَتْ لِهَذِهِ أُخْتٌ تُدْعَىمَرْيَمَ ، الَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ.40وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً فِي خِدْمَةٍكَثِيرَةٍ . فَوَقَفَتْ وَقَالَتْ: ((يَا رَبُّ ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدِمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْتُعِينَنِي!)) 41فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها : ((مَرْثَا ، مَرْثَا ، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ،42وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا)). 27وَفِيمَا هُوَيَتَكَلَّمُ بِهَذَا ، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: ((طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِرَضَعْتَهُمَا)). 28أَمَّا هُوَ فَقَالَ: ((بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ)).
في التسويق ، يُقال إن الناس بحاجة إلى سماع شيء سبع مرات قبل أن يلتصق بهم. هذا هوالسبب في أن الشركات تبث نفس الإعلانات مرارًا وتكرارًا لأن الأمر سيستغرق عدة مرات رؤيةنفس الشيء قبل استيعاب الرسالة. ربما هذا هو السبب في كل أعياد العذراء مريم - 15 أغسطس ، 8 سبتمبر (ميلاد مريم العذراء) ، 21 نوفمبر (دخول الهيكل) ، و 28 أكتوبر (الحمايةالمقدسة للسيدة العذراء) - نسمع نفس الإنجيل قصة مريم ومرثا. يبدو أننا بحاجة إلى أن نتذكرباستمرار الشيء الوحيد الذي نحتاجه حقًا وهو العلاقة مع المسيح.
في هذا المقطع من الإنجيل ، نلتقي بمريم ومرثا ، أختان لهما أخ اسمه لعازر ، والذي سيقيمهالمسيح لاحقًا من بين الأموات. كانوا يعيشون في بيت عنيا التي كانت تبعد حوالي ميلين عنالقدس. لأن الناس كانوا يسافرون إلى القدس لحضور الأعياد الدينية الكبرى (كان المعبد هناك) ، ستكون هناك رحلات كثيرة من الناس عبر المنطقة عدة مرات في السنة. عندما كان يذهب يسوعإلى أورشليم ، غالبًا ما كان يمكث في منزلهم. كانوا أصدقاءه. كان منزلهم مكانًا للراحةوالاسترخاء بالنسبة له.
في هذا المقطع بالذات ، قرأنا أنه في هذه الزيارة بالذات ، كانت مارثا مشغولة لتحضير وجبةالطعام، بينما كانت مريم تستمع إلى تعاليم يسوع. اشتكت مارثا من أن مريم لا تساعدها. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها : ((مَرْثَا ، مَرْثَا ، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ، وَلَكِنَّ الْحَاجَةَإِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا)).
تتبادر إلى الذهن ثلاثة أشياء عندما أقرأ هاتين الآيتين.
الأول هو أن الشيء الوحيد المطلوب هو علاقة بيسوع المسيح. ما فائدة كل ما يدور في الحياة إذالم تكن لنا علاقة بالرب؟ يؤكد يسوع أننا لا يجب أن نكون قلقين ومضطربين بشأن أشياءناالعديدة ، ولكن بدلاً من ذلك يجب أن نعطي الأولوية للشيء الوحيد الذي نحتاجه وهو العلاقة معيسوع.
ثانيًا ، الاستجابة للنقطة الأولى لمعظمنا صعبة لاننا جميعًا لدينا أشياء يجب القيام بها - وظائفوعائلات وما إلى ذلك. لا يمكننا الجلوس طوال اليوم لقراءة الكتاب المقدس والصلاة بشكل كافي. لكن في خضم كل هذا ، علينا أن نخصص بعض الوقت للجلوس مع الرب - في الصلاة ، فيالكتاب المقدس ، في تأمل هادئ. الكثير منا لا يخصص وقتًا لهذا. والكثير منا في الواقع غيرمرتاحين لفكرة الصمت والسكون. بعض الناس لا يعرفون كيفية الاسترخاء. تعلم أن تكون معالرب هو في الواقع شيء يستغرق وقتًا طويلاً للتعلم. إن تعلم كيفية منع الإلهاءات والمخاوفلقضاء الوقت مع الله هو تحدٍ سيستغرق مدى الحياة لإتقانه. ومع ذلك ، إذا كان الهدف من هذهالحياة هو الحياة الأبدية ، حياة أبدية في حضور الله دون قلق ، فنحن بحاجة إلى ممارسة هذافي هذه الحياة.
ثالثًا ، الشيء الوحيد "الضروري" هو الحاجة الموجودة أمامنا في هذه اللحظة. نحن نعلم أنيسوع جاء إلى منزل مريم ومرثا للاسترخاء ، فقد كانا صديقين له. نظرًا لأن قصة هذه الزيارة لاتتضمن أي معجزات أو شفاء أو تعليم محدد للجماهير ، يمكننا أن نخمن أن يسوع كان هناكفقط للاسترخاء. تخيل هذا في سياق حديث. مارثا تركض في الأرجاء وتحاول تحضير وجبة طعاممتقنة ، ويقول لها يسوع ، ما نأكله ليس مهما. جئت إلى هنا من أجل الزمالة ". هناك العديد منالأشخاص الذين يقلقون بشأن أشياء لا ينبغي أن تجعلنا قلقين. عندما يكون لدينا ضيوف فيمنزلنا ، فإننا نشعر بقلق بالغ بشأن مظهر منزلنا والطعام الذي نقدمه (كما لو كان ضيوفنايدونون ملاحظات ولن يحبونا إذا سجلنا نقاطًا منخفضة جدًا) لدرجة أننا نفقد فرصة الحصولعلى فرصة الزمالة. هذه رسالة أخرى تأتي إلينا من هذا المقطع.
الشيء المطلوب هو الشيء الذي أمامنا مباشرة - قد يكون طفلنا هو الذي يحتاج إلى عناق وليسإلى محاضرة ؛ زوجنا الذي يحتاج إلى أذن وليس اقتراح ؛ صديق يحتاج القبول وليس الحكم. يتطلب الأمر الصبر والحكمة والتمييز لمعرفة ما هو الشيء المحتاج في بعض الأحيان. لهذا نذهبإلى الله في الصلاة لنطلب منه هذه الأشياء. الشيء الضروري في قصة اليوم ليس الطعام بلالشركة التي أراد يسوع أن يتمتع بها مع أصدقائه.
كيف يتعلق هذا بعيد اليوم؟ ركزت العذراء مريم على الشيء الذي تحتاجه طوال حياتها. قضتسنواتها الأولى في المعبد. أُعلن لها عندما كانت في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من عمرهاأنها ستحمل المسيح. في سن 15 أو 16 كانت أماً. قامت أولاً بتربية ابن ، ثم دعمت وشجعترسالته الإلهية. وقفت إلى جانبه بإخلاص عندما أدين. كانت تراقب على الصليب وهو يموت. وبعدالقيامة ، ساعدت الرسل في تأسيس كنيسته. كانت حياتها كلها تدور حول الشيء المحتاج - قولنعم للرب لكل ما يدعونا لفعله. حياتها هي مثال ممتاز لنا جميعًا في الحفاظ على تركيزنا علىالشيء الضروري. هذا لا يعني أننا لا يجب أن نعمل ، أو نستمتع بمنزل ، أو نتزوج أو ننشئأسرة. بل يمكننا القيام بكل هذه الأشياء تحت مظلة الإيمان بالله وخدمة الآخرين. في الواقع ، منالممكن أن يكون لديك قلب مريم في عالم مارثا. وفي كثير من الأحيان ، يتطلب الأمر التمييزوالحكمة ، والنعمة التي تأتي من الله والتي تزرع من خلال الصلاة ، لمعرفة متى تكون الوجبةجاهزة ، أو متى تطلب البيتزا فقط والتركيز على الشركة.
T Joseph Saba
Orthodox Today
Aug 15, 2023
في ذلك الزمان دَخَلَ يسوع قَرْيَةً فَقَبِلَتْهُ امْرَأَةٌ اسْمُهَا مَرْثَا فِي بَيْتِهَا. 39وَكَانَتْ لِهَذِهِ أُخْتٌ تُدْعَىمَرْيَمَ ، الَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ.40وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً فِي خِدْمَةٍكَثِيرَةٍ . فَوَقَفَتْ وَقَالَتْ: ((يَا رَبُّ ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدِمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْتُعِينَنِي!)) 41فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها : ((مَرْثَا ، مَرْثَا ، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ،42وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا)). 27وَفِيمَا هُوَيَتَكَلَّمُ بِهَذَا ، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: ((طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِرَضَعْتَهُمَا)). 28أَمَّا هُوَ فَقَالَ: ((بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ)).
في التسويق ، يُقال إن الناس بحاجة إلى سماع شيء سبع مرات قبل أن يلتصق بهم. هذا هوالسبب في أن الشركات تبث نفس الإعلانات مرارًا وتكرارًا لأن الأمر سيستغرق عدة مرات رؤيةنفس الشيء قبل استيعاب الرسالة. ربما هذا هو السبب في كل أعياد العذراء مريم - 15 أغسطس ، 8 سبتمبر (ميلاد مريم العذراء) ، 21 نوفمبر (دخول الهيكل) ، و 28 أكتوبر (الحمايةالمقدسة للسيدة العذراء) - نسمع نفس الإنجيل قصة مريم ومرثا. يبدو أننا بحاجة إلى أن نتذكرباستمرار الشيء الوحيد الذي نحتاجه حقًا وهو العلاقة مع المسيح.
في هذا المقطع من الإنجيل ، نلتقي بمريم ومرثا ، أختان لهما أخ اسمه لعازر ، والذي سيقيمهالمسيح لاحقًا من بين الأموات. كانوا يعيشون في بيت عنيا التي كانت تبعد حوالي ميلين عنالقدس. لأن الناس كانوا يسافرون إلى القدس لحضور الأعياد الدينية الكبرى (كان المعبد هناك) ، ستكون هناك رحلات كثيرة من الناس عبر المنطقة عدة مرات في السنة. عندما كان يذهب يسوعإلى أورشليم ، غالبًا ما كان يمكث في منزلهم. كانوا أصدقاءه. كان منزلهم مكانًا للراحةوالاسترخاء بالنسبة له.
في هذا المقطع بالذات ، قرأنا أنه في هذه الزيارة بالذات ، كانت مارثا مشغولة لتحضير وجبةالطعام، بينما كانت مريم تستمع إلى تعاليم يسوع. اشتكت مارثا من أن مريم لا تساعدها. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها : ((مَرْثَا ، مَرْثَا ، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ، وَلَكِنَّ الْحَاجَةَإِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا)).
تتبادر إلى الذهن ثلاثة أشياء عندما أقرأ هاتين الآيتين.
الأول هو أن الشيء الوحيد المطلوب هو علاقة بيسوع المسيح. ما فائدة كل ما يدور في الحياة إذالم تكن لنا علاقة بالرب؟ يؤكد يسوع أننا لا يجب أن نكون قلقين ومضطربين بشأن أشياءناالعديدة ، ولكن بدلاً من ذلك يجب أن نعطي الأولوية للشيء الوحيد الذي نحتاجه وهو العلاقة معيسوع.
ثانيًا ، الاستجابة للنقطة الأولى لمعظمنا صعبة لاننا جميعًا لدينا أشياء يجب القيام بها - وظائفوعائلات وما إلى ذلك. لا يمكننا الجلوس طوال اليوم لقراءة الكتاب المقدس والصلاة بشكل كافي. لكن في خضم كل هذا ، علينا أن نخصص بعض الوقت للجلوس مع الرب - في الصلاة ، فيالكتاب المقدس ، في تأمل هادئ. الكثير منا لا يخصص وقتًا لهذا. والكثير منا في الواقع غيرمرتاحين لفكرة الصمت والسكون. بعض الناس لا يعرفون كيفية الاسترخاء. تعلم أن تكون معالرب هو في الواقع شيء يستغرق وقتًا طويلاً للتعلم. إن تعلم كيفية منع الإلهاءات والمخاوفلقضاء الوقت مع الله هو تحدٍ سيستغرق مدى الحياة لإتقانه. ومع ذلك ، إذا كان الهدف من هذهالحياة هو الحياة الأبدية ، حياة أبدية في حضور الله دون قلق ، فنحن بحاجة إلى ممارسة هذافي هذه الحياة.
ثالثًا ، الشيء الوحيد "الضروري" هو الحاجة الموجودة أمامنا في هذه اللحظة. نحن نعلم أنيسوع جاء إلى منزل مريم ومرثا للاسترخاء ، فقد كانا صديقين له. نظرًا لأن قصة هذه الزيارة لاتتضمن أي معجزات أو شفاء أو تعليم محدد للجماهير ، يمكننا أن نخمن أن يسوع كان هناكفقط للاسترخاء. تخيل هذا في سياق حديث. مارثا تركض في الأرجاء وتحاول تحضير وجبة طعاممتقنة ، ويقول لها يسوع ، ما نأكله ليس مهما. جئت إلى هنا من أجل الزمالة ". هناك العديد منالأشخاص الذين يقلقون بشأن أشياء لا ينبغي أن تجعلنا قلقين. عندما يكون لدينا ضيوف فيمنزلنا ، فإننا نشعر بقلق بالغ بشأن مظهر منزلنا والطعام الذي نقدمه (كما لو كان ضيوفنايدونون ملاحظات ولن يحبونا إذا سجلنا نقاطًا منخفضة جدًا) لدرجة أننا نفقد فرصة الحصولعلى فرصة الزمالة. هذه رسالة أخرى تأتي إلينا من هذا المقطع.
الشيء المطلوب هو الشيء الذي أمامنا مباشرة - قد يكون طفلنا هو الذي يحتاج إلى عناق وليسإلى محاضرة ؛ زوجنا الذي يحتاج إلى أذن وليس اقتراح ؛ صديق يحتاج القبول وليس الحكم. يتطلب الأمر الصبر والحكمة والتمييز لمعرفة ما هو الشيء المحتاج في بعض الأحيان. لهذا نذهبإلى الله في الصلاة لنطلب منه هذه الأشياء. الشيء الضروري في قصة اليوم ليس الطعام بلالشركة التي أراد يسوع أن يتمتع بها مع أصدقائه.
كيف يتعلق هذا بعيد اليوم؟ ركزت العذراء مريم على الشيء الذي تحتاجه طوال حياتها. قضتسنواتها الأولى في المعبد. أُعلن لها عندما كانت في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من عمرهاأنها ستحمل المسيح. في سن 15 أو 16 كانت أماً. قامت أولاً بتربية ابن ، ثم دعمت وشجعترسالته الإلهية. وقفت إلى جانبه بإخلاص عندما أدين. كانت تراقب على الصليب وهو يموت. وبعدالقيامة ، ساعدت الرسل في تأسيس كنيسته. كانت حياتها كلها تدور حول الشيء المحتاج - قولنعم للرب لكل ما يدعونا لفعله. حياتها هي مثال ممتاز لنا جميعًا في الحفاظ على تركيزنا علىالشيء الضروري. هذا لا يعني أننا لا يجب أن نعمل ، أو نستمتع بمنزل ، أو نتزوج أو ننشئأسرة. بل يمكننا القيام بكل هذه الأشياء تحت مظلة الإيمان بالله وخدمة الآخرين. في الواقع ، منالممكن أن يكون لديك قلب مريم في عالم مارثا. وفي كثير من الأحيان ، يتطلب الأمر التمييزوالحكمة ، والنعمة التي تأتي من الله والتي تزرع من خلال الصلاة ، لمعرفة متى تكون الوجبةجاهزة ، أو متى تطلب البيتزا فقط والتركيز على الشركة.
T Joseph Saba
Orthodox Today
Aug 15, 2023
سبت الراقدين
- سبت الراقدين
المائت الحقيقي هو الرافض لنعمة الرّبّ يسوع المسيح وحضوره في قلبه. وهنا نسمع بولس الرسول يقول: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ». (أفسس١٤:٥)
أمواتنا يرقدون على رجاء القيامة الأبديّة وبالتالي لا يموتون، وسيّد الحياة ومصدرها تجسّد وأخذ طبيعتنا البشريّة وصلب وقام وأقامنا معه، وأبطل الموت بموته، وبتنا به أناسًا قياميّين
الصلاةُ إلى الراقدين مِن صُلبِ الإيمانِ المسيحيّ، وحياةُ الإنسانِ لا تنتهي مع تحلُلِ جسمِه التُّرابيِّ وانفصالِ روحه عن جسدِه، بل يستمرُّ الإنسانُ حيًّا بالروح في انتظارِ القيامةِ العامّة: "لا تتعجّبوا من هذا، فإنّه تأتي ساعة فيها يسمَع جميعُ الذين في القبورِ صوتَه، فيخرجُ الذين فعَلوا الصالحاتِ إلى قيامةِ الحياة، والذين عمِلوا السيئاتِ الى قيامةِ الدينونة" (يوحنا٢٨:٥-٢٩)
المسيحيّةُ تخاطبُ كلَّ بشرٍ وتقولُ له: "يا إنسان، لا تَكتَفِ بالقولِ إنّك من الترابِ وإلى الترابِ تعود، بل قُلْ أيضًا إنّك من الله وإليه تعود"
سبتان في السنة
تخصص الكنيسة الأرثوذكسيّة سبتين في السنة كتذكار عام للراقدين على رجاء القيامة والحياة الأبديّة، إذ هناك مًن رقد ولا أحد يذكرهم
مع العلم أن كلّ سبت في الليتورجيّة الأرثوذكسيّة مخصص للراقدين، إلاّ سبت لعازر وسبت النور وفي الأعياد. كذلك يُذكر الراقدون في كلّ قدّاس إلهيّ على المذبح أثناء خدمة الذبيحة وفي الدخول بالقرابين
السبت الأوّل
الرسالة: ١كو٢٣:١٠-٢٨
الإنجيل: لوقا٨:٢١-٢٥،٩-٣٣،٢٧-٣٦
يوم السبت قبل أحد الدينونة مباشرةً أو ما يعرف شعبيًّا بأحد مرفع اللحم
الدينونة تعني مجيء المسيح الثاني، ولأن أمواتنا لم يخضعوا للدينونة بعد، تذكر الكنيسةُ الراقدين على الرجاء وتدعونا للصلاة من أجل راحة نفوسهم ونوال رحمة الله العظمى اللامتناهية، كما تذكّرنا في الوقت ذاته بضرورة التوبة
السبت الثاني
الرسالة: أعمال الرسل ١:٢٨-٣١
الإنجيل: يوحنا ١٤:٢١-٢٥
يوم السبت الذي يسبق أحد العنصرة مباشرةً
فالروح القدّس هو علّة الحياة والنعمة والقداسة، ولهذا نطلب نعمة الروح القدس لتعزية الراقدين وراحتهم
الصلاة على الراقدين وطلب المغفرة لهم
كيف تصلون على الراقدين وتطلبون لهم المغفرة والرحمة وقد انقطع رجاء المغفرة بعد الموت؟
من هو الذي رقد؟ أليس معمداً في الكنيسة وعضواً كاملاً في جسد المسيح أي الكنيسة، يقول آخر وهل كانت مسيرته ترضي الله وملتزماً بالكنيسة صلاة وعبادة وصوماً. نجيب بأن الكنيسة المقدسة لم يقمها الله دياناً في يده سيف مسلط على رقاب الناس،ومن هنا الذي يحاسب الناس على إيمانهم وأعمالهم صالحة كانت أم غير ذلك هو الله فقط وهذا منهج ثابت في الإنجيل في مواقع كثيرة. فالله هو الذي يدين سرائر الناس بحسب إيمان القلب والضمير
لكننا نؤمن في الكنيسة بأن غير الملتزم في الكنيسة وأمضى حياته بعيداً عنها هو ابنها على الأقل. فمن جهة الجسد الابن العاق لوالده هو في النهاية ابن، يبقى صدر الوالدين حنوناً عليه في أي لحظة يعود فيها إلى دفء الحنان الوالدي. إذن الكنيسة كأم بالروح لأبناء الآب في السماء تصلي لجميع أبنائها العاق وغير العاق وما تبقى هو موجود في حسابات الله وحده الذي يعلم ضعف الطبيعة البشرية وميلها الدائم نحو الشر منذ الحداثة، فهو الأدرى بها لأنه خالقها
نعود لموضوع الصلاة على الراقدين وطلب الرحمة لهم هل هو جائز؟
نعم جائز. في متى 12 : 32 يقول الرب ( ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له وأما من قال كلمة على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي.)
ليست العملية بحاجة إلى دقة كبيرة في التفسير البسيط للآية السابقة، هذا العالم يقصد به العالم الذي نعيش فيه، لكن ما هو الدهر الآتي. لا بد أن الآتي هو يوم الدينونة. نصل في النهاية إلى حقيقة ليس فيها التباس وهي هنالك مغفرة في الدهر الحالي وهنالك مغفرة في الدهر الآتي
لكن من المؤكد أن تلك المغفرة في الدهر الآتي لن تكون للجميع، بمعنى ليس الجميع مستحقين لتلك المغفرة بل لأناس معينين، لست أعلم من هم، الله فقط يعلم
من هنا نعلم أن هنالك فروقاً بين الذين يرقدون أو يمكن تصنيفهم لثلاث فئات
- فئة بعد الرقاد فوراً ينتقلون إلى الأخدار السماوية ومثال ذلك أليعازر الوارد ذكره في إنجيل لوقا فقد نقلته الملائكة فوراً إلى حضن إبراهيم حيث التعزية العظيمة. وكذلك اللص الذي صلب على يمين المخلص. قال له الرب : اليوم تكون معي في الفردوس. وهنا لنا تعليق. يا رب إنك تخاطب لصاً بل وقاتلاً وقاطع طريق، كيف يدخل الفردوس، أين دينونتك العادلة؟ وهل الفردوس بهذه السهولة. لماذا لم تعده بدينونة سهلة وعقاب مؤقت ثم تدخله الفردوس؟ وكأن المخلص يجيب : لست أشاء موت الخاطئ إلى أن يرجع ويحيا، ويقول ما أعرفه أنا لا تعرفه أنت. وما أعلمه أنا اللامحدود لا تعلمه أنت المحدود، لا يعرف الطبيعة البشرية إلا أنا لأني جابلها وعارف بها أكثر منك. وهنا أمام حكمتي يقف عقلك. وفعلاً أنا شخصياً هنا يقف عقلي عن استيعاب رحمة الله وطول أناته
- فئة ينتقلون مباشرة بعد الرقاد إلى مكان العذاب الأبدي ومثال ذلك الغني الوارد ذكره مع أليعازر في إنجيل لوقا ( فرفع عينيه في العذاب). وهذا هو الموت الثاني الذي يتحدث عنه كثيراً الكتاب المقدس بمعنى الابتعاد عن رحمة الله إلى الأبد، إذ انقطع رجاؤه من رحمة الله وهذا ليس من قوة في الدنيا يمكن أن تغير مصيره ولا يفيده شيء
- فئة ينتمي إليها معظم الناس فئة لا يمكن الحكم عليها بسهولة ترى فلان من الناس يقول بأنه مؤمن بالتجسد الإلهي ومؤمن بذبيحة الصليب ولديه أعمال هي ثمرة ذلك الإيمان صلاة، صوم، أعمال رحمة ويعترف بأنه خاطئ ولديه هفواته الخاصة، وهذا لا نعرف كيف يدان، هؤلاء تعتقد الكنيسة أن ربما يحدث له مغفرة في الدهر الآتي لذلك تصلي من أجله
أخوتنا مدعي التجديد يقولون لا يجوز أن نقول ( الله يرحمه )، لكننا نفند ذلك بقراءة رسالة القديس بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 1 : 15 و 16 ( ليعط الرب رحمة لبيت أنيسوفورس لأنه مراراً كثيرة أراحني ولم يخجل بسلسلتي بل لما كان في رومية طلبني بأوفر اجتهاد فوجدني ليعطه الرب أن يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم ). بولس يتحدث بصيغة الماضي ويدعو بالرحمة لبيت أنيسوفورس بمعنى أنه قد رقد ويرجو له الرحمة في ذلك اليوم، أي يوم القيامة
وبما أن الكنيسة لا تستطيع أن تميز بين أبنائها من هو من الفئة الأولى أو الثانية أم من الثالثة فهي تصلي من أجل الجميع فالصلاة الجنائزية تفيد البعض منهم.بموجب ما ذكرناه في سياق الكلام
لذا فقد تسلمنا من ذات الآباء القديسين الذين رتبوا لنا الإنجيل وحفظوه ونقلوه لنا بأمانة وغيرة حسنة بأن نصلي على الراقدين ونقيم القداس الإلهي على نياتهم ونقدم الصلوات عن أرواحهم بل ونحرق بخوراً وزيتاً على قبورهم فهم لمسوا بالروح بأن ذلك مقبول عند الله
لذلك فنحن نقيم جناز الثالث للدلالة على أن الأخ الراقد قد حصل على تركيبه منذ البدء من الثالوث القدوس
أما جناز التاسع فيشير إلى أن الأخ الراقد سينضم إلى الطغمات الملائكية التسع الغير مادية لأنه هو قد أصبح غير مادي
أما الأربعين فعند الأربعين تنحل الجبلة وينحل القلب في الآخر مع علمنا أنه عند التكوين في الرحم يبدأ القلب أولاً في النبض
وعموماً هي صلوات تسعى الكنيسة من خلالها الطلب إلى الرب راحة نفس الراقد والباقي عند الله
مجمع نيقية الأول
مجمع نيقية الأول
في الكنيسة الأرثوذكسية يوجد سبعة مجامع كبيرة تسمى "بالمجامع المسكونية" أولها انعقد في نيقية سنة 325م وآخرها المجمع المسكوني السابع المنعقد في نيقية أيضًا سنة 787م. في هذه المدينة التأم أول مجمع كنسي على المستوى المسكوني. الداعي إلى المجمع الإمبراطور قسطنطين الكبير (+338م) بعد مشاورات قام بها هوسيوس، أسقف قرطبة الإسباني
الدافع
الخطر الذي هدد وحدة الكنيسة بسبب البدعة الآريوسية المتعلقة بطبيعة المسيح، ولتحديد إيمان الكنيسة القويم لجهة شخص الرب يسوع المسيح، من هو، وما صلته بالله الأب، وذلك حسما للخلاف المقلق المشَوِّش الذي أثاره تعليم نُسِب الى أحد كهنة الإسكندرية، المدعو آريوس
همّ قسطنطين الأول، فيما يبدو كان تماسك الإمبراطورية والحؤول دون ما يمكن أن يصدّعها. أرسلت الدعوة الى أساقفة المسكونة وأمّنت الدولة نقلهم الى نيقية على نفقتها
الحضور
لا نعرف تمامًا عدد الذين حضروا. بعضهم قال 270 وبعضهم 300. ابتداءً من السنة 360م اعتُبِر العدد، رسميًا 318 أبًا. أكثر الأساقفة كانوا من الشرق، ستة فقط من الغرب، بينهم هوسيوس السابق ذكره وممثلان عن أسقف رومية، الكاهنان ثيتون وفكنديوس. من الأسماء المعروفة التي قيل أنها اشتركت كان القدّيسون أفسطاتيوس الأنطاكي والكسندروس الإسكندري ومكاريوس الأورشليمي واسبيريدون العجائبي ونيقولاوس أسقف ميرا ليكية، وبفنوتيوس الصعيدي ويعقوب النصيبيني وأثناسيوس الكبير الذي كان آنئذ شمّاسا. كثيرون من الذين جاؤوا كانوا معترفين حملوا في أجسادهم آثار العذابات من زمن الاضطهاد
إلى هؤلاء وسواهم، حضر عشرون أسقفًا أيّدوا آريوس من وراء الستار. أبرزهم أفسافيوس، أسقف نيقوميذية، وأفسافيوس القيصري وثيودوتوس اللاذقي وغريغوريوس البيروتي وأثناسيوس، أسقف عين زربة. افتتح المجمع في 20 أيار سنة 325م، واستمر إلى 25 تموز من السنة نفسها. وقد رأسه أفسافيوس أسقف أنطاكية أو ربما هوسيوس الإسباني. وحضر افتتاحه الإمبراطور نفسه
أول ما يَلفت نظر الباحثين هو أن علامات الاضطهادات –التي هدأت– كانت ظاهرة جليًا على أجساد معظم الآباء الذين أتوا من كنائس العالم ليشهدوا للمسيح الحي والغالب على الدوام. فأعضاؤهم المشوّهة أو المبتورة وآثار الجروح والضرب والجلدات شهادة على أن الإيمان الحق الذي دونوه في نيقية كان محفوظًا في قلوبهم وعقولهم، ومكتوبًا على صبر أجسادهم
الموضوع الأساسي
كان التصدي لبدعة الكاهن الليبي الأصل آريوس، كما بحث الآباء أمور عديدة بينها تعيد الفصح
ماذا قال آريوس، ما هي الآريوسية؟
قالت بالمسيح يسوع إلهًا مخلوقًا خلقه الله الآب من العدم. هذا معناه أنه "كان وقت لم يكن فيه ابن الله موجودًا، وأنه ليس مساويًا للآب في طبيعته وهو من جوهر آخر. إلى ذلك قالت الآريوسية أنه وان كان ابن الله مخلوقًا فليس كسائر المخلوقات. لأن الآب خلقه قبلها ثم خلقها بواسطته. على هذا ليس ابن الله في نظر الآريوسية، لا إلهًا حقًا ولا مخلوقًا كسائر المخلوقات
وآريوس كاهن إسكندري أخذ يعلّم في العشرينات من القرن الرابع أن الآب وحده أبدي وان الكلمة (الابن) ليس أبديًا وأنه ليس مثلـه غير مخلوق، وأنـه مخلوق إلهي كامل وإن لم يكن مثـل بقية الخلائق. جمع ضد آريوس الكسندروسُ رئيسُ أساقفة الإسكندرية مجمعًا مكانيًا (محليًا) وشجب تعليمـه وقطعـه وقطع اتباعه من جسم الكنيسة. لكن آريوس وجد بعضًا من التأييد لتعاليمه في بعض المجامع المحلية في فلسطين وآسيا الصغرى
من نتائج المجمع المسكوني النيقاوي الأول
1. أدان آباء المجمع آريوس وبدعته وأعطوا دستورًا للإيمان شكّل في معظمه القسم الأول من دستور الإيمان الذي خرج به المجمع المسكوني الثاني (القسطنطينية 381م). والذي ما زالت الكنيسة الأرثوذكسية تتلوه بأمانة إلى اليوم. وقد توقّف المجمع النيقاوي عند عبارة "وبالروح القدس"
2. وحرموا "كل من يقول أنه كان وقت لم يكن فيه ابن الله، أو أنه قبل أن يولد بالجسد لم يكن، أو أنه خلق من العدم، أو من جوهر يختلف عن جوهر الآب أو طبيعته أو أنه مخلوق، أو أنه عرضة للتغيّر والتبدّل". إيماننا بألوهية الابن أوضحه القديس اثناسيوس الإسكندري الذي كان شماسًا في المجمع النيقاوي ووضع كتابًا رئيسيًا "في تجسد الكلمـة". انطلق في تعليمه من الفداء وقال: إن الذي علق على الصليب كان إلهًا لأن الإله وحده يفدي البشر، وكان إنسانًا حقيقيًا لكي يتم صلبه
3. وضع مجمع نيقية تحديدًا في تعيين تاريخ عيد الفصح. كما حدد المجمع بالإضافة إلى ذلك موعد عيد الفصح في الأحد التالي لعيد الفصح اليهودي. وأعطى لأسقف الإسكندرية سلطة على الكنيسة الشرقية تماثل سلطة أسقف روما البطريركية على كنيسة روما. من هنا نشأت البطريركيات
"أيها الربّ الكلي الرأفة أننا بتعييدنا اليوم لتذكار الآباء الإلهيين نرغب إليك بطلباتهم أن تنجّي شعبك من أذيّة الهراطقة كافة وأهِّلنا جميعًا أن نمجد الآب والكلمة والروح الكلي قدسه". أمين
في الكنيسة الأرثوذكسية يوجد سبعة مجامع كبيرة تسمى "بالمجامع المسكونية" أولها انعقد في نيقية سنة 325م وآخرها المجمع المسكوني السابع المنعقد في نيقية أيضًا سنة 787م. في هذه المدينة التأم أول مجمع كنسي على المستوى المسكوني. الداعي إلى المجمع الإمبراطور قسطنطين الكبير (+338م) بعد مشاورات قام بها هوسيوس، أسقف قرطبة الإسباني
الدافع
الخطر الذي هدد وحدة الكنيسة بسبب البدعة الآريوسية المتعلقة بطبيعة المسيح، ولتحديد إيمان الكنيسة القويم لجهة شخص الرب يسوع المسيح، من هو، وما صلته بالله الأب، وذلك حسما للخلاف المقلق المشَوِّش الذي أثاره تعليم نُسِب الى أحد كهنة الإسكندرية، المدعو آريوس
همّ قسطنطين الأول، فيما يبدو كان تماسك الإمبراطورية والحؤول دون ما يمكن أن يصدّعها. أرسلت الدعوة الى أساقفة المسكونة وأمّنت الدولة نقلهم الى نيقية على نفقتها
الحضور
لا نعرف تمامًا عدد الذين حضروا. بعضهم قال 270 وبعضهم 300. ابتداءً من السنة 360م اعتُبِر العدد، رسميًا 318 أبًا. أكثر الأساقفة كانوا من الشرق، ستة فقط من الغرب، بينهم هوسيوس السابق ذكره وممثلان عن أسقف رومية، الكاهنان ثيتون وفكنديوس. من الأسماء المعروفة التي قيل أنها اشتركت كان القدّيسون أفسطاتيوس الأنطاكي والكسندروس الإسكندري ومكاريوس الأورشليمي واسبيريدون العجائبي ونيقولاوس أسقف ميرا ليكية، وبفنوتيوس الصعيدي ويعقوب النصيبيني وأثناسيوس الكبير الذي كان آنئذ شمّاسا. كثيرون من الذين جاؤوا كانوا معترفين حملوا في أجسادهم آثار العذابات من زمن الاضطهاد
إلى هؤلاء وسواهم، حضر عشرون أسقفًا أيّدوا آريوس من وراء الستار. أبرزهم أفسافيوس، أسقف نيقوميذية، وأفسافيوس القيصري وثيودوتوس اللاذقي وغريغوريوس البيروتي وأثناسيوس، أسقف عين زربة. افتتح المجمع في 20 أيار سنة 325م، واستمر إلى 25 تموز من السنة نفسها. وقد رأسه أفسافيوس أسقف أنطاكية أو ربما هوسيوس الإسباني. وحضر افتتاحه الإمبراطور نفسه
أول ما يَلفت نظر الباحثين هو أن علامات الاضطهادات –التي هدأت– كانت ظاهرة جليًا على أجساد معظم الآباء الذين أتوا من كنائس العالم ليشهدوا للمسيح الحي والغالب على الدوام. فأعضاؤهم المشوّهة أو المبتورة وآثار الجروح والضرب والجلدات شهادة على أن الإيمان الحق الذي دونوه في نيقية كان محفوظًا في قلوبهم وعقولهم، ومكتوبًا على صبر أجسادهم
الموضوع الأساسي
كان التصدي لبدعة الكاهن الليبي الأصل آريوس، كما بحث الآباء أمور عديدة بينها تعيد الفصح
ماذا قال آريوس، ما هي الآريوسية؟
قالت بالمسيح يسوع إلهًا مخلوقًا خلقه الله الآب من العدم. هذا معناه أنه "كان وقت لم يكن فيه ابن الله موجودًا، وأنه ليس مساويًا للآب في طبيعته وهو من جوهر آخر. إلى ذلك قالت الآريوسية أنه وان كان ابن الله مخلوقًا فليس كسائر المخلوقات. لأن الآب خلقه قبلها ثم خلقها بواسطته. على هذا ليس ابن الله في نظر الآريوسية، لا إلهًا حقًا ولا مخلوقًا كسائر المخلوقات
وآريوس كاهن إسكندري أخذ يعلّم في العشرينات من القرن الرابع أن الآب وحده أبدي وان الكلمة (الابن) ليس أبديًا وأنه ليس مثلـه غير مخلوق، وأنـه مخلوق إلهي كامل وإن لم يكن مثـل بقية الخلائق. جمع ضد آريوس الكسندروسُ رئيسُ أساقفة الإسكندرية مجمعًا مكانيًا (محليًا) وشجب تعليمـه وقطعـه وقطع اتباعه من جسم الكنيسة. لكن آريوس وجد بعضًا من التأييد لتعاليمه في بعض المجامع المحلية في فلسطين وآسيا الصغرى
من نتائج المجمع المسكوني النيقاوي الأول
1. أدان آباء المجمع آريوس وبدعته وأعطوا دستورًا للإيمان شكّل في معظمه القسم الأول من دستور الإيمان الذي خرج به المجمع المسكوني الثاني (القسطنطينية 381م). والذي ما زالت الكنيسة الأرثوذكسية تتلوه بأمانة إلى اليوم. وقد توقّف المجمع النيقاوي عند عبارة "وبالروح القدس"
2. وحرموا "كل من يقول أنه كان وقت لم يكن فيه ابن الله، أو أنه قبل أن يولد بالجسد لم يكن، أو أنه خلق من العدم، أو من جوهر يختلف عن جوهر الآب أو طبيعته أو أنه مخلوق، أو أنه عرضة للتغيّر والتبدّل". إيماننا بألوهية الابن أوضحه القديس اثناسيوس الإسكندري الذي كان شماسًا في المجمع النيقاوي ووضع كتابًا رئيسيًا "في تجسد الكلمـة". انطلق في تعليمه من الفداء وقال: إن الذي علق على الصليب كان إلهًا لأن الإله وحده يفدي البشر، وكان إنسانًا حقيقيًا لكي يتم صلبه
3. وضع مجمع نيقية تحديدًا في تعيين تاريخ عيد الفصح. كما حدد المجمع بالإضافة إلى ذلك موعد عيد الفصح في الأحد التالي لعيد الفصح اليهودي. وأعطى لأسقف الإسكندرية سلطة على الكنيسة الشرقية تماثل سلطة أسقف روما البطريركية على كنيسة روما. من هنا نشأت البطريركيات
"أيها الربّ الكلي الرأفة أننا بتعييدنا اليوم لتذكار الآباء الإلهيين نرغب إليك بطلباتهم أن تنجّي شعبك من أذيّة الهراطقة كافة وأهِّلنا جميعًا أن نمجد الآب والكلمة والروح الكلي قدسه". أمين
سبحوا الرب في كل مكان
سَبِّحُوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ. سَبِّحُوهُ فِي الأَعَالِي
سَبِّحُوهُ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتِهِ. سَبِّحُوهُ يَا كُلَّ جُنُودِهِ
مزمور ١٤٨: ١-٢
كثير من الناس يعانون مع الصلاة. إنهم يتساءلون متى يجب أن يصلوا ، وكم مرة يجب أن يصلوا ، وأين يجب أن يصلوا. إن الإجابة على هذه المعضلات الثلاث سهلة للغاية - يجب أن نصلي كلما استطعنا ، وعلينا أن نصلي قدر المستطاع ، ويمكننا أن نصلي أينما كنا. في حين أن هناك أوقاتًا معينة يجب تمييزها بالصلاة ، مثل الصباح والمساء وقبل وجبات الطعام ، فإن أي وقت هو وقت مناسب للصلاة. بينما يجب أن نقضي بضع دقائق على الأقل مع الله في الصلاة كل يوم ، فلا حرج في الصلاة أكثر. وبينما يجب أن نصلي مرة واحدة في الأسبوع على الأقل في الكنيسة ، ومن المفيد إنشاء مكان للصلاة في المنزل ، يمكننا أن نصلي في أي مكان ، ويجب أن نصلي في كل مكان
المزمور 148 موجه إلى الخليقة كلها. وبما أن الله هو خالق الجميع ، يجب على الجميع أن يحمدوا الله بامتنان. وهذا يشمل الملائكة والشمس والقمر والنجوم والسماء والبحار وحوش البحر والنار والبرد والثلج والصقيع والرياح والأشجار والجبال والحيوانات والطيور والملوك والشيوخ و كل شعب الأرض
عندما نسافر نحن البشر فوق الأرض يجب أن نحمد الله أينما كنا (سواء كنا في الجبال أو في البحار أو في المنزل أو في العمل أو في إجازة) ويجب أن نكون كذلك. نحمد الله مهما كنا (سواء كنا أغنياء أو فقراء ، صغارا أو كبارا ، سعداء أو حزينين). إذا دُعيت السموات لتسبيح الله ، فمن المؤكد أن كل شيء تحت السماء يجب أن يمدحه أيضًا
جزء مما يعاني منه المجتمع هو أننا ممزقون. هناك القليل من الوحدة. هناك فرق بين التنوع والانقسام. مثلما يوجد فرق بين المساواة والوحدة. التنوع جيد. لقد بارك الله البشر بعطايا متنوعة. نحن بحاجة إلى كل الهدايا لجعل العالم يعمل بشكل صحيح. يكتب القديس بولس في كورنثوس الأولى 12: 4 ، "هناك أنواع من المواهب ، لكن الروح واحد." وفي كورنثوس الأولى 12:11 ، "كل هذه (المواهب المتنوعة) مستوحاة من الروح الواحد ونفسه ، الذي يقسم لكل واحد على حدة كما يشاء". التنوع أمر جيد ، لأنه فقط في التنوع يمكننا تغطية جميع الوظائف التي يجب القيام بها. التقسيم ليس جيدًا ، لأننا نقرأ في مرقس 3:26 يقول يسوع "إذا كان بيت منقسمًا على نفسه ، فلن يكون هذا المنزل قادرًا على الوقوف
هناك فرق في المساواة والوحدة. في رأيي المتواضع ، لا يوجد شيء اسمه المساواة. لا يوجد شخصان متساويان في أي مقياس ، باستثناء تقاسم الهواء الذي يتنفسه بالتساوي. السعي لتحقيق المساواة ، مرة أخرى في رأيي المتواضع ، سيؤدي إلى الجنون. حاول مساواة أي شيء بين شخصين - كمية الكلمات التي يقولها كل منهما في المحادثة ، وكمية اللدغات التي يتم أخذها أثناء الوجبة ، وكمية الرسائل النصية في كل مبادرة ، وما إلى ذلك - وستجد سريعًا أن هناك جنونًا أكثر من الانسجام في السعي لتحقيق المساواة. الوحدة مختلفة. يمكن أن يكون الناس غير متساوين ولكنهم متحدون في الهدف. وهذا ما يدعونا الله أن نكون من خلال هذا المزمور. نحن متنوعون ، لأن لكل منا مواهب مختلفة. ونحن مدعوون لاستخدام هذه المواهب لكي نتحد في هدف - لنحمد الله ونخدم بعضنا البعض. في الواقع هذين الأمرين يسيران جنبا إلى جنب. لا يمكننا أن نحمد الله بينما نؤذي الآخر
تصبح خدمة بعضنا البعض دون تسبيح الله في نهاية المطاف ممارسة نرجسية لخدمة الذات. هدفنا هو تسبيح الله وتمجيده ويتجلى ذلك في خدمتنا للآخرين. علينا أن نحمد الله في كل وقت وفي كل مكان. وهذا هو الغرض الذي يوحدنا جميعًا ، حتى في تنوع أعمارنا ومراحلنا ومواهبنا
هناك ملاحظة ليتورجية واحدة ترافق هذا المزمور. تُغنى الآيات 1-2 في خدمة الأرثروس (ماتينس) في الصباح ، بدايةً بجزء من الترانيم يسمى "التسبيح". يتم ترنيمة الآيات المتبقية من هذا المزمور والآيات التالية ، وفي بعض قداس الصلاة
سَبِّحُوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ. سَبِّحُوهُ فِي الأَعَالِي. سَبِّحُوهُ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتِهِ. سَبِّحُوهُ يَا كُلَّ جُنُودِهِ. سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ. سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ، وَيَا أَيَّتُهَا الْمِيَاهُ الَّتِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ. لِتُسَبِّحِ اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ، وَثَبَّتَهَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ، وَضَعَ لَهَا حَدًّا فَلَنْ تَتَعَدَّاهُ. سَبِّحِي الرَّبَّ مِنَ الأَرْضِ، يَا أَيَّتُهَا التَّنَانِينُ وَكُلَّ اللُّجَجِ. النَّارُ وَالْبَرَدُ، الثَّلْجُ وَالضَّبَابُ، الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ الصَّانِعَةُ كَلِمَتَهُ، الْجِبَالُ وَكُلُّ الآكَامِ، الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ وَكُلُّ الأَرْزِ، الْوُحُوشُ وَكُلُّ الْبَهَائِمِ، الدَّبَّابَاتُ وَالطُّيُورُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ، مُلُوكُ الأَرْضِ وَكُلُّ الشُّعُوبِ، الرُّؤَسَاءُ وَكُلُّ قُضَاةِ الأَرْضِ، الأَحْدَاثُ وَالْعَذَارَى أَيْضًا، الشُّيُوخُ مَعَ الْفِتْيَانِ، لِيُسَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ قَدْ تَعَالَى اسْمُهُ وَحْدَهُ. مَجْدُهُ فَوْقَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ. وَيَنْصِبُ قَرْنًا لِشَعْبِهِ، فَخْرًا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ، لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الشَّعْبِ الْقَرِيبِ إِلَيْهِ. هَلِّلُويَا
الله يعرف أسماء كل النجوم
هو (الرب) يَشْفِي الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، وَيَجْبُرُ كَسْرَهُمْ. يُحْصِي عَدَدَ الْكَوَاكِبِ. يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ
مزمور ١٤٧: ٣-٤
إذا لم تكن قد فعلت ذلك من قبل ، آمل أن تتاح لك الفرصة لتجربة ليلة صافية بدون قمر عندما تمتلئ السماء بالنجوم. إنه ليس مجرد مشهد جميل ولكنه مشهد رائع. هناك الآلاف والآلاف من النجوم. تبدو لأعيننا صغيرة ومع ذلك ، فإن الكثير منها أكبر من الأرض. تخيل أن العديد من الكواكب والشمس ، أكبر من كوكبنا ، أكثر مما تراه العين ، أكثر مما يمكن للعقل أن يفهمه. وخلقهم الله جميعا. وضع كل في مكانه. وفقًا لمزمور 147 ، "يعطيهم جميعًا أسمائهم". (آية ٤) إذا كان الله مهيبًا لدرجة أنه يعرف اسم كل نجم ، فهو بالتأكيد يعرف اسم وقلب كل شخص. لديه خطة لكل شخص ، وهذه الخطة توفر طريقًا فريدًا للخلاص لكل شخص. قد يكون هذا المسار مؤلمًا ، وقد يكون من الصعب فهم سبب قيام بعض الأشخاص بالسير في طريق مؤلم للغاية والبعض الآخر لا يفعل ذلك. مثلما قد يكون من الصعب فهم سبب سلوك بعض الناس في طريق الثراء بينما يسير آخرون في طريق الفقر. ومازال آخرون يسلكون طريق الصحة المثالية وآخرون يسلكون طريق التحدي الطبي. يسير البعض في الطريق كطبيب ، والبعض الآخر كمدرس ، والبعض الآخر أعزب والبعض الآخر متزوج. هناك طرق عديدة للخلاص بقدر ما يوجد أناس ، كما توجد نجوم في السماء ، والله يعرف اسم كل شخص وطريقه ، وقد أعطى لكل إنسان طريقًا يؤدي إلى الخلاص
على حد قول النبي إشعياء ٤٠:٢٦: ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا، يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟ لِكَثْرَةِ الْقُوَّةِ وَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْقُدْرَةِ لاَ يُفْقَدُ أَحَدٌ. "نفس الخالق" الذي يسمي النجوم "يعرف أيضًا أسماء أرواح الملايين من البشر" مثلما يعرف أسماء مرضى السرطان والعائلات التي تدعمهم. والاولاد الذين ماتوا والوالدون الذين ينوحونهم. وجميع الناس في العالم اليوم الذين يعانون ، أو في أي نوع من الاحتياج ، الحزن أو الضيق. الله يعرفنا جميعا
سأؤمن إلى الأبد أن الله لديه طريق لخلاص كل واحد منا
لا يمكننا أن نفهم عقل الله ، لذلك لا يمكننا أن نفهم خطط الله ، أو القطعة التي نلعبها في اللغز العظيم الذي هو تاريخ البشرية. لا يتوقع الله منا أن نفهم ، فقط لنبذل قصارى جهدنا لتقديم مساهمتنا في نسيج البشرية
غالبًا ما يتساءل الناس كيف يمكننا أن نؤمن بمواجهة مأساة لا توصف أو تحدٍ غير مفهوم. إذا كانت لدينا معرفة بكل شيء ، فلن يكون هناك إيمان. إذا كانت لدينا القوة للتحكم في كل نتيجة ، فلن يكون هناك أيضًا إيمان. لا يتعلق الإيمان بالمعرفة الفكرية أو السيطرة. الإيمان ليس معرفة ولا سيطرة بل ثقة. يتحدث المزمور 147 عن رعاية الله لأورشليم ، مدينته المقدسة. لكننا نعلم أن أورشليم ستسقط ، ثم تعيد البناء ، ثم تسقط مرة أخرى ، وتعيد البناء مرة أخرى ، إلخ. فقط لأنها كانت "المدينة المقدسة" لم يجعلها محصنة ضد الغزو. نحن شعب الله ، شعب مقدس منفرد لعمل الأشياء المقدسة. لكن هذا لا يجعلنا محصنين ضد المأساة أو الأخطاء أو النضالات. يهتم الله بنا ، وكما يعرف أسماء جميع النجوم ، فهو يعرف احتياجات كل واحد منا وسيمشي معنا عندما تحدث مأساة لا توصف ، وكذلك عندما يحدث لنا انتصار لا يُصدق. وضع الله كل واحد منا هنا ، كما وضع النجوم في السماء. ومع ذلك ، على عكس النجوم ، لديه خطة ومسار لكل واحد منا يقودنا إلى خلاصنا. التحدي هو الاستمرار في الإيمان للسير على الطريق ، حتى عندما تكتنفه المأساة والصعوبات
سَبِّحُوا الرَّبَّ، لأَنَّ التَّرَنُّمَ لإِلهِنَا صَالِحٌ. لأَنَّهُ مُلِذٌّ. التَّسْبِيحُ لاَئِقٌ
الرَّبُّ يَبْنِي أُورُشَلِيمَ. يَجْمَعُ مَنْفِيِّي إِسْرَائِيلَ
يَشْفِي الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، وَيَجْبُرُ كَسْرَهُمْ
يُحْصِي عَدَدَ الْكَوَاكِبِ. يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ
عَظِيمٌ هُوَ رَبُّنَا، وَعَظِيمُ الْقُوَّةِ. لِفَهْمِهِ لاَ إِحْصَاءَ
الرَّبُّ يَرْفَعُ الْوُدَعَاءَ، وَيَضَعُ الأَشْرَارَ إِلَى الأَرْضِ
أَجِيبُوا الرَّبَّ بِحَمْدٍ. رَنِّمُوا لإِلهِنَا بِعُودٍ
الْكَاسِي السَّمَاوَاتِ سَحَابًا، الْمُهَيِّئِ لِلأَرْضِ مَطَرًا، الْمُنْبِتِ الْجِبَالَ عُشْبًا
الْمُعْطِي لِلْبَهَائِمِ طَعَامَهَا، لِفِرَاخِ الْغِرْبَانِ الَّتِي تَصْرُخُ
لاَ يُسَرُّ بِقُوَّةِ الْخَيْلِ. لاَ يَرْضَى بِسَاقَيِ الرَّجُلِ
يَرْضَى الرَّبُّ بِأَتْقِيَائِهِ، بِالرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ
سَبِّحِي يَا أُورُشَلِيمُ الرَّبَّ، سَبِّحِي إِلهَكِ يَا صِهْيَوْنُ
لأَنَّهُ قَدْ شَدَّدَ عَوَارِضَ أَبْوَابِكِ. بَارَكَ أَبْنَاءَكِ دَاخِلَكِ
الَّذِي يَجْعَلُ تُخُومَكِ سَلاَمًا، وَيُشْبِعُكِ مِنْ شَحْمِ الْحِنْطَةِ
يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ فِي الأَرْضِ. سَرِيعًا جِدًا يُجْرِي قَوْلَهُ
الَّذِي يُعطِي الثَّلْجَ كَالصُّوفِ، وَيُذَرِّي الصَّقِيعَ كَالرَّمَادِ
يُلْقِي جَمْدَهُ كَفُتَاتٍ. قُدَّامَ بَرْدِهِ مَنْ يَقِفُ؟
يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ فَيُذِيبُهَا. يَهُبُّ بِرِيحِهِ فَتَسِيلُ الْمِيَاهُ
يُخْبِرُ يَعْقُوبَ بِكَلِمَتِهِ، وَإِسْرَائِيلَ بِفَرَائِضِهِ وَأَحْكَامِهِ
لَمْ يَصْنَعْ هكَذَا بِإِحْدَى الأُمَمِ، وَأَحْكَامُهُ لَمْ يَعْرِفُوهَا. هَلِّلُويَا
اسلك طريق حياتك بأفضل ما يمكنك اليوم
أُسَبِّحُ الرَّبَّ فِي حَيَاتِي، وَأُرَنِّمُ لإِلهِي مَا دُمْتُ مَوْجُودًا
أُسَبِّحُ الرَّبَّ فِي حَيَاتِي، وَأُرَنِّمُ لإِلهِي مَا دُمْتُ مَوْجُودًا. مزمور
أن تسبيح الله موضوع في العديد من المزامير ، إلا أنه يهيمن على الخمسة الأخيرة. ربما يكون هذا تذكيرًا بأن تسبيح الله مهم ، ليس له بل لنا. إنه بالتأكيد تذكير بأن تسبيح الله ليس مجرد عمل ، بل أسلوب حياة. إن عيش الحياة التي تمدح الله في جميع الأوقات هي حياة إيمان وثقة بالله. وهذا صعب
يكتب القديس الرسالة الثانية إلى مؤمني كورنثوس 1:8
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، نُرِيدُ أَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَمْرُ الضِّيقَةِ الَّتِي مَرَرْنَا بِهَا فِي مُقَاطَعَةِ أَسِيَّا. فَقَدْ كَانَتْ وَطْأَتُهَا عَلَيْنَا شَدِيدَةً جِدّاً وَفَوْقَ طَاقَتِنَا، حَتَّى يَئِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ نَفْسِهَا
الالتزام بـتسبيح الرب ما دمت أعيش" هو التزام كبير. أنا على قيد الحياة اليوم. هل أنا ملتزم بحمد الله اليوم بغض النظر عن نوع اليوم؟
لا يوجد شعور يدوم إلى الأبد. المشاعر تأتي وتذهب. سيسيطر الشعور بالجوع (للطعام) على كل المشاعر الأخرى عندما لا نأكل لفترة طويله. سيسود الشعور بالنعاس على كل المشاعر الأخرى عندما لا ننام مدة طويلة. يمكن لمشاعر النشوة ومشاعر اليأس أن تتغلب على الشعور بالجوع أو التعب. لهذا السبب لا يمكننا استثمار كل ما لدينا في مشاعرنا ، لأنها تتغير باستمرار. الحب ليس شعور. لا ثقة ولا إيمان. هذه الأشياء اختيارات. يمكننا أن نختار أن نحب الله ونثق به ونؤمن به ونحمده ، حتى عندما نكون متعبين أو جائعين أو مبتهجين أو يائسين
كل علاقة إنسانية مؤقتة ، من حيث حضور الشخص المادي في حياتنا. لأنه في مرحلة ما ، سيفصلنا الموت عن كل شخص نعرفه ، إما أنهم يموتون أولاً ، أو لأننا سنموت أولاً. لذلك فإن الأهمية هي العلاقة الروحية ، لأن هذه هي العلاقة التي تستمر إلى الأبد. وهكذا ، كما ورد في المزمور 146: 3-4 ، يجب أن "لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَلاَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَيْثُ لاَ خَلاَصَ عِنْدَهُ.
تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَفْسِهِ تَهْلِكُ أَفْكَارُهُ
يتابع صاحب المزمور قائلاً: "طُوبَى لِمَنْ إِلهُ يَعْقُوبَ مُعِينُهُ، وَرَجَاؤُهُ عَلَى الرَّبِّ إِلهِهِ". (آية ٥) لأنه في حين أن السعادة هي شعور عابر ، فإن فرح الرب والفرح بالرب ممكنان في الواقع في جميع الأوقات ، لأنه اختيار ، وإن كان اختيارًا صعبًا عندما لا تسير الأمور على ما يرام
وأنا أكتب اليوم ، أفكر في الأشخاص الذين عرفتهم على مر السنين والذين مروا بأوقات صعبة بشكل لا يصدق. أفكر في الآباء الذين فقدوا أطفالهم الذين لا يزالون يختارون حب الله. أفكر في الشابة التي تم تشخيص إصابتها بالسرطان (والتي توفيت لاحقًا) والتي قالت "بغض النظر عما يحدث ، لن أتوقف أبدًا عن مدح الله". لقد رأيت بعض الأشخاص بإيمان مذهل، نوع الإيمان الذي آمل ألا أحتاج إليه أبدًا
لقد امتحن هذا العام إيمان الكثيرين. لقد اهتز إيماني في كثير من الناس ، بما في ذلك القادة المدنيون وقادة الكنيسة وحتى عدد قليل من الأصدقاء. إيماني بالله لا يزال على حاله، وأظهر الثناء عليه بغض النظر عما يحدث في الحياة ، في الأيام الجيدة والأيام السيئة ، في الأوقات الجيدة وفي الأوقات العصيبة
ملاحظة ليتورجية واحدة تتعلق بهذا المزمور - ثلاث آيات من هذا المزمور مقترنة مع أنتيفون الثاني من القداس الإلهي يوم الأحد
أُسَبِّحُ الرَّبَّ فِي حَيَاتِي، وَأُرَنِّمُ لإِلهِي مَا دُمْتُ مَوْجُودًا
طُوبَى لِمَنْ إِلهُ يَعْقُوبَ مُعِينُهُ، وَرَجَاؤُهُ عَلَى الرَّبِّ إِلهِهِ
يَمْلِكُ الرَّبُّ إِلَى الأَبَدِ، إِلهُكِ يَا صِهْيَوْنُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ
سبحوا الرب بكلامكم وافعالكم. اختر الحب والثقة والإيمان بغض النظر عن شعورك اليوم
أن تسبيح الله موضوع في العديد من المزامير ، إلا أنه يهيمن على الخمسة الأخيرة. ربما يكون هذا تذكيرًا بأن تسبيح الله مهم ، ليس له بل لنا. إنه بالتأكيد تذكير بأن تسبيح الله ليس مجرد عمل ، بل أسلوب حياة. إن عيش الحياة التي تمدح الله في جميع الأوقات هي حياة إيمان وثقة بالله. وهذا صعب
يكتب القديس الرسالة الثانية إلى مؤمني كورنثوس 1:8
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، نُرِيدُ أَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَمْرُ الضِّيقَةِ الَّتِي مَرَرْنَا بِهَا فِي مُقَاطَعَةِ أَسِيَّا. فَقَدْ كَانَتْ وَطْأَتُهَا عَلَيْنَا شَدِيدَةً جِدّاً وَفَوْقَ طَاقَتِنَا، حَتَّى يَئِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ نَفْسِهَا
الالتزام بـتسبيح الرب ما دمت أعيش" هو التزام كبير. أنا على قيد الحياة اليوم. هل أنا ملتزم بحمد الله اليوم بغض النظر عن نوع اليوم؟
لا يوجد شعور يدوم إلى الأبد. المشاعر تأتي وتذهب. سيسيطر الشعور بالجوع (للطعام) على كل المشاعر الأخرى عندما لا نأكل لفترة طويله. سيسود الشعور بالنعاس على كل المشاعر الأخرى عندما لا ننام مدة طويلة. يمكن لمشاعر النشوة ومشاعر اليأس أن تتغلب على الشعور بالجوع أو التعب. لهذا السبب لا يمكننا استثمار كل ما لدينا في مشاعرنا ، لأنها تتغير باستمرار. الحب ليس شعور. لا ثقة ولا إيمان. هذه الأشياء اختيارات. يمكننا أن نختار أن نحب الله ونثق به ونؤمن به ونحمده ، حتى عندما نكون متعبين أو جائعين أو مبتهجين أو يائسين
كل علاقة إنسانية مؤقتة ، من حيث حضور الشخص المادي في حياتنا. لأنه في مرحلة ما ، سيفصلنا الموت عن كل شخص نعرفه ، إما أنهم يموتون أولاً ، أو لأننا سنموت أولاً. لذلك فإن الأهمية هي العلاقة الروحية ، لأن هذه هي العلاقة التي تستمر إلى الأبد. وهكذا ، كما ورد في المزمور 146: 3-4 ، يجب أن "لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَلاَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَيْثُ لاَ خَلاَصَ عِنْدَهُ.
تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَفْسِهِ تَهْلِكُ أَفْكَارُهُ
يتابع صاحب المزمور قائلاً: "طُوبَى لِمَنْ إِلهُ يَعْقُوبَ مُعِينُهُ، وَرَجَاؤُهُ عَلَى الرَّبِّ إِلهِهِ". (آية ٥) لأنه في حين أن السعادة هي شعور عابر ، فإن فرح الرب والفرح بالرب ممكنان في الواقع في جميع الأوقات ، لأنه اختيار ، وإن كان اختيارًا صعبًا عندما لا تسير الأمور على ما يرام
وأنا أكتب اليوم ، أفكر في الأشخاص الذين عرفتهم على مر السنين والذين مروا بأوقات صعبة بشكل لا يصدق. أفكر في الآباء الذين فقدوا أطفالهم الذين لا يزالون يختارون حب الله. أفكر في الشابة التي تم تشخيص إصابتها بالسرطان (والتي توفيت لاحقًا) والتي قالت "بغض النظر عما يحدث ، لن أتوقف أبدًا عن مدح الله". لقد رأيت بعض الأشخاص بإيمان مذهل، نوع الإيمان الذي آمل ألا أحتاج إليه أبدًا
لقد امتحن هذا العام إيمان الكثيرين. لقد اهتز إيماني في كثير من الناس ، بما في ذلك القادة المدنيون وقادة الكنيسة وحتى عدد قليل من الأصدقاء. إيماني بالله لا يزال على حاله، وأظهر الثناء عليه بغض النظر عما يحدث في الحياة ، في الأيام الجيدة والأيام السيئة ، في الأوقات الجيدة وفي الأوقات العصيبة
ملاحظة ليتورجية واحدة تتعلق بهذا المزمور - ثلاث آيات من هذا المزمور مقترنة مع أنتيفون الثاني من القداس الإلهي يوم الأحد
أُسَبِّحُ الرَّبَّ فِي حَيَاتِي، وَأُرَنِّمُ لإِلهِي مَا دُمْتُ مَوْجُودًا
طُوبَى لِمَنْ إِلهُ يَعْقُوبَ مُعِينُهُ، وَرَجَاؤُهُ عَلَى الرَّبِّ إِلهِهِ
يَمْلِكُ الرَّبُّ إِلَى الأَبَدِ، إِلهُكِ يَا صِهْيَوْنُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ
سبحوا الرب بكلامكم وافعالكم. اختر الحب والثقة والإيمان بغض النظر عن شعورك اليوم
كهنتك يلبسون البر، وأتقياؤك يهتفون
عندما يلبس الكاهن ثيابه في خدمة ليتورجية ، هناك صلاة يصليها وهو يرتدي
كل قطعة. كل صلاة مأخوذة من المزامير. مزمور 132: 9 هو الصلاة التي يقدمها الكاهن وهو يرتدي الفيلونيون ، وهو رداء علوي بدون درز تقليديًا ، والذي يمثل الرداء الذي كان يرتديه يسوع عندما كان يحاكم أمام بيلاطس البنطي ، ألقى الجنود قرعة عند الصلب
بينما أتأمل في هذه الآية وما تعنيه في حياة الكاهن ، ومدى ارتباطها برداء المسيح ، فإنها تذكرنا بأن البر في عيني الله هو أسمى وأشرف مسعى في الحياة. هذه جملة سهلة الكتابة. الحياة مختلفة تماما. ظل يسوع متحدًا مع الله حتى أثناء تعذيبه وإذلاله واتهامه ظلماً وقتله في النهاية. كان إحساسه بالصلاح لا يتزعزع. لم يطالب بالعدالة ، رغم أنه كان لديه كل الأسباب. لم يشتكي من المعاملة غير العادلة ، على الرغم من أن الحاضرين ، حتى بيلاطس البنطي القوي كان يرى أن التهم الموجهة إليه كانت وهمية. لم يدعو اثني عشر فيلقًا من الملائكة ، كما استطاع ، ليس فقط لإخراجه من مأزقه ، بل للانتقام من متهميه الظالمين. يقول الكتاب المقدس أنه ظل صامتًا. بقي بارا. وبنفس الطريقة ، يجب على الكهنة أن يلبسوا البر ، وأن لا يتزعزعوا في وجه المقاومة
لنتحدث عن القديسين وهم يهتفون من الفرح. الكلمة التي نترجمها على أنها قديس والتي تعني "مقدس" ، و "مقدس" تعني "منفصل". في حياتنا ، يمكننا أن نتصرف "الصالحين" ولكننا لن نكون صالحين في جميع الأوقات. لذلك ، لا يوجد في الواقع أشخاص صالحون ، فقط أناس يتصرفون باستقامة ، بمعنى أنهم على صلة بالله. وبنفس الطريقة لا يمكننا تحقيق "القداسة" في حياتنا. القداسة مطاردة ، مثلها مثل البر. يمكن أن يكون لدينا لحظات عندما نتصرف قديسين ، لكننا لن نكون قديسين في كل لحظة من حياتنا ، لأن الخطيئة والقداسة لا يمكن أن يتعايشا في نفس الوقت
أن تكون "مقدسًا" يعني أن تكون "منفصلاً". على الرغم من أننا لا نستطيع تحقيق القداسة ، يمكننا بالتأكيد السعي لتحقيقها. يمكننا أن نعمل على تمييز أنفسنا عن الأشياء الشريرة باختيار الأشياء الصالحة. يمكننا أن نعمل على تمييز أنفسنا بعيدًا عن الضغائن من خلال اختيار التسامح. يمكننا أن نعمل على فصل أنفسنا عن التركيز الوحيد على المساعي الأرضية باختيار تطوير علاقة مع الله. يمكننا العمل على تمييز أنفسنا بعيدًا عن بناء أنفسنا فقط من خلال اختيار خدمة الآخرين
إذا أردنا أن نكون قديسين ، إذا كنا جادين في السعي وراء القداسة ، فعلينا أن نصيح من أجل الفرح ، كما يشير المزمور ، في سعينا وراء القداسة. وعلى الرغم من أن معظم الناس الذين يقرؤون هذه الرسالة ليسوا كهنة ، فلا يزال بإمكاننا اختيار أن نلبس أنفسنا بالبر. نأمل أن تكون لدينا جميعًا تجربة لف أنفسنا في بطانية دافئة في يوم بارد. نعلم جميعًا كيف تشعر بأنك محاط بالدفء وسط برد الشتاء. في شرنقتنا الصغيرة ، نشعر بالأمان والدفء ، حتى عندما يكون منزلنا وبالتأكيد خارج المنزل باردًا. في تلك اللحظة ، نشعر بأننا غير متأثرين بالبرد المحيط بنا. هناك سبب للفرح. عندما نلف أنفسنا ببر الله ، يكون الأمر مثل نفس الغطاء الدافئ الذي يغلف أرواحنا في عالم بارد. في تلك اللحظة ، سنشعر بدفء الله ، والثقة في إيماننا ، والفرح الحقيقي. إذا استطعنا أن نلبس أنفسنا بالبر ، فسيكون هناك سبب للصراخ من أجل الفرح ، بغض النظر عن هويتنا ، وأجرؤ على القول ، بغض النظر عن الظروف التي نجد أنفسنا فيها
اذكر يارب داود، كل ذله كيف حلف للرب، نذر لعزيز يعقوب لا أدخل خيمة بيتي. لا أصعد على سرير فراشي لا أعطي وسنا لعيني ، ولا نوما لأجفاني أو أجد مقاما للرب، مسكنا لعزيز يعقوب هوذا قد سمعنا به في أفراتة. وجدناه في حقول الوعر لندخل إلى مساكنه. لنسجد عند موطئ قدميه قم يارب إلى راحتك، أنت وتابوت عزككهنتك يلبسون البر، وأتقياؤك يهتفون من أجل داود عبدك لا ترد وجه مسيحك أقسم الرب لداود بالحق لا يرجع عنه: من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك
إن حفظ بنوك عهدي وشهاداتي التي أعلمهم إياها، فبنوهم أيضا إلى الأبد يجلسون على كرسيكلأن الرب قد اختار صهيون. اشتهاها مسكنا له هذه هي راحتي إلى الأبد. ههنا أسكن لأني اشتهيتها طعامها أبارك بركة. مساكينها أشبع خبزا
كهنتها ألبس خلاصا، وأتقياؤها يهتفون هتافا هناك أنبت قرنا لداود. رتبت سراجا لمسيحي أعداءه ألبس خزيا، وعليه يزهر إكليله مزمور 132 البسِ نفسك بالبر اليوم ، وبروحك ستجد سببًا للفرح. حتى لو كان باقي العالم ، وحتى عالمك الخاص يفتقر إلى الفرح، فإن فرح الله لا يزال بإمكانه أن ينير روحك
المجمع المسكوني الرابع
تناول المجمع المسكوني الثالث بدعة نسطور بطريرك القسطنطينية. أدانته وحدد الإيمان فيما يتعلق بالمسيح البشري وسيدة القديسة أم الله. كان ذلك بعد التوصل إلى اتفاق ، عُرف باسم الفورمولا ريونيون ، في عام 433 بين القديس كيرلس الأسكندرية وجون أنطاكية
بعد زوال هذين البطريركين، أعاد تلاميذهما المتعصبون فتح القضية، اعتقادًا منهم أن كلاهما تراجعا عن مواقفهما السابقة، مما تسبب في عدد من المشاكل للكنيسة
أحد الأبطال كان إفتيخيس (إوتيشس) الذي علم أن ربنا يسوع المسيح كان ، في الواقع، له طبيعتان، قبل أن يتم توحيدهما، لكنهما اعترفا بواحد فقط بعد حدوث التوحيد. وبعبارة أخرى، كان يعتقد أنه بعد اتحاد الطبيعتين، تم استيعاب طبيعة المسيح البشرية من طبيعته الإلهية. استمرت هذه المشكلة لأنه كان هناك مزيد من الخلط بين الطبيعة والشخص، حيث اعتبر أن شخصًا واحدًا مرتبطًا بطبيعة واحدة
وهكذا تم استدعاء المجمع المسكوني الرابع في خلقيدونية عام 451 بناء على طلب من الزوجين الإمبراطوريين بولشيريا ومارسيان. وقد ترأسها البطريرك أناتوليوس القسطنطينية وممثلو البابا ليو من روما. أكد هذا السينودس قرار المجمع المسكوني الثالث و "بعد الآباء السابقين" ، كما كتب ، قبل أن الكلمة شخص واحد وأقنوم واحد ، معروف في طبيعتين بدون لبس ، بدون تغيير ، بدون انقسام ، وبدون فصل 'وأنه لا يوجد فرق بين طبيعتين تمت إزالتهما ، بل يتم الحفاظ على الطابع المحدد لكل طبيعة في اتحاد الكلمة في أقنوم شخص واحد
قد تبدو هذه المسألة برمتها فلسفية وقليلة الاهتمام لاهوت الكنيسة، ولكن هذا ليس هو الحال، للأسباب التالية
من خلال دراستهم للكتاب المقدس والعهدين القديم والجديد ، ولا سيما كشف المسيح عن نفسه للرسل ، عرف آباء الكنيسة أن المسيح هو الله حقًا ، الذي أصبح متجسدًا لهزيمة الموت والخطيئة الشيطان. في نهر الأردن ، اتضح وجود الثالوث الأقدس. على جبل تابور ، كان وجه المسيح يلمع كالشمس وكانت ثيابه بيضاء كالضوء. كما أن عمود النور غمر التلاميذ وسمع صوت الآب. لم يخلق هذا النور بل هو إلهي غير مخلوق. كان نور اللاهوت. في المسيح كانت هناك طبيعة بشرية ، (الجسد والروح) ، ولكن من الداخل جاءت قوة اللاهوت. لم يكن هذا النور طبيعة أخرى ، بل الطبيعة الإلهية التي اتحدت مع الطبيعة البشرية في المسيح. بهذه الطريقة ، تم الكشف عن ألوهية المسيح ، على الرغم من أن طبيعته البشرية لم يتم إلغاؤها. هذا ما دفع الآباء إلى إعلان أن طبيعتين - إنسانية وإلهية - تعمل في أقنوم / شخص الكلمة بدون ارتباك ، بدون تغيير ، بدون انقسام وبدون انفصال
كانت هذه هي التجربة التي شاركها العديد من آباء الكنيسة ، كما نرى بوضوح في القديسين باسل العظيم ، غريغوري اللاهوتي والعديد من الآباء الآخرين مثل القديسين سمعان اللاهوتي الجديد ، القديس غريغوريوس بالاماس وغيرهم. هذا هو السبب في أن تجربة وإيمان الآباء متطابقة مع تجربة الأنبياء والرسل
علاوة على ذلك ، لم يصنعوا هذه الصيغة للتعبير عن موقف منطقي بشأن المسيح ، لأن هذا اللغز لا يمكن فهمه منطقيًا. كما أنهم لم يفعلوا ذلك من أجل تطوير فلسفة معينة ، بل بدلاً من ذلك الاستجابة للهرطقات في ذلك الوقت ، الذين فعلوا الفلسفة. حاول اللاهوتيون المهرطقون فهم هذا اللغز من حيث الفلسفة ، بينما استخدم الآباء بعضًا من مصطلحاته ، مثل الجوهر ، والطبيعة ، والشخص ، والأقنوم ، من أجل الإجابة على الزنادقة وتفكيك طريقة فلسفتهم في التفكير
كما يقول القديس غريغوريوس بالاماس ، هذا يعني أن العقيدة هي إظهار / كشف كلمة الله - بدون لحم الأنبياء في العهد القديم وفي الجسد للرسل في العهد الجديد. المصطلحات ، من ناحية أخرى ، هي الكلمات والعناصر المعجمية ، والتي يستخدمها الآباء لحماية العقيدة ، وحي الابن وكلمة الله. لهذا السبب ، تحدد المصطلحات الخط الفاصل بين الحقيقة والخطأ
كما هو الحال بالنسبة لقرارات السينودسات المسكونية الأخرى ، جعلت الكنيسة رابعاً من التراتيل في الترانيم. لقد أصبحوا أيضًا صلوات ، وبهذه الطريقة ترتبط العقيدة - شروط السينودس المسكونية - ارتباطًا وثيقًا بعبادة الكنيسة. هذا مؤشر على أهمية العبادة ، حيث نعترف ونختبر المسيح كإله وإنسان
بعد زوال هذين البطريركين، أعاد تلاميذهما المتعصبون فتح القضية، اعتقادًا منهم أن كلاهما تراجعا عن مواقفهما السابقة، مما تسبب في عدد من المشاكل للكنيسة
أحد الأبطال كان إفتيخيس (إوتيشس) الذي علم أن ربنا يسوع المسيح كان ، في الواقع، له طبيعتان، قبل أن يتم توحيدهما، لكنهما اعترفا بواحد فقط بعد حدوث التوحيد. وبعبارة أخرى، كان يعتقد أنه بعد اتحاد الطبيعتين، تم استيعاب طبيعة المسيح البشرية من طبيعته الإلهية. استمرت هذه المشكلة لأنه كان هناك مزيد من الخلط بين الطبيعة والشخص، حيث اعتبر أن شخصًا واحدًا مرتبطًا بطبيعة واحدة
وهكذا تم استدعاء المجمع المسكوني الرابع في خلقيدونية عام 451 بناء على طلب من الزوجين الإمبراطوريين بولشيريا ومارسيان. وقد ترأسها البطريرك أناتوليوس القسطنطينية وممثلو البابا ليو من روما. أكد هذا السينودس قرار المجمع المسكوني الثالث و "بعد الآباء السابقين" ، كما كتب ، قبل أن الكلمة شخص واحد وأقنوم واحد ، معروف في طبيعتين بدون لبس ، بدون تغيير ، بدون انقسام ، وبدون فصل 'وأنه لا يوجد فرق بين طبيعتين تمت إزالتهما ، بل يتم الحفاظ على الطابع المحدد لكل طبيعة في اتحاد الكلمة في أقنوم شخص واحد
قد تبدو هذه المسألة برمتها فلسفية وقليلة الاهتمام لاهوت الكنيسة، ولكن هذا ليس هو الحال، للأسباب التالية
من خلال دراستهم للكتاب المقدس والعهدين القديم والجديد ، ولا سيما كشف المسيح عن نفسه للرسل ، عرف آباء الكنيسة أن المسيح هو الله حقًا ، الذي أصبح متجسدًا لهزيمة الموت والخطيئة الشيطان. في نهر الأردن ، اتضح وجود الثالوث الأقدس. على جبل تابور ، كان وجه المسيح يلمع كالشمس وكانت ثيابه بيضاء كالضوء. كما أن عمود النور غمر التلاميذ وسمع صوت الآب. لم يخلق هذا النور بل هو إلهي غير مخلوق. كان نور اللاهوت. في المسيح كانت هناك طبيعة بشرية ، (الجسد والروح) ، ولكن من الداخل جاءت قوة اللاهوت. لم يكن هذا النور طبيعة أخرى ، بل الطبيعة الإلهية التي اتحدت مع الطبيعة البشرية في المسيح. بهذه الطريقة ، تم الكشف عن ألوهية المسيح ، على الرغم من أن طبيعته البشرية لم يتم إلغاؤها. هذا ما دفع الآباء إلى إعلان أن طبيعتين - إنسانية وإلهية - تعمل في أقنوم / شخص الكلمة بدون ارتباك ، بدون تغيير ، بدون انقسام وبدون انفصال
كانت هذه هي التجربة التي شاركها العديد من آباء الكنيسة ، كما نرى بوضوح في القديسين باسل العظيم ، غريغوري اللاهوتي والعديد من الآباء الآخرين مثل القديسين سمعان اللاهوتي الجديد ، القديس غريغوريوس بالاماس وغيرهم. هذا هو السبب في أن تجربة وإيمان الآباء متطابقة مع تجربة الأنبياء والرسل
علاوة على ذلك ، لم يصنعوا هذه الصيغة للتعبير عن موقف منطقي بشأن المسيح ، لأن هذا اللغز لا يمكن فهمه منطقيًا. كما أنهم لم يفعلوا ذلك من أجل تطوير فلسفة معينة ، بل بدلاً من ذلك الاستجابة للهرطقات في ذلك الوقت ، الذين فعلوا الفلسفة. حاول اللاهوتيون المهرطقون فهم هذا اللغز من حيث الفلسفة ، بينما استخدم الآباء بعضًا من مصطلحاته ، مثل الجوهر ، والطبيعة ، والشخص ، والأقنوم ، من أجل الإجابة على الزنادقة وتفكيك طريقة فلسفتهم في التفكير
كما يقول القديس غريغوريوس بالاماس ، هذا يعني أن العقيدة هي إظهار / كشف كلمة الله - بدون لحم الأنبياء في العهد القديم وفي الجسد للرسل في العهد الجديد. المصطلحات ، من ناحية أخرى ، هي الكلمات والعناصر المعجمية ، والتي يستخدمها الآباء لحماية العقيدة ، وحي الابن وكلمة الله. لهذا السبب ، تحدد المصطلحات الخط الفاصل بين الحقيقة والخطأ
كما هو الحال بالنسبة لقرارات السينودسات المسكونية الأخرى ، جعلت الكنيسة رابعاً من التراتيل في الترانيم. لقد أصبحوا أيضًا صلوات ، وبهذه الطريقة ترتبط العقيدة - شروط السينودس المسكونية - ارتباطًا وثيقًا بعبادة الكنيسة. هذا مؤشر على أهمية العبادة ، حيث نعترف ونختبر المسيح كإله وإنسان
إنقسام العالم الأرثوذكسي وكنيسة آجيا صوفيا
قال الرب يسوع المسيح: "إِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ" مر 24:3 و25
اليوم تَبكي القيادات الأرثوذكسية في العالم وتُبكي معها مؤمنيها الأرثوذكس على إعادة تحويل كاتدرائية آجيا صوفيا إلى مسجد. بينما هي مغمضة العينين، أو متجاهلة، إلى ما آلت إليه الأوضاع فيما بينها. مما جعلها فريسة سهلة للمترصدين لها من الخارج من جميع الأيدولجيات، إن كانت دينية أو علمانية
في الماضي إنقسمت المسيحية في الدولة الرومانية فيما بينها وتشتت بين مؤيد
ومعارض. يقودهما في ذلك النعرات القومية والإثنية. وتكتلت كل فرقة ضد الأخرى وقامت كل منهما على الأخرى. مما أضعف الطرفان ومَكَن أعدائهما من احتلال أجزاء كبيرة من المملكة. وسقطت الفرقتان تحت نير المحتل وفقدتا هويتهما القومية. وأصبحتا تهادنان المحتل حتى تتمكنا في الاستمرار بالوجود، وإن كان وجود الخضوع
أما تلك القيادات الأرثوذكسية التي كانت خارج حدود الدولة الرومانية وتحت ظل دول مستقلة لا تخضع لهذا الاحتلال وظلت محتفظة باستقلاليتها، فقد انتفخت على الكنائس شقيقاتها وهي في محنتها. لأنها كانت تساندها ماليًا ومعنويًا لتستمر في بقائها الأدنى
اليوم التاريخ يعيد نفسه. القيادات الأرثوذكسية في العالم لم تتعلم من تاريخها ومن وضعها القائم. فانقسمت مرة أخرى فيما بينها في محاولة بعض منها لبسط نفوذها على مناطق لكنائس أخرى تحت حجج تاريخية بأن هذه المناطق كانت تابعة لها، مثلما حدث بين أورشليم وأنطاكية. وبعض آخر يتدخل في مناطق أخرى بحجج حقه التاريخي في التدخل في مناطق نفوذ الكنائس الأرثوذكسية الأخرى وخلق أوضاع جديدة، مثلما حدث بين القسطنطينية وأوكرانيا
في هذا الوضع عمت الانقسامات الكنائس الأرثوذكسية بين مؤيد وبين معارض. ولم يكن من منتصر بل كان الخاسر هو الطرفان. وكان الخاسر الأكبر هي الأرثوذكسية وكل العالم الأرثوذكسي
كل ما سبق جرئ إردغان العثماني على ما قام به من إعادة تحويل كاتدرائية آجيا صوفيا إلى مسجد بعد أن كانت متحف، والذي كان العالم والقيادات الأرثوذكسية قابلين له. لتأكده أن العالم الأرثوذكسي في إنقسامه وخصومته فيما بينه لن يكون الصوت المؤثر على قراره
هذه المحنة الجديدة للكنيسة الأرثوذكسية هي جرس إنذار لقياداتها للعودة عما يقسمها وإنهاء خصوماتها. وإعادة وحدتها واحترام خصوصية كل كنيسة محلية فيما كانت عليه قبل هذه الضربة التي أصابتها. لأنه ما زال هناك مَن يتربص بها مخططًا في الخفاء ما يزيد من إضعافها ومحو رموزها التاريخية لوجودها بالاستيلاء عليها. وكذلك لتقليصها داخل أطر محددة تتوائم مع عقيدته أو مع دعواته بمدنية الكنيسة، كقوانين الاتحاد الأوربي
المطران نيقولا أنطونيو الجزيل الإحترام مطران طنطا وتوابعه
ووكيل البطريرك لشئون الطائفة الناطقة بالعربية بمصر
جمال التوبة ورحمه الله
سبب كتابة المزمور ٥٠ هو أن داوود كان يشعر بالذنب والعار على خطاياه الشنيعة في الزنا والقتل. الحاجة إلى الاعتراف بالخطيئة مهم جدا للقلب الذي يمتلكه كل منا والذي يشعر بالذنب والألم والعار. في الآية 8 ، يأخذ المزمور منحىً إيجابياً بسرعة ،"تُسْمِعُني بَهْجَةً وسروراً، فَتَبْتَهِجُ عِظامي الذَّليلَة
إن القلب الذي يعاني من الألم والعار سيكون غارقا بالذنب بحيث لا يصدق أن الفرح والسعادة يمكن أن يكون ممكنًا مرة أخرى. تخيل كيف يمكن لداوود أن يفكر في أن يطلب من الله أن يملأه بالفرح والسرور بعد ما فعله؟
هذا هو جمال التوبة وكذلك قوة الله. يمكننا أن نرتكب خطيئة فظيعة وجميعًا يفعل ذلك، ومن خلال التوبة ونعمة الله لا يزال من الممكن الحصول عليها حتى عندما نتعدى على الله وبعضنا البعض ، حتى لو كانت هذه التجاوزات فاضحة ، كما كانت بالنسبة لداوود. من الواضح أنه كان يجب أن يكون هناك إيمان وثقة كبيرة بالله ليجرؤ على سؤاله عن الفرح والسرور ، والأكثر من ذلك ، أن يعتقد أن هذا الطلب سيُمنح
هناك الكثير من الناس الذين يشعرون بالغربة والابتعاد عن محبة الله ، ويفتقرون إلى الفرح في حياتهم لأنهم يعانون من الذنب. ويؤكد لنا مزمور 50 أنه في التوبة الحقيقية، يمكننا أن نتجرأ أن نطلب من الله أن يعيد لنا الفرح
يقول مزمور 50: 7: "تَنْضَحُني بالزوفى فأطْهُرُ، تَغْسِلُني فأبْيَضُّ أكثَرَ مِنَ الثَّلْجِ". هذا تذكير مهم بأنه لكي يتم ملئه بفرح الله وفرحه، يجب تطهير المرء من الخطيئة ، والشر ، والألم ، والعار ، وجميع الأشياء المرتبطة التي تبعدنا عن الله. من أجل حدوث ذلك ، يجب عمل شيئين بشكل متضافر. أولاً ، نحن بحاجة إلى رغبتنا الشخصية في تطهير الخطيئة. هذا يسمى التوبة. وثانيًا ، نحتاج إلى نعمة الله. نحن نعلم أن كلاهما يسيران جنبًا إلى جنب. نحن نعلم أنه عندما نتوب ، فإن الله رحيم وسريع الغفران. المحفز ، مع ذلك ، هو رغبتنا في التوبة ، والتي تفترض مسبقًا أن القلب الذي يريد أن يصبح أكثر بياضًا من الثلج ، والقلب الذي يريد أن يكون مليئًا بالفرح والسرور ، والقلب الذي يفهم أن الفرح الحقيقي والفرح لا يمكن أن يأتي إلا من الله
أتصور أن الله يتحدث إلى قلب داوود بنفس الطريقة. لهذا عندما نقرأ بقية المزمور 50: "تُسْمِعُني بَهْجَةً وسروراً، فَتَبْتَهِجُ عِظامي الذَّليلَة" ، لا نرى الله في تلك اللحظة على أنه إله انتقامي ، يكسر عظام الناس ليجعلهم يخضوع لمشيئته ، بل بالأحرى، إله محب ومتعطف
من خلال عظمة الله ، تحولت حياة داوود من الزاني والقاتل إلى الخادم والملك. كان الله يخطط أن يأتي المسيح إلى العالم من خلال خط داوود. وكان الله لديه خطط كبيرة داوود. ولم يتم سحق تلك الخطط لأن داوود كان قد اتخذ بعض المنعطفات الخاطئة في حياته
ارْحَمْني يا اللهُ كعظيمِ رَحْمَتِكَ، وكَمِثْلِ كَثْرَةِ رأفتِكَ امْحُ مَآثِمي. إغْسِلْني كَثيراً مِنْ إثْمي، ومِنْ خَطيئَتي طَهِّرْني. لأنّي أنا عارِفٌ بإثْمي، وخَطيئَتي أمامي في كلِّ حينٍ. إليكَ وحدَكَ أخطأتُ، والشرَّ قُدّامَكَ صَنَعْتُ، لكَي تَصْدُقَ في أقوالِكَ وتَغْلِبَ في مُحاكَمَتِك. هاءنذا بالآثامِ حُبِلَ بي، وبالخَطايا وَلَدَتْني أُمّي. لأنّكَ قَدْ أحْبَبْتَ الحقَّ، وأوْضَحْتَ لي غَوامِضَ حِكْمَتِكَ ومَسْتوراتِها. تَنْضَحُني بالزوفى فأطْهُرُ، تَغْسِلُني فأبْيَضُّ أكثَرَ مِنَ الثَّلْجِ. تُسْمِعُني بَهْجَةً وسروراً، فَتَبْتَهِجُ عِظامي الذَّليلَة. إصْرِفْ وجْهَكَ عَنْ خَطايايَ، وامْحُ كُلَّ مآثِمي. قَلْباً نَقِيّاً اخْلُـقْ فِيَّ يا اللهُ، وروحاً مُسْتَقيماً جَدِّدْ في أحْشائي. لا تَطْرَحْني مِنْ أمامِ وَجْهِكَ، وروحُكَ القُدُّوسُ لا تَنْزِعْهُ منّي. إمْنَحْني بَهْجَةَ خلاصِكَ، وبِروحٍ رئاسِيٍّ اعْضُدْني. فأُعَلِّمُ الأَثَمَةَ طُرُقَكَ، والكَفَرَةُ إليْكَ يَرْجِعون. أنْقِذْني مِنَ الدِّماءِ يا اللهُ إلـهَ خَلاصي، فيَبْتَهِجَ لِساني بِعَدْلـِكَ. يا ربُّ افْتَحْ شَفَتَيَّ، فَيُخَبِّرَ فَمي بِتَسْبِحَتِكَ. لأنكَ لوْ آثَرْتَ الذَّبيحَةَ، لَكُنْتُ الآنَ أُعْطي، لكِنَّكَ لا تُسَرُّ بالمُحْرَقات. الذبيحَةُ للهِ روحٌ مُنْسَحِقٌ، القَلْبُ المُتَخشِّعُ والمُتَواضِعُ لا يَرْذُلُهُ اللهُ. أصْلِحْ يا ربُّ بِمَسَرَّتِكَ صِهْيَونَ ولْـتُبْنَ أسْوارُ أورشَليم. حينئذٍ تُسَرُّ بِذَبيحَةِ العَدْلِ قُرْباناً ومُحْرَقات. حينئذٍ يُقَرِّبونَ على مَذْبَحِكَ العُجول
في كل يوم يشعر الله بنفس الطريقة تجاه كل منا. من خلال رحمته ومساعدته، نحتاج إلى السماح بكسر عظامنا السيئة وإعادة تشكيلها. وبتوبتنا سيملأنا الله مرة أخرى بفرح وبهجة
يجب أن ندرك الحاجة إلى كسر العادات السيئة التي تبعدنا عن فرح الله. من خلال التوبة ، يمكننا أن نمتلئ بفرح الله
T Joseph Saba
6/18/2020
من تعليمنا الأرثوذكسيّ: ظهورات القائم من الموت
التلميذ: كنت أصلّي صلاة السحر فوقع نظري في منتصف الصلاة على عبارة أناجيل الإيوثينا، فما هي؟
المرشد: إيوثينا تعني صباحيّة وهي أناجيل صلاة السحر وعددها أحد عشر تتكلّم على ظهورات يسوع بعد القيامة
التلميذ: هل تراءى يسوع إحدى عشرة مرّة لتلاميذه؟ أين نجد هذه الأناجيل؟
المرشد: طبعًا في الكتاب المقدّس، هي مقاطع من الأناجيل الأربعة، بإمكانك قراءتها والتعرّف إليها، تتحدّث عن قيامة الربّ، ومعها يشعر القارئ أنّه هو أيضًا ذاهب مع النسوة إلى القبر المليء بالنور
التلميذ: هل بإمكانك مساعدتي على إيجادها؟
المرشد: الإنجيل الأوّل (متّى ٢٨: ١٦-٢٠): يخبرنا هذا المقطع عن ظهور يسوع لأحد عشر تلميذًا في الجليل، وفيه إطلاق السيّد تلاميذه إلى العالم ليعمّدوا
- الإنجيل الثاني (مرقس ١٦: ١-٨): يخبرنا هذا المقطع عن إعلان قيامة المسيح والقبر الفارغ وظهور الملاك للنسوة حاملات الطيب
- الإنجيل الثالث (مرقس ١٦: ٩-٢٠): يخبرنا هذا المقطع الإنجيليّ عن ظهور يسوع لمريم المجدليّة، وهي أوّل من التقى المسيح حيًّا بعد قيامته. لم تتعرّف مريم المجدليّة إلى يسوع بملامحه لكنّها عرفته عند سماعها صوته يناديها: مريم
- الإنجيل الرابع (لوقا ٢٤: ١-١٢): يخبرنا هذا المقطع ولكن بطريقة لوقا الإنجيليّ عن إعلان قيامة المسيح والقبر الفارغ وظهور ملاكين للنسوة حاملات الطيب
- الإنجيل الخامس (لوقا ٢٤: ١٢-٣٥): يخبرنا هذا المقطع الإنجيليّ عن ظهور يسوع للتلميذين على الطريق من أورشليم إلى قرية عمواس
- الإنجيل السادس (لوقا ٢٤: ٣٦-٥٣): يخبرنا عن ظهور يسوع للاثني عشر عندما كانوا مجتمعين عشيّة القيامة، وكان باب الدار مُغلقًا
- الإنجيل السابع (يوحنّا ٢٠: ١-١٠): يروي لنا هذا المقطع إعلان قيامة المسيح والقبر الفارغ
- الإنجيل الثامن (يوحنّا ٢٠: ١١-١٨): ظهور يسوع الأوّل لتلاميذه والأبواب مغلقة
- الإنجيل التاسع (يوحنّا ٢٠: ١٩-٣٠): ظهور يسوع الثاني للرسل في أورشليم، ثمّ ظهوره للرسول توما
- الإنجيل العاشر (يوحنّا ٢١: ١-١٤): ظهور يسوع الثالث للرسل السبعة على بحيرة طبريّة
- الإنجيل الحادي عشر (يوحنّا ٢١: ١٥-٢٥): ظهور يسوع لتلميذه سمعان بطرس
التلميذ: ما أجمل هذه القراءات فهي كلّها تعرفنا بالمسيح القائم من بين الأموات!المرشد: الفصح الذي هو قيامة المخلّص هو أيضًا وعد بأنّنا نحن نخلص بها من خطايانا. فالقيامة بدأت به واستمرّت بقداستنا، ولذلك صار الفصح فينا فصحًا مقيمًا إلى أن نرث الفصح الأخير في الملكوت
التلميذ: هذا يعني أنّه علينا قراءة الكتاب المقدّس على الدوام؟
المرشد: نعم، لقد جاهدت كنيستنا في سبيل تأمين كلمة الربّ بلغةٍ نستطيع قراءتها وفهمها. هل نغذّي روحنا بالطريقة ذاتها التي نعامل بها أجسادنا؟ فلنستفد قدر الإمكان ولنقسّم وقت فراغنا بين كلمة الربّ والأنشطة الدنيويّة التي نقوم بها (من التلفزيون والكمبيوتر والمحادثات الهاتفيّة...) مُعطين كلمة الربّ المركز الأوّل في حياتنا
المرشد: إيوثينا تعني صباحيّة وهي أناجيل صلاة السحر وعددها أحد عشر تتكلّم على ظهورات يسوع بعد القيامة
التلميذ: هل تراءى يسوع إحدى عشرة مرّة لتلاميذه؟ أين نجد هذه الأناجيل؟
المرشد: طبعًا في الكتاب المقدّس، هي مقاطع من الأناجيل الأربعة، بإمكانك قراءتها والتعرّف إليها، تتحدّث عن قيامة الربّ، ومعها يشعر القارئ أنّه هو أيضًا ذاهب مع النسوة إلى القبر المليء بالنور
التلميذ: هل بإمكانك مساعدتي على إيجادها؟
المرشد: الإنجيل الأوّل (متّى ٢٨: ١٦-٢٠): يخبرنا هذا المقطع عن ظهور يسوع لأحد عشر تلميذًا في الجليل، وفيه إطلاق السيّد تلاميذه إلى العالم ليعمّدوا
- الإنجيل الثاني (مرقس ١٦: ١-٨): يخبرنا هذا المقطع عن إعلان قيامة المسيح والقبر الفارغ وظهور الملاك للنسوة حاملات الطيب
- الإنجيل الثالث (مرقس ١٦: ٩-٢٠): يخبرنا هذا المقطع الإنجيليّ عن ظهور يسوع لمريم المجدليّة، وهي أوّل من التقى المسيح حيًّا بعد قيامته. لم تتعرّف مريم المجدليّة إلى يسوع بملامحه لكنّها عرفته عند سماعها صوته يناديها: مريم
- الإنجيل الرابع (لوقا ٢٤: ١-١٢): يخبرنا هذا المقطع ولكن بطريقة لوقا الإنجيليّ عن إعلان قيامة المسيح والقبر الفارغ وظهور ملاكين للنسوة حاملات الطيب
- الإنجيل الخامس (لوقا ٢٤: ١٢-٣٥): يخبرنا هذا المقطع الإنجيليّ عن ظهور يسوع للتلميذين على الطريق من أورشليم إلى قرية عمواس
- الإنجيل السادس (لوقا ٢٤: ٣٦-٥٣): يخبرنا عن ظهور يسوع للاثني عشر عندما كانوا مجتمعين عشيّة القيامة، وكان باب الدار مُغلقًا
- الإنجيل السابع (يوحنّا ٢٠: ١-١٠): يروي لنا هذا المقطع إعلان قيامة المسيح والقبر الفارغ
- الإنجيل الثامن (يوحنّا ٢٠: ١١-١٨): ظهور يسوع الأوّل لتلاميذه والأبواب مغلقة
- الإنجيل التاسع (يوحنّا ٢٠: ١٩-٣٠): ظهور يسوع الثاني للرسل في أورشليم، ثمّ ظهوره للرسول توما
- الإنجيل العاشر (يوحنّا ٢١: ١-١٤): ظهور يسوع الثالث للرسل السبعة على بحيرة طبريّة
- الإنجيل الحادي عشر (يوحنّا ٢١: ١٥-٢٥): ظهور يسوع لتلميذه سمعان بطرس
التلميذ: ما أجمل هذه القراءات فهي كلّها تعرفنا بالمسيح القائم من بين الأموات!المرشد: الفصح الذي هو قيامة المخلّص هو أيضًا وعد بأنّنا نحن نخلص بها من خطايانا. فالقيامة بدأت به واستمرّت بقداستنا، ولذلك صار الفصح فينا فصحًا مقيمًا إلى أن نرث الفصح الأخير في الملكوت
التلميذ: هذا يعني أنّه علينا قراءة الكتاب المقدّس على الدوام؟
المرشد: نعم، لقد جاهدت كنيستنا في سبيل تأمين كلمة الربّ بلغةٍ نستطيع قراءتها وفهمها. هل نغذّي روحنا بالطريقة ذاتها التي نعامل بها أجسادنا؟ فلنستفد قدر الإمكان ولنقسّم وقت فراغنا بين كلمة الربّ والأنشطة الدنيويّة التي نقوم بها (من التلفزيون والكمبيوتر والمحادثات الهاتفيّة...) مُعطين كلمة الربّ المركز الأوّل في حياتنا
لعازر الرُّباعيَّ الأيَّام، حبيب المسيح
إنَّنا اليوم نُكرِّمُ قيامة لعازر الصِّدِّيق. يجدر بهذه العجيبة اليهود القدامى، بأنَّ يسوعَ المسيح سوفَ يقومُ. أمَّا نحنُ فإنَّ هذه المعجزة تُقنِعُنا بالقيامة العامَّة للأموات
على الأقلِّ ثلاثة مرَّاتٍ قد أظهرَ المسيحُ لتلاميذهِ معجزة القيامة من بين الأموات. إنَّهُ قد أقامَ ابنَ أرملة نايين، الّذي مع هذا يبقى اسمه مجهولاً. إنَّهُ قد أقامَ ابنةَ يايرُس-رئيسِ المجمع في كفرناحوم. وفي النِّهايَّة، إنَّهُ قد أقامَ لعازر من بيت عنيا، الّذي أحبَّهُ والّذي يدعوهُ حبيبَهُ انظر يوحنَّا11: 3، 11
مقارنةً ببطل المثل عن الغني ولعازر المسكين الّذي يحمل الاسم ذاته، فإنَّ لعازر الصِّدِّيق من بيت عنيا هو إنسانٌ واقعيٌّ وإنَّه مع ذلك ليسَ فقيراً أبداً. إن أخذنا بعين الاعتبار هذا، أنَّه كان لديهِ خدمٌ (انظر يوحنَّا11: 3)، وأنَّ أُختَهُ تُدهنُ رِجليْ المُخلِّص بطيبٍ جزيل الثَّمن (انظر يوحنَّا12: 3)، وأنَّهُ من بعدِ موتهِ وُضِعَ في مقبرةٍ منفصلةٍ وناح عليهِ يهودٌ كثيرون (انظر يوحنَّا11: 31، 33)، فإنَّ لعازر هو على الأرجح إنسانٌ غنيٌّ ومشهورٌ. إنَّهُ يعيشُ على بضعةِ كيلومتراتٍ فقط من أورشليم. والمسيحُ قد تغدَّى عدَّةَ مرَّاتٍ في بيتِ لعازر مع كثيرين من تلاميذهِ (انظر لوقا10: 38-41؛ يوحنَّا الإصحاح الحادي عشر). لا أحَّدَ يشكُّ، بأنَّ يسوعَ سوفَ يساعد صديقَهُ، إذا ما لعازرُ قد مرضَ فجأةً (انظر: يوحنَّا11: 21). ولكنَّه قد حصلَ أن رفضَ المسيحُ بأن يتصرَّفَ هكذا. لقد ماتَ لعازر وقضى ثلاثةَ أيَّامٍ كاملةٍ في القبر. وفي اليومِ الرَّابعِ بعد موتِهِ أتى إليهِ يسوعُ
تؤكِّدُ لنا القراءة الإنجيليَّة اليومَ، بأنَّ موتَ لعازرَ حقيقيٌّ. لقد انتنَّ جسدهُ، وتنبثُّ منه بعدُ رائحةٌ رديئةٌ. ولكنَّ هذا الإنجيل ذاته يشهد، بأنَّ قيامة لعازر حقيقيَّةٌ أيضاً. إنَّ الرَّسولَ يوحنَّا اللَّاهوتيَّ، الّذي هو شاهد عيانٍ لهذا الحدث، يصف بالتَّفصيل كيف حصلت هي
ذهبَ يسوعُ إلى القبرِ، وانتظر إلى أن يأتيَّ ذوو وأصدقاءُ الرَّاقد. رغمَ اعتراضات مَن حولهِ، فإنَّه أمرَ بأن يدحرجوا الحجر عن بابِ مغارة القبر. بعد صلاتهِ خرجَ الميِّت من المقبرة بيدين ورِجلين ملفوفتين بلفائف الدَّفنِ. وعندَ هذا فإنَّ اللَّفائف تعيقهُ عن السَّير. أمَّا وجهه فقد لُفَّ بمنديلِ الدَّفنِ. انظر يوحنَّا11: 44
ولكي يُؤكِّد للقارئ بأنَّ إقامةَ لعازر ليست هلوسةً جماعيَّةً، فإنَّ يوحنَّا الإنجيليِّ كتبَ، بأنَّهُ بعدَ وقتٍ معيَّنٍ تغدَّى يسوعُ في بيتِ لعازر القائم. عاينه اليهودُ الآخرون أيضاً. إنَّ الإنجيليَّ ذاته قد كتب، بأنَّ السَّنهدريم قرَّرَ بأن يقتلوا لعازر، "لأنَّ كثيرين من اليهود كانوا بسببهِ يغادرونهم فيؤمنون بيسوعَ (يوحنَّا12: 11). يرجح جدَّاً أن يكون الإنجيليين الأوائل لهذا السَّبب بالذَّات قد صمتوا عن إقامة لعازر. فإلى الحدِّ الّذي فيهِ قد انتشرت الكرازة الأولى عن قيامة المسيح على نطاقٍ واسعٍ في أورشليم، فإنَّ الرُّسل حاولوا إخفاءَ اسمِ لعازر، لأنَّهم يخشون، أنَّه هو لن يتجنَّبَ الموتَ على يدِ رؤساء الكهنة
حسبَ شهادة القِدِّيس أپيفانيوس القبرصي، فإنَّ لعازر ذهبَ إلى قبرصَ، وصارَ أسقفاً هناك وعاشَ مدَّة ثلاثين سنةً بعد قيامته، ماتَ في سنِّ الشَّيخوخة ودُفِنَ في كيتيا. هناك بالذَّات خلال القرن التَّاسع الميلادي قد عُثرَ على تابوتٍ حجريٍّ مع رفاتهِ، الّذي توجد كتابةٌ عليهِ: لعازر الرُّباعيَّ الأيَّام، حبيب المسيح
إنَّ السِّمة الخاصَّة بمعجزة إقامة لعازر هي، أنَّهُ هو قد عادَ من "المكان الّذي ما عاد أحَّدٌ منهُ". إن كان قد قامَ في يومِ موتهِ، لكان من الممكن أن يُحسبَ موته أنَّه نومٌ. إن كان قد قامَ خلال الأيَّام الثَّلاثة، لأمكن أن يُقالَ بأنَّ نفسَهُ قد عادت إلى الجَّسد بعد أن ارتحالٍ سطحيٍّ في الأرض. ولكنَّهُ بعدَ أن تمضيَّ الأيَّام الثَّلاثة، فإنَّ نفسَ الرَّاقد، حسبَ تقليد القِدَم، ينبغي أن تصعدَ للدَّينونة أمام الله. فلهذا في اليَوم الرَّابع يكون مصير النَّفسِ كلِّيَّاً بين يديْ اللهِ. تاليَّاً، الله وحده بإمكانه أن يُعيدَ النَّفسَ إلى الجَّسد. والمسيح قد فعلها بسلطانه الذَّاتيِّ. إنَّهُ يقول للعازر "هلُّمَ اخرج خارجاً" عن مغارة القبر ولعازر قد خرج انظر يوحنَّا11: 43
لكن من قبل أن يُظهرَ للبشريَّة سلطانه على الحياة والموت، فإنَّ الرَّبَّ يفحصُ، إن كان النَّاسُ المقرَّبون لهُ قادرين على أن يؤمنوا بهذه المعجزة. إنَّ هذا يتبيَّن من الحديث الغامض الّذي يدور بين مارثا ويسوع
قبل المعجزة مباشرةً استقبلت مارثا الرَّبَّ وتبكي: "...لو كنتَ ههنا، لما ماتَ أخي". وكأنَّ بيسوعَ يقومُ بتعزيَّتها: "...سيقومُ أخوكِ". بصفتها يهوديَّةٌ مؤمنةٌ تقليديَّةٌ، فإنَّ مارثا تجيب: "...أعلم أنَّهُ سيقوم في القيامة في اليوم الأخيرِ" يوحنَّا11: 21-24
تُلمِّح كلماتُها إلى النُّبوءة الّتي من سِفرِ أيُّوبَ: "أمَّا أنا فقد علمتُ أنَّ ولييَّ حيٌّ وأنَّ الآخرَ على الأرضِ يقومُ وبعد أن يفنى جسدي هذا وبدون جسدي أرى اللهَ" (أيُّوب19: 25-26). يُخبِّرُ النَّبيُّ إشعياء أنَّ "الجُّثث الميِّتة تقوم" (إشعيا26: 19). فيما يُسَلِّمُ النَّبيُّ القِدِّيسُ حزقيال، كيف سيحدث هذا: العظام اليابسة ستُكسى بالأعصاب، ثمَّ-باللَّحم، ثمَّ-بالجِّلد؛ أخيراً سيدخل روحٌ في الأجسادِ فينتصب الأمواتُ على أرجلهم ويَخرجون من القبور (انظر حزقيال37: 1-14). ولكن حسبَ رؤيا دانيال النَّبيِّ فإنَّ قيامةَ الأموات هذه سوفَ تكونُ في الأزمنة البعيدة والأخيرة، بعد كثرةٍ من الحروبِ ومختلف النَّكبات انظر دانيال12: 1-4
تكادُ مارثا، الّتي وقفت أمام يسوع في اليوم السَّلاميِّ الصَّافي، عند نهايَّةِ قريَّةٍ صغيرةٍ، في عشيَّة عيد الفصح اليهودي المنير، قد سبقت الإحساس، بأنَّه بالنِّسبة إليها قد حلَّ "يومُ الدَّينونة الأخير". كأنَّ المسيحَ في لحظة انذهالِ مارثا غيَّرَ وجهة نظرِها بخصوصِ تصوُّراتها عن "اليومِ الأخيرِ". "فقال لها يسوعُ: أنا القيامة والحياة؛ مَن آمن بيَّ، وإن ماتَ، فسيحيا. وكلُّ، مَن كانَ حيَّاً وآمَنَ بي، فلن يموتَ إلى الأبد" يوحنَّا11: 25-26
تاليَّاً، بالنِّسبة إلى استعادة الحياة البشريَّة في الجَّسد لا حاجةَ إلى أن تُنتَظَرَ نهايَّة العالم. المسيح، الّذي هوَ الألفُ والياءُ (انظر رؤيا1: 8)، يجمع حدودَ الزَّمن في النُّقطة الواحدة الّتي للإيمان. من المهمِّ لا أن نرتجيَّ فحسب، بأنَّهُ في وقتٍ ما التَّجديدُ العامُّ للعالم، لكن أن نعلمَ ونؤمنَ، بأنَّ اللهَ هو مَن يصنعهُ. وأمَّا أن يكونَ هذا في سلطان اللهِ، فهذا يعني أنَّ الرَّبَّ لديهِ الحقَّ في تخطِّي حدودَ الزَّمن ويقيمَ كلَّ، مَن ماتَ قبلَ القيامة العامَّة. "أتؤمنين بهذا؟"-يسأل الرَّبُّ مارثا فتُجيبُهُ هي: "نعم يا سيِّدُ، أنا مؤمنةٌ أنَّكَ المسيحُ، ابنُ اللهِ، الآتيَّ إلى العالم" (يوحنَّا11: 26-27). بعد اعترافِ الإيمان هذا أعادَ مُخلِّصُ العالم أخاها إلى الحياة
يبدو أنَّ إتمامَ المعجزة بالنِّسبة إلى عائلة مارثا ومريم يسبقُ امتحان إيمانهما. ولكنَّ امتحان إيمانِ بالنِّسبة إلى المِحور الأعظم من تلاميذ المسيح هو أعظمُ بكثيرٍ، بالنِّسبة إلى الرُّسُل وإلى الجَّميعِ، الّذين قد عاينوا الرَّبَّ بالجَّسد، في الحين الّذي ابتدأت آلامهُ فيهِ
يصعبُ بالنِّسبة لنا أن نتصوَّرَ ما الّذي عاشَهُ التَّلاميذُ، في الحين الّذي صُلِبَ فيهِ الرَّبُّ على الصَّليب. بحسب تصوُّراتِ العهد القديم، بعدَ تملُّكهِ، فإنَّ الماسيا لا يمكنه أن يهلكَ مطلقاً. إنَّ ابنَ البشرِ في آخرِ الأزمنة سوف يقوم باستعادة المُلك، الّذي لن تكون لهُ نهايَّةٌ. "سُلطانُهُ سُلطانٌ أبديٌّ، لن يزولَ، وملكوتَهُ ما لا ينقرض" (دانيال7: 14؛ 7: 27؛ 2: 44)، -يكتب النَّبيُّ دانيال. حين أقامَ لعازر، أشار المسيح بوضوحٍ، بأنَّ معجزته تقودُ "إلى مجد اللهِ" يوحنَّا11: 4، 40
عند دخولِ الرَّبِّ الظَّافر إلى أورشليم فإنَّهُ قد استُقبِلَ بصفته الملك الموعود بهِ (انظر يوحنَّا12: 13). ولكنَّهُ قد صُلِبَ، وفي يومِ السَّبتِ العظيمِ وُضِعَ الإيمانُ البشريُّ تحت الامتحان. دون أن ينتظرَ جواباً من النَّاسِ، فإنَّه هو ذاتهُ قد قام من بين الأمواتِ وأظهرَ نفسهُ للعالم، في اليومِ الثَّالث
أيُّها الإخوة والأخوات الأعزَّاءُ، إنَّنا اليوم لا نُكرِّمُ ببساطةٍ معجزةً من معجزاتِ المسيح. إنَّنا وإيَّاكم جزءٌ واستمرارٌ للرِّوايَّة الإنجيليَّة. بإقامته لعازر، أظهر لنا المسيح، بأنَّهُ سوف تتحقَّقُ النُّبوءات حول قيامة الموتى. وإذ أتِمَّ قيامتهُ، فهو قد أكَّد لنا، أنَّهُ سيأتي مجدَّداً إلى العالم في مجد الآبِ. وأمَّا بطرحهِ السُّؤالَ على مارثا شخصيَّاً "أتؤمنين بهذا؟"، فإنَّهُ يقوم بامتحان إيمانِ كلِّ واحدٍ منَّا. هل أنَّنا نحن أيضاً سنعترفُ، بأنَّهُ هوَ "المسيح ابن اللهِ، الآتي إلى العالم"؟ إن كان جوابنا نعم، فهذا يعني أنَّهُ بالنِّسبة لنا هو "القيامة والحياة". إن كان جوابنا لا، فهذا يعني أنَّنا سنكون في عداد أولئك الّذين يرغبون بأن يمحوا حتَّى ذِكرَ لعازرَ انظر يوحنَّا12: 10
دعونا لا ننتظر نهايَّة الأزمنة، لكن أن نؤمنَ، بأنَّ "كلَّ، مَن كان حيَّاً وآمنَ بي (أنا المسيح)، فلن يموتَ إلى الأبد" يوحنَّا11: 26
إنَّ الإيمانَ بالمسيح-ابنَ اللهِ يمنحنا الرَّجاءَ بالحياة، الإيمانُ بالمسيحِ يُنَجِّينا من الدَّينونة، الإيمان بالمسيح يجعلنا شركاءَ مجدِ اللهِ (انظر يوحنَّا11: 40
الكاهن المتوحِّد إيريناوُس (پيكوفسكي) الرُّوسي
ترجمة الأخ: ڤيكتور دره
على الأقلِّ ثلاثة مرَّاتٍ قد أظهرَ المسيحُ لتلاميذهِ معجزة القيامة من بين الأموات. إنَّهُ قد أقامَ ابنَ أرملة نايين، الّذي مع هذا يبقى اسمه مجهولاً. إنَّهُ قد أقامَ ابنةَ يايرُس-رئيسِ المجمع في كفرناحوم. وفي النِّهايَّة، إنَّهُ قد أقامَ لعازر من بيت عنيا، الّذي أحبَّهُ والّذي يدعوهُ حبيبَهُ انظر يوحنَّا11: 3، 11
مقارنةً ببطل المثل عن الغني ولعازر المسكين الّذي يحمل الاسم ذاته، فإنَّ لعازر الصِّدِّيق من بيت عنيا هو إنسانٌ واقعيٌّ وإنَّه مع ذلك ليسَ فقيراً أبداً. إن أخذنا بعين الاعتبار هذا، أنَّه كان لديهِ خدمٌ (انظر يوحنَّا11: 3)، وأنَّ أُختَهُ تُدهنُ رِجليْ المُخلِّص بطيبٍ جزيل الثَّمن (انظر يوحنَّا12: 3)، وأنَّهُ من بعدِ موتهِ وُضِعَ في مقبرةٍ منفصلةٍ وناح عليهِ يهودٌ كثيرون (انظر يوحنَّا11: 31، 33)، فإنَّ لعازر هو على الأرجح إنسانٌ غنيٌّ ومشهورٌ. إنَّهُ يعيشُ على بضعةِ كيلومتراتٍ فقط من أورشليم. والمسيحُ قد تغدَّى عدَّةَ مرَّاتٍ في بيتِ لعازر مع كثيرين من تلاميذهِ (انظر لوقا10: 38-41؛ يوحنَّا الإصحاح الحادي عشر). لا أحَّدَ يشكُّ، بأنَّ يسوعَ سوفَ يساعد صديقَهُ، إذا ما لعازرُ قد مرضَ فجأةً (انظر: يوحنَّا11: 21). ولكنَّه قد حصلَ أن رفضَ المسيحُ بأن يتصرَّفَ هكذا. لقد ماتَ لعازر وقضى ثلاثةَ أيَّامٍ كاملةٍ في القبر. وفي اليومِ الرَّابعِ بعد موتِهِ أتى إليهِ يسوعُ
تؤكِّدُ لنا القراءة الإنجيليَّة اليومَ، بأنَّ موتَ لعازرَ حقيقيٌّ. لقد انتنَّ جسدهُ، وتنبثُّ منه بعدُ رائحةٌ رديئةٌ. ولكنَّ هذا الإنجيل ذاته يشهد، بأنَّ قيامة لعازر حقيقيَّةٌ أيضاً. إنَّ الرَّسولَ يوحنَّا اللَّاهوتيَّ، الّذي هو شاهد عيانٍ لهذا الحدث، يصف بالتَّفصيل كيف حصلت هي
ذهبَ يسوعُ إلى القبرِ، وانتظر إلى أن يأتيَّ ذوو وأصدقاءُ الرَّاقد. رغمَ اعتراضات مَن حولهِ، فإنَّه أمرَ بأن يدحرجوا الحجر عن بابِ مغارة القبر. بعد صلاتهِ خرجَ الميِّت من المقبرة بيدين ورِجلين ملفوفتين بلفائف الدَّفنِ. وعندَ هذا فإنَّ اللَّفائف تعيقهُ عن السَّير. أمَّا وجهه فقد لُفَّ بمنديلِ الدَّفنِ. انظر يوحنَّا11: 44
ولكي يُؤكِّد للقارئ بأنَّ إقامةَ لعازر ليست هلوسةً جماعيَّةً، فإنَّ يوحنَّا الإنجيليِّ كتبَ، بأنَّهُ بعدَ وقتٍ معيَّنٍ تغدَّى يسوعُ في بيتِ لعازر القائم. عاينه اليهودُ الآخرون أيضاً. إنَّ الإنجيليَّ ذاته قد كتب، بأنَّ السَّنهدريم قرَّرَ بأن يقتلوا لعازر، "لأنَّ كثيرين من اليهود كانوا بسببهِ يغادرونهم فيؤمنون بيسوعَ (يوحنَّا12: 11). يرجح جدَّاً أن يكون الإنجيليين الأوائل لهذا السَّبب بالذَّات قد صمتوا عن إقامة لعازر. فإلى الحدِّ الّذي فيهِ قد انتشرت الكرازة الأولى عن قيامة المسيح على نطاقٍ واسعٍ في أورشليم، فإنَّ الرُّسل حاولوا إخفاءَ اسمِ لعازر، لأنَّهم يخشون، أنَّه هو لن يتجنَّبَ الموتَ على يدِ رؤساء الكهنة
حسبَ شهادة القِدِّيس أپيفانيوس القبرصي، فإنَّ لعازر ذهبَ إلى قبرصَ، وصارَ أسقفاً هناك وعاشَ مدَّة ثلاثين سنةً بعد قيامته، ماتَ في سنِّ الشَّيخوخة ودُفِنَ في كيتيا. هناك بالذَّات خلال القرن التَّاسع الميلادي قد عُثرَ على تابوتٍ حجريٍّ مع رفاتهِ، الّذي توجد كتابةٌ عليهِ: لعازر الرُّباعيَّ الأيَّام، حبيب المسيح
إنَّ السِّمة الخاصَّة بمعجزة إقامة لعازر هي، أنَّهُ هو قد عادَ من "المكان الّذي ما عاد أحَّدٌ منهُ". إن كان قد قامَ في يومِ موتهِ، لكان من الممكن أن يُحسبَ موته أنَّه نومٌ. إن كان قد قامَ خلال الأيَّام الثَّلاثة، لأمكن أن يُقالَ بأنَّ نفسَهُ قد عادت إلى الجَّسد بعد أن ارتحالٍ سطحيٍّ في الأرض. ولكنَّهُ بعدَ أن تمضيَّ الأيَّام الثَّلاثة، فإنَّ نفسَ الرَّاقد، حسبَ تقليد القِدَم، ينبغي أن تصعدَ للدَّينونة أمام الله. فلهذا في اليَوم الرَّابع يكون مصير النَّفسِ كلِّيَّاً بين يديْ اللهِ. تاليَّاً، الله وحده بإمكانه أن يُعيدَ النَّفسَ إلى الجَّسد. والمسيح قد فعلها بسلطانه الذَّاتيِّ. إنَّهُ يقول للعازر "هلُّمَ اخرج خارجاً" عن مغارة القبر ولعازر قد خرج انظر يوحنَّا11: 43
لكن من قبل أن يُظهرَ للبشريَّة سلطانه على الحياة والموت، فإنَّ الرَّبَّ يفحصُ، إن كان النَّاسُ المقرَّبون لهُ قادرين على أن يؤمنوا بهذه المعجزة. إنَّ هذا يتبيَّن من الحديث الغامض الّذي يدور بين مارثا ويسوع
قبل المعجزة مباشرةً استقبلت مارثا الرَّبَّ وتبكي: "...لو كنتَ ههنا، لما ماتَ أخي". وكأنَّ بيسوعَ يقومُ بتعزيَّتها: "...سيقومُ أخوكِ". بصفتها يهوديَّةٌ مؤمنةٌ تقليديَّةٌ، فإنَّ مارثا تجيب: "...أعلم أنَّهُ سيقوم في القيامة في اليوم الأخيرِ" يوحنَّا11: 21-24
تُلمِّح كلماتُها إلى النُّبوءة الّتي من سِفرِ أيُّوبَ: "أمَّا أنا فقد علمتُ أنَّ ولييَّ حيٌّ وأنَّ الآخرَ على الأرضِ يقومُ وبعد أن يفنى جسدي هذا وبدون جسدي أرى اللهَ" (أيُّوب19: 25-26). يُخبِّرُ النَّبيُّ إشعياء أنَّ "الجُّثث الميِّتة تقوم" (إشعيا26: 19). فيما يُسَلِّمُ النَّبيُّ القِدِّيسُ حزقيال، كيف سيحدث هذا: العظام اليابسة ستُكسى بالأعصاب، ثمَّ-باللَّحم، ثمَّ-بالجِّلد؛ أخيراً سيدخل روحٌ في الأجسادِ فينتصب الأمواتُ على أرجلهم ويَخرجون من القبور (انظر حزقيال37: 1-14). ولكن حسبَ رؤيا دانيال النَّبيِّ فإنَّ قيامةَ الأموات هذه سوفَ تكونُ في الأزمنة البعيدة والأخيرة، بعد كثرةٍ من الحروبِ ومختلف النَّكبات انظر دانيال12: 1-4
تكادُ مارثا، الّتي وقفت أمام يسوع في اليوم السَّلاميِّ الصَّافي، عند نهايَّةِ قريَّةٍ صغيرةٍ، في عشيَّة عيد الفصح اليهودي المنير، قد سبقت الإحساس، بأنَّه بالنِّسبة إليها قد حلَّ "يومُ الدَّينونة الأخير". كأنَّ المسيحَ في لحظة انذهالِ مارثا غيَّرَ وجهة نظرِها بخصوصِ تصوُّراتها عن "اليومِ الأخيرِ". "فقال لها يسوعُ: أنا القيامة والحياة؛ مَن آمن بيَّ، وإن ماتَ، فسيحيا. وكلُّ، مَن كانَ حيَّاً وآمَنَ بي، فلن يموتَ إلى الأبد" يوحنَّا11: 25-26
تاليَّاً، بالنِّسبة إلى استعادة الحياة البشريَّة في الجَّسد لا حاجةَ إلى أن تُنتَظَرَ نهايَّة العالم. المسيح، الّذي هوَ الألفُ والياءُ (انظر رؤيا1: 8)، يجمع حدودَ الزَّمن في النُّقطة الواحدة الّتي للإيمان. من المهمِّ لا أن نرتجيَّ فحسب، بأنَّهُ في وقتٍ ما التَّجديدُ العامُّ للعالم، لكن أن نعلمَ ونؤمنَ، بأنَّ اللهَ هو مَن يصنعهُ. وأمَّا أن يكونَ هذا في سلطان اللهِ، فهذا يعني أنَّ الرَّبَّ لديهِ الحقَّ في تخطِّي حدودَ الزَّمن ويقيمَ كلَّ، مَن ماتَ قبلَ القيامة العامَّة. "أتؤمنين بهذا؟"-يسأل الرَّبُّ مارثا فتُجيبُهُ هي: "نعم يا سيِّدُ، أنا مؤمنةٌ أنَّكَ المسيحُ، ابنُ اللهِ، الآتيَّ إلى العالم" (يوحنَّا11: 26-27). بعد اعترافِ الإيمان هذا أعادَ مُخلِّصُ العالم أخاها إلى الحياة
يبدو أنَّ إتمامَ المعجزة بالنِّسبة إلى عائلة مارثا ومريم يسبقُ امتحان إيمانهما. ولكنَّ امتحان إيمانِ بالنِّسبة إلى المِحور الأعظم من تلاميذ المسيح هو أعظمُ بكثيرٍ، بالنِّسبة إلى الرُّسُل وإلى الجَّميعِ، الّذين قد عاينوا الرَّبَّ بالجَّسد، في الحين الّذي ابتدأت آلامهُ فيهِ
يصعبُ بالنِّسبة لنا أن نتصوَّرَ ما الّذي عاشَهُ التَّلاميذُ، في الحين الّذي صُلِبَ فيهِ الرَّبُّ على الصَّليب. بحسب تصوُّراتِ العهد القديم، بعدَ تملُّكهِ، فإنَّ الماسيا لا يمكنه أن يهلكَ مطلقاً. إنَّ ابنَ البشرِ في آخرِ الأزمنة سوف يقوم باستعادة المُلك، الّذي لن تكون لهُ نهايَّةٌ. "سُلطانُهُ سُلطانٌ أبديٌّ، لن يزولَ، وملكوتَهُ ما لا ينقرض" (دانيال7: 14؛ 7: 27؛ 2: 44)، -يكتب النَّبيُّ دانيال. حين أقامَ لعازر، أشار المسيح بوضوحٍ، بأنَّ معجزته تقودُ "إلى مجد اللهِ" يوحنَّا11: 4، 40
عند دخولِ الرَّبِّ الظَّافر إلى أورشليم فإنَّهُ قد استُقبِلَ بصفته الملك الموعود بهِ (انظر يوحنَّا12: 13). ولكنَّهُ قد صُلِبَ، وفي يومِ السَّبتِ العظيمِ وُضِعَ الإيمانُ البشريُّ تحت الامتحان. دون أن ينتظرَ جواباً من النَّاسِ، فإنَّه هو ذاتهُ قد قام من بين الأمواتِ وأظهرَ نفسهُ للعالم، في اليومِ الثَّالث
أيُّها الإخوة والأخوات الأعزَّاءُ، إنَّنا اليوم لا نُكرِّمُ ببساطةٍ معجزةً من معجزاتِ المسيح. إنَّنا وإيَّاكم جزءٌ واستمرارٌ للرِّوايَّة الإنجيليَّة. بإقامته لعازر، أظهر لنا المسيح، بأنَّهُ سوف تتحقَّقُ النُّبوءات حول قيامة الموتى. وإذ أتِمَّ قيامتهُ، فهو قد أكَّد لنا، أنَّهُ سيأتي مجدَّداً إلى العالم في مجد الآبِ. وأمَّا بطرحهِ السُّؤالَ على مارثا شخصيَّاً "أتؤمنين بهذا؟"، فإنَّهُ يقوم بامتحان إيمانِ كلِّ واحدٍ منَّا. هل أنَّنا نحن أيضاً سنعترفُ، بأنَّهُ هوَ "المسيح ابن اللهِ، الآتي إلى العالم"؟ إن كان جوابنا نعم، فهذا يعني أنَّهُ بالنِّسبة لنا هو "القيامة والحياة". إن كان جوابنا لا، فهذا يعني أنَّنا سنكون في عداد أولئك الّذين يرغبون بأن يمحوا حتَّى ذِكرَ لعازرَ انظر يوحنَّا12: 10
دعونا لا ننتظر نهايَّة الأزمنة، لكن أن نؤمنَ، بأنَّ "كلَّ، مَن كان حيَّاً وآمنَ بي (أنا المسيح)، فلن يموتَ إلى الأبد" يوحنَّا11: 26
إنَّ الإيمانَ بالمسيح-ابنَ اللهِ يمنحنا الرَّجاءَ بالحياة، الإيمانُ بالمسيحِ يُنَجِّينا من الدَّينونة، الإيمان بالمسيح يجعلنا شركاءَ مجدِ اللهِ (انظر يوحنَّا11: 40
الكاهن المتوحِّد إيريناوُس (پيكوفسكي) الرُّوسي
ترجمة الأخ: ڤيكتور دره
تأملات في عيد القيامه القادم في زمن الكورونا
لقد فوجئت عندما سمعت لأول مرة أن كنيستنا الأرثوذكسية قررت إغلاق جميع الخدمات لنهايه الصوم الكبير. لقد فوجئت أكثر عندما علمت أنه سيتم إغلاق جميع الكنائس الأرثوذكسية في الولايات المتحدة بأمر من رئيس أساقفتنا. بعد ذلك بوقت قصير ، فوجئت أكثر عندما وجدت أن الكثير من الكنائس الأرثوذكسية في جميع أنحاء العالم فعلت الشيء نفسه
حاولت أن ابحث في التاريخ هل حدث ذلك من قبل؟متى كانت آخر مرة حدث هذا؟ هل أغلقت الكنيسة الأرثوذكسية خدماتها طوال موسم الصوم بأكمله؟ اتضح لي أن هذا حدث أثناء وباء الطاعون الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين عامي ١٣٤٧ و ١٣٥٢ وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة
كانت ردة فعلي الأولى أن هذا كان هراء و غير منطقي. أننا قمنا بالفعل بإلغاء قيامة المسيح خوفًا من فيروس ؛ أننا كنا نتعامل مع شركتنا في موت المسيح وقيامته كشيء اختياري ، شيء نفعله عندما تكون الأمور سلمية وآمنة. لا يسعني إلا أن أفكر في أن هذا كان نفاقًا ، لأننا نعتبر المرض الروحي أسوأ من المرض الجسدي. أغلقت أبواب الكنائس خلال الصوم الكبير؟ لقد فقدنا عقولنا؟
الكنيسة الأرثوذكسية تتطلب تجمعا حقيقيا. الكنائس التي تتمحور حول الإفخارستيّا تفهم ذلك جيدًا. لا يستطيع الناس استقبال القربان المقدس عبر البث المباشر. التجمع الفعلي مطلوب ". التجمع مطلوب لأن العناصر الإفخارستية حقيقية - هي في الواقع جسد ودم المسيح. إنهم ليسوا مجرد رموز إيمان . القربان المقدس ، كما هو الحال مع جميع الأسرار ، هو حدث يتطلب مشاركة جسدية من قبل المؤمن. هذا النوع من اللاهوت يحمي الإيمان من الغنوصية والفلسفات الأخرى التي ستحاول أن تحل محل الجسد باعتباره غير ضروري ، وتقليل الإيمان إلى قائمة من التمارين العقلية التي تلبي احتياجات الأذكياء والمتعلمين
في البداية كنت قلقًا من أن إلغاء خدمات الصوم ومشاركة الكنيسة في الإفخارستيّا و إن فكرة أن الإيمان القديم سوف ينهاران بطريقة أو بأخرى بسبب جائحة هي فكرة هزلية. ألم يقل السيد المسيح ، وأبواب الجحيم لن تسود عليها
بعد أسابيع قليلة من التفكير والمناقشة اتضح الوضع بأكمله
إن قرار إلغاء خدمات الصوم في وجه الجمهور سيحقق شيئين على الأقل: من الواضح أنه سينقذ الكثير من الأرواح ، ولكنه قد يساعد أيضًا في حماية المؤمنين من إغراء وضع ثقتهم في إيمانهم ، بدلاً من السعي بتواضع إلى الله ورحمته. سيعمل على منح توجه جديد للعديد من المؤمنين الذين تعلموا أن يأخذوا الخدمات الإلهية والإفخارستيا أمرا مفروغا منه ، كما لو كان هناك دائما عندما نريد ذلك. أتحدث عن نفسي ، لا أتذكر الوقت الذي رغبت فيه بالتواصل أكثر في حياتي
هذا وقت المنفى في الواقع ، نحن لسنا الجيل الأول ، وربما ليس الأخير ، الذي سيعيش المنفى من الكأس. ربما هذا "المنفى" هو بالضبط ما يحتاجه الكثير منا في هذا الوقت. قد يكون المنفى مؤلمًا ، ولكن يبدو أنه عمل للأفضل في مناسبات عديدة للرسل والقديسين
وأخيرًا أدهشني إدراك أن هذا الحدث في الواقع مشهد مألوف عند مقارنته بأول باشا. بدأ حدث عيد الفصح الأصلي المسجل في سفر الخروج (من الكلمة العبرية لـ "عيد الفصح - بيساك") ، بإرشاد الله لشعبه إلى الأنتظار في منازلهم بينما ضرب الطاعون مصر. لتجنب الطاعون كان على العبرانيين أن يعزلوا عن بعضهم البعض في منازلهم ، وحدهم دون القدرة على التجمع. و العمل على تثبيت إيمانهم بالخوف والرعشة. مع وضع هذا في الاعتبار ، توقفت عن التفكير من أن فكرة قضاء هذا الباشا في عزلة هو هجوم على الإيمان لاني وجت الراحة في التفكير أنه ربما يكون عودة إلى جذور الإيمان نفسه.
حاولت أن ابحث في التاريخ هل حدث ذلك من قبل؟متى كانت آخر مرة حدث هذا؟ هل أغلقت الكنيسة الأرثوذكسية خدماتها طوال موسم الصوم بأكمله؟ اتضح لي أن هذا حدث أثناء وباء الطاعون الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين عامي ١٣٤٧ و ١٣٥٢ وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة
كانت ردة فعلي الأولى أن هذا كان هراء و غير منطقي. أننا قمنا بالفعل بإلغاء قيامة المسيح خوفًا من فيروس ؛ أننا كنا نتعامل مع شركتنا في موت المسيح وقيامته كشيء اختياري ، شيء نفعله عندما تكون الأمور سلمية وآمنة. لا يسعني إلا أن أفكر في أن هذا كان نفاقًا ، لأننا نعتبر المرض الروحي أسوأ من المرض الجسدي. أغلقت أبواب الكنائس خلال الصوم الكبير؟ لقد فقدنا عقولنا؟
الكنيسة الأرثوذكسية تتطلب تجمعا حقيقيا. الكنائس التي تتمحور حول الإفخارستيّا تفهم ذلك جيدًا. لا يستطيع الناس استقبال القربان المقدس عبر البث المباشر. التجمع الفعلي مطلوب ". التجمع مطلوب لأن العناصر الإفخارستية حقيقية - هي في الواقع جسد ودم المسيح. إنهم ليسوا مجرد رموز إيمان . القربان المقدس ، كما هو الحال مع جميع الأسرار ، هو حدث يتطلب مشاركة جسدية من قبل المؤمن. هذا النوع من اللاهوت يحمي الإيمان من الغنوصية والفلسفات الأخرى التي ستحاول أن تحل محل الجسد باعتباره غير ضروري ، وتقليل الإيمان إلى قائمة من التمارين العقلية التي تلبي احتياجات الأذكياء والمتعلمين
في البداية كنت قلقًا من أن إلغاء خدمات الصوم ومشاركة الكنيسة في الإفخارستيّا و إن فكرة أن الإيمان القديم سوف ينهاران بطريقة أو بأخرى بسبب جائحة هي فكرة هزلية. ألم يقل السيد المسيح ، وأبواب الجحيم لن تسود عليها
بعد أسابيع قليلة من التفكير والمناقشة اتضح الوضع بأكمله
إن قرار إلغاء خدمات الصوم في وجه الجمهور سيحقق شيئين على الأقل: من الواضح أنه سينقذ الكثير من الأرواح ، ولكنه قد يساعد أيضًا في حماية المؤمنين من إغراء وضع ثقتهم في إيمانهم ، بدلاً من السعي بتواضع إلى الله ورحمته. سيعمل على منح توجه جديد للعديد من المؤمنين الذين تعلموا أن يأخذوا الخدمات الإلهية والإفخارستيا أمرا مفروغا منه ، كما لو كان هناك دائما عندما نريد ذلك. أتحدث عن نفسي ، لا أتذكر الوقت الذي رغبت فيه بالتواصل أكثر في حياتي
هذا وقت المنفى في الواقع ، نحن لسنا الجيل الأول ، وربما ليس الأخير ، الذي سيعيش المنفى من الكأس. ربما هذا "المنفى" هو بالضبط ما يحتاجه الكثير منا في هذا الوقت. قد يكون المنفى مؤلمًا ، ولكن يبدو أنه عمل للأفضل في مناسبات عديدة للرسل والقديسين
وأخيرًا أدهشني إدراك أن هذا الحدث في الواقع مشهد مألوف عند مقارنته بأول باشا. بدأ حدث عيد الفصح الأصلي المسجل في سفر الخروج (من الكلمة العبرية لـ "عيد الفصح - بيساك") ، بإرشاد الله لشعبه إلى الأنتظار في منازلهم بينما ضرب الطاعون مصر. لتجنب الطاعون كان على العبرانيين أن يعزلوا عن بعضهم البعض في منازلهم ، وحدهم دون القدرة على التجمع. و العمل على تثبيت إيمانهم بالخوف والرعشة. مع وضع هذا في الاعتبار ، توقفت عن التفكير من أن فكرة قضاء هذا الباشا في عزلة هو هجوم على الإيمان لاني وجت الراحة في التفكير أنه ربما يكون عودة إلى جذور الإيمان نفسه.
لا تخافوا .... أنا معكم
لا تخافوا .... أنا معكم
صادقة هي الكلمة، ومستحقة منا كل استماع وانتباه وقبول ووعي، وكيف لا تكون صادقة وقائلها والناطق بها هو معلمنا ومخلصنا يسوع المسيح
ففي بعض جلساتنا مع ذاتنا تلك التي نقضيها في هنيهات الليل ألا يخطر في بالنا أن نتساءل بعض الأسئلة بصدق وشفافية بأنه إلى أي مدى نعمل بثقة على رجاء كلمة "أنا معكم". والى أي حد من اليقين قد وصلنا عندما تتناهى إلى أسماعنا كلمات ربنا وهو يقول:" ها أنا معكم كل الأيام والى انقضاء الدهر"
إن النموذج القائم للمجتمع المسيحي في وقتنا الحاضر اقرب ما يكون إلى الاسم فقط، فنحن قد تغربنا كثيرا، وبعدنا يزداد يوم بعد يوم ، فليس المهم الأول هو أن نرى الكنائس مليئة في أيام الآحاد والجمعة والأعياد السيّدية، فالمهم هو مستوى (الوعي) الديني الذي نمتلكه في القرن الواحد والعشرين الذي أصبحنا فيه اقرب إلى العلمانية منه إلى المسيحية والذي باتت فيه بعض الممارسات الاجتماعية تلصق بالفكر المسيحي
إن امتلاكنا للوعي وللمعرفة الدينية كفيل بان يغير نظرتنا للعديد من الأمور التي تصلنا ونحن بدورنا نوصلها لبعضنا وهي خاطئة كلياً والتي غالبا ًما تكون عن كنيستنا المقدسة
وهذا الأمر هو احد أهم الموضوعات التي يجب الابتعاد عنها ألا وهو لوم الآخر دوما وإظهار أنفسنا بالصورة الأمثل، فالعامل الأول هو نبذ مثل هذه التصرفات والانطلاق من وذاتنا كما يعلمنا يسوع الرب " أنزع الخشبة التي في عينك، لكي تستطيع أن تنزع القشة التي في عين أخيك
وواحدة أيضا من الأمور الجديدة، والدخيلة على آذاننا والتي تكثر في الآونة الأخيرة هي بعض المصطلحات المتداولة بين جيل الناشئة والشباب، كمثل (إن إيماننا المسيحي صعب جدا)- (أين هو الله ولماذا إن كان يحبني يجربني)- (إن كان الله موجودا حقا فليظهر لي لؤمن به)- (لست استطيع فعل أمر ما ولا استطيع أن اضبط نفسي عن ممارسة أمر آخر سواه). وغير هذا العديد من الشتائم والكفر والتجديف
إننا عندما نسمع هكذا كلمات وقبل أن نحزن ونغضب، أول ما يحضرنا هو كلمة – لماذا؟! وما هي العوامل التي أوصلتنا إلى هنا
والرد هو (إهمالنا، وعدم إدراكنا لأهمية مصيرنا الروحي). فبولس الرسول ومنذ القرن الأول الميلادي، كتب وكأنه حاضر في يومنا هذا ليقول لأهل رومية " لأني لست افعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه افعل، فإن كنت ما لست أريده إياه افعل فلست بعد أفعله أنا، بل الخطيئة الساكنة فيّ
إن بولس الإلهي لم يقل تلك الكلمات ليعطينا حجة تتعذر بها بل القصد والغاية منه هو أن نطهر أنفسنا من تلك الخطايا الساكنة فينا لكي نستطيع أن نتحرر وأن نعود لأصل طبيعتنا التي تريد وتفعل الصلاح, لكن ما هي الخطيئة تلك التي يتوجب علينا إخراجها واقتلاعها؟
هي ضعف الثقة والأمل المسمى باللغة الروحية الرجاء الذي هو بهذا المعنى أكبر وأعظم بالمجمل وأيضا ضعف الإيمان، الإيمان الداخلي الذي بعمقنا والذي أيضاً نترجمه بأفعالنا، والتزامنا وغيرتنا على البحث والتأكد والتقدم والاطلاع والمعرفة التي ترسخ ليس الإيمان الذي يتمثل بوشم صليب على أيدينا، وضرب شاب أزعج حياء واحدة من فتياتنا في حدود حارتنا وانتمائنا الديني. وليس الإيمان بالوقوف بعد انتهاء القداس ساعة في ساحة الكنيسة والانزعاج من طول وقت القداس الإلهي الذي أصبح لا يتجاوز الساعة، وحين نسأل تتعذر بضيق وقتنا، نعم لدينا بعد الصلاة وليس لدينا وقت لنحضرها
هذا الضعف واختلاق الأعذار سببه بعدنا وعدم معرفة الكنز الشريف الذي بحوزتنا والتراث المتروك بين أيدينا والأمانة الموضوعة في أعناقنا كحاملين للاسم المسيحي
فإن بولس الرسول الإناء الحاوي كل حكمة، بكل بساطة وعمق استطاع أن يعّرف الإيمان بقوله:"أما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى" عبر11-1
هذا النمط من الإيمان الذي نراه في العديد من آبائنا وأجدادنا الذين نعتبرهم قصصاً حية وقريبة جدا منّا، الذين منهم نتعلم الكثير ونرى حقيقة الفعل الإيماني، والإيمان الفعلي مما جرى معهم من أعاجيب نتداولها (وليس من سير مضى عليها مئات السنين) على حد تعبير البعض
وهناك في الآية أيضا نقطة هامة هي "الإيقان بأمور لا ترى" وهذا الموضوع محط نقاش وجدل كبير بوقتنا الحالي إذ يقول العديد من جيل الشباب المسمى بالعلماني بأن عصر الله قد انتهى وأنه لم تعد تجرى تلك الأعاجيب والآيات التي كنا نسمع عنها ونقرأها في الكتب المقدسة وسير القديسين، وإننا حتى نؤمن نريد أن نرى شيئاً حياً وملموساً لنتمسك به وانه إن كان يحبنا حقاً لإظهر ذاته لنا موجوداً كما فعل منذ القديم، والكثير من ألفاظ وأقوال تدق عنق الحياء، وتعبر عن إفلاس شديد وعري داخلي نحاول أن نغطيه بمثل تلك الكلمات، تلك المحاولات الفاشلة لإلصاق التهمة بالرب وتبرئة أنفسنا
وهو محتمل لنا بكل صبر وأناة، هو الذي كان منذ البدء وحتى اليوم إن نظرنا وتتبعنا بإمعان تسلسل المراحل التاريخية لنا معه نجد أننا نحن نخطئ ونتعدى ونبتعد عنه وهو يصالحنا واليه يعيدنا ويحاول ضمنا وبأحضانه يجلسنا، وفي كل مرة وكلما ازداد الحنان والعطف، كانت آثامنا تزداد وذنوبنا تتعالى
فان حالنا يشبه تعبر بولس العظيم بقوله: "حيث ازدادت الخطيئة هناك كثرة النعمة جداً
لان قولنا إن الله يتركنا، يستحق التصويب والتصحيح إذ علينا أن نقول من عمق القلب، سامحنا يا رب إذ كثيراً نحن ما تركناك وابتعدنا عنك
وان كان صحيحاً انه يهجرنا وإننا نحن المحبين فهذا يدفعنا من غيرة المحب أن نركض نحن وراءه باحثين عنه، وان نسأل وان نقرع وان نجهد لنجده، حتى عندما نجده نصرخ هاتفين: ليس المهم أين نكون لكن المهم أن نكون معك يا الله، حيث أنت كائن معنا إلى الأزل. لأننا حين نجده نعرف حق المعرفة أننا نحن الذين ابتعدنا وهو لم يتركنا وحيدين أبدا، مستقين العبرة من القديس خريستوفورس عندما قال ليسوع: (هاهو علام وقع قدمي على الأرض وأنا في الشدة وحدي ولا تبدوا بجانبها آثار قدميك فيجيبه يسوع بالحقيقة هذه ليست آثار قدميك بل آثار قدميّ أنا في شدتك حين كنت أحملك بين يدي
إن الله السيد العالم مكنونات القلوب والكلى إذ كان يعلم انه بيوم سيكون لنا شبه هذه الأسئلة رد مسبقا على لسان قديسيه مجيب بأقوال لبولس المعظم عن أناس سبقونا بالإيمان والعمل ناطقا بجواهر إلهية: "لذلك نحن أيضا إذ لنا سحابة من الشهود هذا مقدارها محيطة بنا لنطرح عنا كل ثقل ولنحاضر بالصبر..." عبر12-1
إن هؤلاء الشهود الذين هم الآباء والأنبياء والقديسين هم مدرسة لنا خاصة إننا لم نختبر مقدار حبة خردل مما شهدوا من اضطهاد وعذاب وألم وشدة، لكنهم أحبوا واحتملوا وصبروا حتى المنتهى ليعاينوا رئيس الإيمان ومكمله يسوع المسيح وليبقوا معه إلى الأبد، لنجد أنفسنا نطالب بأمور نحن بالأساس لا نقوم بها ولا نعيشها فبأي حق نفق ونجاهر السيد الخالق بها؟
وقد سبق يسوع وأجاب الذين طلبوا منه آية: "جيل فاسق شرير يطلب آية، ولن تعطى له سوى آية يونان النبي" وبكلماته للرسول توما: "لا تكون غير مؤمن ، بل مؤمن, وطوبى لمن آمن دون أن يرى
ونحن إذ نوقن أن يسوع الناصري هو مسيح الله مخلص شعبه وانه هو هو الذي قام من بين الأموات وأقام الأموات وصلب لأجلنا لا يعود علينا أن نطلب آية آو أعجوبة أو ظهور أو براهين لإن الإنسان عندما يحصل على الكل من المعيب عليه أن يطلب الأجزاء والفروع ، منصتين لبولس الكريم إذ يقول: "الله بعدما كلم الآباء والأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الوحيد" عبر1:1-2
كلمة (في هذه الأيام)، هذه الكلمة كلما قرأناها نجد كأنها تقال الآن في ذات اللحظة فهذه الكلمة منذ أن كتبت وحتى هذا اليوم تحمل ديمومة واستمرارية غير منقطعة تخاطب كل مرحلة زمنية وكل واحد منا، وبماذا ومن (في ابنه الوحيد) الذي هو الكلمة الوحيدة التي بها يبدأ كل شيء وعندها ينتهي. والتي فيها يقول الابن لا تخافوا أنا معكم دائما ولن أترككم أبدا، لأنه لو لم يكن يحبنا لما فعل وتحمل ما تحمل من اجلنا
ونحن نحني الطرف أمامه خجلين من تبريراتنا وأعذارنا وأوراق التوت التي بها نستر عيوبنا محاولين إخفاءها عنه لكي نعود ونقول قول ربي وإلهي صادق على كل حال وأننا مهما تلوّنا وحاولنا الالتفاف على الحقيقة فإننا دائماً نجد عندك الجواب الفعلي والشعوري وأيضا الكتابي الذي من خلال العيش الحقيقي يكتشف ومن إحساسنا بالأمان حين نلتجئ لك، وحين نرى أن الذين قصدوك لم يرجعوا مرة خائبين بل علمونا أن درب الرب فرح للقاصد حقاً، فهي جميلة في أولها... رائعة في منتصفها... مريحة في آخرها، وقداسة في ملئها
إن التحدث بهذه الموضوعات وطرحها بشكل واضح ومباشر وتسليط الضوء عليها بهذا النحو ليس للملامة أو التهجم أو التعبير عن نظرة متشائمة أو سوداوية لواقع المجتمع الشبابي المسيحي، إنما هذا النمط من الصراحة هو لنتنبه والاستفاقة من غفوة لا يجب أن تطول، وهي دعوة لنا نحن جيل الشباب حملة اللواء والنير الهين والخفيف الذي على عاتقنا تقع تربية جيل جديد، لنكون واعين لدورنا الأخلاقي والنفسي والروحي لنخرج ونخرج معنا الذين حولنا والمختصين بنا في محيطنا من الصدع والشرخ الذي يحتلنا وتلك الازدواجية في علاقتنا مع الله أبينا لنكون جديرين باسم (أبناء وأخوة للعمانوئيل). وهذا لا يحصل إلا عندما نستكين وبإرادتنا للاسم الإلهي واثقين بقدرته وواضعين على الرب رجاء خلاصنا الدنيوي والأبدي... آمين
شادي رزق
صادقة هي الكلمة، ومستحقة منا كل استماع وانتباه وقبول ووعي، وكيف لا تكون صادقة وقائلها والناطق بها هو معلمنا ومخلصنا يسوع المسيح
ففي بعض جلساتنا مع ذاتنا تلك التي نقضيها في هنيهات الليل ألا يخطر في بالنا أن نتساءل بعض الأسئلة بصدق وشفافية بأنه إلى أي مدى نعمل بثقة على رجاء كلمة "أنا معكم". والى أي حد من اليقين قد وصلنا عندما تتناهى إلى أسماعنا كلمات ربنا وهو يقول:" ها أنا معكم كل الأيام والى انقضاء الدهر"
إن النموذج القائم للمجتمع المسيحي في وقتنا الحاضر اقرب ما يكون إلى الاسم فقط، فنحن قد تغربنا كثيرا، وبعدنا يزداد يوم بعد يوم ، فليس المهم الأول هو أن نرى الكنائس مليئة في أيام الآحاد والجمعة والأعياد السيّدية، فالمهم هو مستوى (الوعي) الديني الذي نمتلكه في القرن الواحد والعشرين الذي أصبحنا فيه اقرب إلى العلمانية منه إلى المسيحية والذي باتت فيه بعض الممارسات الاجتماعية تلصق بالفكر المسيحي
إن امتلاكنا للوعي وللمعرفة الدينية كفيل بان يغير نظرتنا للعديد من الأمور التي تصلنا ونحن بدورنا نوصلها لبعضنا وهي خاطئة كلياً والتي غالبا ًما تكون عن كنيستنا المقدسة
وهذا الأمر هو احد أهم الموضوعات التي يجب الابتعاد عنها ألا وهو لوم الآخر دوما وإظهار أنفسنا بالصورة الأمثل، فالعامل الأول هو نبذ مثل هذه التصرفات والانطلاق من وذاتنا كما يعلمنا يسوع الرب " أنزع الخشبة التي في عينك، لكي تستطيع أن تنزع القشة التي في عين أخيك
وواحدة أيضا من الأمور الجديدة، والدخيلة على آذاننا والتي تكثر في الآونة الأخيرة هي بعض المصطلحات المتداولة بين جيل الناشئة والشباب، كمثل (إن إيماننا المسيحي صعب جدا)- (أين هو الله ولماذا إن كان يحبني يجربني)- (إن كان الله موجودا حقا فليظهر لي لؤمن به)- (لست استطيع فعل أمر ما ولا استطيع أن اضبط نفسي عن ممارسة أمر آخر سواه). وغير هذا العديد من الشتائم والكفر والتجديف
إننا عندما نسمع هكذا كلمات وقبل أن نحزن ونغضب، أول ما يحضرنا هو كلمة – لماذا؟! وما هي العوامل التي أوصلتنا إلى هنا
والرد هو (إهمالنا، وعدم إدراكنا لأهمية مصيرنا الروحي). فبولس الرسول ومنذ القرن الأول الميلادي، كتب وكأنه حاضر في يومنا هذا ليقول لأهل رومية " لأني لست افعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه افعل، فإن كنت ما لست أريده إياه افعل فلست بعد أفعله أنا، بل الخطيئة الساكنة فيّ
إن بولس الإلهي لم يقل تلك الكلمات ليعطينا حجة تتعذر بها بل القصد والغاية منه هو أن نطهر أنفسنا من تلك الخطايا الساكنة فينا لكي نستطيع أن نتحرر وأن نعود لأصل طبيعتنا التي تريد وتفعل الصلاح, لكن ما هي الخطيئة تلك التي يتوجب علينا إخراجها واقتلاعها؟
هي ضعف الثقة والأمل المسمى باللغة الروحية الرجاء الذي هو بهذا المعنى أكبر وأعظم بالمجمل وأيضا ضعف الإيمان، الإيمان الداخلي الذي بعمقنا والذي أيضاً نترجمه بأفعالنا، والتزامنا وغيرتنا على البحث والتأكد والتقدم والاطلاع والمعرفة التي ترسخ ليس الإيمان الذي يتمثل بوشم صليب على أيدينا، وضرب شاب أزعج حياء واحدة من فتياتنا في حدود حارتنا وانتمائنا الديني. وليس الإيمان بالوقوف بعد انتهاء القداس ساعة في ساحة الكنيسة والانزعاج من طول وقت القداس الإلهي الذي أصبح لا يتجاوز الساعة، وحين نسأل تتعذر بضيق وقتنا، نعم لدينا بعد الصلاة وليس لدينا وقت لنحضرها
هذا الضعف واختلاق الأعذار سببه بعدنا وعدم معرفة الكنز الشريف الذي بحوزتنا والتراث المتروك بين أيدينا والأمانة الموضوعة في أعناقنا كحاملين للاسم المسيحي
فإن بولس الرسول الإناء الحاوي كل حكمة، بكل بساطة وعمق استطاع أن يعّرف الإيمان بقوله:"أما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى" عبر11-1
هذا النمط من الإيمان الذي نراه في العديد من آبائنا وأجدادنا الذين نعتبرهم قصصاً حية وقريبة جدا منّا، الذين منهم نتعلم الكثير ونرى حقيقة الفعل الإيماني، والإيمان الفعلي مما جرى معهم من أعاجيب نتداولها (وليس من سير مضى عليها مئات السنين) على حد تعبير البعض
وهناك في الآية أيضا نقطة هامة هي "الإيقان بأمور لا ترى" وهذا الموضوع محط نقاش وجدل كبير بوقتنا الحالي إذ يقول العديد من جيل الشباب المسمى بالعلماني بأن عصر الله قد انتهى وأنه لم تعد تجرى تلك الأعاجيب والآيات التي كنا نسمع عنها ونقرأها في الكتب المقدسة وسير القديسين، وإننا حتى نؤمن نريد أن نرى شيئاً حياً وملموساً لنتمسك به وانه إن كان يحبنا حقاً لإظهر ذاته لنا موجوداً كما فعل منذ القديم، والكثير من ألفاظ وأقوال تدق عنق الحياء، وتعبر عن إفلاس شديد وعري داخلي نحاول أن نغطيه بمثل تلك الكلمات، تلك المحاولات الفاشلة لإلصاق التهمة بالرب وتبرئة أنفسنا
وهو محتمل لنا بكل صبر وأناة، هو الذي كان منذ البدء وحتى اليوم إن نظرنا وتتبعنا بإمعان تسلسل المراحل التاريخية لنا معه نجد أننا نحن نخطئ ونتعدى ونبتعد عنه وهو يصالحنا واليه يعيدنا ويحاول ضمنا وبأحضانه يجلسنا، وفي كل مرة وكلما ازداد الحنان والعطف، كانت آثامنا تزداد وذنوبنا تتعالى
فان حالنا يشبه تعبر بولس العظيم بقوله: "حيث ازدادت الخطيئة هناك كثرة النعمة جداً
لان قولنا إن الله يتركنا، يستحق التصويب والتصحيح إذ علينا أن نقول من عمق القلب، سامحنا يا رب إذ كثيراً نحن ما تركناك وابتعدنا عنك
وان كان صحيحاً انه يهجرنا وإننا نحن المحبين فهذا يدفعنا من غيرة المحب أن نركض نحن وراءه باحثين عنه، وان نسأل وان نقرع وان نجهد لنجده، حتى عندما نجده نصرخ هاتفين: ليس المهم أين نكون لكن المهم أن نكون معك يا الله، حيث أنت كائن معنا إلى الأزل. لأننا حين نجده نعرف حق المعرفة أننا نحن الذين ابتعدنا وهو لم يتركنا وحيدين أبدا، مستقين العبرة من القديس خريستوفورس عندما قال ليسوع: (هاهو علام وقع قدمي على الأرض وأنا في الشدة وحدي ولا تبدوا بجانبها آثار قدميك فيجيبه يسوع بالحقيقة هذه ليست آثار قدميك بل آثار قدميّ أنا في شدتك حين كنت أحملك بين يدي
إن الله السيد العالم مكنونات القلوب والكلى إذ كان يعلم انه بيوم سيكون لنا شبه هذه الأسئلة رد مسبقا على لسان قديسيه مجيب بأقوال لبولس المعظم عن أناس سبقونا بالإيمان والعمل ناطقا بجواهر إلهية: "لذلك نحن أيضا إذ لنا سحابة من الشهود هذا مقدارها محيطة بنا لنطرح عنا كل ثقل ولنحاضر بالصبر..." عبر12-1
إن هؤلاء الشهود الذين هم الآباء والأنبياء والقديسين هم مدرسة لنا خاصة إننا لم نختبر مقدار حبة خردل مما شهدوا من اضطهاد وعذاب وألم وشدة، لكنهم أحبوا واحتملوا وصبروا حتى المنتهى ليعاينوا رئيس الإيمان ومكمله يسوع المسيح وليبقوا معه إلى الأبد، لنجد أنفسنا نطالب بأمور نحن بالأساس لا نقوم بها ولا نعيشها فبأي حق نفق ونجاهر السيد الخالق بها؟
وقد سبق يسوع وأجاب الذين طلبوا منه آية: "جيل فاسق شرير يطلب آية، ولن تعطى له سوى آية يونان النبي" وبكلماته للرسول توما: "لا تكون غير مؤمن ، بل مؤمن, وطوبى لمن آمن دون أن يرى
ونحن إذ نوقن أن يسوع الناصري هو مسيح الله مخلص شعبه وانه هو هو الذي قام من بين الأموات وأقام الأموات وصلب لأجلنا لا يعود علينا أن نطلب آية آو أعجوبة أو ظهور أو براهين لإن الإنسان عندما يحصل على الكل من المعيب عليه أن يطلب الأجزاء والفروع ، منصتين لبولس الكريم إذ يقول: "الله بعدما كلم الآباء والأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الوحيد" عبر1:1-2
كلمة (في هذه الأيام)، هذه الكلمة كلما قرأناها نجد كأنها تقال الآن في ذات اللحظة فهذه الكلمة منذ أن كتبت وحتى هذا اليوم تحمل ديمومة واستمرارية غير منقطعة تخاطب كل مرحلة زمنية وكل واحد منا، وبماذا ومن (في ابنه الوحيد) الذي هو الكلمة الوحيدة التي بها يبدأ كل شيء وعندها ينتهي. والتي فيها يقول الابن لا تخافوا أنا معكم دائما ولن أترككم أبدا، لأنه لو لم يكن يحبنا لما فعل وتحمل ما تحمل من اجلنا
ونحن نحني الطرف أمامه خجلين من تبريراتنا وأعذارنا وأوراق التوت التي بها نستر عيوبنا محاولين إخفاءها عنه لكي نعود ونقول قول ربي وإلهي صادق على كل حال وأننا مهما تلوّنا وحاولنا الالتفاف على الحقيقة فإننا دائماً نجد عندك الجواب الفعلي والشعوري وأيضا الكتابي الذي من خلال العيش الحقيقي يكتشف ومن إحساسنا بالأمان حين نلتجئ لك، وحين نرى أن الذين قصدوك لم يرجعوا مرة خائبين بل علمونا أن درب الرب فرح للقاصد حقاً، فهي جميلة في أولها... رائعة في منتصفها... مريحة في آخرها، وقداسة في ملئها
إن التحدث بهذه الموضوعات وطرحها بشكل واضح ومباشر وتسليط الضوء عليها بهذا النحو ليس للملامة أو التهجم أو التعبير عن نظرة متشائمة أو سوداوية لواقع المجتمع الشبابي المسيحي، إنما هذا النمط من الصراحة هو لنتنبه والاستفاقة من غفوة لا يجب أن تطول، وهي دعوة لنا نحن جيل الشباب حملة اللواء والنير الهين والخفيف الذي على عاتقنا تقع تربية جيل جديد، لنكون واعين لدورنا الأخلاقي والنفسي والروحي لنخرج ونخرج معنا الذين حولنا والمختصين بنا في محيطنا من الصدع والشرخ الذي يحتلنا وتلك الازدواجية في علاقتنا مع الله أبينا لنكون جديرين باسم (أبناء وأخوة للعمانوئيل). وهذا لا يحصل إلا عندما نستكين وبإرادتنا للاسم الإلهي واثقين بقدرته وواضعين على الرب رجاء خلاصنا الدنيوي والأبدي... آمين
شادي رزق
مقال في الأحَّد قبل عيد ميلاد المسيح
اليوم هو الأحَّد الأخير قبل ميلاد المسيح. إنَّ الكنيسة الأرثوذكسيَّة المقدَّسة تهيِّئنا منذ مدَّة طويلةٍ للعيد العظيم. إنَّها قد رتَّبت صومَ أربعينَ يوماً قبله، حتَّى نُطَهِّرَ أجسادَنا ونفوسَنا ونستقبلَ باستحقاقٍ، اليومَ الّذي نكرِّمُ فيهِ باستحقاقٍ ميلادَ ملكِ الملوك. إنَّنا نسمع منذ زمنٍ النَّشائد الكنسيَّة أيضاً: "المسيح وُلِدَ، فمجِّدوهُ؛ المسيح أتى من السَّماواتِ فاستقبلوه!" إنَّ أعياد ميلاد الأمراء والملوك هي أعيادٌ وطنيَّةٌ بالنِّسبة إلى الدُّوَلِ، الّتي يحكمها هؤلاء. أمَّا عيد ميلاد المسيح الملك السَّماويِّ فهو العيد الأكثر بهجةً ليسَ فقط بالنِّسبة للمسيحيين، ولكن بالنِّسبة لجميع الخاضعين لهُ، بالنِّسبة إلى جميعِ النَّاسِ على الأرض
إنَّ المقطعَ الإنجيليَّ، الّذي يُقرَأُ في القدَّاس الإلهيِّ اليوم، قد أُخِذَ من الإنجيل بحسب متَّى ويتضَمَّن الآيات الخمسة والعشرين الأولى من الإصحاح الأوَّل. إنَّه يُعدِّد أسماءً كثيرةً لأناسٍ، عاش في زمن العهد القديم. إنَّ هؤلاء هم أجداد يسوع المسيح بالجَّسد. إنَّ الإنجيل يُعدِّدهم، ليؤكِّدَ، على أنَّ المُخلِّصَ يقتبل جسداً بشريَّاً ويُصبِح مشاركاً للبشريَّة في الطَّبيعة. يبدأ الإنجيليُّ متَّى نسله من إبراهيمَ، لأنَّه يكتب للعبرانيين، الّذين ينحدرون بنسلهم من جدِّهم إبراهيم. فيما يصل النَّسل المرادف لهُ في لوقا الإصحاح الثَّالث حتَّى آدم والله، لأنَّ الأخير يكتب للوثنيين، الّذين، رغم كونهم قد سقطوا في الضَّلال، إلَّا أنَّهم بنين وبنات الله أيضاً. إنَّ الفحوصات الجِّينيَّة، الّتي أُجريَّت خلال العقود الأخيرة، تُثبتُ كذلك أيضاً، بأنَّ جميعَ النَّاس قد انحدروا من أصلٍ واحدٍ. إنَّ شجرة العائلة للبشريَّة قد ازدهرت في شخصيَّة يسوع المسيح بالذَّات
ينبغي أن يُعتَرَفَ، بأنَّ القراءة الإنجيليَّة اليوم ليست هي تلك القراءة الممتع قراءتها واستيعابها. "آسا ولد يوشافاطَ؛ ويوشافاطُ ولدَ آحاز؛ وآحاز ولد حزقيا..." إنَّ وقعَ المقطعِ يدوي كنغمة أحاديَّة كنوطةٍ موسيقيَّةٍ متكرِّرةٍ بما لا نهايَّة. ولكنَّ هذا الانطباع خدَّاعٌ. إنَّ في هذه السُّلالة العبريَّة النَّاشفة ظاهريَّاً ثمَّة رسالةٌ متضمِّنةٌ فيها، الّتي تؤدِّي إلى المعنى الحقيقي وفرح ميلاد المسيح. إنَّ مفتاحَ هذه الرِّسالة هنَّ النِّساء. نعم، ليسَ هنالك من خطأٍ-النِّساء! فإنَّه في المعتاد لا تتضَمَّن الأنسال العبريَّة نساءً، لأنَّها تعترف بالميراث فقط من جهة الرَّجل. ولكن هنا بين أجداد المسيح قد ذُكِرت خمسة نساء: ثامار (الآيَّة3)، ورحاب (الآيَّة5)، وراعوث (الآيَّة5)، والّتي لأوريَّا (الآيَّة6)، ومريم العذراء
ما الّذي نعرفه عن هؤلاء النِّساء؟ إنَّ ثامارَ كانت كنَّةَ يهوذا-أحَّد أبناء يعقوب الاثني عشر، "بطاركة" إسرائيل. إنَّ يهوذا يقوم بتزويجها على التَّوالي من ابنه الأوَّل عير ثمَّ من ابنه الثَّاني عنان، ولكنَّ الرَّبَّ قد أماتهم من أجل طلاحهم، من قبل أن تولد ثامار. حينئذٍ قدَّمها يهوذا لابنه الثَّالث الّذي هو شابٌّ صغيرٌ في السِّنِّ للغايَّة. لذلك فإنَّها تحجَّبت مثل عاهرةٍ من عهارى ذاك الزَّمان ونامت مع حميها، الّذي لم يتعرَّف عليها. إنَّ يسوع ينحدر من فارص-أحَّدَ التَّوأمين، الّتي ولدتهما ثامارُ تكوين38
إنَّ رحاب هي زانيَّةٌ، الّتي عاشت في أريحا. حينما أرسل يشوع بن نون، قائد العبرانيين بعد مصرع موسى، جواسيس إلى المدينة، فإنَّ هذه قد آوتهم عندها وساعدتهم في الهروب من أعلى السَّطح. من أجل هذا التَّصرُّف الجَّريء ترحَّم يشوع عليها وعلى جميع أهل بيتها، حينما استولى على أريحا. إنَّ يسوعَ هو سليلٌ بعيدٌ لبوعز (أو بوعاز)، الّذي ولدته هذه من شلمون (يشوع بن نون الإصحاح الثَّاني)
إنَّ راعوثَ حتَّى أنَّها ليست عبرانيَّة، وإنَّما غريبةٌ من أرض موآب. إنَّها قد أُزوِجَت من أحَّدِ أبناءِ الزَّوجَين أليمالك ونعمين. حينما مات رجلها، قرَّرت راعوث البقاءَ مع حماتها، وليس العودة إلى أرضها، حيث تقول: "حيثما ذهبتِ أذهب، وحيثما بِتِّ أبيتُ؛ شعبكِ شعبي وإلهكِ-إلهي. حيثما مُتِّ أموتُ وهناك أندفن هكذا يصنع بي الرّبُّ وهكذا يزيد؛ إنَّما الموت يفصل بيني وبينكِ" (راعوث1: 16-17). وإنَّها في النِّهايَّة قد تزوَّجت من بوعز، ابن شلمون ورحاب. إنَّ يسوع ينحدر من ابنهما عوبديا، الّذي هو جدُّ داود الملك
ويُقصَدُ بـ "الّتي لأوريَّا" بيرشبع (بالعبريَّة بيتشبع). ذات مساءٍ رآها داود من نافذة بيتهِ وهي تستحمُّ، فأُغرِمَ بها ونامَ معها. إنَّه قد أرسلَ أوريَّا زوجَها إلى أرض المعركة، ليُقتلَ هناك. ولكنَّ الطِّفلَ الّذي حُبِلَ بِهِ ماتَ عقاباً من الله من أجل جريمتي القتل والزِّنى، الّتي اقتُرِفتا من الملك. إنَّ يسوعَ هو سليل داود وبيرشبع من ابنهما الثَّاني سُليمان (2صموئيل11-12)
لندع جانباً الحقيقة غير المرجَّحة القائلة، بأنَّ السُّلالة العبرانيَّة تورد النِّساء في قائمتها. فلماذا يجري تعداد مثل هؤلاء، اللَّواتي هنَّ للوهلة الأولى "خاطئاتٌ"-بغايا، غريباتٌ، زانيَّاتٌ؟ ما الّذي يدفع بالإنجيليِّ أن يفعل هذا؟ إنَّ الموضوعَ الأساسيَّ في التَّاريخ المقدَّس هو سقوط الإنسان وإقامته من قبل الله. إنَّ هذا النَّسل العاديَّ "الفاني" ينتهي بالعذراء المنتظرة منذ ألاف السِّنين، الّتي تلد ابنَ الله الخالد-يسوع. إنَّ المرأة الخامسة والأخيرة في القائمة هي "مريم، الّتي منها وُلِدَ يسوعُ، الّذي يُدعى المسيح" (الآيَّة6). إنَّ مريم-ثمرة هذا النَّسل، لهو في الآونة ذاتها دليلٌ على رغبة الله وفعله لتقويم الطَّبيعة البشريَّة السَّاقطة. فبفضل اختيارها وموافقتها الحرَّيْن يولَد الله نفسه في العالم، لكي يُجدِّدهُ ويشفيه ويقدِّسَه. إذا ما قمنا نحن أيضاً بمثل هذا الاختيار الحرِّ واتَّفقنا مع تدبير الله، فإنَّ الأمر نفسه يحصل معنا وفينا. طالما رغبنا، فالله يعمل. فالنِّيَّة بحدِّ ذاتها، هي بعد فضيلةٌ وبدايَّةٌ للطَّريق نحو البِرِّ
دُعيَ يسوعَ المسيح في سلسلة أنساب متَّى "ابنَ داود بن إبراهيم" (الآيَّة1). بصفتهِ ابناً (وريثاً) لإبراهيم فهو وريث أرضِ الميعاد. وبصفته ابناً لداود فهو وريث عرشِ إسرائيل. بصفته ابناً لإبراهيم فهو الذبيحة العظمى، الّتي سبق تصويرها بإسحق (تكوين22). بصفته ابناً لداود فهو يتشبَّه بالملك العظيم سليمان، الّذي بنى هيكلاً لله (2صموئيل7: 13-14). لدى مجيء الرَّبِّ الأوَّل الّذي تمَّ بالتَّواضع فهو قد ظهرَ ابناً لإبراهيم، حينما قد عبر الطَّريق من أورشليم إلى الجُّلجُلة ووضعَ حياته من أجل البشريَّة. لدى مجيء الرَّبِّ الثَّاني في المجد فهو يظهر ابناً لداود، حينما يعبر الطَّريق من جبل الزَّيتون إلى أورشليم و"يجلس الرَّبُّ ملكاً إلى الأدهار" (المزمور29: 10
المصدر: موقع أرثوذكسيَّة بلغاريا
ترجمة الأخ: ڤيكتور دره
المؤلِّف: قدس الأرشمندريت الأستاذ المحاضر الدُّكتور بولس ستيفانوف البلغاري
إنَّ المقطعَ الإنجيليَّ، الّذي يُقرَأُ في القدَّاس الإلهيِّ اليوم، قد أُخِذَ من الإنجيل بحسب متَّى ويتضَمَّن الآيات الخمسة والعشرين الأولى من الإصحاح الأوَّل. إنَّه يُعدِّد أسماءً كثيرةً لأناسٍ، عاش في زمن العهد القديم. إنَّ هؤلاء هم أجداد يسوع المسيح بالجَّسد. إنَّ الإنجيل يُعدِّدهم، ليؤكِّدَ، على أنَّ المُخلِّصَ يقتبل جسداً بشريَّاً ويُصبِح مشاركاً للبشريَّة في الطَّبيعة. يبدأ الإنجيليُّ متَّى نسله من إبراهيمَ، لأنَّه يكتب للعبرانيين، الّذين ينحدرون بنسلهم من جدِّهم إبراهيم. فيما يصل النَّسل المرادف لهُ في لوقا الإصحاح الثَّالث حتَّى آدم والله، لأنَّ الأخير يكتب للوثنيين، الّذين، رغم كونهم قد سقطوا في الضَّلال، إلَّا أنَّهم بنين وبنات الله أيضاً. إنَّ الفحوصات الجِّينيَّة، الّتي أُجريَّت خلال العقود الأخيرة، تُثبتُ كذلك أيضاً، بأنَّ جميعَ النَّاس قد انحدروا من أصلٍ واحدٍ. إنَّ شجرة العائلة للبشريَّة قد ازدهرت في شخصيَّة يسوع المسيح بالذَّات
ينبغي أن يُعتَرَفَ، بأنَّ القراءة الإنجيليَّة اليوم ليست هي تلك القراءة الممتع قراءتها واستيعابها. "آسا ولد يوشافاطَ؛ ويوشافاطُ ولدَ آحاز؛ وآحاز ولد حزقيا..." إنَّ وقعَ المقطعِ يدوي كنغمة أحاديَّة كنوطةٍ موسيقيَّةٍ متكرِّرةٍ بما لا نهايَّة. ولكنَّ هذا الانطباع خدَّاعٌ. إنَّ في هذه السُّلالة العبريَّة النَّاشفة ظاهريَّاً ثمَّة رسالةٌ متضمِّنةٌ فيها، الّتي تؤدِّي إلى المعنى الحقيقي وفرح ميلاد المسيح. إنَّ مفتاحَ هذه الرِّسالة هنَّ النِّساء. نعم، ليسَ هنالك من خطأٍ-النِّساء! فإنَّه في المعتاد لا تتضَمَّن الأنسال العبريَّة نساءً، لأنَّها تعترف بالميراث فقط من جهة الرَّجل. ولكن هنا بين أجداد المسيح قد ذُكِرت خمسة نساء: ثامار (الآيَّة3)، ورحاب (الآيَّة5)، وراعوث (الآيَّة5)، والّتي لأوريَّا (الآيَّة6)، ومريم العذراء
ما الّذي نعرفه عن هؤلاء النِّساء؟ إنَّ ثامارَ كانت كنَّةَ يهوذا-أحَّد أبناء يعقوب الاثني عشر، "بطاركة" إسرائيل. إنَّ يهوذا يقوم بتزويجها على التَّوالي من ابنه الأوَّل عير ثمَّ من ابنه الثَّاني عنان، ولكنَّ الرَّبَّ قد أماتهم من أجل طلاحهم، من قبل أن تولد ثامار. حينئذٍ قدَّمها يهوذا لابنه الثَّالث الّذي هو شابٌّ صغيرٌ في السِّنِّ للغايَّة. لذلك فإنَّها تحجَّبت مثل عاهرةٍ من عهارى ذاك الزَّمان ونامت مع حميها، الّذي لم يتعرَّف عليها. إنَّ يسوع ينحدر من فارص-أحَّدَ التَّوأمين، الّتي ولدتهما ثامارُ تكوين38
إنَّ رحاب هي زانيَّةٌ، الّتي عاشت في أريحا. حينما أرسل يشوع بن نون، قائد العبرانيين بعد مصرع موسى، جواسيس إلى المدينة، فإنَّ هذه قد آوتهم عندها وساعدتهم في الهروب من أعلى السَّطح. من أجل هذا التَّصرُّف الجَّريء ترحَّم يشوع عليها وعلى جميع أهل بيتها، حينما استولى على أريحا. إنَّ يسوعَ هو سليلٌ بعيدٌ لبوعز (أو بوعاز)، الّذي ولدته هذه من شلمون (يشوع بن نون الإصحاح الثَّاني)
إنَّ راعوثَ حتَّى أنَّها ليست عبرانيَّة، وإنَّما غريبةٌ من أرض موآب. إنَّها قد أُزوِجَت من أحَّدِ أبناءِ الزَّوجَين أليمالك ونعمين. حينما مات رجلها، قرَّرت راعوث البقاءَ مع حماتها، وليس العودة إلى أرضها، حيث تقول: "حيثما ذهبتِ أذهب، وحيثما بِتِّ أبيتُ؛ شعبكِ شعبي وإلهكِ-إلهي. حيثما مُتِّ أموتُ وهناك أندفن هكذا يصنع بي الرّبُّ وهكذا يزيد؛ إنَّما الموت يفصل بيني وبينكِ" (راعوث1: 16-17). وإنَّها في النِّهايَّة قد تزوَّجت من بوعز، ابن شلمون ورحاب. إنَّ يسوع ينحدر من ابنهما عوبديا، الّذي هو جدُّ داود الملك
ويُقصَدُ بـ "الّتي لأوريَّا" بيرشبع (بالعبريَّة بيتشبع). ذات مساءٍ رآها داود من نافذة بيتهِ وهي تستحمُّ، فأُغرِمَ بها ونامَ معها. إنَّه قد أرسلَ أوريَّا زوجَها إلى أرض المعركة، ليُقتلَ هناك. ولكنَّ الطِّفلَ الّذي حُبِلَ بِهِ ماتَ عقاباً من الله من أجل جريمتي القتل والزِّنى، الّتي اقتُرِفتا من الملك. إنَّ يسوعَ هو سليل داود وبيرشبع من ابنهما الثَّاني سُليمان (2صموئيل11-12)
لندع جانباً الحقيقة غير المرجَّحة القائلة، بأنَّ السُّلالة العبرانيَّة تورد النِّساء في قائمتها. فلماذا يجري تعداد مثل هؤلاء، اللَّواتي هنَّ للوهلة الأولى "خاطئاتٌ"-بغايا، غريباتٌ، زانيَّاتٌ؟ ما الّذي يدفع بالإنجيليِّ أن يفعل هذا؟ إنَّ الموضوعَ الأساسيَّ في التَّاريخ المقدَّس هو سقوط الإنسان وإقامته من قبل الله. إنَّ هذا النَّسل العاديَّ "الفاني" ينتهي بالعذراء المنتظرة منذ ألاف السِّنين، الّتي تلد ابنَ الله الخالد-يسوع. إنَّ المرأة الخامسة والأخيرة في القائمة هي "مريم، الّتي منها وُلِدَ يسوعُ، الّذي يُدعى المسيح" (الآيَّة6). إنَّ مريم-ثمرة هذا النَّسل، لهو في الآونة ذاتها دليلٌ على رغبة الله وفعله لتقويم الطَّبيعة البشريَّة السَّاقطة. فبفضل اختيارها وموافقتها الحرَّيْن يولَد الله نفسه في العالم، لكي يُجدِّدهُ ويشفيه ويقدِّسَه. إذا ما قمنا نحن أيضاً بمثل هذا الاختيار الحرِّ واتَّفقنا مع تدبير الله، فإنَّ الأمر نفسه يحصل معنا وفينا. طالما رغبنا، فالله يعمل. فالنِّيَّة بحدِّ ذاتها، هي بعد فضيلةٌ وبدايَّةٌ للطَّريق نحو البِرِّ
دُعيَ يسوعَ المسيح في سلسلة أنساب متَّى "ابنَ داود بن إبراهيم" (الآيَّة1). بصفتهِ ابناً (وريثاً) لإبراهيم فهو وريث أرضِ الميعاد. وبصفته ابناً لداود فهو وريث عرشِ إسرائيل. بصفته ابناً لإبراهيم فهو الذبيحة العظمى، الّتي سبق تصويرها بإسحق (تكوين22). بصفته ابناً لداود فهو يتشبَّه بالملك العظيم سليمان، الّذي بنى هيكلاً لله (2صموئيل7: 13-14). لدى مجيء الرَّبِّ الأوَّل الّذي تمَّ بالتَّواضع فهو قد ظهرَ ابناً لإبراهيم، حينما قد عبر الطَّريق من أورشليم إلى الجُّلجُلة ووضعَ حياته من أجل البشريَّة. لدى مجيء الرَّبِّ الثَّاني في المجد فهو يظهر ابناً لداود، حينما يعبر الطَّريق من جبل الزَّيتون إلى أورشليم و"يجلس الرَّبُّ ملكاً إلى الأدهار" (المزمور29: 10
المصدر: موقع أرثوذكسيَّة بلغاريا
ترجمة الأخ: ڤيكتور دره
المؤلِّف: قدس الأرشمندريت الأستاذ المحاضر الدُّكتور بولس ستيفانوف البلغاري
نحن عيال الله
الإخوة والأبناء الأحباء
ونحن نقترب من عيد الميلاد المجيد نتذكر قول القديس أثناسيوس الكبير بطريرك الاسكندريّة: "صار الله إنساناً لنصير نحن آلهة"، واعتمد في ذلك القديس العظيم على قول الكتاب المقدس العهد القديم: "أنتم آلهة وبنو العلي تدعون"، وهو ما ذكّر به ربنا يسوع المسيح اليهود عندما قاموا ضده لقوله أنَّه ابن الله، فقال لهم: "أما قرأتم ما جاء في الكتاب إنه يقول: أنتم آلهة وبنو العلي تدعون". ولم يقصد ربنا له المجد كلاماً شاعرياً أو تحفيزياً يتغنى به، بل قال ذلك ما عناه الوحي على لسان الرسول بولص أننا به ننال التبني ونصبح ورثة لله الآب
وللدلالة على هذه العلاقة البنوية – الأبويّة. علمنا أن نصلي، ونقول: "أبانا الذي في السموات"، ثم يقول الرسول بولص: أننا به نقول: "أبا أيها الآب"، وما يدل على هذه العلاقة آيات كثيرة، وتعاليم غزيرة بدءاً من الكتاب المقدَّس، واستمراراً في تعليم الكنيسة عبر الآباء القديسين
وصفات هذه العلاقة: صفة البنوّة، بهذه الصفة والوضعية الواقعية نتوجه الى الله بصلواتنا بكل جرأة بالرغم في أننا لا نعرف كيف نصلي، ولكن لنا ملء الثقة بأنه يعطينا ما هو لخيرنا ونفعنا
وبهذه الصفة نمتلىء جرأة فلا تغلبنا الشياطين مهما تدهورنا في حياتنا الروحيّة، بل كالإبن الشاطر ننهض من سقطاتنا ونقول: هوذا العبيد عند أبي يفضل عنهم الخبز والطعام، وأنا هنا أشتهي أن أشبع من طعام الخنازير
فالبنوّة تقودنا دائماً الى التوبة، والله يقبل توبتنا، وبفرح كبير كفرح الوالد بعودة ولده من مخاطر الطريق، أو العمل، أو الحرب، أو الضياع، فيقول: هاتوا وألبسوه الحلة الأولى، وأنعلوه حذاء جديداً، وضعوا في إصبعه خاتماً. أي الله كأب يعاملنا ويظهرنا لائقين بمجده الإلهي الذي يسكبه علينا إذا شئنا كما يسبغ كل أب على أبنائه من النعم التي أعطيت له
نحن ندعى له أبناء، وهو يدربنا ويرشدنا كيف نسلك في هذه البنوّة، فلم ينفك يرسل لنا الأنبياء والرسل والملائكة، ويتخذ المبادرات تلو المبادرات حتى لا نهلك، ونحن نسير في طريق مسالكها ضيقة صعبة ذات وعورة لا يمهدها إلا الله بمحبته وصبره علينا كما يصبر الأب على أبنائه
كوننا عيال الله، حالة تجعل من جهادنا الروحي مقبولاً عنده سبحانه وتعالى، فالصلاة المعتمدة على الخوف والرهبة غير مقبولة عند الله كما يقول القديس اسحق السوري، وباسيليوس الكبير
وكذلك عبادة الأجير الطامع بالمكافأة فهي أيضاً غير مقبولة عنده سبحانه وتعالى
العبادة المقبولة هي العبادة المرتكزة على المحبة. أي أن نقدم لله عبادة بمحبة. وهذه هي نوعية العلاقة بين الإنسان وأبنائه. فهل يرهب الأبناء من الأب الصالح الذي يعي أبوّته على أصولها، ولكن الأبناء يعرفون أن البنوَّة لا تهدم حصون كرامة الأب وحقه بتأديبهم. ويقول لنا الرسول بولص: "الذي يحبّه الرب يؤدبه"
إننا كعيال لله ندرك ذلك من خلال عطاياه، وقد خلقنا على صورته ومثاله، وجعلنا متمتعين بكل نعم محبته، وأسكننا فردوسه، وكما يذكر الكتاب صار هو خليلنا، ونحن أخلاَّؤه. حتى عند السقوط الأوَّل أعطانا الأمل والرجاء، وأظهر لنا الموعد الذي أخفاه عن الملائكة (السر الخفي منذ الدهور) حتى لا يتملكنا اليأس والقنوط
بمحبته أراد تنشئتنا كما ينشىء الوالد أطفاله، ويربيهم حتى يبلغوا سن الكمال. بدأ أولاً بالطفولية الروحية في الفردوس منحها لآدم ودعاه أن يكون كاملاً كما هو كامل، ولكن ضمن رعايته وعنايته، وهنا من شدة محبته للإنسان وخوفه عليه من محدوديته
وفي الأنبياء وخلال العهدين القديم والجديد أعطانا شريعة الطفولة، الوصايا العشر، وهيأنا بالناموس والأنبياء الى بلوغ سن الكمال بيسوع المسيح، فأعطانا شريعة الوعظة على الجبل، وملخصها التطويبات
أيها الإخوة والأبناء الأحباء
إذ لنا مثل هذه المكانة العظيمة، وهي أننا آلهة وبنو العلي ندعى، فلنعملن ذلك لا لحاجته هو لنا، ولا لعباداتنا، بل نحن من نحتاج كما يحتاج الطفل الى عناية والديه، ولكنهما يفرحان بكلماته المتلعثمة وهو يتوجه بها إليهما
ولنعيّد عيد الميلاد المجيد بما يليق بالاسم العظيم الذي دعينا عليه، ونتحرر من كل ناموس يستعبدنا، وخاصة ناموس الكبرياء والفوضى والخصومات. لنصرخ بالفعل مع الملائكة والرعاة: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة. وكعائلته لنعمل أفراحنا بما يليق بالله له المجد، وكل عام وأنتم وأبناؤكم والمختصون بكم بألف خير
+المتروبوليت باسيليوس منصور
مطران عكار وتوابعها
ونحن نقترب من عيد الميلاد المجيد نتذكر قول القديس أثناسيوس الكبير بطريرك الاسكندريّة: "صار الله إنساناً لنصير نحن آلهة"، واعتمد في ذلك القديس العظيم على قول الكتاب المقدس العهد القديم: "أنتم آلهة وبنو العلي تدعون"، وهو ما ذكّر به ربنا يسوع المسيح اليهود عندما قاموا ضده لقوله أنَّه ابن الله، فقال لهم: "أما قرأتم ما جاء في الكتاب إنه يقول: أنتم آلهة وبنو العلي تدعون". ولم يقصد ربنا له المجد كلاماً شاعرياً أو تحفيزياً يتغنى به، بل قال ذلك ما عناه الوحي على لسان الرسول بولص أننا به ننال التبني ونصبح ورثة لله الآب
وللدلالة على هذه العلاقة البنوية – الأبويّة. علمنا أن نصلي، ونقول: "أبانا الذي في السموات"، ثم يقول الرسول بولص: أننا به نقول: "أبا أيها الآب"، وما يدل على هذه العلاقة آيات كثيرة، وتعاليم غزيرة بدءاً من الكتاب المقدَّس، واستمراراً في تعليم الكنيسة عبر الآباء القديسين
وصفات هذه العلاقة: صفة البنوّة، بهذه الصفة والوضعية الواقعية نتوجه الى الله بصلواتنا بكل جرأة بالرغم في أننا لا نعرف كيف نصلي، ولكن لنا ملء الثقة بأنه يعطينا ما هو لخيرنا ونفعنا
وبهذه الصفة نمتلىء جرأة فلا تغلبنا الشياطين مهما تدهورنا في حياتنا الروحيّة، بل كالإبن الشاطر ننهض من سقطاتنا ونقول: هوذا العبيد عند أبي يفضل عنهم الخبز والطعام، وأنا هنا أشتهي أن أشبع من طعام الخنازير
فالبنوّة تقودنا دائماً الى التوبة، والله يقبل توبتنا، وبفرح كبير كفرح الوالد بعودة ولده من مخاطر الطريق، أو العمل، أو الحرب، أو الضياع، فيقول: هاتوا وألبسوه الحلة الأولى، وأنعلوه حذاء جديداً، وضعوا في إصبعه خاتماً. أي الله كأب يعاملنا ويظهرنا لائقين بمجده الإلهي الذي يسكبه علينا إذا شئنا كما يسبغ كل أب على أبنائه من النعم التي أعطيت له
نحن ندعى له أبناء، وهو يدربنا ويرشدنا كيف نسلك في هذه البنوّة، فلم ينفك يرسل لنا الأنبياء والرسل والملائكة، ويتخذ المبادرات تلو المبادرات حتى لا نهلك، ونحن نسير في طريق مسالكها ضيقة صعبة ذات وعورة لا يمهدها إلا الله بمحبته وصبره علينا كما يصبر الأب على أبنائه
كوننا عيال الله، حالة تجعل من جهادنا الروحي مقبولاً عنده سبحانه وتعالى، فالصلاة المعتمدة على الخوف والرهبة غير مقبولة عند الله كما يقول القديس اسحق السوري، وباسيليوس الكبير
وكذلك عبادة الأجير الطامع بالمكافأة فهي أيضاً غير مقبولة عنده سبحانه وتعالى
العبادة المقبولة هي العبادة المرتكزة على المحبة. أي أن نقدم لله عبادة بمحبة. وهذه هي نوعية العلاقة بين الإنسان وأبنائه. فهل يرهب الأبناء من الأب الصالح الذي يعي أبوّته على أصولها، ولكن الأبناء يعرفون أن البنوَّة لا تهدم حصون كرامة الأب وحقه بتأديبهم. ويقول لنا الرسول بولص: "الذي يحبّه الرب يؤدبه"
إننا كعيال لله ندرك ذلك من خلال عطاياه، وقد خلقنا على صورته ومثاله، وجعلنا متمتعين بكل نعم محبته، وأسكننا فردوسه، وكما يذكر الكتاب صار هو خليلنا، ونحن أخلاَّؤه. حتى عند السقوط الأوَّل أعطانا الأمل والرجاء، وأظهر لنا الموعد الذي أخفاه عن الملائكة (السر الخفي منذ الدهور) حتى لا يتملكنا اليأس والقنوط
بمحبته أراد تنشئتنا كما ينشىء الوالد أطفاله، ويربيهم حتى يبلغوا سن الكمال. بدأ أولاً بالطفولية الروحية في الفردوس منحها لآدم ودعاه أن يكون كاملاً كما هو كامل، ولكن ضمن رعايته وعنايته، وهنا من شدة محبته للإنسان وخوفه عليه من محدوديته
وفي الأنبياء وخلال العهدين القديم والجديد أعطانا شريعة الطفولة، الوصايا العشر، وهيأنا بالناموس والأنبياء الى بلوغ سن الكمال بيسوع المسيح، فأعطانا شريعة الوعظة على الجبل، وملخصها التطويبات
أيها الإخوة والأبناء الأحباء
إذ لنا مثل هذه المكانة العظيمة، وهي أننا آلهة وبنو العلي ندعى، فلنعملن ذلك لا لحاجته هو لنا، ولا لعباداتنا، بل نحن من نحتاج كما يحتاج الطفل الى عناية والديه، ولكنهما يفرحان بكلماته المتلعثمة وهو يتوجه بها إليهما
ولنعيّد عيد الميلاد المجيد بما يليق بالاسم العظيم الذي دعينا عليه، ونتحرر من كل ناموس يستعبدنا، وخاصة ناموس الكبرياء والفوضى والخصومات. لنصرخ بالفعل مع الملائكة والرعاة: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة. وكعائلته لنعمل أفراحنا بما يليق بالله له المجد، وكل عام وأنتم وأبناؤكم والمختصون بكم بألف خير
+المتروبوليت باسيليوس منصور
مطران عكار وتوابعها
من قداس القديس باسيليوس الكبير
كيف نعيد لميلاد المسيح الواحد ونحن منقسمون ؟
أنسطاسيوس رئيس اساقفة البانيا للروم الارثوذكس
(تم نشر الرسالة فى جريدة الكاثيميرينى الواسعة الانتشار بالعاصمة اليونانية أثينا بتاريخ 24 نوفمبر 2019 )
نقلها الى العربية الأب اثناسيوس حنين ’ أحد تلاميذ البروفسور أنسطاسيوس بكلية اللاهوت -جامعة أثينا
أولا :قرأنا الكثير مما كتب وقيل ’ فى الشهور الأخيرة ’ حول قضية كنيسة أوكرانيا والتى سببت جدلا كبيرا وعثرة مسكونية .الأمر الذى يجعلنا نلح ونصلى ونسعى من أجل وحدة الكنيسة. يؤكد ذلك القديس الذهبى الفم معبرا عن الخبرة الأبائية والتراث الكنسى " أن جوهر الكنيسة وهويتها هو الوحدة وليس الانقسام والاتحاد وليس الانشقاق وأن أشد ما يغضب الله هو كنيسة منقسمة " . هذا معناه أن أى تحرك لعلاج هذه الشقاق يتجاهل هذه الحقيقة الدامغة ’ مصيره الفشل أيا كانت ركائبه !لأن وحدة الكنيسة لهى فوق كل الاعتبارات أيا كانت مصاردها وتبريراتها
ثانيا :أن الأحداث الكنسية التى وقعت فى العام الذى يودعنا خلال شهر ونيف قد خلقت واقعا جديدا نتيجة تداخل العوامل الجيوبوليتيكية وما يرتبط بها من مصالح شتى. ولا يحق لنا أن نتجاهل هذه الوضع الجديد بشكل مباشر أو غير مباشر.أن ما تم من منح الاستقلالية الكنسية لكنيسة اوكرانيا لم يجلب الوحدة المنشودة بين الارثوذكس ولا السلام المرجو كما حدث مع كل الاستقلالات التى تمت سابقا . يشكل السيد "فيلاريتوس"والذى أطلق على نفسه لقب "بطريرك" ! الشخصية المركزية فى الأزمة الأوكرانية ’ والذى تنكر ’ أخيرا ’ لطوموس الاستقلالية ’ بل وشكك فى محتواه . كل هذا أدى الى انتشار وباء الانقسام الى مناطق كثيرة فى العالم الارثوذكسى .مما أدى الى أن استخدمت البطريركية الروسية سر الافخارستيا ’ سر الوحدة والتسامح والغفران ’ لتأجيج الصراع وممارسة الضغوط !. هذا سبب أن الملايين من المؤمنين قد قطعوا الشركة الافخارستية مع البطريكية المسكونية’ وبطريركية الاسكندرية وكنيسة اليونان . لم تقف الأمور عند هذا الحد ’ بل ما زالت الرسامات التى قام بها المدعوا ذاتيا "البطريرك"السيد فيلاريتوس ’ ما زالت ’نقول’ تسبب الانشقاقات والسجس . صارت أثار ونتائج هذه الاحداث المؤلمة معروفة ’ ليس فقط فى العالم الارثوذكسى ’ بل فى كل أرجاء المسكونة حتى "صرنا منظرا للناس والملائكة
ثالثا : حاليا يخيم على معظم الكنائس الارثوذكسية صمت قلق وقلق صامت .وتودئ الضغوط السياسية على كل الاطراف الى ظهور جرح غائر يؤذى الروحانية الارثوذكسية ويهز مكانتها ويشوه رسالتها . لنضف الى ذلك ما يقوم به أشخاص غير مسئولين من تشويه لصورة من يختلفوا معهم فى الرأى وهم يجاملون وينافقون من يؤيدون ’ تسبب انحطاط مستوى الحوار الارثوكسى فى فترة تاريخية حرجة .هناك أحساس لدى دوائر مختلفة ’ بل وأمل بأن باقى الكنائس سوف تعترف بمن استلم الطومس. ولكن وحتى لو أن بعض الكنائس المستقلة قد اعترفت به ’ الا أن هناك أخرون لا يعترفون به . النتيجة أن الانشقاق سيتحول ’ من خلاف كنسى ولاهوتى ’ الى أنشقاق عرقى وقومى بين(يونانيون – سلافيون) وبين الذين يسعون لعلاقات منسجمة مع الجميع .هذه كله يهدد بالقضاء على مسكونية الارثوكسية وشمولها كل الأمم وكل الثقافات. أن الزمن وحده لا يحل الانشقاقات ولا يشفيها ’ بشكل ألى ’ بل يعمقها وينشرها
رابعا:الشئ العاجل الان هو السعى لايجاد وسائل وطرق لتعدى التكتلات الكنسية. الخطوة الاولى فى هذا الطريق الطويل هو التهدئة . العالم الراقى والشعوب المتحضرة تحل مشاكلها بالحوار. نتأمل فى ظهور مبادرات جديدة وتبادل الاقتراحات بين أطراف الأزمة. العالم الارثوذكسى لا يخلو من الشخصيات والرموز القادرة على المساهمة الفعالة فى البدء فى حوار جاد
خامسا : لقد أن الأوان وجاء ملء الزمان الذى لابد من الرجوع فيه ’ فى أية محاولة حوارية ’ الى التراث المؤسس على الكتاب المقدس كما ورد فى العهد الجديد "لماذا تدعوننى يا رب يارب وأنتم لا تفعلون ما أقوله " (لوقا 6’46 ومتى 7 ’ 21 ). وأيضا وأيضا "وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم . باركوا لاعنيكم . احسنوا الى مبغضيكم " (متى 5 ’44). وأيضا " وأغفرلنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين الينا " (متى 6 ’13 ). وعن الوحدة يقول لاهوتى الوحدة والمصالحة بولس " مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام "(أفسس 4’ 3) والأخطر ورد فى الرسالة الى (غلاطية 5 ’15)"فاذا كنتم تنهشون بعضكم بعضا وتأكلون بعضكم بعضا فانظروا لئلا تفنوا بعضكم بعضا ". كاتب هذه السطور يثق بأننا أذا ما أتبعنا بصدق وصايا الرب ’ سوف نكتشف ونميز طرقا جديدة لتعدى الأزمة
سادسا: نحن نثق أنه توجد حلول ’سوف يشرق علينا نور الله لكى ما نحددها ’ اذا ما صدقت النوايا. لن تتحقق الحلول عن طريق تبادل النصوص الغاضبة والرسائل الثائرة والتى ترسل الاهانات والتى تحمل تهديدات مبطنة أو ظاهرة.كما لن تحل بالتدخلات من خارج الكنيسة ’ أى تسييس الأزمة .كما أن ترك الأمر للزمن لن يأتى بحلول ألية .كل تأخير سيزيد الأمر السيئ سوأ.وحتى ولو أفترضنا أن حلا ما سيأتى "فى النهاية" أو " فى المستقبل" !سيكون قد تمت كتابة صفحات غير مضيئة فى تاريخ الارثوذكسية.أن النظام المجمعى والتى أستندت اليها مسيرة الكنيسة الارثوذكسية عبر العصور ’ هو السبيل الوحيد القادر على فتح أفاق جديدة فى الأزمة الحالية " نحن مجتمعون فى معية الروح القدس " وباحترام متبادل ولا قصد لنا سوى تنسيق سلامى ’ لدينا الطاقة على أن نصل الى حل مقبول من الجميع. بينما كلما تجاهلنا النظام المجمعى وقللنا من قيمته على مستوى ارثوذكسى عام ’ سوف تصير الانشقاقات أكثر خطورة على المستوى المسكونى . يجب أن لا يفوتنا أن التقدم التكنولوجى ’ اليوم ’ يزيد فى انتشار الضوضاء والتشويش والسجس والاشعاعات والأضطراب بين فى صفوف المؤمنين البسطاء’ مما يؤدى الى فقدان الارثوذكسية لمصداقيتها فى عالمنا المعاصر
سابعا :أما وقد أقترب عيد الميلاد ’ ذاك العيد العظيم الذى جاء فيه ابن وكلمة الله الى البشرية ’ فى مبادرة عجيبة لله الأب من أجل المصالحة مع الجنس البشرى ’نرفع بدورنا الدعاء والابتهال لكى ما تتسرع الخطى نحو المصالحة والتسامح والميل الثانى. وهكذا نكون مستحقين لكى ما نرتل معا بقلب واحد " المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وفى الناس السرور"(لوقا 2 :14 )ووقتها سنثق بأن "..الكل من الله الذى صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة "(2كو 5:18).نحن نرى أن المبادرة لعلاج هذه الجرح الغائر فى جسد الكنيسة لابد وأن تأتى من البطريركية المسكونية ’ بل ومن كل الكنائس المستقلة ’ ومن الارثوذكس جميعا بلا استثناء أنها لمسئولية كبيرة على عواتقنا بأن نحقق المصالحة والأخاء . ستؤدى المصالحة الى انسكاب السلام فى قلوب الملايين من المؤمنين الساجدين ’ من ناحية ’ ومن الناحية الأخرى ’ سيؤكد الارثوذكس للعالم بأنهم يملكون النية والطاقة والفعل الممسوح بالروح لكى ما يضمدوا جراحاتهم ’ منقادين بكلمة الله وفعل الروح القدس وهكذا يؤكدون حقيقة بأنها "كنيسة واحدة ’ مقدسة ’ جامعة ’ رسولية "’ والتى رأسها المسيح ’ الابن المتأنسن الذى "...به الكل ومن أجله الكل .."(عبرانيين 2 :10) ’ ذاك الذى "منحنا خدمة المصالحة " كورنثوس 5 :18-8
كيف نعيد لميلاد المسيح الواحد ونحن منقسمون ؟
أنسطاسيوس رئيس اساقفة البانيا للروم الارثوذكس
(تم نشر الرسالة فى جريدة الكاثيميرينى الواسعة الانتشار بالعاصمة اليونانية أثينا بتاريخ 24 نوفمبر 2019 )
نقلها الى العربية الأب اثناسيوس حنين ’ أحد تلاميذ البروفسور أنسطاسيوس بكلية اللاهوت -جامعة أثينا
أولا :قرأنا الكثير مما كتب وقيل ’ فى الشهور الأخيرة ’ حول قضية كنيسة أوكرانيا والتى سببت جدلا كبيرا وعثرة مسكونية .الأمر الذى يجعلنا نلح ونصلى ونسعى من أجل وحدة الكنيسة. يؤكد ذلك القديس الذهبى الفم معبرا عن الخبرة الأبائية والتراث الكنسى " أن جوهر الكنيسة وهويتها هو الوحدة وليس الانقسام والاتحاد وليس الانشقاق وأن أشد ما يغضب الله هو كنيسة منقسمة " . هذا معناه أن أى تحرك لعلاج هذه الشقاق يتجاهل هذه الحقيقة الدامغة ’ مصيره الفشل أيا كانت ركائبه !لأن وحدة الكنيسة لهى فوق كل الاعتبارات أيا كانت مصاردها وتبريراتها
ثانيا :أن الأحداث الكنسية التى وقعت فى العام الذى يودعنا خلال شهر ونيف قد خلقت واقعا جديدا نتيجة تداخل العوامل الجيوبوليتيكية وما يرتبط بها من مصالح شتى. ولا يحق لنا أن نتجاهل هذه الوضع الجديد بشكل مباشر أو غير مباشر.أن ما تم من منح الاستقلالية الكنسية لكنيسة اوكرانيا لم يجلب الوحدة المنشودة بين الارثوذكس ولا السلام المرجو كما حدث مع كل الاستقلالات التى تمت سابقا . يشكل السيد "فيلاريتوس"والذى أطلق على نفسه لقب "بطريرك" ! الشخصية المركزية فى الأزمة الأوكرانية ’ والذى تنكر ’ أخيرا ’ لطوموس الاستقلالية ’ بل وشكك فى محتواه . كل هذا أدى الى انتشار وباء الانقسام الى مناطق كثيرة فى العالم الارثوذكسى .مما أدى الى أن استخدمت البطريركية الروسية سر الافخارستيا ’ سر الوحدة والتسامح والغفران ’ لتأجيج الصراع وممارسة الضغوط !. هذا سبب أن الملايين من المؤمنين قد قطعوا الشركة الافخارستية مع البطريكية المسكونية’ وبطريركية الاسكندرية وكنيسة اليونان . لم تقف الأمور عند هذا الحد ’ بل ما زالت الرسامات التى قام بها المدعوا ذاتيا "البطريرك"السيد فيلاريتوس ’ ما زالت ’نقول’ تسبب الانشقاقات والسجس . صارت أثار ونتائج هذه الاحداث المؤلمة معروفة ’ ليس فقط فى العالم الارثوذكسى ’ بل فى كل أرجاء المسكونة حتى "صرنا منظرا للناس والملائكة
ثالثا : حاليا يخيم على معظم الكنائس الارثوذكسية صمت قلق وقلق صامت .وتودئ الضغوط السياسية على كل الاطراف الى ظهور جرح غائر يؤذى الروحانية الارثوذكسية ويهز مكانتها ويشوه رسالتها . لنضف الى ذلك ما يقوم به أشخاص غير مسئولين من تشويه لصورة من يختلفوا معهم فى الرأى وهم يجاملون وينافقون من يؤيدون ’ تسبب انحطاط مستوى الحوار الارثوكسى فى فترة تاريخية حرجة .هناك أحساس لدى دوائر مختلفة ’ بل وأمل بأن باقى الكنائس سوف تعترف بمن استلم الطومس. ولكن وحتى لو أن بعض الكنائس المستقلة قد اعترفت به ’ الا أن هناك أخرون لا يعترفون به . النتيجة أن الانشقاق سيتحول ’ من خلاف كنسى ولاهوتى ’ الى أنشقاق عرقى وقومى بين(يونانيون – سلافيون) وبين الذين يسعون لعلاقات منسجمة مع الجميع .هذه كله يهدد بالقضاء على مسكونية الارثوكسية وشمولها كل الأمم وكل الثقافات. أن الزمن وحده لا يحل الانشقاقات ولا يشفيها ’ بشكل ألى ’ بل يعمقها وينشرها
رابعا:الشئ العاجل الان هو السعى لايجاد وسائل وطرق لتعدى التكتلات الكنسية. الخطوة الاولى فى هذا الطريق الطويل هو التهدئة . العالم الراقى والشعوب المتحضرة تحل مشاكلها بالحوار. نتأمل فى ظهور مبادرات جديدة وتبادل الاقتراحات بين أطراف الأزمة. العالم الارثوذكسى لا يخلو من الشخصيات والرموز القادرة على المساهمة الفعالة فى البدء فى حوار جاد
خامسا : لقد أن الأوان وجاء ملء الزمان الذى لابد من الرجوع فيه ’ فى أية محاولة حوارية ’ الى التراث المؤسس على الكتاب المقدس كما ورد فى العهد الجديد "لماذا تدعوننى يا رب يارب وأنتم لا تفعلون ما أقوله " (لوقا 6’46 ومتى 7 ’ 21 ). وأيضا وأيضا "وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم . باركوا لاعنيكم . احسنوا الى مبغضيكم " (متى 5 ’44). وأيضا " وأغفرلنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين الينا " (متى 6 ’13 ). وعن الوحدة يقول لاهوتى الوحدة والمصالحة بولس " مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام "(أفسس 4’ 3) والأخطر ورد فى الرسالة الى (غلاطية 5 ’15)"فاذا كنتم تنهشون بعضكم بعضا وتأكلون بعضكم بعضا فانظروا لئلا تفنوا بعضكم بعضا ". كاتب هذه السطور يثق بأننا أذا ما أتبعنا بصدق وصايا الرب ’ سوف نكتشف ونميز طرقا جديدة لتعدى الأزمة
سادسا: نحن نثق أنه توجد حلول ’سوف يشرق علينا نور الله لكى ما نحددها ’ اذا ما صدقت النوايا. لن تتحقق الحلول عن طريق تبادل النصوص الغاضبة والرسائل الثائرة والتى ترسل الاهانات والتى تحمل تهديدات مبطنة أو ظاهرة.كما لن تحل بالتدخلات من خارج الكنيسة ’ أى تسييس الأزمة .كما أن ترك الأمر للزمن لن يأتى بحلول ألية .كل تأخير سيزيد الأمر السيئ سوأ.وحتى ولو أفترضنا أن حلا ما سيأتى "فى النهاية" أو " فى المستقبل" !سيكون قد تمت كتابة صفحات غير مضيئة فى تاريخ الارثوذكسية.أن النظام المجمعى والتى أستندت اليها مسيرة الكنيسة الارثوذكسية عبر العصور ’ هو السبيل الوحيد القادر على فتح أفاق جديدة فى الأزمة الحالية " نحن مجتمعون فى معية الروح القدس " وباحترام متبادل ولا قصد لنا سوى تنسيق سلامى ’ لدينا الطاقة على أن نصل الى حل مقبول من الجميع. بينما كلما تجاهلنا النظام المجمعى وقللنا من قيمته على مستوى ارثوذكسى عام ’ سوف تصير الانشقاقات أكثر خطورة على المستوى المسكونى . يجب أن لا يفوتنا أن التقدم التكنولوجى ’ اليوم ’ يزيد فى انتشار الضوضاء والتشويش والسجس والاشعاعات والأضطراب بين فى صفوف المؤمنين البسطاء’ مما يؤدى الى فقدان الارثوذكسية لمصداقيتها فى عالمنا المعاصر
سابعا :أما وقد أقترب عيد الميلاد ’ ذاك العيد العظيم الذى جاء فيه ابن وكلمة الله الى البشرية ’ فى مبادرة عجيبة لله الأب من أجل المصالحة مع الجنس البشرى ’نرفع بدورنا الدعاء والابتهال لكى ما تتسرع الخطى نحو المصالحة والتسامح والميل الثانى. وهكذا نكون مستحقين لكى ما نرتل معا بقلب واحد " المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وفى الناس السرور"(لوقا 2 :14 )ووقتها سنثق بأن "..الكل من الله الذى صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة "(2كو 5:18).نحن نرى أن المبادرة لعلاج هذه الجرح الغائر فى جسد الكنيسة لابد وأن تأتى من البطريركية المسكونية ’ بل ومن كل الكنائس المستقلة ’ ومن الارثوذكس جميعا بلا استثناء أنها لمسئولية كبيرة على عواتقنا بأن نحقق المصالحة والأخاء . ستؤدى المصالحة الى انسكاب السلام فى قلوب الملايين من المؤمنين الساجدين ’ من ناحية ’ ومن الناحية الأخرى ’ سيؤكد الارثوذكس للعالم بأنهم يملكون النية والطاقة والفعل الممسوح بالروح لكى ما يضمدوا جراحاتهم ’ منقادين بكلمة الله وفعل الروح القدس وهكذا يؤكدون حقيقة بأنها "كنيسة واحدة ’ مقدسة ’ جامعة ’ رسولية "’ والتى رأسها المسيح ’ الابن المتأنسن الذى "...به الكل ومن أجله الكل .."(عبرانيين 2 :10) ’ ذاك الذى "منحنا خدمة المصالحة " كورنثوس 5 :18-8
الخيبات المؤقته فى حياة تلاميذ السيد
أطلالة الأحد
الخيبات المؤقته فى حياة تلاميذ السيد
يوحنا21 :1 -14
الاب اثناسيوس حنين
الاحد 10 نوفمبر 2019
جأت مبادرة هذه الاطلالة ’والى نرجوها اسبوعية ’بعد حوار مع صديق "فيسبوكى" قديم وعليم أبدى حزنا شديدا وعتابا على قلة حضور الكلمة الالهية على وسائل التواصل ما خلا بعض ايات متناثرة ’ هنا وهناك ’ خارج سياقها أو موضوعات كتابية عراكية أو دفاعية أو نظام "الكلام لك يا جارة " ! سنخصص تأملنا فى انجيل السحر "باكر" والذى تخصصت فى قرائته كل صباح احد محاطا بالرهبان الاثوسيين وأبيهم الروحى فى كنيسة دير القديس نيكتاريوس باثينا . لاشك أن احداث الصليب وقتل معلمهم بسبب من التعصب الدينى والمساومات السياسية والصفقات المالية والرشوة قد أصابت التلاميذ بالاحباط والضجر ’ الذى يسميه اباء البرية "شيطان الظهيرة" والذى يمكن أن يؤدى اذا ما امسك بتلابيب النفس الغير محصنة بالنعمة والفهم وفنون الحرب الروحية والنفسية ’الى ترك المعلم والرسالة ونقض العهود وخلع الانسان الجديد ولبس العتيق !. لقد أدى هذا "القرف" الى أن قام بطرس بمبادرة شخصية وفردية " أنا أذهب للصيد" ربما شعر بطرس بانهم مراقبون من السلطات التى قتلت معلمهم ’ ولم يريد أن يورط اخوته فى خروجه للصيد ليلا والبلد فى حالة طوارئ بسبب من قتل الناصرى ! ."أنا" بدون أن يدعو رفاقه كعادة الصيادين المحترفين ! الخيبة الشخصية تؤدى الى شق الجماعة وتشتيت الجهود !قرر باقى التلاميذ أن يذهبوا معه ’ مع بعض ع الخير والشر زى ما بيقول المصريون . ."وفى تلك الليلة لم يمسكوا شيئا". قضوا الليل جله فى بحيرة طبرية فى فلسطين وهم الصيادون الحاذقون. المبادرات الفردية مهما كان صاحبها موهوبا أو خاريسما ’ مرشحة أن تؤؤل بالفشل . القائد العظيم ليس هو الذى يقود بل هو الذى يصنع قادة .. الحياة تعمل مع الحماعة المتحابة ولا يروقها الواحد الملهم !لهذا اساس ثالوثى وليس وحدانية مغلقة ومصمته تدهس الناس دهسا زى عجلة العربية الصب بلا حياة ولا هواء !. ولما كان الصبح "وقف يسوع على الشاطئ ". الاحباط الشديد والشطارة الزايدة وغياب روح الفريق والانغلاق ع الذات ’ تحجب عنا وجه المعلم .يقول الحبيب يوحنا أن "التلاميذ لم يكونوا يعلمون أنه يسوع " ’ ربما بسبب من لاهوته بعد القيامة ’ ولهذا قرر المعلم أن يظهر لهم بشريته أى ناسوته وبشكل عملى وطلب شيئا من السمك "أداما"’ الأمر الذى ستقيم عليه المجامع المسكونية ’ لاحقا ’ لاهوتها وعقائد الكنيسة الخرستولوجية -المسيحيانية وخاصة المجمع المسكونى الرابع 451 م . المجامع واللاهوتيون لم يأتوا بشئ من عندياتهم ولم يتفذلكوا بل تبعو الكلام الالهى وعاينوا السيد عند البحيرة وأكلوا وشربوا معه وهناك من يرى أن الأكل مع التلاميذ بعد القيامة يشير الى الافخارستيا ’ حتى ولو لم تكن بشكلها الذى تطور خلال التاريخ ’ لأن كل لقمة حلوة مع يسوع هى افخارستية !. لم ينتظر السيد اجابة لأنه أدرك حزنهم المهنى وخيبتهم الروحية الكبيرة ويأسهم ’ لا اعتقد بأننى وحدى الذى يصيبه الغثيان من الوعظ المعاصر الذى يحمل الناس اثقالا من الواجبات وعرة الحمل ’ سيبك بأنهم ما بيعملوش باللى بيوعظوا بيه من فوق المنابر ! ولكن المأساة أنهم لا يكلموهم عن مبادرات السيد الكثيرة والخيرة والتى تشهد لها الكلمة الالهية من التكوين للرؤيا وسط هموهم وفى عز اشغالهم ومكاتبهم ومدارسهم ومخادعهم وخروجهم ودخولهم ! ويتعجبون لماذ يذهب شبابنا وبناتنا وستاتنا حيث الترنيمة الحلوة وكلمة ربنا !!!’ فأمر يسوع أمرا يبدوا شكليا متناقض "الباراذوكسا الابائية" بأن القوا الشبكة الى جانب السفينة الايمن !ما نراه عند الصيادين أنهم يمسكون الشبكة باليمين ويلقوها على يسار المركب لتأخذ قوة اليد اليمين ! هنا الاشارة واضحة الى يمين الرب التى تصنع قوة حسب داود والى طاعة الايمان التى طالما ما كلمنا عنها بولس رفيق بطرس ’ هامتا الرسل ’ حسب التراث .فى معية المعلم نحن ننفذ ولا نتظلم بل نربح دوما. النتيجة " الصيد الوفير" . هنا من احب كثيرا يفهم كثيرا .’ يوحنا ’ لم يقل التلميذ الذى يحب الرب ’ بل التلميذ الذى كان يسوع يحبه ! ما تقوليش "حب ربنا" وتسيبنى ’ قل لى "ربنا بيحبك " وسيبنى بين ايديه . ! قال لهم التلميذ المحبوب "هو الرب " ربوبية يسوع ليست محصلة عراك فكرى وردح بلدى وتراشق بالايات والنصوص الابائية المقطوعة من شجرة الحياة والكنيسة ’ بل ’ بل كشف "ابو غلامسيس" كما يسميها المصريون .الموضوع مش نظريات دى لمسات واعلانات " كما يرتل شعبنا الطيب واللاهوتى بالسليقة. اللاهوت العلم يبدأ من لاهوت القلب . لا يمكن للنجسى القلوب والمظلمى العقول وعابدى المال واساتذة الكسب الغير المشروع ’ حتى لو باسم ربنا ’ وأكلى خبز الارامل والايتام وذوى القربى والحظوة ’أن يصيروا لاهوتيين . ازاى يعنى ’ مش فاهم ’ يبقى اللى سهروا الليالى وتركوا كل شئ واحبوا حتى المنتهى ودرسوا امهات الكتب وبكوا بكاء مرا على ذنوب لم يرتكبوها وسامحوا حتى المنتهى ’"ياخذو بومبة " !.اللاهوت ليس هو ردح بلدى بل رؤية كيانية وسهر كثير وحب كبير وتجرد كامل ودرس وتفتيش دائم للكتب -جميع الكتب- متواصل وتلمذة لا تكل والأهم مراقبة علامات الزمان الأنى والأتى . هنا ينكشف حب يسوع .ان اكتشاف بطرس لعريه لهو درس كبير أنه لا يوجد أول وأخر بين تلاميذ المسيح ’ والفكر الكنسى يرى البطريرك المتقدم "بين اخوة متساويين"’ بل أن كل تلميذ اكليريكيا أكان أم علمانيا ’ هو امتداد لكل تلاميذ المعلم حسب العظيم اوريجينوس . التلاميذ لم يسألوا يسوع " من أنت : لانهم يعلمون أنه الرب . حينما ينكشف الرب للنفس والعقل لا حاجة الى سؤال !.نختم تأملنا بوقفة مع عدد السمك ’ اذ يقول يوحنا بأنه "مئة وثلاثا وخمسين" فقد ورد عند القديس ايرونيموس أن علماء الطبيعة الأقدمين كانوا يدعون السمك 153 صنفا ’ فعلى شبكة الرسل أن تجمع جميع الاسر البشرية فى شبكة الكنيسة الواحدة مهما كانت احجامها او مستواها أو ألوانها (راجع الترجمة اليسوعية ).الى اللقاء الاحد القادم فى اطلالة انجيلية جديدة . يسوع فى وسطنا
الخيبات المؤقته فى حياة تلاميذ السيد
يوحنا21 :1 -14
الاب اثناسيوس حنين
الاحد 10 نوفمبر 2019
جأت مبادرة هذه الاطلالة ’والى نرجوها اسبوعية ’بعد حوار مع صديق "فيسبوكى" قديم وعليم أبدى حزنا شديدا وعتابا على قلة حضور الكلمة الالهية على وسائل التواصل ما خلا بعض ايات متناثرة ’ هنا وهناك ’ خارج سياقها أو موضوعات كتابية عراكية أو دفاعية أو نظام "الكلام لك يا جارة " ! سنخصص تأملنا فى انجيل السحر "باكر" والذى تخصصت فى قرائته كل صباح احد محاطا بالرهبان الاثوسيين وأبيهم الروحى فى كنيسة دير القديس نيكتاريوس باثينا . لاشك أن احداث الصليب وقتل معلمهم بسبب من التعصب الدينى والمساومات السياسية والصفقات المالية والرشوة قد أصابت التلاميذ بالاحباط والضجر ’ الذى يسميه اباء البرية "شيطان الظهيرة" والذى يمكن أن يؤدى اذا ما امسك بتلابيب النفس الغير محصنة بالنعمة والفهم وفنون الحرب الروحية والنفسية ’الى ترك المعلم والرسالة ونقض العهود وخلع الانسان الجديد ولبس العتيق !. لقد أدى هذا "القرف" الى أن قام بطرس بمبادرة شخصية وفردية " أنا أذهب للصيد" ربما شعر بطرس بانهم مراقبون من السلطات التى قتلت معلمهم ’ ولم يريد أن يورط اخوته فى خروجه للصيد ليلا والبلد فى حالة طوارئ بسبب من قتل الناصرى ! ."أنا" بدون أن يدعو رفاقه كعادة الصيادين المحترفين ! الخيبة الشخصية تؤدى الى شق الجماعة وتشتيت الجهود !قرر باقى التلاميذ أن يذهبوا معه ’ مع بعض ع الخير والشر زى ما بيقول المصريون . ."وفى تلك الليلة لم يمسكوا شيئا". قضوا الليل جله فى بحيرة طبرية فى فلسطين وهم الصيادون الحاذقون. المبادرات الفردية مهما كان صاحبها موهوبا أو خاريسما ’ مرشحة أن تؤؤل بالفشل . القائد العظيم ليس هو الذى يقود بل هو الذى يصنع قادة .. الحياة تعمل مع الحماعة المتحابة ولا يروقها الواحد الملهم !لهذا اساس ثالوثى وليس وحدانية مغلقة ومصمته تدهس الناس دهسا زى عجلة العربية الصب بلا حياة ولا هواء !. ولما كان الصبح "وقف يسوع على الشاطئ ". الاحباط الشديد والشطارة الزايدة وغياب روح الفريق والانغلاق ع الذات ’ تحجب عنا وجه المعلم .يقول الحبيب يوحنا أن "التلاميذ لم يكونوا يعلمون أنه يسوع " ’ ربما بسبب من لاهوته بعد القيامة ’ ولهذا قرر المعلم أن يظهر لهم بشريته أى ناسوته وبشكل عملى وطلب شيئا من السمك "أداما"’ الأمر الذى ستقيم عليه المجامع المسكونية ’ لاحقا ’ لاهوتها وعقائد الكنيسة الخرستولوجية -المسيحيانية وخاصة المجمع المسكونى الرابع 451 م . المجامع واللاهوتيون لم يأتوا بشئ من عندياتهم ولم يتفذلكوا بل تبعو الكلام الالهى وعاينوا السيد عند البحيرة وأكلوا وشربوا معه وهناك من يرى أن الأكل مع التلاميذ بعد القيامة يشير الى الافخارستيا ’ حتى ولو لم تكن بشكلها الذى تطور خلال التاريخ ’ لأن كل لقمة حلوة مع يسوع هى افخارستية !. لم ينتظر السيد اجابة لأنه أدرك حزنهم المهنى وخيبتهم الروحية الكبيرة ويأسهم ’ لا اعتقد بأننى وحدى الذى يصيبه الغثيان من الوعظ المعاصر الذى يحمل الناس اثقالا من الواجبات وعرة الحمل ’ سيبك بأنهم ما بيعملوش باللى بيوعظوا بيه من فوق المنابر ! ولكن المأساة أنهم لا يكلموهم عن مبادرات السيد الكثيرة والخيرة والتى تشهد لها الكلمة الالهية من التكوين للرؤيا وسط هموهم وفى عز اشغالهم ومكاتبهم ومدارسهم ومخادعهم وخروجهم ودخولهم ! ويتعجبون لماذ يذهب شبابنا وبناتنا وستاتنا حيث الترنيمة الحلوة وكلمة ربنا !!!’ فأمر يسوع أمرا يبدوا شكليا متناقض "الباراذوكسا الابائية" بأن القوا الشبكة الى جانب السفينة الايمن !ما نراه عند الصيادين أنهم يمسكون الشبكة باليمين ويلقوها على يسار المركب لتأخذ قوة اليد اليمين ! هنا الاشارة واضحة الى يمين الرب التى تصنع قوة حسب داود والى طاعة الايمان التى طالما ما كلمنا عنها بولس رفيق بطرس ’ هامتا الرسل ’ حسب التراث .فى معية المعلم نحن ننفذ ولا نتظلم بل نربح دوما. النتيجة " الصيد الوفير" . هنا من احب كثيرا يفهم كثيرا .’ يوحنا ’ لم يقل التلميذ الذى يحب الرب ’ بل التلميذ الذى كان يسوع يحبه ! ما تقوليش "حب ربنا" وتسيبنى ’ قل لى "ربنا بيحبك " وسيبنى بين ايديه . ! قال لهم التلميذ المحبوب "هو الرب " ربوبية يسوع ليست محصلة عراك فكرى وردح بلدى وتراشق بالايات والنصوص الابائية المقطوعة من شجرة الحياة والكنيسة ’ بل ’ بل كشف "ابو غلامسيس" كما يسميها المصريون .الموضوع مش نظريات دى لمسات واعلانات " كما يرتل شعبنا الطيب واللاهوتى بالسليقة. اللاهوت العلم يبدأ من لاهوت القلب . لا يمكن للنجسى القلوب والمظلمى العقول وعابدى المال واساتذة الكسب الغير المشروع ’ حتى لو باسم ربنا ’ وأكلى خبز الارامل والايتام وذوى القربى والحظوة ’أن يصيروا لاهوتيين . ازاى يعنى ’ مش فاهم ’ يبقى اللى سهروا الليالى وتركوا كل شئ واحبوا حتى المنتهى ودرسوا امهات الكتب وبكوا بكاء مرا على ذنوب لم يرتكبوها وسامحوا حتى المنتهى ’"ياخذو بومبة " !.اللاهوت ليس هو ردح بلدى بل رؤية كيانية وسهر كثير وحب كبير وتجرد كامل ودرس وتفتيش دائم للكتب -جميع الكتب- متواصل وتلمذة لا تكل والأهم مراقبة علامات الزمان الأنى والأتى . هنا ينكشف حب يسوع .ان اكتشاف بطرس لعريه لهو درس كبير أنه لا يوجد أول وأخر بين تلاميذ المسيح ’ والفكر الكنسى يرى البطريرك المتقدم "بين اخوة متساويين"’ بل أن كل تلميذ اكليريكيا أكان أم علمانيا ’ هو امتداد لكل تلاميذ المعلم حسب العظيم اوريجينوس . التلاميذ لم يسألوا يسوع " من أنت : لانهم يعلمون أنه الرب . حينما ينكشف الرب للنفس والعقل لا حاجة الى سؤال !.نختم تأملنا بوقفة مع عدد السمك ’ اذ يقول يوحنا بأنه "مئة وثلاثا وخمسين" فقد ورد عند القديس ايرونيموس أن علماء الطبيعة الأقدمين كانوا يدعون السمك 153 صنفا ’ فعلى شبكة الرسل أن تجمع جميع الاسر البشرية فى شبكة الكنيسة الواحدة مهما كانت احجامها او مستواها أو ألوانها (راجع الترجمة اليسوعية ).الى اللقاء الاحد القادم فى اطلالة انجيلية جديدة . يسوع فى وسطنا
لاهوت الدموع
تأملات فى قرأت الاحد ٢٧ اكتوبر ٢٠١٩
كالعادة تأسرنى الكلمة الألهية فى الليتورجية ’ وهل هناك قرأة حقيقية ممكنة ومستقيمة للانجيل خارج الليتورجية ’ اذ لفتنى وأنا أقراء انجيل سحرية (باكر)صورة ألمرأة - الصبية مريم التى "تبكى" أمام قبر فارغ وتشكو للقاضى والدانى همومها ووسط دموعها لم تتعرف حتى على الملاكين اللذان سألاها عن سبب بكائها فأجابت " قد أخذوا سيدى ولست أعلم أين وضعوه "(يوحنا 20’11-18).الدموع اليائسة أمام قبر فارغ قد تحولنا الى الهذيان وربما الانتحار النفسى أو الفعلى ! تحجب عنا رؤية حتى الملائكة !وردت كلمة دموع فى الكتاب المقدس حوالى31مرة منها 19فى العهد القديم و12 فى الجديد . ووردت كثيرا فى حياة والام ورؤى الاباء شيوخ البرية هؤلاء الذين يزرعون بالدموع نسكا وحبا وعلما ويحصدون كشفا ولاهوتا وشهادة’ لهذا ليست مصادفة ان الرسالة فى هذا اليوم يتحدث فيها بولس الى الكورنثيين عن "فرط الاعلانات " التى اغتصبها من السماء بدموع كثيرة’ ولم يكتب بولس لاهوتا نظريا ولا لاهوتا مكتبيا ولكن كتب ما كتب " بدموع كثيرة" 2كو 2 :4 وتلاميذ بولس كتبوا بالدموع "أراك ذاكرا دموعك " 2 تى 1 "4 ومن هنا عنونا تأملنا "لاهوت الدموع " . لأننا كثيرا ما نهرول وراء رؤية يوحنا ومحاججات بولس وذكاء اثناسيوس وعلم باسيليوس وموسيقى الدمشقى البيزنطية وكبار الوعاظ وفلان وعلان ’ وقلما نلتفت الى دموع هذه المرأة التى غيرت خريطة المسيحية الناشئة ومسار الكنيسة الاولى و أنتزعت الرؤية من قبر فارغ ’ بدموعها ’ والتى أهلتها لرؤية السيد بنفسه يناديها بأسمها ’ والاسم عند العبرانيين هو الشخص بكامله ’ ويرسلها للشهادة "أن أذهبى الى أخوتى وقولى لهم ..."ألعله قد أصابنا داء التهود الذى جعل تلاميذ يسوع يتعجبون من أنه يتكلم مع أمرأة (يوحنا 4 ) والتى صارت ’على عكس توقعات المجتمع الذكورى المتهود ومنه تلاميذ المسيح ’ نقول صارت مبشرة بناسوت بلاهوت المسيح المعلن فى ناسوته فى اعتراف سبق بل واسس لاعترافات ولاهوتيات المجامع المسكونية السبع حينما صرخت بأن "انسانا قال لى كل ما فعلت ألعله هو المسيح " وهنا خرج الشعب ولم يركضوا ورائها مهما كانت قداستها بل "خرجوا من المدينة وأتوا اليه " يوحنا 4 :30 "هى كانت وسيلة نبيلة والهدف هو يسوع !.والعجيب هو أن الكنيسة البيزنطية تعيد وتحتفى اليوم فى السنكسار لزوجة بيلاطس ’ كبير القضاة ’ والتى حذرت زوجها " بدموع" من أن يمد يده على يسوع البارغير عابئة بنتيجة فعلتها هذه مع زوج يمكن أن يعطيها فى لحظة كتاب طلاق ! (متى 27 :19).فاتنا أن نقول بأن يسوع نفسه’ حسب بولس الباكى ’ هو الكاهن على رتبة ملكى صادق والذى لم يأخذ كهنوته بأى شكل من الأشكال المعروفة ’ سواء قانونية أو غير قانونية أو سيمونية’ حسب ما نسمع هذه الأيام من شهود عيان ’ خلال التاريخ الطويل القديم والحديث ’ بل "فى أيام جسده قدم بصراخ ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه " عب 5 :7 .لقد صارت دموع يسوع عثرة كبيرة امام الكثيرين خلال تاريخ الكنيسة وأدت الى هرطقات أدانتها المجامع المسكونية وما زال الوعاظ الثقاة يتحاشون الخوض فى تفسيرها خوفا من أتهامهم بأنهم يعبدون "ألها يبكى " أليس التبشير باله يبكى خيرا من الأفتخار باله "يقتل " وينزع من الانسان أعز عطية منحتها له السماء وهى حريته فى أن يبكى ويصنع من دموعه لاهوتا !!!. لقد صدم بولس العبرانيين ’ ومن على شاكلتهم ’ الذين يؤمنون باله منتقم جبار يميت من يشاء ويحيى من يشاء ويسمح ويمنع بلا اشراك للانسان فى قراراته التعسفية !’ بأن قدم لهم ألها يبكى معهم أى شريكا لهم فى حوار رائع وحرية وما أروع .ولكن متى بكى يسوع الاله؟ يجيب بولس "فى ايام جسده" أى من لحظه التحافه ببشريتنا ’ وسكناه فى حيينا وفينا كما تعنى اية يوحنا فى اللغة الاصلية وصرنا فيه ’ وحل فينا ’ بل وصار أخا لنا نحن الذين سبق فعيينا لنكون مشابهين صورة ابنه ليكون بكرا بين اخوة كثيرين (رومية 8: 28)’ وصار لنا به قدوما لدى الأب ’ وصارت تقواه هى تقوانا ودموعه هى دموعنا والامه الامنا وقايمته قيامتنا ’ ولاهوته هو ناسوتنا وناسوتنا هو لاهوته ’ بلا تغيير فى أحدهما ولا امتزاج ولا خلط فى الادوار بل فى تبادل الخواص فى اتحاد كامل فى شخص يسوع المسيح الواحد حسب المجمع المسكونى الرابع’ بل وصارت لنا نحن الذين نطيعه سبب خلاص أبدى . لقد بكى يسوع مرتان ’مرة وهو يقترب من أورشليم وحسب لوقا "وفيما هو يقترب نظر الى المدينة وبكى عليها " السبب أنها لا تعلم يمينها من شمالها ولا تعرف زمان افتقادها والنتيجة الحتمية هى أنهم حولوا بيت الصلاة ’ بيت الرب ’ الى مغارة لصوص ومنهم كهنة ورؤساء كهنة وهم لا يخجلون (لوقا 19 :41 -46)’لأن شعبه المدينة المقدسة لا يقرأ التاريخ وان قرأ لا يفهم وان فهم يفهم حسب أوجاعه وشهواته وليس حسب المسيح - اللوغوس ! ومرة أخربكى يسوع على قبر صديقه لعازر (يوحنا 11) ولكنه وضع بدموعه اللبنات الاولى للاهوت الدموع . الشئ المدهش ان الذى انتزع دموع يسوع هم أمرأئتان أيضا ’الاختان مريم ومرثا وهنا أصلح الانجيل مفهومنا الموروث عن مرثا التى تهتم وترتبك لامور كثيرة بينما الحاجة الى واحد ’ ليتحول حب مرثا للخدمة للحركة والنشاط وموهبتها فى طرح الاسئلة المصيرية ’ الى أن تخرج اولا لتلتقى يسوع وقالت له فى لهجة عتاب شديد " يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخى " بينما مريم فاستمرت جالسة فى البيت ’ لا يشكل الجلوس فى البيت ’ وحده ’ خلاصة العمل اللاهوتى وجوهر الخدمة بل الحركة والخروج للقاء السيد بالدموع والسؤال الجذرى ! يختم انجيل القداس من لوقا 8 :41 -56 تأملنا عن لاهوت الدموع بأية أو عجيبة شفاء ابنة يايروس وهو من الوجهاء فى الدنيا والأخرة اذ كان يؤم العبرانيين فى الصلاة فى المجمع ’ هذا العظيم فى اليهودية جاء "ووقع عند قدمى يسوع " الأمر الذى يكلفه الكثير بسبب من وضعه الدينى والاجتماعى ’ وحينما ذهب يسوع الى بيته "كان الجميع يبكون عليها ويلطمون " فقال يسوع ’ وربما ولأول مرة ’ " لا تبكوا .لم تمت لكنها نائمة " . الدموع هى جرن اللاهوت وشحذ وطراواة الفكر وانكسار القلب ورهافة الحس وحرارة البشارة وسهر الصلاة والدراسة والقرأة والتواضع حتى الامحاء . الخادم الباكى يتحول الى لاهوتى ومبشر يرثى لحال الشعب الجالس فى كثرة معاصيه وشروره مع أرميا ’ النبى الباكى واللاهوتى صارخا " يا ليت رأسى ماء وعينى ينبوع دموع فأبكى نهارا وليلا على قتلى بنت شعبى " أرميا 9 :1 . وهل نسينا بأن اللاهوتى يوحنا قد أخذ القوة (الذيناميس ) على أن يفتح السفر ’ سفر كلمة الحياة ’ ويقرائه بعد أن صار "يبكى كثيرا لأنه لا يوجد أحد مستحقا " جائه صوت أحد الشيوخ وهنا أهمية الشركة مع الشيوخ المختبرين ’ "لا تبك " وعرفه سر الحمل المذبوح .(رؤيا 5:1-5) .وهل أختلفت الأمور اليوم كثيرا ! الحاجة اليوم ’ ماسة الى لاهوت الدموع وكل هذه من قرأة وبحث وتأليف ونشر وحوارات واحتجاجات وتساؤلات وانتقادات ذاتية او وموضوعية ’ تزاد (بضم التاء وفتح الزين ) لنا .أمين
الأب أثناسيوس حنين
عيد رقاد العذراء مريم
تحتفل الكنيسة في هذا العيد برقاد العذراء مريم، ويُقال "رقاد" لأنه لا موت في المسيحية. كما تحتفل أيضًا بانتقالها بالجسد بواسطة الملائكة إلى السماء. رقاد العذراء وانتقالها بالجسد إلى السماء يمثل لنا المجد الذي يمكن أن نصير إليه إذا ما أثمرت النعمة فينا بفعل الروح القدس
القديس يوحنا الدمشقي يقول عن رقادها: "لن أُسمي رحيلكِ المقدس موتًا بل رقادًا او سَفرًا، والأفضل تسميته إقامة. ففيما خرجتِ من مدى الجسد دخلت مدى أفضل. لأن مريم استبقت القيامة فلا تحضر محاكمة أو دينونة وتقيم في المجد، أي الحالة التي نكون جميعًا إليها بعد القيامة الأخيرة
اليوم نُعيد لعيد مَن هي أقدس من كل القديسين وهي العذراء مريم، في العقيدة الأرثوذكسية تُسمى "ثيوتوكس"، أي "والدة الإله"؛ لأن في أحشائها حملت يسوع المسيح بالطبيعة البشرية بحلول الروح القدس عليها. لذا ففي صلوات العيد ترتل الكنيسة: "لأنكِ انتقلت إلى الحياة بما أنكِ أم الحياة (أي المسيح)". لقد تجسد "ابن الله" و"ابن الإنسان" من العذراء مريم واتخذ طبيعة بشرية كاملة دون أن يفقد شيئًا من ألوهيته. أما مريم العذراء فقد صارت أمًّا لله المتجسد؛ لأن الرب يسوع المسيح يجمع في شخصه "الطبيعة الإلهية" الكاملة و"الطبيعة الإنسانية" الكاملة، فهو إله كامل وإنسان كامل. وهي أيضاً أُمُّنا جميعًا بكونها وسيطة بين البشر وابنها يسوع المسيح، لأننا عندما نتناول جسد المسيح ودمه نصبح إخوة للمسيح وبالتالي تصبح العذراء أُمَّنا، وكأم لنا تحمينا من كل الشدائد عندما ندعوا اسمها المقدس في الشفاعة
لا شك أن لمريم وضعًا خاصًا وامتيازات خاصة، لأنها حملت في أحشائها الرب يسوع المسيح المتجسد منها. لذا لم يسمح ابنها وربها لجسدها القدوس أن يرى فسادًا وتعفنًا في القبر كسائر البشر، فأصعدها بالجسد بعد أن رقدت واضجعت في القبر ولم يلحقها فساد. لأن ابن الله الذي اتخذ الطبيعة البشرية في حشا البتول لا يستطيع أي شيء أن يفصله عن أمه حتى في الجسد؛ لأن بينهما وحدة مطلقة. فكان لا بد أن يُدخِلَ خادمةَ التجسد أمه إلى مجده، والتي تستمد مجدها من مجد ابنها يسوع المسيح. فحصلت مريم على المجد ولم ينل جسدها فساد القبر والموت. لذلك يَحِق أن تُكرِّم الكنيسة والدة الإله بطريقة أسمى من الشيروبيم والسيرافيم وليس فقط أسمى من كل البشر، وتقر بالسجود التكريمي لها؛ لأن سجود العبادة هو للرب يسوع المسيح وحده، ولأننا سنسجد لله فيها ومن خلالها بالروح والحق
إن إصعاد الرب يسوع المسيح والدة الإله مريم العذراء إلى السماء بالجسد بعد رقادها، إنما هو تكريم مباشر للبشرية كلها. لأن جسد العذراء الذي استحق هذه الكرامة والمجد المُسبق هو مثل جسدنا له نفس كرامة العذراء وهو عربون وبرهان لقيامة أجسادنا، فالله الكلمة تجسد ليخلص الإنسان ويضمه إليه ويرفعه من وهدة الهلاك والفساد
لذلك يَحِق أن نُكرم والدة الإله ونحترم عيد رقادها بشكل كبير؛ لأن يوم رقادها وانتقالها إلى السماء يشكل تأكيد على إمكانية دخولنا إلى ملكوت الله. وذلك بنعمة الله وبشفاعتها وحمايتها، إذ لم تهملنا برقادها الذي يمثل لنا المجد الذي يمكن أن تصير إليه طبيعتنا الإنسانية بفعل الروح القدس وانفتاحنا لعمله فينا بجهادنا الشخصي، لكي تنفتح وتتدفق (طبيعتنا الإنسانية) حياة وقداسة
فالعيد اليوم هو عيد كل الطبيعة الإنسانية، وسَمح لطبيعتنا الإنسانية بالرجاء؛ لأن مريم أوصلت الجبلة الترابية النتنة إلى هدفها الأسمى. لتكن والدة الإله مثالاً لنا ولنطبق وصيتها الوحيدة التي تركتها لنا كطريق للحياة، كنقطة تماس بيننا وبين الله، كعلامة القرابة له والتقرب إليه
هذه الوصية الوحيدة التي تركتها لنا هي تلك الكلمات التي قالتها للخدام في عرس قانا الجليل: "مهما قال لكم فافعلوه" (يو 5:2). هذه الوصية تتركها لكل منا قائلة: إفهم كلام المسيح، أصغِ إليه ولا تكن مجرد مستمع بل نفذُه، فعندها ستتحول كل الأرضيات إلى السماويات المتجلية الممجَدة
عظة المتروبوليت/ نقولا، مطران طنطا وتوابعها والوكيل البطريركي للشؤون العربية، في كنيسة رؤساء الملائكة بالقاهرة يوم 15 أغسطس 2019 بمناسبة عيد رقاد العذراء مريم
القديس يوحنا الدمشقي يقول عن رقادها: "لن أُسمي رحيلكِ المقدس موتًا بل رقادًا او سَفرًا، والأفضل تسميته إقامة. ففيما خرجتِ من مدى الجسد دخلت مدى أفضل. لأن مريم استبقت القيامة فلا تحضر محاكمة أو دينونة وتقيم في المجد، أي الحالة التي نكون جميعًا إليها بعد القيامة الأخيرة
اليوم نُعيد لعيد مَن هي أقدس من كل القديسين وهي العذراء مريم، في العقيدة الأرثوذكسية تُسمى "ثيوتوكس"، أي "والدة الإله"؛ لأن في أحشائها حملت يسوع المسيح بالطبيعة البشرية بحلول الروح القدس عليها. لذا ففي صلوات العيد ترتل الكنيسة: "لأنكِ انتقلت إلى الحياة بما أنكِ أم الحياة (أي المسيح)". لقد تجسد "ابن الله" و"ابن الإنسان" من العذراء مريم واتخذ طبيعة بشرية كاملة دون أن يفقد شيئًا من ألوهيته. أما مريم العذراء فقد صارت أمًّا لله المتجسد؛ لأن الرب يسوع المسيح يجمع في شخصه "الطبيعة الإلهية" الكاملة و"الطبيعة الإنسانية" الكاملة، فهو إله كامل وإنسان كامل. وهي أيضاً أُمُّنا جميعًا بكونها وسيطة بين البشر وابنها يسوع المسيح، لأننا عندما نتناول جسد المسيح ودمه نصبح إخوة للمسيح وبالتالي تصبح العذراء أُمَّنا، وكأم لنا تحمينا من كل الشدائد عندما ندعوا اسمها المقدس في الشفاعة
لا شك أن لمريم وضعًا خاصًا وامتيازات خاصة، لأنها حملت في أحشائها الرب يسوع المسيح المتجسد منها. لذا لم يسمح ابنها وربها لجسدها القدوس أن يرى فسادًا وتعفنًا في القبر كسائر البشر، فأصعدها بالجسد بعد أن رقدت واضجعت في القبر ولم يلحقها فساد. لأن ابن الله الذي اتخذ الطبيعة البشرية في حشا البتول لا يستطيع أي شيء أن يفصله عن أمه حتى في الجسد؛ لأن بينهما وحدة مطلقة. فكان لا بد أن يُدخِلَ خادمةَ التجسد أمه إلى مجده، والتي تستمد مجدها من مجد ابنها يسوع المسيح. فحصلت مريم على المجد ولم ينل جسدها فساد القبر والموت. لذلك يَحِق أن تُكرِّم الكنيسة والدة الإله بطريقة أسمى من الشيروبيم والسيرافيم وليس فقط أسمى من كل البشر، وتقر بالسجود التكريمي لها؛ لأن سجود العبادة هو للرب يسوع المسيح وحده، ولأننا سنسجد لله فيها ومن خلالها بالروح والحق
إن إصعاد الرب يسوع المسيح والدة الإله مريم العذراء إلى السماء بالجسد بعد رقادها، إنما هو تكريم مباشر للبشرية كلها. لأن جسد العذراء الذي استحق هذه الكرامة والمجد المُسبق هو مثل جسدنا له نفس كرامة العذراء وهو عربون وبرهان لقيامة أجسادنا، فالله الكلمة تجسد ليخلص الإنسان ويضمه إليه ويرفعه من وهدة الهلاك والفساد
لذلك يَحِق أن نُكرم والدة الإله ونحترم عيد رقادها بشكل كبير؛ لأن يوم رقادها وانتقالها إلى السماء يشكل تأكيد على إمكانية دخولنا إلى ملكوت الله. وذلك بنعمة الله وبشفاعتها وحمايتها، إذ لم تهملنا برقادها الذي يمثل لنا المجد الذي يمكن أن تصير إليه طبيعتنا الإنسانية بفعل الروح القدس وانفتاحنا لعمله فينا بجهادنا الشخصي، لكي تنفتح وتتدفق (طبيعتنا الإنسانية) حياة وقداسة
فالعيد اليوم هو عيد كل الطبيعة الإنسانية، وسَمح لطبيعتنا الإنسانية بالرجاء؛ لأن مريم أوصلت الجبلة الترابية النتنة إلى هدفها الأسمى. لتكن والدة الإله مثالاً لنا ولنطبق وصيتها الوحيدة التي تركتها لنا كطريق للحياة، كنقطة تماس بيننا وبين الله، كعلامة القرابة له والتقرب إليه
هذه الوصية الوحيدة التي تركتها لنا هي تلك الكلمات التي قالتها للخدام في عرس قانا الجليل: "مهما قال لكم فافعلوه" (يو 5:2). هذه الوصية تتركها لكل منا قائلة: إفهم كلام المسيح، أصغِ إليه ولا تكن مجرد مستمع بل نفذُه، فعندها ستتحول كل الأرضيات إلى السماويات المتجلية الممجَدة
عظة المتروبوليت/ نقولا، مطران طنطا وتوابعها والوكيل البطريركي للشؤون العربية، في كنيسة رؤساء الملائكة بالقاهرة يوم 15 أغسطس 2019 بمناسبة عيد رقاد العذراء مريم
الحَبَل بلا دَنَس
الكنيسة الأرثوذكسيّة تكرّم العذراء مريم والدة الإله تكريماً خاصّاً وترتّل لها في كلّ ذبيحة إلهيّة: “يا من هي أكرم من الشاروبيم وأرفع مجداً بغير قياسٍ من السيرافيم، يا من بغير فساد ولدت كلمة الله حقاً إنّكِ والدة الإله إيّاكِ نعظّم”. إلى ذلك تعلّم كنيستنا أنّ المرأة الأولى حوّاء قد جلبت المعصية لجنس البشر، أمّا حوّاء الجديدة، أي العذراء مريم، فقد جلبت الخلاص أعني المسيح الإله والمخلّص جنس البشر. بذلك فقد أصبحت أمّاً لكلّ إنسان مسيحيّ أخ للربّ يسوع مخلّصنا
لقد اقتبلت العذراء مريم في جسدها الألوهة دون أن تفقد طبيعتها البشريّة المتّحدة بالطبيعة الإلهيّة. هي التي “بغير فساد ولدت كلمة الله”. لقد أصبحت المرأة الأولى التي جسّدت كلام بطرس الرسول “لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهيّة” (2 بطرس 1: 4)
هكذا تمّ تألّه الإنسان في شخص العذراء مريم
قيل إنّ راهباً شابّاً كان يصلّي أمام أيقونة والدة الإله في الجبل المقدّس جبل آثوس فتراءى له ملاك وأخذ يعلّمه كيف يعظّم العذراء أمّ الإله بأفضل صورة قائلاً له ومدوّناً ما يلي: “بواجب الإستئهال حقاً نغبّط والدة الإله الدائمة الطّوبى البريئة من كلّ العيوب أمّ إلهنا…”. هذه الأيقونة المقدّسة المعروفة بـ “واجب الإستئهال” محفوظة، حتّى الآن، في كنيسة الجبل المقدّس الرئيسة
هذا التكريم الفائق لوالدة الإله لم يمنعنا نحن المسيحيّين الأرثوذكسيّين أن نرفض قرارًا “مجمعيًّا كاثوليكيًّا رومانيًّا” صدر بسنة 1854 معروفًا بعقيدة الحبل بلا دنس Immaculée Conception. يدّعي هذا القرار أنّ العذراء مريم قد وجدت، في لحظة الحَبَل بها في بطن القدّيسة حنّة أُمِّها، معفاةً من كلّ دنس الخطيئة الجدّيّة، كمنحة من الله الكلّيّ القدرة
والقرار يعلن “أنّها عقيدة معلنة من الله، وعلى كلّ مؤمن أن يلتزم بها
من واجبنا نحن الأرثوذكسيّين المستقيمي الرأي أن نعلن، بدورنا، أنّ هذه العقيدة لا تكرّم العذراء مريم بل، على العكس، تحطّ من كرامتها بجعلها امرأة تفوق البشر Super femme وكأنّها صارت، وبصورة سحريّة، نصف إله. هذا القرار يشوّه شخصيّة العذراء وعظمة محبّتها لله وحرّيّة موقفها أنّها لم تقبل أيّة خطيئة في جهادها البشريّ. لقد ورثت، مثل كلّ إنسان، نتائج الخطيئة الأصليّة، بخاصّة تجربة الألم والموت كما ذاقها يسوع نفسه. فهي قد حملت، مثل ابنها وخالقها، ملء الطبيعة البشريّة دون الإلتصاق بالخطيئة
هذا كلّه لا يعني أنّ الأرثوذكسيّين لا يعترفون بعذريّة مريم المعلنة في المجمع المسكونيّ الخامس 553 الذي أعلن أنّها بتول قبل الولادة، في الولادة وبعد الولادة؛ العلامة هي على أيقونتها وتبرز بصورة ثلاث نجوم: واحدة على الجبين وواحدة على كلّ من الكتفين
إنّنا، في الكنيسة الأرثوذكسيّة، لا نقلّل أبداً من قدسيّة العذراء مريم، وفي الوقت نفسه لا نغالي في الإدّعاء أنّها معصومة عن الخطيئة الجدّيّة ونتائجها، ما يجرّدها من فضل جهادها البشريّ الذي جعلها منزّهة عن الوقوع في الخطيئة لكي تبقى دائمة الطهارة. نحن نرفض أن نعتبرها شريكة كلّيّة في الخلاص على غرار الثالوث القدوس الذي هو وحده الخالق، وهو مغاير كلّيّاً للمخلوق الذي من ضمنه طبيعة مريم أمّنا وشفيعتنا الأولى والأقدس من كلّ القدّيسين
أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
لقد اقتبلت العذراء مريم في جسدها الألوهة دون أن تفقد طبيعتها البشريّة المتّحدة بالطبيعة الإلهيّة. هي التي “بغير فساد ولدت كلمة الله”. لقد أصبحت المرأة الأولى التي جسّدت كلام بطرس الرسول “لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهيّة” (2 بطرس 1: 4)
هكذا تمّ تألّه الإنسان في شخص العذراء مريم
قيل إنّ راهباً شابّاً كان يصلّي أمام أيقونة والدة الإله في الجبل المقدّس جبل آثوس فتراءى له ملاك وأخذ يعلّمه كيف يعظّم العذراء أمّ الإله بأفضل صورة قائلاً له ومدوّناً ما يلي: “بواجب الإستئهال حقاً نغبّط والدة الإله الدائمة الطّوبى البريئة من كلّ العيوب أمّ إلهنا…”. هذه الأيقونة المقدّسة المعروفة بـ “واجب الإستئهال” محفوظة، حتّى الآن، في كنيسة الجبل المقدّس الرئيسة
هذا التكريم الفائق لوالدة الإله لم يمنعنا نحن المسيحيّين الأرثوذكسيّين أن نرفض قرارًا “مجمعيًّا كاثوليكيًّا رومانيًّا” صدر بسنة 1854 معروفًا بعقيدة الحبل بلا دنس Immaculée Conception. يدّعي هذا القرار أنّ العذراء مريم قد وجدت، في لحظة الحَبَل بها في بطن القدّيسة حنّة أُمِّها، معفاةً من كلّ دنس الخطيئة الجدّيّة، كمنحة من الله الكلّيّ القدرة
والقرار يعلن “أنّها عقيدة معلنة من الله، وعلى كلّ مؤمن أن يلتزم بها
من واجبنا نحن الأرثوذكسيّين المستقيمي الرأي أن نعلن، بدورنا، أنّ هذه العقيدة لا تكرّم العذراء مريم بل، على العكس، تحطّ من كرامتها بجعلها امرأة تفوق البشر Super femme وكأنّها صارت، وبصورة سحريّة، نصف إله. هذا القرار يشوّه شخصيّة العذراء وعظمة محبّتها لله وحرّيّة موقفها أنّها لم تقبل أيّة خطيئة في جهادها البشريّ. لقد ورثت، مثل كلّ إنسان، نتائج الخطيئة الأصليّة، بخاصّة تجربة الألم والموت كما ذاقها يسوع نفسه. فهي قد حملت، مثل ابنها وخالقها، ملء الطبيعة البشريّة دون الإلتصاق بالخطيئة
هذا كلّه لا يعني أنّ الأرثوذكسيّين لا يعترفون بعذريّة مريم المعلنة في المجمع المسكونيّ الخامس 553 الذي أعلن أنّها بتول قبل الولادة، في الولادة وبعد الولادة؛ العلامة هي على أيقونتها وتبرز بصورة ثلاث نجوم: واحدة على الجبين وواحدة على كلّ من الكتفين
إنّنا، في الكنيسة الأرثوذكسيّة، لا نقلّل أبداً من قدسيّة العذراء مريم، وفي الوقت نفسه لا نغالي في الإدّعاء أنّها معصومة عن الخطيئة الجدّيّة ونتائجها، ما يجرّدها من فضل جهادها البشريّ الذي جعلها منزّهة عن الوقوع في الخطيئة لكي تبقى دائمة الطهارة. نحن نرفض أن نعتبرها شريكة كلّيّة في الخلاص على غرار الثالوث القدوس الذي هو وحده الخالق، وهو مغاير كلّيّاً للمخلوق الذي من ضمنه طبيعة مريم أمّنا وشفيعتنا الأولى والأقدس من كلّ القدّيسين
أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
عظة عيد النبي إيليا
عظة عيد النبي إيليا
" صعد إيليا وكأنه الى السماء" . هذا ما قاله الكتاب. لم يقل أنه صعد الى السماء. الوحيد الذي صعد الى السماء هو يسوع. إسمه إيلياهو بالعبرانية يعني الله هو إلهي. أي إنه لا يعترف بإله الا بالله
ما تركه لنا هو أنْ لا نصدق إلا الله، أنْ لا نعبد إلا الله، أنْ لا نعبد المال، أنْ لا نعبد الجسد، أنْ لا نعبد مخلوقا، أنْ نعبد الله. هذه هي رسالة إيليا. خذوا من الأنبياء والقديسين رسالتهم أي ماذا يعلموننا. لا يهمني ماذا عملوا من عجائب. يهمني تعليمهم لنا
تعليم إيليا لنا أنه ليس من إله إلا الله فقط. لذلك إذا عيدنا لمار الياس يهمنا ماذا عمل وماذا قال وماذا تكلم. يهمنا بدورنا أنْ لا نعبد إلا الله. لا نعبد المال. ولا نعبد الجسد. ولا نعبد ملذاتنا. ولا نعبد الجسد. إكرهوا كل شيء إلا الله. بمعنى أنْ لا نتعلق بشيء أبدا إلا بالرب يسوع وأنْ نكون له. نحن لسنا لأحد. نحن لسنا لنسائنا. نحن لسنا لأولادنا. نحن لله فقط. نسائنا تمشي معنا وأولادنا وأزواجنا يمشون معنا على الطريق. نحن لسنا لهم. نحن ليسوع فقط. نحن نخدم الناس لنقودهم الى الرب
لاحظوا قول الكتاب انه صعد كأنه الى السماء. فإذاً نحن أيضا بدورنا نصعد الى السماء. انتم هنا في هذه القرية المطلوب منكم أنْ تصعدوا الى السماء، ليس بأجسادكم. لكن بقلوبكم. بحيث لا يسكن في قلوبكم إلا المسيح. إذا إستطعتم أنْ تحققوا هذا فأنتم له
الرب يعطينا أنْ نطلب السماء دائما. هل السماء التي فوق؟ لا. أنْ نطلب السماء أي نطلب الرب وحيث يسكن. أنْ نطلب الذين يحبون الرب في هذه الدنيا. هؤلاء هم حضرة الربّ بيننا. المُقدَّسون في سلوكهم هم وجه الرب. انتم تتعاطون مع الناس. فالناس المقدَّسون وليس كلهم، هؤلاء هم إلتفاتة يسوع إلينا. تحبونهم
الرب يعطينا جميعا أنْ نصعد الى السماء. السماء هي في قلوبكم.أين الله؟ الله في قلوبكم. هذه هي السماء. وأنتم تصعدون من قلوبكم الى قلوبكم، هناك تلتقون الرب، إذا كانت مطَهرَّة. وإن لم تكن فطهروها
الرب يعطيكم جميعا أنْ تشبهوا إيليا. لا تعبدون إلا الله. تحبون الناس. لكن لا تعبدون الناس. هو المرجع. هو قال: انا البداية والنهابة. فأنتم له بالحب. ما الحب؟ هو الطاعة." من أحبني يحفظ وصاياي". هذا الحب. الطاعة للرب يسوع. المحبة تدعونا إلى تطهير نفوسنا من كل أوساخ هذا العالم
فإذا عيدتم لأيليا فأنتم تعيدون لرب إيليا. فإنتم تصعدون مثلما صعد إيليا. إذا بقيتم عند إيليا لم تفعلوا شيئا. ينبغي أن تصعدوا مع ايليا الى الله الذي هو مخلص جميع الناس. فالله يعطيكم أنْ تجددوا حياتكم بيسوع يوماً بعد يوم، ولكم منه الحياة الابدية
بيت مري – كنيسة مار الياس
الاثنين 20 تموز 2015
" صعد إيليا وكأنه الى السماء" . هذا ما قاله الكتاب. لم يقل أنه صعد الى السماء. الوحيد الذي صعد الى السماء هو يسوع. إسمه إيلياهو بالعبرانية يعني الله هو إلهي. أي إنه لا يعترف بإله الا بالله
ما تركه لنا هو أنْ لا نصدق إلا الله، أنْ لا نعبد إلا الله، أنْ لا نعبد المال، أنْ لا نعبد الجسد، أنْ لا نعبد مخلوقا، أنْ نعبد الله. هذه هي رسالة إيليا. خذوا من الأنبياء والقديسين رسالتهم أي ماذا يعلموننا. لا يهمني ماذا عملوا من عجائب. يهمني تعليمهم لنا
تعليم إيليا لنا أنه ليس من إله إلا الله فقط. لذلك إذا عيدنا لمار الياس يهمنا ماذا عمل وماذا قال وماذا تكلم. يهمنا بدورنا أنْ لا نعبد إلا الله. لا نعبد المال. ولا نعبد الجسد. ولا نعبد ملذاتنا. ولا نعبد الجسد. إكرهوا كل شيء إلا الله. بمعنى أنْ لا نتعلق بشيء أبدا إلا بالرب يسوع وأنْ نكون له. نحن لسنا لأحد. نحن لسنا لنسائنا. نحن لسنا لأولادنا. نحن لله فقط. نسائنا تمشي معنا وأولادنا وأزواجنا يمشون معنا على الطريق. نحن لسنا لهم. نحن ليسوع فقط. نحن نخدم الناس لنقودهم الى الرب
لاحظوا قول الكتاب انه صعد كأنه الى السماء. فإذاً نحن أيضا بدورنا نصعد الى السماء. انتم هنا في هذه القرية المطلوب منكم أنْ تصعدوا الى السماء، ليس بأجسادكم. لكن بقلوبكم. بحيث لا يسكن في قلوبكم إلا المسيح. إذا إستطعتم أنْ تحققوا هذا فأنتم له
الرب يعطينا أنْ نطلب السماء دائما. هل السماء التي فوق؟ لا. أنْ نطلب السماء أي نطلب الرب وحيث يسكن. أنْ نطلب الذين يحبون الرب في هذه الدنيا. هؤلاء هم حضرة الربّ بيننا. المُقدَّسون في سلوكهم هم وجه الرب. انتم تتعاطون مع الناس. فالناس المقدَّسون وليس كلهم، هؤلاء هم إلتفاتة يسوع إلينا. تحبونهم
الرب يعطينا جميعا أنْ نصعد الى السماء. السماء هي في قلوبكم.أين الله؟ الله في قلوبكم. هذه هي السماء. وأنتم تصعدون من قلوبكم الى قلوبكم، هناك تلتقون الرب، إذا كانت مطَهرَّة. وإن لم تكن فطهروها
الرب يعطيكم جميعا أنْ تشبهوا إيليا. لا تعبدون إلا الله. تحبون الناس. لكن لا تعبدون الناس. هو المرجع. هو قال: انا البداية والنهابة. فأنتم له بالحب. ما الحب؟ هو الطاعة." من أحبني يحفظ وصاياي". هذا الحب. الطاعة للرب يسوع. المحبة تدعونا إلى تطهير نفوسنا من كل أوساخ هذا العالم
فإذا عيدتم لأيليا فأنتم تعيدون لرب إيليا. فإنتم تصعدون مثلما صعد إيليا. إذا بقيتم عند إيليا لم تفعلوا شيئا. ينبغي أن تصعدوا مع ايليا الى الله الذي هو مخلص جميع الناس. فالله يعطيكم أنْ تجددوا حياتكم بيسوع يوماً بعد يوم، ولكم منه الحياة الابدية
بيت مري – كنيسة مار الياس
الاثنين 20 تموز 2015
أحد آباء المجمع المسكوني الرابع
2012,6 نوفمبر
المطران بولس يازجي
الكـلمـة الصـادقـة“ يا ولدي تيطس، صادقة هي الكلمة”
بهذه الكلمات الرائعة يتوجّه بولس الرسول بدالّة كبيرة وعطف ومحبّة نحو تلميذه تيطس، فيحدّثنا عن الكلمة وعن صدقها. فأيّة كلمة هي هذه؟ وكيف تكون صادقة؟
الكلمات هي لغة وأداة يستخدمها الناس للاتصال بالناس الآخرين والتعبير لهم عن مشاعرهم وما لديهم من أفكار. لكن من هذا الإطار بين بني البشر، مرّات عديدة لا تكون الكلمة صادقة. يحدّثنا بولس الرسول عن كلمة أخرى هي دائمة صادقة إنّها كلمة الله
وكلمة الله، هذه الصادقة، لا تصلنا مباشرة. لسنا نحن “أهل الكتاب”، أي أنّنا لم نستلم الكتاب مُنـزلاً به، بل موحى به. لم يأتِ ملاكٌ ويقول لـ متّى أو لوقا… “اكتبْ” بل أُوحي لهم ولكلّ القدّيسين والرسل والمفسِّرين معهم. فجاءتنا كلمةُ الله الصادقة عبر الكلمة البشريّة. وهذا العبور من خلال العنصر البشريّ جعل الكلمةَ الإلهيّة مرّات ليست قليلة في خطر من التزييف. لهذا لدينا أنبياء ولدينا أنبياء كذبة، لدينا رعاة ولدينا، كما يقول يسوع، ذئابٌ خاطفة تأتي بثياب الحملان، هي ذئاب لكنّها تدّعي أنّها تنقل كلمة الله الصادقة، أي ترتدي ثياب الحملان. لدينا، أخيراً المسيح ولدينا أيضاً المسيح الدجّال. وسرُّ الضلال يعمل كما يقول يوحنّا الرسول
يستلم إذن بعضُ البشر والموهوبين، ومَن نسمّيهم قدّيسين أو رسلاً، وأحياناً يدعي ذلك بعض الكاذبين، يستلمون كلمـــةَ الله بالوحي ويصفونها بكلماتهم البشريّة، فترتدي حقيقتها رداءً خارجيّاً من لغة وحضارة وثقافة ناقلها. الإنجيل هو هو، لكن لونه عند يوحنا غير لونه عند متّى، وهكذا
في زمن حضور المسيح، هو هو كلمة الله الحيّة، دون وسيط أو ناقل وإنّما كما يقول بولس الرسول: “أنّ الله بعد أن كلّمنا بطرائق عديدة بالأنبياء… كلّمنا أخيراً بابنه الوحيد”، كانت كلمة الله تشرح من جهتَين، الأولى كانت اليهود المؤمنين والثانية كانت الوثنيّين
اعتقد الفلاسفة أنّ الكلام عن الله هو معرفته. وشتّان هو الفرق بين معرفة الله من الكلام معه وبين معرفته بالكلام والتنظير عنه! وصارت الفلسفة هي طريق فكريّة لاكتشاف الحقيقة وصياغتها. وترانا نجد الفلاسفة يكثرون الكلام عن الله بينما مرّات عديدة يبيحون لأنفسهم مسلكيّات لا يريدها الله. لقد كان “اللاهوت” لهم مهنة فكريّة كما هو الفيزياء والكيمياء
بينما لليهود من الوجهة المقابلة، كانت كلمة الله لهم هي أرادته، والتي كانت الشريعة تعبّر عنها. “الوصايا” الإلهيّة هي الكلمة التي يريد الله أن ينطق بها، بمقدار ما يحفظها المؤمن بمقدار ما يكون الله أميناً معه فيحفظه
ماذا يريد الله منّا؟ الجواب لدى اليهود في العهد القديم هو تحديد وصايا الله، لذلك ابتدع التقليد لديهم عدداً من الوصايا لا يُحَّد، يمسُّ أدقّ تفاصيل الحياة اليوميّة، بهذه الشرائع كانوا يظنّون أنّهم يفهمون ويفسِّرون كلمة الله ليحفظوها. والغرابة أنّه عندما جاءت كلمة الله ذاتها، بيسوع المسيح، قاومت شرائعُ البشر كلمتَه. لقد قال لهم يسوع “أبطلتم وصيّة الله بوصاياكم”! وهكذا نسمع كلاماً بشريّاً عوض الكلام الإلهيّ!
عندما جاء يسوع كانت الجموع تُبهتُ من تعليمه، لأنّه كان يكلّمهم كمَن له “سلطان” وليس كالكتبة والفريسيّين! كان لكلام يسوع وقع آخر، سلطان، فما هو هذا السلطان؟ إنّه صفاء الكلمة الإلهيّة من كلمات البشر؛ وبالتالي “صدق الكلمة”. كلام الربّ يسوع هو “حياة” وليس فلسفة أو شريعة. لقد كان كلامه يمسُّ القلوب فوراً، لأنّه صادق وكلام إلهيّ. إنّ الخراف تعرف صوت الراعي فتسمعه وتتبعه، أمّا صوت الأجير فلا تتبعه! أثقلت الفلسفاتُ الناسَ بالنظريّات عن الله، وطالبت الشرائع الناس بالكثير من أجل الله، وجاء يسوع يحقّق قول المزامير “يا بُنيَّ أعطِني قلبك”، هذا هو صوت الله وهذه هي كلمته الوحيدة، بناء علاقة طيبة من الحبّ المتبادل بين الله والإنسان، فجذب الحبّ الإلهيّ قلوب الكثيرين من البشر
ما هي الكلمة الإلهيّة؟ الكلمة الإلهيّة ليست معلومة ولا هي وصيّة أو طلب! الكلمة الإلهيّة “نداء” مَن يسمعها ولا يشعر بهذا النداء لا يكون قد فهمها. “لهم آذان ولا تسمع وعيون ولا تبصر”! الكلمة الإلهيّة هي الأداة أو التعبير أو الموسيقى أو الشعر أو العمل أو التعب أو أي شيء حتّى في حياة الإنسان، حين يقرؤها أو يستخدمها الإنسانُ يتحدّث فوراً مع الله، الكلمة الإلهيّة هي لغة الحوار مع الله، وليست هي كلمات عنه فلسفيّة ولا كلمات منه هي الوصايا
ما هو الكتاب اللاهوتيّ! إنّه الكتاب الذي إذا ما طالعناه قادنا إلى مواجهة الله وملاقاته. “المطالعة الدينيّة” هي حقيقيّة حين تتطوّر إلى صلاة. عدا ذلك كله فلسفات وشرائع، لا يعرفها الله ولا يعترف بها ولو سمّاها المسيحيّون أو سواهم “أدياناً”. الروح هو الذي ينطق بالكلمة. الحياة الروحيّة هي اللّغة التي يسمع بها الإنسان كلام الروح
فلنفحصْ “ديننا”، أو بالأحرى تديُّننا! هل نحن نتكلّم عن الله أم نستلم كلاماً منه أم نكلّمه؟ ما هو وضع تعليمنا الدينيّ في الوعظ ومدارس الأحد والكشاف والأخويّات والعائلة، وحتّى في كليّات اللاهوت؟ هل نعلم قصّة إبراهيم والسامريّ الصالح عن ظهر قلب ونفسّرها ونتقن رسمها وتمثيلها… دون أن نفهم أنّ إيمان إبراهيم يعني ترك كلّ شيء وتبديل الحياة لخدمة الربّ والسير بالاتّكال عليه حيث هو يريد! أم نفسّر السامريّ الصالح دون أن نشعر بمقدار حبّ الربّ يسوع لكلّ الناس وانفتاح المسيحيّة على البشريّة فوق الأعراق والانتماءات الدينيّة وسواها؟ هل نقرأ مثل السامريّ الصالح ونتخشّع أو نتأمّل بيسوع؟ مَن يقرأ الكلمات الإلهيّة هو مَن يتخاطب بواسطتها وبواسطة حروفها مع مرسِلها (الله)، وهذا هو اللاهوت! وهذا هو فعل الكلمة الإلهيّة، إنشاء الحوار بين مرسِلها-الله وبين المرسَلة إليه-الإنسان
لذلك مَن يقرأ الكلمة الإلهيّة ويبقى كما هو وحيث هو، لم يفهمْها! الكلمة الإلهيّة نداء يرسلنا من حيث نحن إلى حيث يشاؤنا الله، وكل لحظة. لا ستاتيكيّة مع الكلمة الإلهيّة، بل ديناميكيّة، لأنّ الله ليس إلهَ أموات بل إله أحياء. مدلول فهم الكلمة الإلهيّة ليس مجرّد مطالعتها (معرفتها!) ولا حتّى أيضاً تفسيرها أبداً. مدلول فهم الكلمة “وسماعها” هو ما يقوله في ملحق الآية: “صادقة هي الكلمة”: “لهذا أريدك يا تيطس أن تعلّم بأن يهتمّ الذين آمنوا بالله وبكلمته أن يعملوا الأعمال الحسنة”، “أمّا المباحثات الهذيانيّة والأنساب والخصومات والمماحكات الناموسيّة فاجتنبْها”، لأنّ هذه هي الفلسفة أو الشريعة البشريّة وليست الكلمة الإلهيّة
رتّبت كنيستنا المقدّسة أن نطالع هذه الكلمات في هذا الأحد، أحد آباء المجمع الرابع والسابع، لِما في هذه الكلمات من إشارة واضحة لطريقة هؤلاء الآباء القدّيسين في فهم وتعليم الكلمة الإلهيّة مقابل الهراطقة الذين حرّفوا الإيمان بفلسفات المنطق البشريّ فجعلوا كلامهم على حساب كلمة الله أو شرّعوا في الديِّن ما ليس هو من الله فأقاموا شرائعهم وقتلوا شريعة الله! الكلمة الإلهيّة نداء للقلب البشريّ، مدلولُ فهمِها هو القيام بالأعمال الصالحة وليس المجادلات أو تخزين المعلومات الدينيّة. الكلمة الإلهيّة خطاب إلهيّ وفهمها هو الحوار البشريّ معها. الكلمة الإلهيّة رباط ننظره، نقرؤه، نكتبه… فيصلنا بالناطق بها، بالروح القدس، روح الحقّ والطهارة. الكلمة الإلهيّة تجعلنا في توبة دائمة أي ديناميكيّة خطاب الحبّ الإلهيّ مع القلب البشري، “تكلّمْ يا ربّ، عبدك يصغي”، آمين
المطران بولس يازجي
الكـلمـة الصـادقـة“ يا ولدي تيطس، صادقة هي الكلمة”
بهذه الكلمات الرائعة يتوجّه بولس الرسول بدالّة كبيرة وعطف ومحبّة نحو تلميذه تيطس، فيحدّثنا عن الكلمة وعن صدقها. فأيّة كلمة هي هذه؟ وكيف تكون صادقة؟
الكلمات هي لغة وأداة يستخدمها الناس للاتصال بالناس الآخرين والتعبير لهم عن مشاعرهم وما لديهم من أفكار. لكن من هذا الإطار بين بني البشر، مرّات عديدة لا تكون الكلمة صادقة. يحدّثنا بولس الرسول عن كلمة أخرى هي دائمة صادقة إنّها كلمة الله
وكلمة الله، هذه الصادقة، لا تصلنا مباشرة. لسنا نحن “أهل الكتاب”، أي أنّنا لم نستلم الكتاب مُنـزلاً به، بل موحى به. لم يأتِ ملاكٌ ويقول لـ متّى أو لوقا… “اكتبْ” بل أُوحي لهم ولكلّ القدّيسين والرسل والمفسِّرين معهم. فجاءتنا كلمةُ الله الصادقة عبر الكلمة البشريّة. وهذا العبور من خلال العنصر البشريّ جعل الكلمةَ الإلهيّة مرّات ليست قليلة في خطر من التزييف. لهذا لدينا أنبياء ولدينا أنبياء كذبة، لدينا رعاة ولدينا، كما يقول يسوع، ذئابٌ خاطفة تأتي بثياب الحملان، هي ذئاب لكنّها تدّعي أنّها تنقل كلمة الله الصادقة، أي ترتدي ثياب الحملان. لدينا، أخيراً المسيح ولدينا أيضاً المسيح الدجّال. وسرُّ الضلال يعمل كما يقول يوحنّا الرسول
يستلم إذن بعضُ البشر والموهوبين، ومَن نسمّيهم قدّيسين أو رسلاً، وأحياناً يدعي ذلك بعض الكاذبين، يستلمون كلمـــةَ الله بالوحي ويصفونها بكلماتهم البشريّة، فترتدي حقيقتها رداءً خارجيّاً من لغة وحضارة وثقافة ناقلها. الإنجيل هو هو، لكن لونه عند يوحنا غير لونه عند متّى، وهكذا
في زمن حضور المسيح، هو هو كلمة الله الحيّة، دون وسيط أو ناقل وإنّما كما يقول بولس الرسول: “أنّ الله بعد أن كلّمنا بطرائق عديدة بالأنبياء… كلّمنا أخيراً بابنه الوحيد”، كانت كلمة الله تشرح من جهتَين، الأولى كانت اليهود المؤمنين والثانية كانت الوثنيّين
اعتقد الفلاسفة أنّ الكلام عن الله هو معرفته. وشتّان هو الفرق بين معرفة الله من الكلام معه وبين معرفته بالكلام والتنظير عنه! وصارت الفلسفة هي طريق فكريّة لاكتشاف الحقيقة وصياغتها. وترانا نجد الفلاسفة يكثرون الكلام عن الله بينما مرّات عديدة يبيحون لأنفسهم مسلكيّات لا يريدها الله. لقد كان “اللاهوت” لهم مهنة فكريّة كما هو الفيزياء والكيمياء
بينما لليهود من الوجهة المقابلة، كانت كلمة الله لهم هي أرادته، والتي كانت الشريعة تعبّر عنها. “الوصايا” الإلهيّة هي الكلمة التي يريد الله أن ينطق بها، بمقدار ما يحفظها المؤمن بمقدار ما يكون الله أميناً معه فيحفظه
ماذا يريد الله منّا؟ الجواب لدى اليهود في العهد القديم هو تحديد وصايا الله، لذلك ابتدع التقليد لديهم عدداً من الوصايا لا يُحَّد، يمسُّ أدقّ تفاصيل الحياة اليوميّة، بهذه الشرائع كانوا يظنّون أنّهم يفهمون ويفسِّرون كلمة الله ليحفظوها. والغرابة أنّه عندما جاءت كلمة الله ذاتها، بيسوع المسيح، قاومت شرائعُ البشر كلمتَه. لقد قال لهم يسوع “أبطلتم وصيّة الله بوصاياكم”! وهكذا نسمع كلاماً بشريّاً عوض الكلام الإلهيّ!
عندما جاء يسوع كانت الجموع تُبهتُ من تعليمه، لأنّه كان يكلّمهم كمَن له “سلطان” وليس كالكتبة والفريسيّين! كان لكلام يسوع وقع آخر، سلطان، فما هو هذا السلطان؟ إنّه صفاء الكلمة الإلهيّة من كلمات البشر؛ وبالتالي “صدق الكلمة”. كلام الربّ يسوع هو “حياة” وليس فلسفة أو شريعة. لقد كان كلامه يمسُّ القلوب فوراً، لأنّه صادق وكلام إلهيّ. إنّ الخراف تعرف صوت الراعي فتسمعه وتتبعه، أمّا صوت الأجير فلا تتبعه! أثقلت الفلسفاتُ الناسَ بالنظريّات عن الله، وطالبت الشرائع الناس بالكثير من أجل الله، وجاء يسوع يحقّق قول المزامير “يا بُنيَّ أعطِني قلبك”، هذا هو صوت الله وهذه هي كلمته الوحيدة، بناء علاقة طيبة من الحبّ المتبادل بين الله والإنسان، فجذب الحبّ الإلهيّ قلوب الكثيرين من البشر
ما هي الكلمة الإلهيّة؟ الكلمة الإلهيّة ليست معلومة ولا هي وصيّة أو طلب! الكلمة الإلهيّة “نداء” مَن يسمعها ولا يشعر بهذا النداء لا يكون قد فهمها. “لهم آذان ولا تسمع وعيون ولا تبصر”! الكلمة الإلهيّة هي الأداة أو التعبير أو الموسيقى أو الشعر أو العمل أو التعب أو أي شيء حتّى في حياة الإنسان، حين يقرؤها أو يستخدمها الإنسانُ يتحدّث فوراً مع الله، الكلمة الإلهيّة هي لغة الحوار مع الله، وليست هي كلمات عنه فلسفيّة ولا كلمات منه هي الوصايا
ما هو الكتاب اللاهوتيّ! إنّه الكتاب الذي إذا ما طالعناه قادنا إلى مواجهة الله وملاقاته. “المطالعة الدينيّة” هي حقيقيّة حين تتطوّر إلى صلاة. عدا ذلك كله فلسفات وشرائع، لا يعرفها الله ولا يعترف بها ولو سمّاها المسيحيّون أو سواهم “أدياناً”. الروح هو الذي ينطق بالكلمة. الحياة الروحيّة هي اللّغة التي يسمع بها الإنسان كلام الروح
فلنفحصْ “ديننا”، أو بالأحرى تديُّننا! هل نحن نتكلّم عن الله أم نستلم كلاماً منه أم نكلّمه؟ ما هو وضع تعليمنا الدينيّ في الوعظ ومدارس الأحد والكشاف والأخويّات والعائلة، وحتّى في كليّات اللاهوت؟ هل نعلم قصّة إبراهيم والسامريّ الصالح عن ظهر قلب ونفسّرها ونتقن رسمها وتمثيلها… دون أن نفهم أنّ إيمان إبراهيم يعني ترك كلّ شيء وتبديل الحياة لخدمة الربّ والسير بالاتّكال عليه حيث هو يريد! أم نفسّر السامريّ الصالح دون أن نشعر بمقدار حبّ الربّ يسوع لكلّ الناس وانفتاح المسيحيّة على البشريّة فوق الأعراق والانتماءات الدينيّة وسواها؟ هل نقرأ مثل السامريّ الصالح ونتخشّع أو نتأمّل بيسوع؟ مَن يقرأ الكلمات الإلهيّة هو مَن يتخاطب بواسطتها وبواسطة حروفها مع مرسِلها (الله)، وهذا هو اللاهوت! وهذا هو فعل الكلمة الإلهيّة، إنشاء الحوار بين مرسِلها-الله وبين المرسَلة إليه-الإنسان
لذلك مَن يقرأ الكلمة الإلهيّة ويبقى كما هو وحيث هو، لم يفهمْها! الكلمة الإلهيّة نداء يرسلنا من حيث نحن إلى حيث يشاؤنا الله، وكل لحظة. لا ستاتيكيّة مع الكلمة الإلهيّة، بل ديناميكيّة، لأنّ الله ليس إلهَ أموات بل إله أحياء. مدلول فهم الكلمة الإلهيّة ليس مجرّد مطالعتها (معرفتها!) ولا حتّى أيضاً تفسيرها أبداً. مدلول فهم الكلمة “وسماعها” هو ما يقوله في ملحق الآية: “صادقة هي الكلمة”: “لهذا أريدك يا تيطس أن تعلّم بأن يهتمّ الذين آمنوا بالله وبكلمته أن يعملوا الأعمال الحسنة”، “أمّا المباحثات الهذيانيّة والأنساب والخصومات والمماحكات الناموسيّة فاجتنبْها”، لأنّ هذه هي الفلسفة أو الشريعة البشريّة وليست الكلمة الإلهيّة
رتّبت كنيستنا المقدّسة أن نطالع هذه الكلمات في هذا الأحد، أحد آباء المجمع الرابع والسابع، لِما في هذه الكلمات من إشارة واضحة لطريقة هؤلاء الآباء القدّيسين في فهم وتعليم الكلمة الإلهيّة مقابل الهراطقة الذين حرّفوا الإيمان بفلسفات المنطق البشريّ فجعلوا كلامهم على حساب كلمة الله أو شرّعوا في الديِّن ما ليس هو من الله فأقاموا شرائعهم وقتلوا شريعة الله! الكلمة الإلهيّة نداء للقلب البشريّ، مدلولُ فهمِها هو القيام بالأعمال الصالحة وليس المجادلات أو تخزين المعلومات الدينيّة. الكلمة الإلهيّة خطاب إلهيّ وفهمها هو الحوار البشريّ معها. الكلمة الإلهيّة رباط ننظره، نقرؤه، نكتبه… فيصلنا بالناطق بها، بالروح القدس، روح الحقّ والطهارة. الكلمة الإلهيّة تجعلنا في توبة دائمة أي ديناميكيّة خطاب الحبّ الإلهيّ مع القلب البشري، “تكلّمْ يا ربّ، عبدك يصغي”، آمين
القديس الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي
د.جوزيف زيتون
تمهيد
تعود بي الذكرى إلى 32 سنة خلت، وتحديداً إلى عام 1987، وهي السنة التي شرّفني بها غبطة البطريرك إغناطيوس بتكشيف الوثائق البطريركية، وكان ذلك استمراراً لما كان قد بدأه هو بتسليط الضوء على التراث الأنطاكي من خلال إحداث دائرة الوثائق البطريركية بدمشق عام 1987 ومركز الدراسات والأبحاث الأنطاكية في البلمند عام 1988
في العام ذاته 1987، اكتشفت شهيدنا الخوري يوسف مهنا الحداد (الدمشقي) فيالوثيقة التي رقمتها بالرقم 278 . وكانت عبارة عن جواب من كاتبها يوسف الحداد إلى تلميذ الخوري الشهيد, الأرثوذكسي الكبير والقديس المجهول ديمتري نقولا شحادة الصباغ الدمشقي المقيم من عام 1846– 1890 في اسطنبول بقصد العمل
قمت على الفور بتلخيص السيرة ورفعتها باليد إلى غبطته راجياً الإذن بطباعتها ليعرفه الجميع، خاتماً برجاء تطويبه قديساً, فوافق غبطته على إنشاء سيرته من أجل طباعتها مبيناً رغبته هو بتطويب الشهيد قديساً
اعتمدت على الوثيقة 278 وغيرها من وثائق السيد ديمتري شحادة وسواها وراجعت الدوريات الأرثوذكسية والكتب التي سلطت الضوء على فتنة 1860 وكتبت السيرة المطلوبة وسلمتها مخطوطة إلى غبطته الذي أعطاها فوراً إلى السيدة د. سعاد سليم، وكانت بالمصادفة وقتئذٍ في زيارته، وبالكاد أخذتُ صورةً عنها. وكانت رغبة غبطته وقتئذٍ أن يقوم مركز الدراسات (المحدث) بطباعتها
عدت في السنة التالية 1988، وأنشأت السيرة مزيدة ومنقحة, واحتفظت بها إلى السنة 1992، حيث سلمت صورة منها ومن مخطوطة سيرة الكاهنين الشهيدين سليمان وحبيب خشة إلى قدس الأرشمندريت توما البيطار بطلب من سيادة الأسقف جوزيف الزحلاوي، سكرتير غبطته، من أجل إدراجهم في كتاب السنكسار الذي كان قدسه يقوم بالإعداد له مشكوراً. وكنتُ قد أدرجت السيرة ملخصة في كتابي الآسية، مسيرة قرن و نصف 1991 , ثم كتبت السيرة ملخصة في مقالٍ بعنوان “أعلام أرثوذكسيون”
في 8 تشرين الأول 1993 اتخذ المجمع الأنطاكي بدوره الموسع المنعقد في البلمند قراراً مجمعياً بإعلان قداسة الخوري يوسف ورفقته من شهداء 1860، وأن يُعيّد لذكراهم سنوياً في 10 تموز. وقد بكيت تأثراً عندما طالعت الخبر في جريدة النهار وهو بعنوان: “كاهن بيروتي يتتلمذ على يد شيخ دمشقي”. بكيت لأن أمنيتي تحققت بتطويبه قديساً, حين كتبت سيرته كما مر، ولكني فوجئتُ بإعتباره كاهناً بيروتياً، في حين أنه دمشقي من مواليد دمشق، والدته دمشقية ووالده كان قد مر في بيروت قبل مجيئه إلى دمشق عام 1793 وتزوج فيها وأنجب أولاده، ومنهم الخوري يوسف. (وطبعاً) لست في وارد التمسك بالدمشقية بقدر ما هو اعتماد نهج الواقعية، سيما وأن آل الحداد وجدّهم مهنا هم من إزرع، من الغساسنة الحورانيين كما سيمر لاحقاً، مع التأكيد على أن المجمع المقدس اعتبره دمشقياً “يوسف الدمشقي
إن ملاك بيروت مثلث الرحمات غفرئيل شاتيلا سبق وقال: “كواكب دمشق ثلاثة بولس الرسول, يوحنا الدمشقي, يوسف الحداد” وقوله هذا أتى بعد استشهاد الخوري يوسف، ونشير إلى أن شاتيلا كان من تلاميذه في مدرسة دمشق الآسية
من نسب آل الحداد البطريرك الخالد غريغوريوس الرابع من عبيه، والأسقف استفانوس حداد ابن عرمان من جبل العرب في سورية، ما يدل على انتشار آل الحداد في أرجاء سورية الواحدة
الكراس الذي تضمن سيرة الشهيد وخدمته الطقسية وقعت فيه بعض أخطاء تاريخية - قد أدرجت في السنكسار
سألني قدس الشماس أثناسيوس شهوان، عندما استضافني في محطة نورسات اللبنانية في الحلقة الخاصة بالشهيد يوسف الدمشقي التي أعدّ لها وقدّمها يوم السبت 8 تموز 2006 عشية الاحتفال بذكراه وعلى الهواء مباشرة, سألني راجياً الجواب عمن اكتشف الخوري يوسف فذكرت له ما ذكرته في مقدمة هذا المقال, وسألني عن صحة موطنه دمشق أم بيروت، فأجبته بما سبق، وكان سؤاله الثالث والمحرج لي، فيما لو كان القديس يوسف الدمشقي قد لقي اهتماماً في موطنه دمشق (مسقط رأسه ومثوى استشهاده ودفنه) حيث مر على إعلان قداسته من عام 1993
فأجبته إن الحق يقال بأن غبطة مولانا وجّه كهنة دمشق للاهتمام والتعريف به ولكن غياب النص المطبوع كان عائقاً. وقد قام بعض الآباء في دمشق وكتبوا عن القديس معتمدين على السنكسار وقد وقعوا في الهفوات عينها وراجعوني بعدما شاهدوا الحلقة التلفزيونية للاستيضاح. وهنا أقول أن معظم رعايانا تجهل الشهيد القديس، وقد فوجئتُ بأن عدداً من آباء الكنيسة الكاثوليكية الشقيقة راجعني للتعرف به خاصة بعد بث الحلقة
من هنا, ووفاءً مني لذكراه، سيما وأنني كنت أول من تعرف به (وأنا صديقه منذ عام 1987 وصديق تلميذه ديمتري شحادة)، وتنفيذاً لتوجيه غبطته، أجد لزاماً علي أن أعود لتسليط الضوء على شخصيته وسيرته وفضائله على بيعة دمشق الأرثوذكسية ومدارسها، وتحديداً الآسية التي جعلها عام 1851 جامعة, ولولا استشهاده ودمار الآسية عام 1860، لكانت أسبق من الجامعات التي نشأت في القرن (19) بعد عقدين من الزمان وهي /اليسوعية والأميركية/ في بيروت
لذا أبدأ مقالي المختصر هذا بنص القرار المجمعي بإعلان قداسة الخوري يوسف والترتيبات الطقسية المرافقة. ثم أتابع في سيرته… وصولاً إلى استشهاده وجميعها مختصرة وأقول هنا ما قلته في ختام الحلقة التلفزيونية: “إن أردنا التحدث عن القديس يوسف الدمشقي لا تكفينا ساعة ونصف لا بل حتى أربعة أيام متصلة فهو رائد النهضة في الكرسي الأنطاكي
قرار مجمعي المجمع الإنطاكي المقدس المنعقد في دير سيدة البلمند البطريركي بتاريخ الثامن من شهر تشرين الأول عام 1993 قد اتَّخذ بإلهام الروح الكلِّي قدسه القرار التالي
إنَّ الكنيسة الأنطاكية التي عاشت بقداسة القديسين وشهدت لها ترى اليوم نفسها عطشى إلى أن تتجدد بهم وهي تعي نفسها “محاطة بسحابة كثيفة من الشهود” -عبرانيين 1:12
إنّ كنيسة أنطاكية تحس نفسها مشدودة إلى واحد من هؤلاء الشهود الخوري يوسف مهنا الحداد الذي وعظ وعلّم وأشاع نور معرفة اللّاهوت وكان فقيراً, عميق الإيمان, صبوراً, وديعاً, متواضعاً, شفوقاً, دمثاً وكلّل حياته بمجد الشهادة في دمشق في العاشر من تموز السنة ال1860 فجاء بذل دمه نُطقَ الروح فيه (راجع متى 20:10, مرقس 10:13). وإذ نحن تأملنا سيرته و”هالة مجد الله” عليه (رؤيا 11:21) “حسن لدى الروح القدس ولدينا” (أعمال الرسل 8:15) أن نعلن قداسة الخوري يوسف مهنا الحداد وحددنا تاريخ العاشر من تموز من كلِّ سنة ذكرى “للقديس الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي ورفقته
ترتيب الخدمة في صلاة الغروب
السبت في 9 تشرين الأول 1993
بعد قرار التطويب يقدِّس كاهن الدير بصمتٍ الأيقونة ويضعها على المائدة في كنيسة السيدة
يستقبل كاهن الدير قبيل صلاة الساعة التاسعة البطريرك عند الباب الغربي حيث يرتدي المنتيه ويستلم العكاز
يدخل إلى الكنيسة ويتقدمه الشمامسة والكهنة ثم الأساقفة وأخيراً المطارنة حسب ترتيب الأقدمية
يقف في الكرسي وتبدأ الساعة التاسعة
تُختم صلاة الساعة التاسعة. ويُعطى البطريرك البطرشيل والأموفوريون وكذلك رؤساء الكهنة ويقيمون التريصاجيون عن روح الخوري يوسف مهنا الحداد. يأخذ البطريرك مكانه عند الباب الملوكي
يقف البطريرك عند الباب الملوكي ويتلو قرار المجمع
تُقام صلاة الغروب مع الليتين والأغريبنية. يُطاف بأيقونة القديس ويقبلها البطريرك. بنهاية الأغريبنية تبقى الأيقونة مصمودة في الوسط ويتقدم رؤساء الكهنة فالكهنة الشمامسة فالشعب لتقبيلها
القديس يوسف الدمشقي
في أسرته و أصله
ينتسب القديس يوسف إلى آل الحداد وهم من الغساسنة المتنصرين الذين حلّوا في أراضي حوران, فنشأ منهم بطن في إزرع و اشتهر منهم كبيرهم شرفان بن داوود بن جبرائيل الممتهن للحدادة
رزق شرفان بسبعة ذكور جميعهم تركوا حوران نحو سنة 1554 بعد انتشار الأمن عقب الفتح العثماني لبلاد الشام، وحلوا في قرية الفرزل البقاعية بالقرب من زحلة. ثم انتقلوا إلى بسكنتا ومنها تفرقوا فتفرع عنهم بنو الحداد في دمشق وسواها وبيروت وبسكنتا والشوف… وبنو مسلّم في زحلة وبنو الصائغ في الشوير
في نشأته
لما تكاثرت أسرة الحداد الغسانية في بسكنتا, وانتشر أبناؤها في بقاع بلاد الشام, سكن بعضهم في بيروت مؤقتاً منهم جرجس بن موسى بن مهنا الحداد، ومنها انتقل إلى دمشق في الربع الأخير من القرن (18) ومارس فيها صناعة النسيج و تزوج فيها ورزق بثلاثة ذكور (موسى وإبراهيم ويوسف). أحب موسى العلوم والعربية واقتنى في بيته مكتبة صغيرة, توفى عازباً ولم يتجاوز 25 عاماً في مطلع القرن 19. أما شقيقه إبراهيم فقد تزوج ورزق أولاداً سلالتهم الآن في بيروت والمهجر ومصر ومنهم يوسف
من هو الخوري يوسف؟
هو ابن جرجس بن موسى بن مهنا الحداد, ولد في دمشق (أيار 1793) وتلقى مبادئ العربية واليونانية على المرحوم المعلمجرجس بن صروف (سيرافيم) بن اليان الحموي , لم يكمل تعليمه لفقر والده الذي شغّله في صناعة (سدي الحرير) وهي من الصناعات الشهيرة التي اختص بها المسيحيون الدمشقيون . بيد أن نفسه كانت تتوق إلى العلم والمعرفة، فكان يدرس في الليل حتى بلغ عمره 14 عاماً, عندها أخذ بمطالعة كتب شقيقه الأكبر المرحوم موسى, فلم يفهمها فحزن وناجى نفسه قائلا: “ألم يكن مؤلف هذه الكتب إنساناً مثلي فلماذا أنا لا أفهم معناها؟ لا بد لي من فهم ذلك؟”
فانصب بكليته على الدرس, واتصل بعلامة عصره الشيخ محمد العطار الدمشقي فحصّل عنه العربية والمناظرة والمنطق والعلوم العقلية مع رفيقيه نقولا سبط الدمشقي وجرجس نعمة الله اليان الدمشقي
أعيت الفتى يوسف مجدداً نفقات التعليم الكبيرة، إن كان من ناحية أجرة الدرس أو من ناحية ثمن الكتب. لأنه كان فقيراً ومعيلاً بنفس الوقت لأسرته فانكب على نهل العلم ليلاً وبمفرده
وقع بيده قاموس (عربي-يوناني) لأحد المستشرقين, فاستعان به في دراسته لليونانية وقابل التوراة والمزامير على أصلهما حتى أتقن الترجمة من وإلى اليونانية، وقد اتصل بقريبه جرجس شحادة الصباغ الدمشقي وأخذ عنه العلوم الدينية والتاريخية
خاف عليه والداه جداً لميله المفرط إلى نهل العلم في أن يلقى مصير شقيقه موسى حيث علل الأطباء موته بسبب الدرس المفرط، فوقفا من دراسته موقف الممانع وبشدة. إلّا أنهما كانا يتساهلان حينما يشاهدانه متلذذاً في اغتراف العلم وتقديمه إلى أقرانه الذين كانوا يتقاطرون إلى بيته طلباً للمعرفة والعلم. بالإضافة إلى ما كان يكنه له البطريرك الأنطاكي سيرافيم من تقدير واحترام لكنهما سرعان ما يعودان إلى تقريعه ولومه عندما يتذكران بكرهما الراحل موسى وموته شاباً بسبب العلم
لما عيل صبرهما منه، أرادا أن يصرفاه عن العلم بتزويجه, وقد زوجاه عام 1812 من مريم الكرشة الدمشقية وكان عمره 19سنة، ولكن ذلك لم يشغله عن درسه - حتى أنه وفي ليلة عرسه كان يشتغل بالمطالعة
لفضائله وعلمه اختارته دمشق اكليروساً وشعباً كاهناً، فرسمه البطريرك سيرافيم شماساً ثم قساً بعد أسبوع بالرغم من أنه لم يبلغ بعد 25 عاماً، أي سن الكهنوت القانوني، وكان ذلك سنة 1817 وكان الخوري يوسف يقول: “لم أشبع بعد من خدمة الشموسية
ذاعت شهرته وتجرده لخدمة البيعة الأرثوذكسية وعظاً وإرشاداً وتعريباً ونسخاً وتنقيحاً وخدمة البطاركة في الكتابة والمراسلة بدون عون وبغيرة منقطعة النظير
استظهر المزامير والكتاب المقدس بعهديه عن ظهر قلب, وقد سبق أن تعلم العبرية من تلميذ يهودي كان من عداد تلاميذه
أعاد فتح مدرسة دمشق الأرثوذكسية (الآسية) 1836 وضم إليها الكثير من تلامذته الذين كانوا يتعلمون في كتّابه (بيته)، ورشح الكثير منهم للكهنوت المقدس بعدما زرع فيهم حب هذه الخدمة الشريفة
كانت الآسية تدّرس وقتئذٍ العربية واليونانية والتركية والإيطالية، إضافة إلى اللاهوت والرياضيات، فاختص هو بتدريس العربية والرياضيات والدينيات ومبادئ اليونانية والخط, فيم اختص زميله يني بابا دوبولس بتدريس اليونانية بآدابها، وينهل عن الخوري يوسف العربية. وكانت وقتها مدارس دمشق عموماً، عبارة عن كتاتيب فأخرج الآسية من هذا المفهوم، بالرغم من أنها عملياً لم تكن إلّا غرفة واحدة مقسومة بساتر قماشي في وسطها. فبادر إلى تنظيمها وفقاً للمدارس الأوربية, وأبدل السبتية برواتب محددة تدفعها إدارة المدرسة أسبوعياً للمعلمين وعين لها وكلاء. وفي ستينات القرن (19)، أصبح عدد طلابها 378 طالباً وهو أعلى رقم تحققه عدة مدارس مجتمعة وقتئذٍ
كافأه البطريرك مثوديوس على أتعابه في المجالات كافة فعيّنه ايكونوموساً للكرسي البطريركي في دمشق، فأخذ يسعى في تأهيل وتثقيف الكهنة روحياً ولاهوتياً وإدارياً، إضافة إلى عمله الرعائي في دمشق, إذ كانت عظاته البديعة في كنائس المريمية ومار نقولا وكبريانوس ويوستينة إضافة إلى كنيسة القديسة كاترينا ، أقوى نفير وأمضى سلاح في حث الأرثوذكسيين على نبذ العادات السيئة اجتماعياً وروحياً، إضافة إلى تحذيرهم وتحصينهم باستمرار من الوقوع في الشراك الغريبة عن إيمانهم الأرثوذكسي القديم
وتعدى عمله الرعائي دمشق ومحيطها إلى مناطق حاصبيا وراشيا التي شردت بعض رعاياها للبروتستانتية بسبب الفقر وغياب الرعاة, وإن وجد رعاة إلّا أنهم كانوا بسطاء أمام القساوسة المبشرين وأسلوبهم المتقن وتقديمهم المساعدات المادية والعينية والطبابة والدواء لهؤلاء الفقراء. فأوفده البطريرك مثوديوس إليهما حيث مكث فيهما عدة أشهر, ورد الرعية إلى الحظيرة الأرثوذكسية بعدما أفحم القساوسة وأبطل إدعاءاتهم, وكذلك فعل مع المبشرين برئاسة كبيرهم (جريم)، الذي كانوا يسمونه المطران، فأفحمهم في النقاشات اللاهوتية والفلسفية حتى أنه استطاع جذبهم للأرثوذكسية وأدخلهم الكاتدرائية المريمية في القداس الإلهي الأحد الأول من الصوم الكبير، حيث ارتجل يومها (عظة كانت على الأمانة) شبه معها بأنه يوحنا الذهبي الفم الثاني
في عام 1845 سعى لتجديد كنيسة القديس نيقولاوس, وفي عام 1849 عرض عليه البطريرك الأورشليمي كيرلس الثاني (1845-1872) أن يتولى إدارة مدرسة المصلبة الاكليريكية في القدس بعدما ذاعت شهرة مدرسة الآسية, وأن يقوم بتدريس العلوم بالعربية فيها، وحدد له راتباً شهرياً مقداره 25 ليرة ذهبية وهو أضعاف ما كان يرده شهرياً في دمشق، لكنه لم يقبل
عاود مجدداً إغراءه بتقديم دار سكنية مجانية مع المبلغ المرقوم مع احتفاظه ببطرشيله وتعويضات أخرى من رهبنة القبر المقدس, إلّا أنه تمنع قائلاً: “لقد زرعت في كرمة المسيح الحقيقية في دمشق, وأنا بانتظار الحصاد”. وأضاف: “إنني دعيت لخدمة هذه الرعية دون سواها منه وهو الذي دعاني” . وقد أرسل بدلاً عنه طيب الذكر الخورياسبريدون صروف الدمشقي وهو أحد نوابغ طلبته
في عام 1852 افتتح القديس يوسف فرعاً لاهوتياً أكاديمياً ومدرسة عليا للموسيقى الكنسية في مدرسة الآسية، وانتظم في سلك الطلبة (12) طالباً أصبحوا بطاركة ومطارنة، أسهموا في تعريب السدة الأنطاكية عام 1899 بشخص تلميذه البطريرك ملاتيوس الدوماني
وكان يطمح بجعلها كجامعات أثينا وموسكو وبطرسبرج… وقد بدأ في التخطيط والإعداد من خلال توفير ما يلزم وأخصها الطباعة، فاتصل بتلميذه المحسن ديمتري شحادة راجياً معرفة سعر المطبعة الحجرية (الليثوغرافيا) في اسطنبول، لكنه عدل مؤقتاً عن المشروع عندما عرف بارتفاع ثمنها الذي لا قدرة له أو للمدرسة وحتى للبطريركية أن توفره لحيازتها
ولولا استشهاده ودمار المدرسة 1860، لكان تحقق حلمه بتحويل الآسية إلى جامعة ولكانت أول جامعة في بلاد الشام
كان يقوم بتنقيح المزامير والكتاب المقدس بعهديه لغوياً ولاهوتياً، والتي كان قد عربها فارس الشدياق ود. الى الإنكليزي بطلب من المبشرين البروتستانت الأميركيين، وقد أظهر لهم الكثير من الأخطاء
وكان يطبع إنتاجه في مطبعة القبر المقدس في أورشليم أو في مطبعة القديس جاورجيوس الأرثوذكسية في بيروت أو في المطابع العربية في روسيا. وكانت بعض هذه المطابع ترسل إليه ما عُرب ليصححه قبل الطبع مكتفية بتوقيعه شهادة على صحة النص
في عام 1857 حدث انشقاق كبير في طائفة الروم الكاثوليك الشقيقة في دمشق والإسكندرية، وشمل العديد من الأبرشيات كنتيجة لتطبيق الحساب الغربي في تعييد الفصح بأمر بطريرك الكاثوليك السيد اكليمنضوس بحوث، وقد قام القديس يوسف برعاية هذا القطيع ورده إلى الأرثوذكسية وقام بطباعة كتاب أحدهم، شبلي أيوب (تنزيه الشريعة المسيحية عن الآراء الفلكية)، الذي دحض فيه كاتبه التقويم الجديد, وقد تناول أفراد هذا الفريق القربان المقدس بيد القديس يوسف في قداس الشعانين عام 1858 في المريمية بدمشق
استشهاده
لما ذاع صيته دخل عليه يوماً أحد الوجهاء المسلمين الدمشقيين، وهو مصطفى بك العظم، في بيته راجياً صداقته وراغباً أن يتعلم منه المسيحية، فردّ القديس يوسف بالاعتذار سيما وأن ثمة تعارض بين ما يورد القرآن مع لاهوت السيد وقيامته من بين الأموات، إلّا أن مصطفى أصر على طلبه مبيناً أنه قد يعتنق المسيحية. فأبان له القديس يوسف وبصراحة الإجابات الدقيقة، الأمر الذي أفحم السائل واضطر أن يعترف بصحة الإيمان المسيحي ولكنه أضمر له الشر
وعند حلول بوادر الفتنة الطائفية في (10) تموز 1860 بدمشق، وكانت الطرق المحيطة بالصرح البطريركي وداخله وأحياء المسيحيين ملأى بالمسيحيين اللاجئين من مناطق جبل الشيخ وجبل العرب والغوطتين إضافة إلى أبناء دمشق، وكانت منطقة المريمية هي الخط الأول الذي تعرّض لموجات هجوم الرعاع والجنود العثمانيين والأكراد بقيادة شمدين آغا
وقد تم ذلك بتدبير من والي دمشق أحمد باشا، وبمساعي اليهود المحليين وبمباركة من الدولة العثمانية للتخلص من نظام الامتيازات
قام القديس يوسف بتشديد المسيحيين متنقلاً بينهم وبجعبته القربان المقدس ليناولهم وباتوا ليلة 10 تموز تحت الحصار والتهديد بالقتل وكان وقتئذٍ يرتجل فيهم العظات يحضهم فيها على عدم الخوف من الاستشهاد بالمسيح، وناولهم القربان المقدس،
وفي صباح 10 تموز كان الجميع قد استشهدوا وحرقت المريمية والصرح البطريركي، أما هو فالتف بعباءته متنكراً متنقلاً بين الجرحى والشهداء ليناول من بقي منهم حياً متمماً لهم واجباتهم الدينية. وفي منطقة مئذنة الشحم التي تبعد حوالي 100 متر عن المريمية، تعرف عليه مصطفى العظم فقال للمهاجمين: “اقتلوه هذا هو إمام النصارى وبقتلكم له تقتلون كل النصارى”, فانقضوا عليه بالبلطات في وجهه ورأسه وصدره وبالرصاص في ظهره، فما كان منه إلّا أن تناول بفمه البقية الباقية من القربان المقدس الموجود معه كي لا تدوسها أقدام المعتدين. ثم ربطوه بحبل من رجليه وسحبوه وهم بنشوة عارمة بقتلهم (كوكب الشرق) كما أسماه مصطفى العظم، حيث ألقوه أمام المريمية مع بقية الشهداء وكان قد أسلم الروح
الخاتمة
أكتفي بهذا القدر من الحديث عن القديس يوسف الدمشقي وقد اجتزأته من مخطوطي العائد إلى عام 1988، آملاً أن أحظى بشرف طباعة سيرته وسيرة تلميذه المجاهد ديمتري شحادة لتكامل الدور بين الاثنين
ويسعدني أن أورد الخاتمة التي ختمت بها مخطوط 1988 المرفوع إلى غبطته وهي بالحرف
“يعد هذا البار رائد النهضة الحقيقية في الكرسي الأنطاكي عموماً وفي عاصمته دمشق خصوصاً, على الرغم من أن إمكانياته المتواضعة فاقت العمل المطلوب للوصول إلى هذه النهضة وعلى الرغم من الصعاب الهائلة التي جاهد في وسطها، سواء كانت من داخل الكنيسة متمثلة بالرئاسة اليونانية التي كان هم معظمها جمع المال ووقفه على مواطنيها- مثالها: وصية متوديوس /14 ألف ليرة/ لصالح مواطنيه في جزيرة ناكسوس, ووقفية ايروثيوس الذي أودع باسمه في بنك أثينا مبلغاً كبيراً اقتطعه من تعويضات ضحايا رعية دمشق 1860- أو من خارج الكنيسة المتمثلة بالاقتناص المنتظم للخراف الأرثوذكسية بفضل الأصفر الرنان من قبل البعثات التبشيرية الغربية - كاثوليكية-بروتستانتية
كل ذلك كان حافزاً لمطوب الذكر أن يهتم أولاً بالجيل علمياً وروحياً، في وقت كان الجهل رائده، فأسس المدارس العلمية والكهنوتية. وجاهد حتى الدم شهيداً عن المسيح
إن هذا العظيم يحتاج إلى وقفة تأمل في تطويبه قديساً أنطاكياً في العصر الحديث, وإنني أرفع الصوت مدوياً تأييداً لرغبة مولانا البطريرك إغناطيوس الرابع فائق القداسة
وقد أفصح عن رغبته بذلك حينما كلفني بإعداد هذه الدراسة عندما عرضت عليه الوثيقة 278
دار البطريركية دمشق: 23 أيار 1988″ انتهى
أرجو أن أكون قد أعدت إلى الأذهان هذا القديس الذي استشهد بمعمودية الدم في الموقع عينه الذي اعتمد فيه شاول قبل 1900 سنة على بعد 100 متر عن دار البطريركية في دمشق
تمهيد
تعود بي الذكرى إلى 32 سنة خلت، وتحديداً إلى عام 1987، وهي السنة التي شرّفني بها غبطة البطريرك إغناطيوس بتكشيف الوثائق البطريركية، وكان ذلك استمراراً لما كان قد بدأه هو بتسليط الضوء على التراث الأنطاكي من خلال إحداث دائرة الوثائق البطريركية بدمشق عام 1987 ومركز الدراسات والأبحاث الأنطاكية في البلمند عام 1988
في العام ذاته 1987، اكتشفت شهيدنا الخوري يوسف مهنا الحداد (الدمشقي) فيالوثيقة التي رقمتها بالرقم 278 . وكانت عبارة عن جواب من كاتبها يوسف الحداد إلى تلميذ الخوري الشهيد, الأرثوذكسي الكبير والقديس المجهول ديمتري نقولا شحادة الصباغ الدمشقي المقيم من عام 1846– 1890 في اسطنبول بقصد العمل
قمت على الفور بتلخيص السيرة ورفعتها باليد إلى غبطته راجياً الإذن بطباعتها ليعرفه الجميع، خاتماً برجاء تطويبه قديساً, فوافق غبطته على إنشاء سيرته من أجل طباعتها مبيناً رغبته هو بتطويب الشهيد قديساً
اعتمدت على الوثيقة 278 وغيرها من وثائق السيد ديمتري شحادة وسواها وراجعت الدوريات الأرثوذكسية والكتب التي سلطت الضوء على فتنة 1860 وكتبت السيرة المطلوبة وسلمتها مخطوطة إلى غبطته الذي أعطاها فوراً إلى السيدة د. سعاد سليم، وكانت بالمصادفة وقتئذٍ في زيارته، وبالكاد أخذتُ صورةً عنها. وكانت رغبة غبطته وقتئذٍ أن يقوم مركز الدراسات (المحدث) بطباعتها
عدت في السنة التالية 1988، وأنشأت السيرة مزيدة ومنقحة, واحتفظت بها إلى السنة 1992، حيث سلمت صورة منها ومن مخطوطة سيرة الكاهنين الشهيدين سليمان وحبيب خشة إلى قدس الأرشمندريت توما البيطار بطلب من سيادة الأسقف جوزيف الزحلاوي، سكرتير غبطته، من أجل إدراجهم في كتاب السنكسار الذي كان قدسه يقوم بالإعداد له مشكوراً. وكنتُ قد أدرجت السيرة ملخصة في كتابي الآسية، مسيرة قرن و نصف 1991 , ثم كتبت السيرة ملخصة في مقالٍ بعنوان “أعلام أرثوذكسيون”
في 8 تشرين الأول 1993 اتخذ المجمع الأنطاكي بدوره الموسع المنعقد في البلمند قراراً مجمعياً بإعلان قداسة الخوري يوسف ورفقته من شهداء 1860، وأن يُعيّد لذكراهم سنوياً في 10 تموز. وقد بكيت تأثراً عندما طالعت الخبر في جريدة النهار وهو بعنوان: “كاهن بيروتي يتتلمذ على يد شيخ دمشقي”. بكيت لأن أمنيتي تحققت بتطويبه قديساً, حين كتبت سيرته كما مر، ولكني فوجئتُ بإعتباره كاهناً بيروتياً، في حين أنه دمشقي من مواليد دمشق، والدته دمشقية ووالده كان قد مر في بيروت قبل مجيئه إلى دمشق عام 1793 وتزوج فيها وأنجب أولاده، ومنهم الخوري يوسف. (وطبعاً) لست في وارد التمسك بالدمشقية بقدر ما هو اعتماد نهج الواقعية، سيما وأن آل الحداد وجدّهم مهنا هم من إزرع، من الغساسنة الحورانيين كما سيمر لاحقاً، مع التأكيد على أن المجمع المقدس اعتبره دمشقياً “يوسف الدمشقي
إن ملاك بيروت مثلث الرحمات غفرئيل شاتيلا سبق وقال: “كواكب دمشق ثلاثة بولس الرسول, يوحنا الدمشقي, يوسف الحداد” وقوله هذا أتى بعد استشهاد الخوري يوسف، ونشير إلى أن شاتيلا كان من تلاميذه في مدرسة دمشق الآسية
من نسب آل الحداد البطريرك الخالد غريغوريوس الرابع من عبيه، والأسقف استفانوس حداد ابن عرمان من جبل العرب في سورية، ما يدل على انتشار آل الحداد في أرجاء سورية الواحدة
الكراس الذي تضمن سيرة الشهيد وخدمته الطقسية وقعت فيه بعض أخطاء تاريخية - قد أدرجت في السنكسار
سألني قدس الشماس أثناسيوس شهوان، عندما استضافني في محطة نورسات اللبنانية في الحلقة الخاصة بالشهيد يوسف الدمشقي التي أعدّ لها وقدّمها يوم السبت 8 تموز 2006 عشية الاحتفال بذكراه وعلى الهواء مباشرة, سألني راجياً الجواب عمن اكتشف الخوري يوسف فذكرت له ما ذكرته في مقدمة هذا المقال, وسألني عن صحة موطنه دمشق أم بيروت، فأجبته بما سبق، وكان سؤاله الثالث والمحرج لي، فيما لو كان القديس يوسف الدمشقي قد لقي اهتماماً في موطنه دمشق (مسقط رأسه ومثوى استشهاده ودفنه) حيث مر على إعلان قداسته من عام 1993
فأجبته إن الحق يقال بأن غبطة مولانا وجّه كهنة دمشق للاهتمام والتعريف به ولكن غياب النص المطبوع كان عائقاً. وقد قام بعض الآباء في دمشق وكتبوا عن القديس معتمدين على السنكسار وقد وقعوا في الهفوات عينها وراجعوني بعدما شاهدوا الحلقة التلفزيونية للاستيضاح. وهنا أقول أن معظم رعايانا تجهل الشهيد القديس، وقد فوجئتُ بأن عدداً من آباء الكنيسة الكاثوليكية الشقيقة راجعني للتعرف به خاصة بعد بث الحلقة
من هنا, ووفاءً مني لذكراه، سيما وأنني كنت أول من تعرف به (وأنا صديقه منذ عام 1987 وصديق تلميذه ديمتري شحادة)، وتنفيذاً لتوجيه غبطته، أجد لزاماً علي أن أعود لتسليط الضوء على شخصيته وسيرته وفضائله على بيعة دمشق الأرثوذكسية ومدارسها، وتحديداً الآسية التي جعلها عام 1851 جامعة, ولولا استشهاده ودمار الآسية عام 1860، لكانت أسبق من الجامعات التي نشأت في القرن (19) بعد عقدين من الزمان وهي /اليسوعية والأميركية/ في بيروت
لذا أبدأ مقالي المختصر هذا بنص القرار المجمعي بإعلان قداسة الخوري يوسف والترتيبات الطقسية المرافقة. ثم أتابع في سيرته… وصولاً إلى استشهاده وجميعها مختصرة وأقول هنا ما قلته في ختام الحلقة التلفزيونية: “إن أردنا التحدث عن القديس يوسف الدمشقي لا تكفينا ساعة ونصف لا بل حتى أربعة أيام متصلة فهو رائد النهضة في الكرسي الأنطاكي
قرار مجمعي المجمع الإنطاكي المقدس المنعقد في دير سيدة البلمند البطريركي بتاريخ الثامن من شهر تشرين الأول عام 1993 قد اتَّخذ بإلهام الروح الكلِّي قدسه القرار التالي
إنَّ الكنيسة الأنطاكية التي عاشت بقداسة القديسين وشهدت لها ترى اليوم نفسها عطشى إلى أن تتجدد بهم وهي تعي نفسها “محاطة بسحابة كثيفة من الشهود” -عبرانيين 1:12
إنّ كنيسة أنطاكية تحس نفسها مشدودة إلى واحد من هؤلاء الشهود الخوري يوسف مهنا الحداد الذي وعظ وعلّم وأشاع نور معرفة اللّاهوت وكان فقيراً, عميق الإيمان, صبوراً, وديعاً, متواضعاً, شفوقاً, دمثاً وكلّل حياته بمجد الشهادة في دمشق في العاشر من تموز السنة ال1860 فجاء بذل دمه نُطقَ الروح فيه (راجع متى 20:10, مرقس 10:13). وإذ نحن تأملنا سيرته و”هالة مجد الله” عليه (رؤيا 11:21) “حسن لدى الروح القدس ولدينا” (أعمال الرسل 8:15) أن نعلن قداسة الخوري يوسف مهنا الحداد وحددنا تاريخ العاشر من تموز من كلِّ سنة ذكرى “للقديس الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي ورفقته
ترتيب الخدمة في صلاة الغروب
السبت في 9 تشرين الأول 1993
بعد قرار التطويب يقدِّس كاهن الدير بصمتٍ الأيقونة ويضعها على المائدة في كنيسة السيدة
يستقبل كاهن الدير قبيل صلاة الساعة التاسعة البطريرك عند الباب الغربي حيث يرتدي المنتيه ويستلم العكاز
يدخل إلى الكنيسة ويتقدمه الشمامسة والكهنة ثم الأساقفة وأخيراً المطارنة حسب ترتيب الأقدمية
يقف في الكرسي وتبدأ الساعة التاسعة
تُختم صلاة الساعة التاسعة. ويُعطى البطريرك البطرشيل والأموفوريون وكذلك رؤساء الكهنة ويقيمون التريصاجيون عن روح الخوري يوسف مهنا الحداد. يأخذ البطريرك مكانه عند الباب الملوكي
يقف البطريرك عند الباب الملوكي ويتلو قرار المجمع
تُقام صلاة الغروب مع الليتين والأغريبنية. يُطاف بأيقونة القديس ويقبلها البطريرك. بنهاية الأغريبنية تبقى الأيقونة مصمودة في الوسط ويتقدم رؤساء الكهنة فالكهنة الشمامسة فالشعب لتقبيلها
القديس يوسف الدمشقي
في أسرته و أصله
ينتسب القديس يوسف إلى آل الحداد وهم من الغساسنة المتنصرين الذين حلّوا في أراضي حوران, فنشأ منهم بطن في إزرع و اشتهر منهم كبيرهم شرفان بن داوود بن جبرائيل الممتهن للحدادة
رزق شرفان بسبعة ذكور جميعهم تركوا حوران نحو سنة 1554 بعد انتشار الأمن عقب الفتح العثماني لبلاد الشام، وحلوا في قرية الفرزل البقاعية بالقرب من زحلة. ثم انتقلوا إلى بسكنتا ومنها تفرقوا فتفرع عنهم بنو الحداد في دمشق وسواها وبيروت وبسكنتا والشوف… وبنو مسلّم في زحلة وبنو الصائغ في الشوير
في نشأته
لما تكاثرت أسرة الحداد الغسانية في بسكنتا, وانتشر أبناؤها في بقاع بلاد الشام, سكن بعضهم في بيروت مؤقتاً منهم جرجس بن موسى بن مهنا الحداد، ومنها انتقل إلى دمشق في الربع الأخير من القرن (18) ومارس فيها صناعة النسيج و تزوج فيها ورزق بثلاثة ذكور (موسى وإبراهيم ويوسف). أحب موسى العلوم والعربية واقتنى في بيته مكتبة صغيرة, توفى عازباً ولم يتجاوز 25 عاماً في مطلع القرن 19. أما شقيقه إبراهيم فقد تزوج ورزق أولاداً سلالتهم الآن في بيروت والمهجر ومصر ومنهم يوسف
من هو الخوري يوسف؟
هو ابن جرجس بن موسى بن مهنا الحداد, ولد في دمشق (أيار 1793) وتلقى مبادئ العربية واليونانية على المرحوم المعلمجرجس بن صروف (سيرافيم) بن اليان الحموي , لم يكمل تعليمه لفقر والده الذي شغّله في صناعة (سدي الحرير) وهي من الصناعات الشهيرة التي اختص بها المسيحيون الدمشقيون . بيد أن نفسه كانت تتوق إلى العلم والمعرفة، فكان يدرس في الليل حتى بلغ عمره 14 عاماً, عندها أخذ بمطالعة كتب شقيقه الأكبر المرحوم موسى, فلم يفهمها فحزن وناجى نفسه قائلا: “ألم يكن مؤلف هذه الكتب إنساناً مثلي فلماذا أنا لا أفهم معناها؟ لا بد لي من فهم ذلك؟”
فانصب بكليته على الدرس, واتصل بعلامة عصره الشيخ محمد العطار الدمشقي فحصّل عنه العربية والمناظرة والمنطق والعلوم العقلية مع رفيقيه نقولا سبط الدمشقي وجرجس نعمة الله اليان الدمشقي
أعيت الفتى يوسف مجدداً نفقات التعليم الكبيرة، إن كان من ناحية أجرة الدرس أو من ناحية ثمن الكتب. لأنه كان فقيراً ومعيلاً بنفس الوقت لأسرته فانكب على نهل العلم ليلاً وبمفرده
وقع بيده قاموس (عربي-يوناني) لأحد المستشرقين, فاستعان به في دراسته لليونانية وقابل التوراة والمزامير على أصلهما حتى أتقن الترجمة من وإلى اليونانية، وقد اتصل بقريبه جرجس شحادة الصباغ الدمشقي وأخذ عنه العلوم الدينية والتاريخية
خاف عليه والداه جداً لميله المفرط إلى نهل العلم في أن يلقى مصير شقيقه موسى حيث علل الأطباء موته بسبب الدرس المفرط، فوقفا من دراسته موقف الممانع وبشدة. إلّا أنهما كانا يتساهلان حينما يشاهدانه متلذذاً في اغتراف العلم وتقديمه إلى أقرانه الذين كانوا يتقاطرون إلى بيته طلباً للمعرفة والعلم. بالإضافة إلى ما كان يكنه له البطريرك الأنطاكي سيرافيم من تقدير واحترام لكنهما سرعان ما يعودان إلى تقريعه ولومه عندما يتذكران بكرهما الراحل موسى وموته شاباً بسبب العلم
لما عيل صبرهما منه، أرادا أن يصرفاه عن العلم بتزويجه, وقد زوجاه عام 1812 من مريم الكرشة الدمشقية وكان عمره 19سنة، ولكن ذلك لم يشغله عن درسه - حتى أنه وفي ليلة عرسه كان يشتغل بالمطالعة
لفضائله وعلمه اختارته دمشق اكليروساً وشعباً كاهناً، فرسمه البطريرك سيرافيم شماساً ثم قساً بعد أسبوع بالرغم من أنه لم يبلغ بعد 25 عاماً، أي سن الكهنوت القانوني، وكان ذلك سنة 1817 وكان الخوري يوسف يقول: “لم أشبع بعد من خدمة الشموسية
ذاعت شهرته وتجرده لخدمة البيعة الأرثوذكسية وعظاً وإرشاداً وتعريباً ونسخاً وتنقيحاً وخدمة البطاركة في الكتابة والمراسلة بدون عون وبغيرة منقطعة النظير
استظهر المزامير والكتاب المقدس بعهديه عن ظهر قلب, وقد سبق أن تعلم العبرية من تلميذ يهودي كان من عداد تلاميذه
أعاد فتح مدرسة دمشق الأرثوذكسية (الآسية) 1836 وضم إليها الكثير من تلامذته الذين كانوا يتعلمون في كتّابه (بيته)، ورشح الكثير منهم للكهنوت المقدس بعدما زرع فيهم حب هذه الخدمة الشريفة
كانت الآسية تدّرس وقتئذٍ العربية واليونانية والتركية والإيطالية، إضافة إلى اللاهوت والرياضيات، فاختص هو بتدريس العربية والرياضيات والدينيات ومبادئ اليونانية والخط, فيم اختص زميله يني بابا دوبولس بتدريس اليونانية بآدابها، وينهل عن الخوري يوسف العربية. وكانت وقتها مدارس دمشق عموماً، عبارة عن كتاتيب فأخرج الآسية من هذا المفهوم، بالرغم من أنها عملياً لم تكن إلّا غرفة واحدة مقسومة بساتر قماشي في وسطها. فبادر إلى تنظيمها وفقاً للمدارس الأوربية, وأبدل السبتية برواتب محددة تدفعها إدارة المدرسة أسبوعياً للمعلمين وعين لها وكلاء. وفي ستينات القرن (19)، أصبح عدد طلابها 378 طالباً وهو أعلى رقم تحققه عدة مدارس مجتمعة وقتئذٍ
كافأه البطريرك مثوديوس على أتعابه في المجالات كافة فعيّنه ايكونوموساً للكرسي البطريركي في دمشق، فأخذ يسعى في تأهيل وتثقيف الكهنة روحياً ولاهوتياً وإدارياً، إضافة إلى عمله الرعائي في دمشق, إذ كانت عظاته البديعة في كنائس المريمية ومار نقولا وكبريانوس ويوستينة إضافة إلى كنيسة القديسة كاترينا ، أقوى نفير وأمضى سلاح في حث الأرثوذكسيين على نبذ العادات السيئة اجتماعياً وروحياً، إضافة إلى تحذيرهم وتحصينهم باستمرار من الوقوع في الشراك الغريبة عن إيمانهم الأرثوذكسي القديم
وتعدى عمله الرعائي دمشق ومحيطها إلى مناطق حاصبيا وراشيا التي شردت بعض رعاياها للبروتستانتية بسبب الفقر وغياب الرعاة, وإن وجد رعاة إلّا أنهم كانوا بسطاء أمام القساوسة المبشرين وأسلوبهم المتقن وتقديمهم المساعدات المادية والعينية والطبابة والدواء لهؤلاء الفقراء. فأوفده البطريرك مثوديوس إليهما حيث مكث فيهما عدة أشهر, ورد الرعية إلى الحظيرة الأرثوذكسية بعدما أفحم القساوسة وأبطل إدعاءاتهم, وكذلك فعل مع المبشرين برئاسة كبيرهم (جريم)، الذي كانوا يسمونه المطران، فأفحمهم في النقاشات اللاهوتية والفلسفية حتى أنه استطاع جذبهم للأرثوذكسية وأدخلهم الكاتدرائية المريمية في القداس الإلهي الأحد الأول من الصوم الكبير، حيث ارتجل يومها (عظة كانت على الأمانة) شبه معها بأنه يوحنا الذهبي الفم الثاني
في عام 1845 سعى لتجديد كنيسة القديس نيقولاوس, وفي عام 1849 عرض عليه البطريرك الأورشليمي كيرلس الثاني (1845-1872) أن يتولى إدارة مدرسة المصلبة الاكليريكية في القدس بعدما ذاعت شهرة مدرسة الآسية, وأن يقوم بتدريس العلوم بالعربية فيها، وحدد له راتباً شهرياً مقداره 25 ليرة ذهبية وهو أضعاف ما كان يرده شهرياً في دمشق، لكنه لم يقبل
عاود مجدداً إغراءه بتقديم دار سكنية مجانية مع المبلغ المرقوم مع احتفاظه ببطرشيله وتعويضات أخرى من رهبنة القبر المقدس, إلّا أنه تمنع قائلاً: “لقد زرعت في كرمة المسيح الحقيقية في دمشق, وأنا بانتظار الحصاد”. وأضاف: “إنني دعيت لخدمة هذه الرعية دون سواها منه وهو الذي دعاني” . وقد أرسل بدلاً عنه طيب الذكر الخورياسبريدون صروف الدمشقي وهو أحد نوابغ طلبته
في عام 1852 افتتح القديس يوسف فرعاً لاهوتياً أكاديمياً ومدرسة عليا للموسيقى الكنسية في مدرسة الآسية، وانتظم في سلك الطلبة (12) طالباً أصبحوا بطاركة ومطارنة، أسهموا في تعريب السدة الأنطاكية عام 1899 بشخص تلميذه البطريرك ملاتيوس الدوماني
وكان يطمح بجعلها كجامعات أثينا وموسكو وبطرسبرج… وقد بدأ في التخطيط والإعداد من خلال توفير ما يلزم وأخصها الطباعة، فاتصل بتلميذه المحسن ديمتري شحادة راجياً معرفة سعر المطبعة الحجرية (الليثوغرافيا) في اسطنبول، لكنه عدل مؤقتاً عن المشروع عندما عرف بارتفاع ثمنها الذي لا قدرة له أو للمدرسة وحتى للبطريركية أن توفره لحيازتها
ولولا استشهاده ودمار المدرسة 1860، لكان تحقق حلمه بتحويل الآسية إلى جامعة ولكانت أول جامعة في بلاد الشام
كان يقوم بتنقيح المزامير والكتاب المقدس بعهديه لغوياً ولاهوتياً، والتي كان قد عربها فارس الشدياق ود. الى الإنكليزي بطلب من المبشرين البروتستانت الأميركيين، وقد أظهر لهم الكثير من الأخطاء
وكان يطبع إنتاجه في مطبعة القبر المقدس في أورشليم أو في مطبعة القديس جاورجيوس الأرثوذكسية في بيروت أو في المطابع العربية في روسيا. وكانت بعض هذه المطابع ترسل إليه ما عُرب ليصححه قبل الطبع مكتفية بتوقيعه شهادة على صحة النص
في عام 1857 حدث انشقاق كبير في طائفة الروم الكاثوليك الشقيقة في دمشق والإسكندرية، وشمل العديد من الأبرشيات كنتيجة لتطبيق الحساب الغربي في تعييد الفصح بأمر بطريرك الكاثوليك السيد اكليمنضوس بحوث، وقد قام القديس يوسف برعاية هذا القطيع ورده إلى الأرثوذكسية وقام بطباعة كتاب أحدهم، شبلي أيوب (تنزيه الشريعة المسيحية عن الآراء الفلكية)، الذي دحض فيه كاتبه التقويم الجديد, وقد تناول أفراد هذا الفريق القربان المقدس بيد القديس يوسف في قداس الشعانين عام 1858 في المريمية بدمشق
استشهاده
لما ذاع صيته دخل عليه يوماً أحد الوجهاء المسلمين الدمشقيين، وهو مصطفى بك العظم، في بيته راجياً صداقته وراغباً أن يتعلم منه المسيحية، فردّ القديس يوسف بالاعتذار سيما وأن ثمة تعارض بين ما يورد القرآن مع لاهوت السيد وقيامته من بين الأموات، إلّا أن مصطفى أصر على طلبه مبيناً أنه قد يعتنق المسيحية. فأبان له القديس يوسف وبصراحة الإجابات الدقيقة، الأمر الذي أفحم السائل واضطر أن يعترف بصحة الإيمان المسيحي ولكنه أضمر له الشر
وعند حلول بوادر الفتنة الطائفية في (10) تموز 1860 بدمشق، وكانت الطرق المحيطة بالصرح البطريركي وداخله وأحياء المسيحيين ملأى بالمسيحيين اللاجئين من مناطق جبل الشيخ وجبل العرب والغوطتين إضافة إلى أبناء دمشق، وكانت منطقة المريمية هي الخط الأول الذي تعرّض لموجات هجوم الرعاع والجنود العثمانيين والأكراد بقيادة شمدين آغا
وقد تم ذلك بتدبير من والي دمشق أحمد باشا، وبمساعي اليهود المحليين وبمباركة من الدولة العثمانية للتخلص من نظام الامتيازات
قام القديس يوسف بتشديد المسيحيين متنقلاً بينهم وبجعبته القربان المقدس ليناولهم وباتوا ليلة 10 تموز تحت الحصار والتهديد بالقتل وكان وقتئذٍ يرتجل فيهم العظات يحضهم فيها على عدم الخوف من الاستشهاد بالمسيح، وناولهم القربان المقدس،
وفي صباح 10 تموز كان الجميع قد استشهدوا وحرقت المريمية والصرح البطريركي، أما هو فالتف بعباءته متنكراً متنقلاً بين الجرحى والشهداء ليناول من بقي منهم حياً متمماً لهم واجباتهم الدينية. وفي منطقة مئذنة الشحم التي تبعد حوالي 100 متر عن المريمية، تعرف عليه مصطفى العظم فقال للمهاجمين: “اقتلوه هذا هو إمام النصارى وبقتلكم له تقتلون كل النصارى”, فانقضوا عليه بالبلطات في وجهه ورأسه وصدره وبالرصاص في ظهره، فما كان منه إلّا أن تناول بفمه البقية الباقية من القربان المقدس الموجود معه كي لا تدوسها أقدام المعتدين. ثم ربطوه بحبل من رجليه وسحبوه وهم بنشوة عارمة بقتلهم (كوكب الشرق) كما أسماه مصطفى العظم، حيث ألقوه أمام المريمية مع بقية الشهداء وكان قد أسلم الروح
الخاتمة
أكتفي بهذا القدر من الحديث عن القديس يوسف الدمشقي وقد اجتزأته من مخطوطي العائد إلى عام 1988، آملاً أن أحظى بشرف طباعة سيرته وسيرة تلميذه المجاهد ديمتري شحادة لتكامل الدور بين الاثنين
ويسعدني أن أورد الخاتمة التي ختمت بها مخطوط 1988 المرفوع إلى غبطته وهي بالحرف
“يعد هذا البار رائد النهضة الحقيقية في الكرسي الأنطاكي عموماً وفي عاصمته دمشق خصوصاً, على الرغم من أن إمكانياته المتواضعة فاقت العمل المطلوب للوصول إلى هذه النهضة وعلى الرغم من الصعاب الهائلة التي جاهد في وسطها، سواء كانت من داخل الكنيسة متمثلة بالرئاسة اليونانية التي كان هم معظمها جمع المال ووقفه على مواطنيها- مثالها: وصية متوديوس /14 ألف ليرة/ لصالح مواطنيه في جزيرة ناكسوس, ووقفية ايروثيوس الذي أودع باسمه في بنك أثينا مبلغاً كبيراً اقتطعه من تعويضات ضحايا رعية دمشق 1860- أو من خارج الكنيسة المتمثلة بالاقتناص المنتظم للخراف الأرثوذكسية بفضل الأصفر الرنان من قبل البعثات التبشيرية الغربية - كاثوليكية-بروتستانتية
كل ذلك كان حافزاً لمطوب الذكر أن يهتم أولاً بالجيل علمياً وروحياً، في وقت كان الجهل رائده، فأسس المدارس العلمية والكهنوتية. وجاهد حتى الدم شهيداً عن المسيح
إن هذا العظيم يحتاج إلى وقفة تأمل في تطويبه قديساً أنطاكياً في العصر الحديث, وإنني أرفع الصوت مدوياً تأييداً لرغبة مولانا البطريرك إغناطيوس الرابع فائق القداسة
وقد أفصح عن رغبته بذلك حينما كلفني بإعداد هذه الدراسة عندما عرضت عليه الوثيقة 278
دار البطريركية دمشق: 23 أيار 1988″ انتهى
أرجو أن أكون قد أعدت إلى الأذهان هذا القديس الذي استشهد بمعمودية الدم في الموقع عينه الذي اعتمد فيه شاول قبل 1900 سنة على بعد 100 متر عن دار البطريركية في دمشق
المزمور الخمسون
يحتلّ المزمور الخمسون في العبادة الكنسية مكاناً مميّزاً، فهو موجود في أغلب الصلوات اليومية: نصف الليل، السحريّة، الساعة الأولى، النوم الكبرى والنوم الصغرى. ويتلوه الكاهن بصوت خافت في القداس الإلهي، حين يبخّر قبل الدورة الكبرى. كما تُتلى بعض آيات منه في البروكيمنن الذي يسبق قراءة الرسالة في القداس. هذا الحضور الكثيف للمزمور
الخمسين في الصلوات مردّه الى أهمية هذا المزمور من حيث هو النموذج المثاليّ لصلاة التوبة والرجوع الى الله
كاتب هذا المزمور، بحسب التقليد الكتابيّ، هو داود النبيّ بعد توبته. ولكن القراءة النقدية للمزمور تجعلنا نلاحظ أن لغة المزمور العباديّة ليست لغة العصر الذي عاش فيه داود. فالتعابير التقويّة المستعملة في المزمور والتي تشدد على تنقية القلب الذي أفسدته الخطيئة، والآيات التي تدعو الى تجديد الانسان الداخلي تتفق مع كتابات الأنبياء إشعيا وإرميا وحزقيال الذين عاشوا بعد النبي داود بثلاثة الى أربعة قرون. كما أنّ الدعوة الى إعادة بناء أسوار أورشليم غير واقعيّة في عصر داود، بل تعود إلى عهد نحميا (أكثر من خمسة قرون بعد داود). الاحتمال الأنسب هو أن تكون صياغة المزمور قد اكتملت أثناء السبي (597) او بعده مباشرة
“ارحمني يا الله كعظيم رحمتك، وكمثل كثرة رأفتك امحُ مآثمي” (الآية الاولى). الفعل العبريّ المقابل لفعل “ارحمني” في الآية هو فعل الحنان، فيصير القصد تحنَّنْ بدلا من ارحم. والحنان صفة إلهية – ومنها اسم يوحنا الذي معناه الله حنّ – لذلك نستطيع القول ان الله هو الحنان. والسيد المسيح قد تحنّن على المرضى وعلى أرملة نايين فأقام ابنها الميت - لوقا 7: 13
“اغسلني كثيراً من إثمي ومن خطيئتي طهِّرْني” (الآية 2). ثمة تعبيران في هذه الآية مترادفان هما الإثم والخطيئة، ولكن المقصود باللفظين مختلف. فالإثم هو الشرّ الذي يرتكبه الانسان ضد المجتمع والناموس، وهو يتطلب غسلاً كغسل القذارات. اما الخطيئة فهي الخطيئة الشخصية ضدّ النفس والتي لها بُعدٌ روحيّ، ومحوها يتطلب غسلاً من نوع آخر، يتطلّب تطهيراً طقسيا وعباديا. يقابل هذه التعابير الآيتان الواردتان في نبوءة إشعيا: “اغتسلوا، تنقّوا، اعزلوا شرّ أفعالكم من أمام عينيّ، كفّوا عن فعل الشر. تعلّموا فعل الخير، اطلبوا الحقّ، أَنصِفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة” 1 : 16-17
“هاأنذا بالآثام حُبل بي، وبالخطايا ولدتني أمّي” (الآية 5). تمثّل هذه الآية أفضل تعبير عن مفهوم الخطيئة السائد في العهد القديم وعن حالة الانسان الساقط. فالانسان شرير بطبعه، “لأنّ تصوُّر قلب الانسان شرّير منذ حداثته” (تكوين 8: 21)، الا أنها في مكان آخر سببٌ لتبرير خطايا الإنسان ولاستدرار عطف الله “لأنّه ليس انسان لا يخطئ” (الملوك الأول 8:64). الجدير بالذكر أن لا علاقة لهذه الآية بالمفهوم الخاطئ للخطيئة الجدية بمعنى أنها متوارثة، وخير كلام عن هذه الخطيئة نجده في رسالة القديس بولس الى أهل رومية (5: 12-21)، ويضيق بنا المجال هنا للكلام في هذا الموضوع
يبدو جليّا في هذا المزمور أن الخطيئة عصيان ضد الله، وأنها تدنس داخل الانسان وتبعده عن الله. ولهذا يشدد المزمور على أن الله يخلّص الانسان، “نجّني من الدماء يا الله إله خلاصي” (الآية 14). والتوبة تفترض مبادرتين، واحدة من الانسان والثانية من الله. على الانسان أن يعترف بحالته كإنسان خطّاء، وأن يُصلّي تالياً لاستعادة البراءة الاولى. امّا الله فيغفر للإنسان خطاياه ويجعله خليقة جديدة “قلباً نقيّا اخلُقْ فيّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدِّدْ في أحشائي” (الآية 1.). يوضح المزمور الخمسون علاقة الإنسان بالله ويقدّمها كثمرة للروح الذي اكتمل ظهوره في العنصرة
يتابع كاتب المزمور في الآية السابعة منشداً “تنضحني بالزوفى فأطهر، تغسلني فأبيضّ اكثر من الثلج”. كان الشعب في العهد القديم يستعمل نبتة الزوفى في طقوس التطهّر من النجاسة (لاويين 14: 4). ولو كان الكاتب يشدّد على اولوية ذبيحة القلب، الا انه هنا لا يدعو الى التخلي عن الطقوس التقليدية
قلبا نقيّاً اخلُقْ فيَّ يا الله، وروحا مستقيما جدِّد في أحشائي” (الآية 9). فعل “خلق” المستعمل بصيغة الأمر في هذه الآية هو نفسه الفعل الوارد في (الآية 1) من سفر التكوين: “في البدء خلق الله السموات والارض”، وهو فعل لا تجوز نسبته الا الى الله وحده، ذلك أن هذا الفعل يعني “الخَلْق من العدم” و “الخلق الجديد”. وبهذا المعنى استعمل إشعيا النبي هذا الفعل حيث يقول: “لاني هاأنذا خالقٌ سموات جديدة وأرضا جديدة، فلا تُذكر الاولى ولا تخطر على بال” (65: 17). ولذلك فإن تبرير الخاطئ عملٌ إلهي يوازي عمل الخلق الجديد، كما في نبوءة حزقيال: “وأعطيكم قلبا جديدا، وأجعل روحا جديدة في داخلكم” (36: 26). اما فعل “جدد” الوارد في الآية عينها بصيغة الامر فهو أقرب الى فعل “رمّم”. اي ان الكاتب يطلب الى الله ترميم روح الإنسان المنكسرة بالخطيئة وجعلها مستقيمة، راسخة، لا تتزعزع. وهكذا يكون التائب خليقة جديدة أبدعها الله من العدم
“لا تطرحْني من أمام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه مني” (الآية 11). المثول امام وجه الله في العهد القديم يعني الصلاة في الهيكل حصرا، حيث الله ساكن، ولكنه هنا يعني حضور الله في قلب الانسان. المقصود ب”روحك القدوس” هو الروح الذي أوحى الى الانبياء، الذي قاد شعب الله: “وروحي قائم في وسطكم. لا تخافوا” (حجي 2: 5). هنا يمد ناظم المزمور عمل روح الله القدوس من هداية الشعب الى هداية قلب كل مؤمن. يجدر الانتباه الى انه، في زمن صياغة المزمور، لم يكن لفظ الروح القدس يشير الى احد الأقانيم الثلاثة، فهذا أُعلِن يوم العنصرة، بل كان يشير آنذاك الى قوّةٍ إلهية فاعلة
“إمنحني بهجة خلاصك، وبروح رئاسيٍّ اعضُدني، فأعلم الأثمة طرقك والكفرة اليك يرجعون” (الآيتان 12و13). هنا يطلب الكاتب من الله أن يهبه البهجة والأحرى ان “يرد” اليه البهجة التي فقدها بسلوكه في طريق الخطيئة والشر. فالفرح الحقيقي يكون بالخلاص والمثول في حضرة الله. بالمقابل يتعهد التائب بنشر تعاليم الله وبهداية الناس الى السبيل المستقيم، مع العلم أن هادي الشعب هو روح الله
“نجّني من الدماء يا الله اله خلاصي فيبتهج لساني بعدلك” (الآية 14). ثمة احتمالان للفظ “الدماء” الوارد في الآية: الاول هو ان ينجي الله الانسان من الموت قتلا، الأمر الذي كان يُعتبر قديما قصاصا إلهيا بسبب خطيئة عظيمة يرتكبها المقتول. والاحتمال الثاني هو أن يكون اللفظ في النص الأصلي للمزمور يعني “صمت القبور” بدلا من “الدماء”، ويستند القائلون بهذا الرأي الى أن هذين اللفظين متقاربان في العبرية، فيصبح المعنى “نجني من الجحيم يا الله…”، ذلك أن الجحيم هي ارض الصمت المطبق. لذلك يقول النبي: “فإن مثوى الأموات لا يحمدك، والموت لا يسبحك، والذين يهبطون الى الجب لا يرجون أمانتك. بل الحي الحي هو يحمدك” -اشعيا 38: 18-19
“الذبيحة لله روحٌ منسحق، القلب المتخشع والمتواضع لا يرذله الله” (الآية 17). كاتب المزمور يريد أن ينبّه الى أن الذبيحة الحقيقية التي يقبلها الله ليست هي الذبائح الحيوانية ولا المحرقات، بل الذبيحة قبل كل شيء هي القلب المنكسر والمتواضع والروح المنسحق، اي الخاضع لله والمتمم تعاليمه. وينتهي المزمور بالدعاء الى الله أن “أَصْلِحْ يا رب بمسرّتكَ صهيون، ولتُبنَّ اسوار اورشليم”. هذه لا شك آية أضيفت بعد الرجوع من السبي، ذلك ان الشعب آنذاك كان يعتبر إعادة بناء أسوار اورشليم العلامة على أن الله غفر خطايا شعبه وآثامهم، فحزقيال النبي يقول: “هكذا يقول السيد الرب: انه يوم أطهركم من جميع آثامكم أُعْمُِر المدن وتُبنى الأخربة” 36: 33
لا عجب أن يكون المزمور الخمسون حاضرا في أغلب الصلوات الكنسية، الجماعية منها او الفردية، فهو يعبّر افضل التعبير عن حالة الانسان الخاطئة امام قداسة الله وسموّه. الكلام على إعادة الخلق وتجديده في المزمور انما هما دعوة الى إعادة اكتشاف المعمودية وتجديدها بواسطة التوبة والصلاة، ودعوة الى جعل القلب نقيا نظيفا حتى يدخل اليه روح الله ويسكن فيه ويتربّع الى الابد
عن نشرة رعيتي 1996
الخمسين في الصلوات مردّه الى أهمية هذا المزمور من حيث هو النموذج المثاليّ لصلاة التوبة والرجوع الى الله
كاتب هذا المزمور، بحسب التقليد الكتابيّ، هو داود النبيّ بعد توبته. ولكن القراءة النقدية للمزمور تجعلنا نلاحظ أن لغة المزمور العباديّة ليست لغة العصر الذي عاش فيه داود. فالتعابير التقويّة المستعملة في المزمور والتي تشدد على تنقية القلب الذي أفسدته الخطيئة، والآيات التي تدعو الى تجديد الانسان الداخلي تتفق مع كتابات الأنبياء إشعيا وإرميا وحزقيال الذين عاشوا بعد النبي داود بثلاثة الى أربعة قرون. كما أنّ الدعوة الى إعادة بناء أسوار أورشليم غير واقعيّة في عصر داود، بل تعود إلى عهد نحميا (أكثر من خمسة قرون بعد داود). الاحتمال الأنسب هو أن تكون صياغة المزمور قد اكتملت أثناء السبي (597) او بعده مباشرة
“ارحمني يا الله كعظيم رحمتك، وكمثل كثرة رأفتك امحُ مآثمي” (الآية الاولى). الفعل العبريّ المقابل لفعل “ارحمني” في الآية هو فعل الحنان، فيصير القصد تحنَّنْ بدلا من ارحم. والحنان صفة إلهية – ومنها اسم يوحنا الذي معناه الله حنّ – لذلك نستطيع القول ان الله هو الحنان. والسيد المسيح قد تحنّن على المرضى وعلى أرملة نايين فأقام ابنها الميت - لوقا 7: 13
“اغسلني كثيراً من إثمي ومن خطيئتي طهِّرْني” (الآية 2). ثمة تعبيران في هذه الآية مترادفان هما الإثم والخطيئة، ولكن المقصود باللفظين مختلف. فالإثم هو الشرّ الذي يرتكبه الانسان ضد المجتمع والناموس، وهو يتطلب غسلاً كغسل القذارات. اما الخطيئة فهي الخطيئة الشخصية ضدّ النفس والتي لها بُعدٌ روحيّ، ومحوها يتطلب غسلاً من نوع آخر، يتطلّب تطهيراً طقسيا وعباديا. يقابل هذه التعابير الآيتان الواردتان في نبوءة إشعيا: “اغتسلوا، تنقّوا، اعزلوا شرّ أفعالكم من أمام عينيّ، كفّوا عن فعل الشر. تعلّموا فعل الخير، اطلبوا الحقّ، أَنصِفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة” 1 : 16-17
“هاأنذا بالآثام حُبل بي، وبالخطايا ولدتني أمّي” (الآية 5). تمثّل هذه الآية أفضل تعبير عن مفهوم الخطيئة السائد في العهد القديم وعن حالة الانسان الساقط. فالانسان شرير بطبعه، “لأنّ تصوُّر قلب الانسان شرّير منذ حداثته” (تكوين 8: 21)، الا أنها في مكان آخر سببٌ لتبرير خطايا الإنسان ولاستدرار عطف الله “لأنّه ليس انسان لا يخطئ” (الملوك الأول 8:64). الجدير بالذكر أن لا علاقة لهذه الآية بالمفهوم الخاطئ للخطيئة الجدية بمعنى أنها متوارثة، وخير كلام عن هذه الخطيئة نجده في رسالة القديس بولس الى أهل رومية (5: 12-21)، ويضيق بنا المجال هنا للكلام في هذا الموضوع
يبدو جليّا في هذا المزمور أن الخطيئة عصيان ضد الله، وأنها تدنس داخل الانسان وتبعده عن الله. ولهذا يشدد المزمور على أن الله يخلّص الانسان، “نجّني من الدماء يا الله إله خلاصي” (الآية 14). والتوبة تفترض مبادرتين، واحدة من الانسان والثانية من الله. على الانسان أن يعترف بحالته كإنسان خطّاء، وأن يُصلّي تالياً لاستعادة البراءة الاولى. امّا الله فيغفر للإنسان خطاياه ويجعله خليقة جديدة “قلباً نقيّا اخلُقْ فيّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدِّدْ في أحشائي” (الآية 1.). يوضح المزمور الخمسون علاقة الإنسان بالله ويقدّمها كثمرة للروح الذي اكتمل ظهوره في العنصرة
يتابع كاتب المزمور في الآية السابعة منشداً “تنضحني بالزوفى فأطهر، تغسلني فأبيضّ اكثر من الثلج”. كان الشعب في العهد القديم يستعمل نبتة الزوفى في طقوس التطهّر من النجاسة (لاويين 14: 4). ولو كان الكاتب يشدّد على اولوية ذبيحة القلب، الا انه هنا لا يدعو الى التخلي عن الطقوس التقليدية
قلبا نقيّاً اخلُقْ فيَّ يا الله، وروحا مستقيما جدِّد في أحشائي” (الآية 9). فعل “خلق” المستعمل بصيغة الأمر في هذه الآية هو نفسه الفعل الوارد في (الآية 1) من سفر التكوين: “في البدء خلق الله السموات والارض”، وهو فعل لا تجوز نسبته الا الى الله وحده، ذلك أن هذا الفعل يعني “الخَلْق من العدم” و “الخلق الجديد”. وبهذا المعنى استعمل إشعيا النبي هذا الفعل حيث يقول: “لاني هاأنذا خالقٌ سموات جديدة وأرضا جديدة، فلا تُذكر الاولى ولا تخطر على بال” (65: 17). ولذلك فإن تبرير الخاطئ عملٌ إلهي يوازي عمل الخلق الجديد، كما في نبوءة حزقيال: “وأعطيكم قلبا جديدا، وأجعل روحا جديدة في داخلكم” (36: 26). اما فعل “جدد” الوارد في الآية عينها بصيغة الامر فهو أقرب الى فعل “رمّم”. اي ان الكاتب يطلب الى الله ترميم روح الإنسان المنكسرة بالخطيئة وجعلها مستقيمة، راسخة، لا تتزعزع. وهكذا يكون التائب خليقة جديدة أبدعها الله من العدم
“لا تطرحْني من أمام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه مني” (الآية 11). المثول امام وجه الله في العهد القديم يعني الصلاة في الهيكل حصرا، حيث الله ساكن، ولكنه هنا يعني حضور الله في قلب الانسان. المقصود ب”روحك القدوس” هو الروح الذي أوحى الى الانبياء، الذي قاد شعب الله: “وروحي قائم في وسطكم. لا تخافوا” (حجي 2: 5). هنا يمد ناظم المزمور عمل روح الله القدوس من هداية الشعب الى هداية قلب كل مؤمن. يجدر الانتباه الى انه، في زمن صياغة المزمور، لم يكن لفظ الروح القدس يشير الى احد الأقانيم الثلاثة، فهذا أُعلِن يوم العنصرة، بل كان يشير آنذاك الى قوّةٍ إلهية فاعلة
“إمنحني بهجة خلاصك، وبروح رئاسيٍّ اعضُدني، فأعلم الأثمة طرقك والكفرة اليك يرجعون” (الآيتان 12و13). هنا يطلب الكاتب من الله أن يهبه البهجة والأحرى ان “يرد” اليه البهجة التي فقدها بسلوكه في طريق الخطيئة والشر. فالفرح الحقيقي يكون بالخلاص والمثول في حضرة الله. بالمقابل يتعهد التائب بنشر تعاليم الله وبهداية الناس الى السبيل المستقيم، مع العلم أن هادي الشعب هو روح الله
“نجّني من الدماء يا الله اله خلاصي فيبتهج لساني بعدلك” (الآية 14). ثمة احتمالان للفظ “الدماء” الوارد في الآية: الاول هو ان ينجي الله الانسان من الموت قتلا، الأمر الذي كان يُعتبر قديما قصاصا إلهيا بسبب خطيئة عظيمة يرتكبها المقتول. والاحتمال الثاني هو أن يكون اللفظ في النص الأصلي للمزمور يعني “صمت القبور” بدلا من “الدماء”، ويستند القائلون بهذا الرأي الى أن هذين اللفظين متقاربان في العبرية، فيصبح المعنى “نجني من الجحيم يا الله…”، ذلك أن الجحيم هي ارض الصمت المطبق. لذلك يقول النبي: “فإن مثوى الأموات لا يحمدك، والموت لا يسبحك، والذين يهبطون الى الجب لا يرجون أمانتك. بل الحي الحي هو يحمدك” -اشعيا 38: 18-19
“الذبيحة لله روحٌ منسحق، القلب المتخشع والمتواضع لا يرذله الله” (الآية 17). كاتب المزمور يريد أن ينبّه الى أن الذبيحة الحقيقية التي يقبلها الله ليست هي الذبائح الحيوانية ولا المحرقات، بل الذبيحة قبل كل شيء هي القلب المنكسر والمتواضع والروح المنسحق، اي الخاضع لله والمتمم تعاليمه. وينتهي المزمور بالدعاء الى الله أن “أَصْلِحْ يا رب بمسرّتكَ صهيون، ولتُبنَّ اسوار اورشليم”. هذه لا شك آية أضيفت بعد الرجوع من السبي، ذلك ان الشعب آنذاك كان يعتبر إعادة بناء أسوار اورشليم العلامة على أن الله غفر خطايا شعبه وآثامهم، فحزقيال النبي يقول: “هكذا يقول السيد الرب: انه يوم أطهركم من جميع آثامكم أُعْمُِر المدن وتُبنى الأخربة” 36: 33
لا عجب أن يكون المزمور الخمسون حاضرا في أغلب الصلوات الكنسية، الجماعية منها او الفردية، فهو يعبّر افضل التعبير عن حالة الانسان الخاطئة امام قداسة الله وسموّه. الكلام على إعادة الخلق وتجديده في المزمور انما هما دعوة الى إعادة اكتشاف المعمودية وتجديدها بواسطة التوبة والصلاة، ودعوة الى جعل القلب نقيا نظيفا حتى يدخل اليه روح الله ويسكن فيه ويتربّع الى الابد
عن نشرة رعيتي 1996
ســــــــر التينة و نثنائيل
ســــــــر التينة و نثنائيل
في نظري هذة قصه من اعظم ما كتب في الإنجيل و منها نعلم و نتأكد ان ايماننا الأرثوذكسي صادق لا غش فيه
يقول البشير يوحنا في ختام إنجيله "وأشياء أُ خرُ كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أنَّ العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" يو 21 : 25
بالطبع هناك العديد من الآيات والمعجزات التي صنعها يسوع ولم يدونها لنا الوحي المقدس إنما اكتفي بالقليل والقليل جداً لأجل تعليمنا, لكن أحيانا يتساءل المرء عن بعض الأحداث التي اهتم الوحي بتسجيلها وربما عن جهل وقصور إدراك يقول الإنسان لنفسه ما أهمية هذه القصة حتى يدونها لنا الوحي بدلاً من أن يحكي لنا أحد المعجزات المذهلة التي صنعها المسيح ولم نسمع عنها؟
منها علي سبيل المثال تلك القصة التي ذكرها البشير يوحنا في آخر الإصحاح الأول من إنجيله وهي قصة لقاء الرب مع نثنائيل
" فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسي في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة. فقال له نثنائيل أمِنَ الناصرة يُمكنُ أن يكون شيء صالح. قال له فيلبس تعال و انظر. ورأي يسوع نثنائيل مُقبلاً إليه فقال عنه هوذا إسرائيلي حقاً لا غِشَّ فيه. قال له نثنائيل من أين تعرفني أجاب يسوع وقال له. قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك . أجاب نثنائيل وقال له يا مُعلِّم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل. أجاب يسوع وقال له هل آمنت لأني قلت لك إني رأيتك تحت التينة. سوف تري أعظم من هذا."يو 1 " 45 – 50
قد تبدو للوهلة الأولي قصة عادية نمر عليها مرور الكرام أثناء قراءة الإنجيل ولكن الواقع غير ذلك, هذه الحادثة لها من العمق والأهمية ما جعل الروح القدس يلهم القديس يوحنا بتدوينها وإن كانت مقتضبة وغامضة بعض الشيء فلأن الكتاب لم يهتم بتدوين كافة التفاصيل عن كل شيء وإلا لوجدنا أنفسنا أمام كتاب مقدس يتكون من آلاف المجلدات التي قد يستغرق قراءته لمرة واحدة عشرات السنوات
فمن هو نثنائيل هذا وما قصة التينة معه؟
أجمع علماء الكتاب والمؤرخون أنه "برثلماوس الرسول" أحد تلاميذ الرب ألاثني عشر
قيل الكثير في تفسير ما قصده الرب بقوله له "قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك" لكن أغلب ما قيل لا يتفق ومضمون الرواية الإنجيلية ولا شخصية "نثنائيل" بل القول الأرجح هو ما رواه التقليد
في الوقت الذي بدأ فيه جند هيرودس الكبير بتنفيذ مذبحة أطفال بيت لحم البشعة حاولت الكثير من الأمهات إنقاذ أطفالهن ولم يفلحن أمام بطش الجند ودقة بحثهم عن الأطفال من ابن سنتين فما دون حسب (مت 2 : 16 – 18). كان الطفل نثنائيل أحد الأطفال القلائل الذين نجوا من تلك المذبحة حيث يقول التقليد أن الله ألهم والدته أن تخفيه تحت شجرة تين قريبة من مسكنهم لم يكن يوجد بجوارها شيء يغري الجند علي الاقتراب منها حيث انزل الله علي الطفل سكينة عجيبة فلم يبكِ ولم يسمع احد صوته, وكانت أمه تتسلل إليه ليلاً لترضعه وتخدمه ويظل نهاراً نائماً تحت الشجرة طوال فترة المداهمات والمذبحة وبعد انتهاء المهمة تمكنت من إخفائه لفترة طويلة (حتى بعد موت هيرودس) خوفاً من بطش السلطات فربما يقتله "أرشيلاوس" ابن هيرودس الذي ملك عوضاً عن أبيه فهو بلا شك كان حريصاً علي ملكه وليس من مصلحته أن يظل حياً من يمكن أن تنطبق عليه النبوءة و يصبح يوماً ملكاً علي اليهود من الأطفال مواليد تلك الفترة. حتى أن يوسف عندما عاد مع العذراء والطفل يسوع من مصر وعلم أن أرشيلاوس حكم عوضاً عن أبيه خاف أن يذهب إلي هناك "إلي بيت لحم" وكما يقول الكتاب "انصرف إلي نواحي الجليل. وأتي وسكن في مدينة يقال لها ناصرة" مت 2 : 22 – 23
وبعدما هدأت الأمور احتفظت أم نثنائيل بالسر في قلبها خوفاً علي ابنها ولم تصارحه به إلا بعد أن صار رجلاً مع تأكيدها عليه بكتمان السر خوفاً علي حياته ولم يعرف بذلك السر غير نثنائيل وأمه فقط وبالطبع المطلع علي خفايا القلوب وأسرارها الرب يسوع المسيح له كل المجد
ونلاحظ أن الرب عندما فاجأ نثنائيل بقوله "قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك" لم يقل أكثر من ذلك حتى ليظن من يسمع أنه ربما كان فعلاً جالساً تحت تينة في تلك الساعة لأي سبب من الأسباب وذلك حرصاً علي سلامة نثنائيل. والذي يبدو واضحاً من سياق الحديث انه لم يكن جالساً ولا حتى واقفاً تحت شجرة تين عندما دعاه فيلبس, فلم يذكر الكتاب أن فيلبس دعاه من تحت تينة بل يقول النص "فيلبس وجد نثنائيل" ومن الواضح أيضاً انه عندما دعاه فيلبس لم يكن المسيح موجوداً بذات المكان، فلو كان متواجداً فعلاً تحت التينة لكانت ردة فعل فيلبس مختلفة ولأصابته الدهشة التي أصابت نثنائيل أو علي الأقل لعلَّق علي الأمر مثل نثنائيل الذي اعترف فوراً "يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل". لكن نثنائيل أدرك لحظتها انه يقف أمام اله هذا الكون ومدبر أموره, فاحص القلوب و الكُلي, وأن سره الخفي الذي لا يعلم به غيره و أمه المخلصة قد كشفه له يسوع المسيح ابن الله وملك إسرائيل المنتظر فأعلن إيمانه به جهاراً
هاهو نثنائيل الذي قبل لحظات قال بلسانه لفيلبس "أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح" وجد نفسه أمام الصالح وحده وأب كل صلاح. قطعاً لم يكن نثنائيل تحت التينة عندما دعاه فيلبس وإلا لما اندهش هكذا وأسرع بالإعلان بملء الفم عن إيمانه بالمسيح يسوع ابن الله, فربما مر يسوع عليه قبل فيلبس دون أن يلحظه أو ربما يكون احدهم تحدث إلى يسوع وأخبره بأمر جلوسه تحت التينة لكن دهشة نثنائيل تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن التينة المقصودة كانت تلك التي خبأته أمه تحته ظلالها خلال المذبحة
كان يفترض أن يموت نثنائيل الطفل شهيداً مثل أقرانه أطفال بيت لحم لكن الرب حفظه ليكون شاهداً أميناً له وكارزاً بكلمته ولم يحرمه من إكليل الشهادة فقد ناله بعد جهاد وسعي وانضم إلي الكنيسة المنتصرة مع أقرانه الأطفال الذين سبقوه في المذبحة الشهيرة. وللرب طرقه المتنوعة في الإعلان عن ذاته الإلهية فقد أعلن عن ذاته لنثنائيل الذي لم يكن ليصدق أن المسيح يمكن أن يأتي من الناصرة بهذا الأسلوب الذي يلائمه تماماً كما كشف عن آثار الجراح التي في يديه وجنبه لتوما بعد قيامته فآمن وصدق عندما رآها ولمسها
فطوبي لكم يا من آمنتم ولم تروا, يا منْ طوبكم الرب بفمه الطاهر عندما قال لكم "طوبي للذين آمنوا ولم يروا" يو 20 : 29
* نثنائيل : اسم عبراني مركب من كلمتين (ناثان - إيل) . ناثان تعني أعطى أو منح و إيل تعني الله, أي أن معنى الاسم هو "عطية الله" أو "الله أعطى
† والمجد دائماً لإلهنا †
T Joseph Saba
November 14, 2016
في نظري هذة قصه من اعظم ما كتب في الإنجيل و منها نعلم و نتأكد ان ايماننا الأرثوذكسي صادق لا غش فيه
يقول البشير يوحنا في ختام إنجيله "وأشياء أُ خرُ كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أنَّ العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" يو 21 : 25
بالطبع هناك العديد من الآيات والمعجزات التي صنعها يسوع ولم يدونها لنا الوحي المقدس إنما اكتفي بالقليل والقليل جداً لأجل تعليمنا, لكن أحيانا يتساءل المرء عن بعض الأحداث التي اهتم الوحي بتسجيلها وربما عن جهل وقصور إدراك يقول الإنسان لنفسه ما أهمية هذه القصة حتى يدونها لنا الوحي بدلاً من أن يحكي لنا أحد المعجزات المذهلة التي صنعها المسيح ولم نسمع عنها؟
منها علي سبيل المثال تلك القصة التي ذكرها البشير يوحنا في آخر الإصحاح الأول من إنجيله وهي قصة لقاء الرب مع نثنائيل
" فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسي في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة. فقال له نثنائيل أمِنَ الناصرة يُمكنُ أن يكون شيء صالح. قال له فيلبس تعال و انظر. ورأي يسوع نثنائيل مُقبلاً إليه فقال عنه هوذا إسرائيلي حقاً لا غِشَّ فيه. قال له نثنائيل من أين تعرفني أجاب يسوع وقال له. قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك . أجاب نثنائيل وقال له يا مُعلِّم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل. أجاب يسوع وقال له هل آمنت لأني قلت لك إني رأيتك تحت التينة. سوف تري أعظم من هذا."يو 1 " 45 – 50
قد تبدو للوهلة الأولي قصة عادية نمر عليها مرور الكرام أثناء قراءة الإنجيل ولكن الواقع غير ذلك, هذه الحادثة لها من العمق والأهمية ما جعل الروح القدس يلهم القديس يوحنا بتدوينها وإن كانت مقتضبة وغامضة بعض الشيء فلأن الكتاب لم يهتم بتدوين كافة التفاصيل عن كل شيء وإلا لوجدنا أنفسنا أمام كتاب مقدس يتكون من آلاف المجلدات التي قد يستغرق قراءته لمرة واحدة عشرات السنوات
فمن هو نثنائيل هذا وما قصة التينة معه؟
أجمع علماء الكتاب والمؤرخون أنه "برثلماوس الرسول" أحد تلاميذ الرب ألاثني عشر
قيل الكثير في تفسير ما قصده الرب بقوله له "قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك" لكن أغلب ما قيل لا يتفق ومضمون الرواية الإنجيلية ولا شخصية "نثنائيل" بل القول الأرجح هو ما رواه التقليد
في الوقت الذي بدأ فيه جند هيرودس الكبير بتنفيذ مذبحة أطفال بيت لحم البشعة حاولت الكثير من الأمهات إنقاذ أطفالهن ولم يفلحن أمام بطش الجند ودقة بحثهم عن الأطفال من ابن سنتين فما دون حسب (مت 2 : 16 – 18). كان الطفل نثنائيل أحد الأطفال القلائل الذين نجوا من تلك المذبحة حيث يقول التقليد أن الله ألهم والدته أن تخفيه تحت شجرة تين قريبة من مسكنهم لم يكن يوجد بجوارها شيء يغري الجند علي الاقتراب منها حيث انزل الله علي الطفل سكينة عجيبة فلم يبكِ ولم يسمع احد صوته, وكانت أمه تتسلل إليه ليلاً لترضعه وتخدمه ويظل نهاراً نائماً تحت الشجرة طوال فترة المداهمات والمذبحة وبعد انتهاء المهمة تمكنت من إخفائه لفترة طويلة (حتى بعد موت هيرودس) خوفاً من بطش السلطات فربما يقتله "أرشيلاوس" ابن هيرودس الذي ملك عوضاً عن أبيه فهو بلا شك كان حريصاً علي ملكه وليس من مصلحته أن يظل حياً من يمكن أن تنطبق عليه النبوءة و يصبح يوماً ملكاً علي اليهود من الأطفال مواليد تلك الفترة. حتى أن يوسف عندما عاد مع العذراء والطفل يسوع من مصر وعلم أن أرشيلاوس حكم عوضاً عن أبيه خاف أن يذهب إلي هناك "إلي بيت لحم" وكما يقول الكتاب "انصرف إلي نواحي الجليل. وأتي وسكن في مدينة يقال لها ناصرة" مت 2 : 22 – 23
وبعدما هدأت الأمور احتفظت أم نثنائيل بالسر في قلبها خوفاً علي ابنها ولم تصارحه به إلا بعد أن صار رجلاً مع تأكيدها عليه بكتمان السر خوفاً علي حياته ولم يعرف بذلك السر غير نثنائيل وأمه فقط وبالطبع المطلع علي خفايا القلوب وأسرارها الرب يسوع المسيح له كل المجد
ونلاحظ أن الرب عندما فاجأ نثنائيل بقوله "قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك" لم يقل أكثر من ذلك حتى ليظن من يسمع أنه ربما كان فعلاً جالساً تحت تينة في تلك الساعة لأي سبب من الأسباب وذلك حرصاً علي سلامة نثنائيل. والذي يبدو واضحاً من سياق الحديث انه لم يكن جالساً ولا حتى واقفاً تحت شجرة تين عندما دعاه فيلبس, فلم يذكر الكتاب أن فيلبس دعاه من تحت تينة بل يقول النص "فيلبس وجد نثنائيل" ومن الواضح أيضاً انه عندما دعاه فيلبس لم يكن المسيح موجوداً بذات المكان، فلو كان متواجداً فعلاً تحت التينة لكانت ردة فعل فيلبس مختلفة ولأصابته الدهشة التي أصابت نثنائيل أو علي الأقل لعلَّق علي الأمر مثل نثنائيل الذي اعترف فوراً "يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل". لكن نثنائيل أدرك لحظتها انه يقف أمام اله هذا الكون ومدبر أموره, فاحص القلوب و الكُلي, وأن سره الخفي الذي لا يعلم به غيره و أمه المخلصة قد كشفه له يسوع المسيح ابن الله وملك إسرائيل المنتظر فأعلن إيمانه به جهاراً
هاهو نثنائيل الذي قبل لحظات قال بلسانه لفيلبس "أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح" وجد نفسه أمام الصالح وحده وأب كل صلاح. قطعاً لم يكن نثنائيل تحت التينة عندما دعاه فيلبس وإلا لما اندهش هكذا وأسرع بالإعلان بملء الفم عن إيمانه بالمسيح يسوع ابن الله, فربما مر يسوع عليه قبل فيلبس دون أن يلحظه أو ربما يكون احدهم تحدث إلى يسوع وأخبره بأمر جلوسه تحت التينة لكن دهشة نثنائيل تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن التينة المقصودة كانت تلك التي خبأته أمه تحته ظلالها خلال المذبحة
كان يفترض أن يموت نثنائيل الطفل شهيداً مثل أقرانه أطفال بيت لحم لكن الرب حفظه ليكون شاهداً أميناً له وكارزاً بكلمته ولم يحرمه من إكليل الشهادة فقد ناله بعد جهاد وسعي وانضم إلي الكنيسة المنتصرة مع أقرانه الأطفال الذين سبقوه في المذبحة الشهيرة. وللرب طرقه المتنوعة في الإعلان عن ذاته الإلهية فقد أعلن عن ذاته لنثنائيل الذي لم يكن ليصدق أن المسيح يمكن أن يأتي من الناصرة بهذا الأسلوب الذي يلائمه تماماً كما كشف عن آثار الجراح التي في يديه وجنبه لتوما بعد قيامته فآمن وصدق عندما رآها ولمسها
فطوبي لكم يا من آمنتم ولم تروا, يا منْ طوبكم الرب بفمه الطاهر عندما قال لكم "طوبي للذين آمنوا ولم يروا" يو 20 : 29
* نثنائيل : اسم عبراني مركب من كلمتين (ناثان - إيل) . ناثان تعني أعطى أو منح و إيل تعني الله, أي أن معنى الاسم هو "عطية الله" أو "الله أعطى
† والمجد دائماً لإلهنا †
T Joseph Saba
November 14, 2016
العنصرة
العنصرة باللغة العبرية تعني اجتماع
في يوم الظهور الإلهى يحل الروح على طبيعة يسوع البشرية "بشكل منظور" ويستريح فيها. وفي يوم العنصرة ينزل الروح نفسه الى العالم "نزولا أقنوميا" ويضحى فاعلا فى صميم الطبيعة، أي أنه يضحى واقعا داخليا فى الطبيعة البشرية. فهو إذا يعمل في داخلنا ويحركنا ويدفعنا، وهو بتقديسنا يمنحنا شيئا من طبيعته الخاصة
العنصرة، عند الأباء الأرثوذكس ، هى الحياة الجديدة التي تنزل علينا كل يوم وتكشف لنا جمال وجه المسيح وتجعل توبتنا ثابتة. كل مؤمن يذوقها بمقدار، أي بحسب قامته الروحية. فيحب بصورة مدهشة، ويغفر بما لا يتصوره الناس، ويرق ويلطف كما لا يتوقعون. العنصرة هى المسيح مُعطَى لنا بالروح القدس فيجعلنا شهداء ونحن جبناء وقادرين على تحدي الظلم وأن نستقل عن المعتبرين أقوياء وأن نتكلم بما يفوق قدرتنا كما تكلم الصيادون. لا يكفى لهذا أن نتعلم أمور الإيمان، فالكثيرون تعلموا وقرؤوا الكتب كثيرا ولم يوصلوا رسالة؛ لأن الكلمات كانت ميتة على ألسنتهم وقلوبهم منطفئة. يمكن أن يقرأ إنسان كُتبا كثيرة ويبقى باردا، وإنسان حار يعرف القليل ويقول القليل ويمكنك أن تعيش على دفئه. هذا هو سر الروح القدس
الإيمان المسيحى الأرثوذكسي (أي المستقيم) صار واقعا معاشا فى يوم حلول الروح القدس ويصف لنا سفر الاعمال الذي هو سفر أعمال الروح القدس فى الكنيسة- والذى يُقرأ في كنيستنا طوال فترة الخمسين المقدسة- يصف لنا كيف أعد الرب التلاميذ والعالم لقبول هذا اليوم العظيم: «اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، أَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ» (اع 1 :3-5
ولما حضر يوم الخمسين اجتمع ممثلون من كل شعوب الارض فى أورشليم وتعددت اللغات والثقافات وتوحدت النوايا في العبادة بالروح والحق، تعددت اللغات والثقافات وتوحدت القلوب. كل الشعوب الحاضرة يوم الخمسين والتي كانت تمثل كل شعوب المسكونة يومها، «فَرْتِيُّونَ وَمَادِيُّونَ وَعِيلاَمِيُّونَ، وَالسَّاكِنُونَ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، وَالْيَهُودِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَبُنْتُسَ وَأَسِيَّا وَفَرِيجِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ وَمِصْرَ، وَنَوَاحِيَ لِيبِيَّةَ الَّتِي نَحْوَ الْقَيْرَوَانِ، وَالرُّومَانِيُّونَ الْمُسْتَوْطِنُونَ يَهُودٌ وَدُخَلاَءُ، كِرِيتِيُّونَ وَعَرَبٌ» (أع 9:2-11). روح يوم الخمسين لم يعطى للناس أن يسمعوا ويفهموا لغة واحدة، ولكن أعطاهم أن يسمعوا «نَسْمَعُ نَحْنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا لُغَتَهُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا» (أع 9:2
لقد سبق واجتمع البشر على بناء برج بابل لكى يصلوا الى السماء ومع أن لغتهم كانت واحدة إلا أن نواياهم وأهوائهم طمست قلوبهم. وجاء يوم الخمسين- حسب أباء الكنيسة- علاجا لكارثة البرج. ففى البرج حاول البشر بذكائهم أن يصلوا إلى الله ولم يتفقوا، فقد "بلبل الله ألسنتهم" (تك 7:11). أما فى العنصرة فصاروا نفسا واحدة بالروح السماوى، وكل شئ بينهم كان مشتركا في الرؤية بدون إنفصام. لهذا جاء رد السماء فوريا وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (أع 2:2-4). لقد رد الروح القدس فى يوم العنصرة للانسان وللغته ولثقافته ولفرادته الاعتبار. لقد أعطى الروح القدس أن كل واحد كان يسمع تلاميذ المسيح يتكلمون بلغته (اع 2 :5)
لقد تم تحديد الاحتفال بالعنصرة في نهاية اليوم الخمسين من تاريخ الفصح وصار العنصرة يشكل اكتمال عيد الفصح. صار العنصرة هو الاحتفاء بعطية الروح القدس للرسل وللكنيسة. وصار عيد الخمسين فرصة كبيرة للتأمل اللاهوتي فى ماهية الكنيسة والتى ارتبطت بسكب الروح القدس ورسالة الكنيسة في العالم. الروح القدس هو الذي يكوّن الكنيسة، فالكنيسة ليست مؤسسة بالمعنى الحقوقي ولا هي تجمعات بشر أو تنظيم مجتمعى لهم، هذا في أزمنة البشر. إنما الكنيسة تناغم العطية والعطية واتفاق ألحان، كما نقول في الصلوات. إنه الروح النارى العامل في العبادات والتسابيح والتي ما هى إلا نفحات الروح على ألسنة المؤمنين. فالكنيسة في عمقها ليست إلا الاتصال بالسيد، هي شهداؤها والقديسون والمُألوهون فيها
إن الصلاة التي نرفعها إلى الروح : "أيها الملك السماوي المعزي"، تدعوه "هلم واسكن فينا". وفي الصلاة الربانية نصلي "ليأت ملكوتك"، يقول آباء الكنيسة أنها "ليأت روحك القدوس"؛ لأن ملكوت الله هو الروح القدس الذي نسأل الله الآب أن يُنزله علينا. بهذا القول فإن عبارة "أطلبوا ملكوت الله" تعني "أطلبوا الروح القدس"، وهو الضرورى الأوحد. وكما يقول القديس سيرافيم ساروفيسكي "أن غاية الحياة المسيحية هي الحصول على الروح القدس". ويقول القديس ايرينيوس: "حيث يكون الروح القدس فهناك الكنيسة". الكنيسة ليست آلة تسجيل لكلمة قديمة، أي الإنجيل، فهذا الإنجيل القديم يصير جديد بالروح الذى يهب. إن كلمة الإنجيل تكشف للعالم أن له اليوم بالكلمة الأبدية حياة. بمعنى أن الإنجيل ليس كلمات تحفظ ويقام مسابقات لمن يحفظ آياته، بل أن الإنجيل هو كلمة الله المحيية لمن يحياه
والروح القدس هو الذي كتب تاريخ المسيحية الأصيلة، وهو الذى ألهم الآباء وعلماء الكنيسة والمفسرين له والنساك والشهداء. فالروح القدس هو العامل في التراث الارثوذكسى من أيام مقاومة القديس باسيليوس الكبير من ينكرون ألوهية الروح القدس. بهذا الروح وحده يحدث التحول والتوبة في الكنيسة، وتتحول من مؤسسة اجتماعية وطائفة إلى جسد المسيح المروحن والمتأله الذي إذا انطلق منه الروح بالبشارة يصبح الكون جديدا. وليكون هذا يجب الانتقال من عبادة المؤسسات والاشخاص إلى الكنيسة الحية بالروح إلى كنيسة القيامة. هذا الانتقال متعذر إن لم نع حضور الروح فينا وذاتيته. والقديس كيرلس الكبير يركز على حضور الروح القدس الشخصي في النفس التي يكون قد قدسها، فيقول: "إننا نحمل الروح القدس مقيما فينا، وليس فقط نعمته
في سر المعمودية يرفض الموعوظ الشيطان وكل أعماله ويعلن قبوله للمسيح ربا وإلها، وفي سر الميرون المُعمد الذي ختمهم الروح القدس يتحولون الى "حامل المسيح"، ويضحى هيكلا يملأه الثالوث. وفي عيد العنصرة نجدد جميعا رفضنا للشيطان ليتجدد فينا الروح القدس المنسكب في هذا اليوم. العجائب والنعم والأشفية تتم بالروح القدس وفي الواقع، ليس في الخليقة أي هبة إلا وتأتيها من الروح القدس (طرد الأبالسة، تقييد الشيطان، مغفرة الخطايا، والارتباط بالله، قيامة الموتى
فى عيد العنصرة الكنيسة تمجد الآب والابن والروح القدس، إنها مجتمع الحب المتبادل على صورة الحب الثالوثى. إن التجديف على الروح القدس كما يقول الانجيل: "لا مغفرة له"، لأنه يتنافى والتدبير الخلاصى بالذات. ذلك أن الروح هو الينبوع وهو واهب الطاقات (القوى) الثالوثية المؤلهة التي تحقق الخلاص. الروح القدس ليس أمرا هلاميا لا قوام تاريخى له، بل هو الأقنوم الثالث من الثالوث القدوس وهو الذي ينير اللاهوتيين ويعطي نور العقائد. الكنيسة الارثوذكسية، مع هذه الرؤية، فهي تحتفل في عيد العنصرة يوم الاحد بالثالوث، وتحتفل يوم الإثنين التالي له بالروح القدس. فهي أنها تبدأ بعمل الروح، أي إعتلان سر الثالوث. إن طريقة الأباء هى دوما كلية وشاملة، تحذر من أي استفراد مصوب حصرا صوب الكلمة (اللوغوس) أو صوب الروح القدس، وتسعى إلى لاهوت متوازن يرتكزعلى الأقانيم الإلهية الثلاثة. يقول الرب فى انجيل يوحنا: "ومتى جاء هو روح الحق فأنه يرشدكم الى الحقيقة كلها" (يو16 :13). ففي ضوء "روح الحق" يبني الآباء لاهوت، هذه الحقيقة كلها التي هي في الواقع الثالوث الالهى، الروح القدس يكشف هذه الحقيقة
إن عيد العنصرة (وأي عيد في الكنيسة) ليس هو ذكرى للحدث، بل هو تذكار (أي إستذكار) للحدث، إنه إستحضار وإخبار بحدث عيد العنصرة. بمعنى أن يحيا المؤمنون في الكنيسة حدث حلول الروح القدس على الكنيسة، أي يتقدسون ويتألهون بالنعمة. أي أن الحمامة التى حلت على الابن، في عيد الظهور الإلهي، تحل الآن في كل من الأبناء في الابن، "وكأن النعمة صارت من جوهر الانسان"، كما يقول القديس مكاريوس المصرى: "بالروح القدس تتجدد الخليقة وتعود إلى وضعها الأول". إذن عندما نتقدس بالروح القدس نقبل المسيح يسكن في إنساننا الداخلي ومع المسيح أيضًا الآب. هذه العلاقة الشديدة والمتبادلة بين الأقانيم يظهرها كل من تقليد المعمودية وإعتراف الإيمان (أي قانون الإيمان المسيحي). ففي قانون الإيمان المسيح يقول المؤمن "أؤمن بإله واحد آب ضابط الكل ... وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد ... وبالروح القدس الرب المحيِّ المنبثق من الآب الذي هو مع الآب والابن". فالكنيسة هي المجتمع حيث تتحقق وحدة البشر، على تعدديتهم، في الطبيعة الواحدة (الطبيعة البشرية) المتجددة فى المسيح، انها مجتمع الحب المتبادل على صورة الحب الثالوثي
المطران نيقولا أنطونيو الجزيل الإحترام مطران طنطا وتوابعها
ووكيل البطريرك لشئون الطائفة الناطقة بالعربية بمصر
في يوم الظهور الإلهى يحل الروح على طبيعة يسوع البشرية "بشكل منظور" ويستريح فيها. وفي يوم العنصرة ينزل الروح نفسه الى العالم "نزولا أقنوميا" ويضحى فاعلا فى صميم الطبيعة، أي أنه يضحى واقعا داخليا فى الطبيعة البشرية. فهو إذا يعمل في داخلنا ويحركنا ويدفعنا، وهو بتقديسنا يمنحنا شيئا من طبيعته الخاصة
العنصرة، عند الأباء الأرثوذكس ، هى الحياة الجديدة التي تنزل علينا كل يوم وتكشف لنا جمال وجه المسيح وتجعل توبتنا ثابتة. كل مؤمن يذوقها بمقدار، أي بحسب قامته الروحية. فيحب بصورة مدهشة، ويغفر بما لا يتصوره الناس، ويرق ويلطف كما لا يتوقعون. العنصرة هى المسيح مُعطَى لنا بالروح القدس فيجعلنا شهداء ونحن جبناء وقادرين على تحدي الظلم وأن نستقل عن المعتبرين أقوياء وأن نتكلم بما يفوق قدرتنا كما تكلم الصيادون. لا يكفى لهذا أن نتعلم أمور الإيمان، فالكثيرون تعلموا وقرؤوا الكتب كثيرا ولم يوصلوا رسالة؛ لأن الكلمات كانت ميتة على ألسنتهم وقلوبهم منطفئة. يمكن أن يقرأ إنسان كُتبا كثيرة ويبقى باردا، وإنسان حار يعرف القليل ويقول القليل ويمكنك أن تعيش على دفئه. هذا هو سر الروح القدس
الإيمان المسيحى الأرثوذكسي (أي المستقيم) صار واقعا معاشا فى يوم حلول الروح القدس ويصف لنا سفر الاعمال الذي هو سفر أعمال الروح القدس فى الكنيسة- والذى يُقرأ في كنيستنا طوال فترة الخمسين المقدسة- يصف لنا كيف أعد الرب التلاميذ والعالم لقبول هذا اليوم العظيم: «اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، أَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ» (اع 1 :3-5
ولما حضر يوم الخمسين اجتمع ممثلون من كل شعوب الارض فى أورشليم وتعددت اللغات والثقافات وتوحدت النوايا في العبادة بالروح والحق، تعددت اللغات والثقافات وتوحدت القلوب. كل الشعوب الحاضرة يوم الخمسين والتي كانت تمثل كل شعوب المسكونة يومها، «فَرْتِيُّونَ وَمَادِيُّونَ وَعِيلاَمِيُّونَ، وَالسَّاكِنُونَ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، وَالْيَهُودِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَبُنْتُسَ وَأَسِيَّا وَفَرِيجِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ وَمِصْرَ، وَنَوَاحِيَ لِيبِيَّةَ الَّتِي نَحْوَ الْقَيْرَوَانِ، وَالرُّومَانِيُّونَ الْمُسْتَوْطِنُونَ يَهُودٌ وَدُخَلاَءُ، كِرِيتِيُّونَ وَعَرَبٌ» (أع 9:2-11). روح يوم الخمسين لم يعطى للناس أن يسمعوا ويفهموا لغة واحدة، ولكن أعطاهم أن يسمعوا «نَسْمَعُ نَحْنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا لُغَتَهُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا» (أع 9:2
لقد سبق واجتمع البشر على بناء برج بابل لكى يصلوا الى السماء ومع أن لغتهم كانت واحدة إلا أن نواياهم وأهوائهم طمست قلوبهم. وجاء يوم الخمسين- حسب أباء الكنيسة- علاجا لكارثة البرج. ففى البرج حاول البشر بذكائهم أن يصلوا إلى الله ولم يتفقوا، فقد "بلبل الله ألسنتهم" (تك 7:11). أما فى العنصرة فصاروا نفسا واحدة بالروح السماوى، وكل شئ بينهم كان مشتركا في الرؤية بدون إنفصام. لهذا جاء رد السماء فوريا وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (أع 2:2-4). لقد رد الروح القدس فى يوم العنصرة للانسان وللغته ولثقافته ولفرادته الاعتبار. لقد أعطى الروح القدس أن كل واحد كان يسمع تلاميذ المسيح يتكلمون بلغته (اع 2 :5)
لقد تم تحديد الاحتفال بالعنصرة في نهاية اليوم الخمسين من تاريخ الفصح وصار العنصرة يشكل اكتمال عيد الفصح. صار العنصرة هو الاحتفاء بعطية الروح القدس للرسل وللكنيسة. وصار عيد الخمسين فرصة كبيرة للتأمل اللاهوتي فى ماهية الكنيسة والتى ارتبطت بسكب الروح القدس ورسالة الكنيسة في العالم. الروح القدس هو الذي يكوّن الكنيسة، فالكنيسة ليست مؤسسة بالمعنى الحقوقي ولا هي تجمعات بشر أو تنظيم مجتمعى لهم، هذا في أزمنة البشر. إنما الكنيسة تناغم العطية والعطية واتفاق ألحان، كما نقول في الصلوات. إنه الروح النارى العامل في العبادات والتسابيح والتي ما هى إلا نفحات الروح على ألسنة المؤمنين. فالكنيسة في عمقها ليست إلا الاتصال بالسيد، هي شهداؤها والقديسون والمُألوهون فيها
إن الصلاة التي نرفعها إلى الروح : "أيها الملك السماوي المعزي"، تدعوه "هلم واسكن فينا". وفي الصلاة الربانية نصلي "ليأت ملكوتك"، يقول آباء الكنيسة أنها "ليأت روحك القدوس"؛ لأن ملكوت الله هو الروح القدس الذي نسأل الله الآب أن يُنزله علينا. بهذا القول فإن عبارة "أطلبوا ملكوت الله" تعني "أطلبوا الروح القدس"، وهو الضرورى الأوحد. وكما يقول القديس سيرافيم ساروفيسكي "أن غاية الحياة المسيحية هي الحصول على الروح القدس". ويقول القديس ايرينيوس: "حيث يكون الروح القدس فهناك الكنيسة". الكنيسة ليست آلة تسجيل لكلمة قديمة، أي الإنجيل، فهذا الإنجيل القديم يصير جديد بالروح الذى يهب. إن كلمة الإنجيل تكشف للعالم أن له اليوم بالكلمة الأبدية حياة. بمعنى أن الإنجيل ليس كلمات تحفظ ويقام مسابقات لمن يحفظ آياته، بل أن الإنجيل هو كلمة الله المحيية لمن يحياه
والروح القدس هو الذي كتب تاريخ المسيحية الأصيلة، وهو الذى ألهم الآباء وعلماء الكنيسة والمفسرين له والنساك والشهداء. فالروح القدس هو العامل في التراث الارثوذكسى من أيام مقاومة القديس باسيليوس الكبير من ينكرون ألوهية الروح القدس. بهذا الروح وحده يحدث التحول والتوبة في الكنيسة، وتتحول من مؤسسة اجتماعية وطائفة إلى جسد المسيح المروحن والمتأله الذي إذا انطلق منه الروح بالبشارة يصبح الكون جديدا. وليكون هذا يجب الانتقال من عبادة المؤسسات والاشخاص إلى الكنيسة الحية بالروح إلى كنيسة القيامة. هذا الانتقال متعذر إن لم نع حضور الروح فينا وذاتيته. والقديس كيرلس الكبير يركز على حضور الروح القدس الشخصي في النفس التي يكون قد قدسها، فيقول: "إننا نحمل الروح القدس مقيما فينا، وليس فقط نعمته
في سر المعمودية يرفض الموعوظ الشيطان وكل أعماله ويعلن قبوله للمسيح ربا وإلها، وفي سر الميرون المُعمد الذي ختمهم الروح القدس يتحولون الى "حامل المسيح"، ويضحى هيكلا يملأه الثالوث. وفي عيد العنصرة نجدد جميعا رفضنا للشيطان ليتجدد فينا الروح القدس المنسكب في هذا اليوم. العجائب والنعم والأشفية تتم بالروح القدس وفي الواقع، ليس في الخليقة أي هبة إلا وتأتيها من الروح القدس (طرد الأبالسة، تقييد الشيطان، مغفرة الخطايا، والارتباط بالله، قيامة الموتى
فى عيد العنصرة الكنيسة تمجد الآب والابن والروح القدس، إنها مجتمع الحب المتبادل على صورة الحب الثالوثى. إن التجديف على الروح القدس كما يقول الانجيل: "لا مغفرة له"، لأنه يتنافى والتدبير الخلاصى بالذات. ذلك أن الروح هو الينبوع وهو واهب الطاقات (القوى) الثالوثية المؤلهة التي تحقق الخلاص. الروح القدس ليس أمرا هلاميا لا قوام تاريخى له، بل هو الأقنوم الثالث من الثالوث القدوس وهو الذي ينير اللاهوتيين ويعطي نور العقائد. الكنيسة الارثوذكسية، مع هذه الرؤية، فهي تحتفل في عيد العنصرة يوم الاحد بالثالوث، وتحتفل يوم الإثنين التالي له بالروح القدس. فهي أنها تبدأ بعمل الروح، أي إعتلان سر الثالوث. إن طريقة الأباء هى دوما كلية وشاملة، تحذر من أي استفراد مصوب حصرا صوب الكلمة (اللوغوس) أو صوب الروح القدس، وتسعى إلى لاهوت متوازن يرتكزعلى الأقانيم الإلهية الثلاثة. يقول الرب فى انجيل يوحنا: "ومتى جاء هو روح الحق فأنه يرشدكم الى الحقيقة كلها" (يو16 :13). ففي ضوء "روح الحق" يبني الآباء لاهوت، هذه الحقيقة كلها التي هي في الواقع الثالوث الالهى، الروح القدس يكشف هذه الحقيقة
إن عيد العنصرة (وأي عيد في الكنيسة) ليس هو ذكرى للحدث، بل هو تذكار (أي إستذكار) للحدث، إنه إستحضار وإخبار بحدث عيد العنصرة. بمعنى أن يحيا المؤمنون في الكنيسة حدث حلول الروح القدس على الكنيسة، أي يتقدسون ويتألهون بالنعمة. أي أن الحمامة التى حلت على الابن، في عيد الظهور الإلهي، تحل الآن في كل من الأبناء في الابن، "وكأن النعمة صارت من جوهر الانسان"، كما يقول القديس مكاريوس المصرى: "بالروح القدس تتجدد الخليقة وتعود إلى وضعها الأول". إذن عندما نتقدس بالروح القدس نقبل المسيح يسكن في إنساننا الداخلي ومع المسيح أيضًا الآب. هذه العلاقة الشديدة والمتبادلة بين الأقانيم يظهرها كل من تقليد المعمودية وإعتراف الإيمان (أي قانون الإيمان المسيحي). ففي قانون الإيمان المسيح يقول المؤمن "أؤمن بإله واحد آب ضابط الكل ... وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد ... وبالروح القدس الرب المحيِّ المنبثق من الآب الذي هو مع الآب والابن". فالكنيسة هي المجتمع حيث تتحقق وحدة البشر، على تعدديتهم، في الطبيعة الواحدة (الطبيعة البشرية) المتجددة فى المسيح، انها مجتمع الحب المتبادل على صورة الحب الثالوثي
المطران نيقولا أنطونيو الجزيل الإحترام مطران طنطا وتوابعها
ووكيل البطريرك لشئون الطائفة الناطقة بالعربية بمصر
الغفران
“إنكم إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم وإن لم تغفروا للناس زلاتهم فأبوكم أيضاً لا يغفر لكم زلاتكم”(متى6: 14). إنّ طَلَب السيد يسوع المسيح مزدوج: أن نشعر بزلاتنا، وأن نسامح الآخرين. فمعرفة الإنسان بخطيئته ضرورية ليسهُل عليه مسامحة سواه، لأنه بنظره إلى خطيئته الخاصّة يسامح القريب إن سقط. يجب أن نسامح الآخرين ليس بالقول بل بالفعل ومن القلب حتى لا نحوّل السيف إلينا بواسطة الحقد. فالذي يهيننا لا يسبّب لنا الضرر بقدر ما نسبّبه لأنفسنا باندفاعنا إلى الغضب وتعريض ذواتنا للدينونة من الله. فإذا أحببنا الذين يهينوننا فإن شرَّهم يقع على رؤوسهم ويعانون الآلام بسبب هذا، وبالعكس إذا غضبنا نعاني الآلام وحدنا
الغفران أو المغفرة صفة من صفات الله المقدسة. ولا غفران إلا به والغفران عطية الله للمؤمن نتيجة غنى نعمة للإنسان بواسطة كفارة المسيح عن بني البشر. وواجب الإنسان أن يطلب الغفران، بإيمان ونية صادقة، وأن يبشر الآخرين به، لكن لا سلطة له عليهم لأنه هو نفسه بحاجة إلى الغفران الإلهي. وما غفران المؤمن لأخيه الإنسان إلا غفران باسم الرب، لأن الرب موجود مع المؤمنين في كل أعمالهم إذا كانت أعمالهم صادرة عن إيمانهم. وعلى هذا الأساس طلب الله من المؤمنين أن يغفروا لإخوتهم المسيئين إليهم، لأنهم إن غفروا للناس زلاتهم يغفر لهم أبوهم السماوي أخطاءهم، ولا يغفر الله تلك الأخطاء ما لم يغفر الناس بعضهم لبعض. وعلى هذا الأساس طلب الله أيضًا أن يستمر الإنسان في الغفران ولا يمل. والمقصود من الآية "مَنْ غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت" أن في استطاعة المسيحيين - في شخص الأب الكاهن- أن يعلنوا الغفران لمن يتمم شرطيّ التوبة والإيمان بالمسيح. وتعني المغفرة سَتْر الخطيئة للمؤمن فردًا كان أو شعبًا وعدم حساب الله لها ومحو المعاصي والآثام وستر وجه الله عنها وعدم تَذَكُّرها وإبعادها عن البشر كبعد الشرق عن الغرب وطرحها في أعماق البحر ودوسها
الخميس العظيم المقدس
يدخلنا يوم الخميس العظيم في السر الفصحي ، إذ يحيي ويحضر أمامنا القسم الأول من هذا السر والذي جرى في العلّية
نقرأ في صلاة السحر، بعد المزامير والطروبارية، الإنجيل (لو1:22- 39) الذي يسرد الأحداث التي حصلت ابتداء من حديث يهوذا مع اليهود إلى الوقت الذي ترك فيه يسوع العلّية ليذهب إلى جبل الزيتون. ثم يلي ذلك ترتيل القانون. نعود في الساعة الأولى إلى قراءة سفر ارميا (18:11- 15:12)، حيث نسمع: (أنا خروف بريء من الشر مسوق إلى الذبح… رعاة كثيرون أفسدوا كرمي ودنّسوا نصيبي… فأرحمهم وأسكنهم كلاً في مورثه وكلاً في أرضه
ثم تقام خدمة الغروب حيث نتابع قراءة سفر الخروج (10:19- 19): يهبط الله على جبل سيناء وسط النار والدخان، لكنه لا يعطي وصاياه بعد. وكان موسى قد أوصى الشعب: (كونوا مستعدين لليوم الثالث). وكان أفراد الشعب قد غسلوا ثيابهم وتطهروا. كل هذه الأمور هي بمثابة صور عن قيامة المسيح في اليوم الثالث، وعن ظهوره للبشر بعد الفصح، وعن الطهارة التي علينا أن نتحلى بها. في اقترابنا من السر الفصحي، نتابع أيضاً قراءة سفر أيوب (1:38- 23، 1:42- 5). يكلم الله أيوب ويسأله بعض الأسئلة، قائلاً: (إني أسألك فأخبرني). ثم يتكلم أيوب بدوره ويقول لله العبارة نفسها: (فأتكلم أسألك فأخبرني). هذا هو نموذج الحوار العجيب الذي يجب أن يتم بين الله والإنسان. لقد وصل أيوب إلى نهاية مصاعبه وبقي أميناً. فيقول للرب ما تصبو كل نفس لقوله (وما يقوله العديد من النفوس المحبة المصلّية): (كنت قد سمعتك سمع الأذن، أمّا الآن فعيني قد رأتك). نقرأ أخيراً بعض الآيات من بداية سفر أشعياء النبي (4:1- 11)، حيث يوبّخ الله إسرائيل، لأنه (أمة خاطئة، شعب ثقيل الإثم). ويعلن أنه ملّ من الذبائح المقدّمة له: (أتخمت من محرقات كباش وشحم مسمّنات وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسرّ). وها أن ذبيحة أفضل ستقدم له الآن
نقرأ في القداس مقطعاً من الرسالة الأولى إلى الكورنثيين (23:11- 32) حيث يتكلم بولس الرسول عن تأسيس سر الشكر: (… إن الرب يسوع، في الليلة التي أُسلم فيها، أخذ خبزاً وشكر…). أمّا التلاوة الإنجيلية فهي مجموعة نصوص طويلة (متى2:26- 20، يو 3:13- 17، متى21:26- 39، لو43:22- 44، متى40:26- 2:27)، تتحدث عن مجمع الكهنة، دهن رأس يسوع بالطيب في بيت عنيا، تهيئة الفصح، الغسل، تأسيس الإفخارستيا، الصعود إلى جثسماني، قبلة يهوذا، توقيف يسوع واستجوابه عند رئيس الكهنة، نكران بطرس، وأخيراً تسليم يسوع إلى الوالي الروماني. وتبتدأ البركة الختامية هكذا: (يا من بصلاحك علّمتنا التواضع بغسلك أرجل تلاميذك…). وفي بعض الكاتدرائيات يحيي الأسقف، بعد القداس، خدمة غسل الأرجل، حيث يقوم هو بدور المسيح واثنا عشر كاهناً بدور الرسل
إن خدمة أناجيل الآلام الاثني عشر التي يعتبرها الشعب من خصائص الخميس العظيم، هي بالفعل تتعلّق بيوم الجمعة العظيم، لذلك سنتحدث عنها فيما بعد
توجز إحدى قطع صلاة السحر المسماة بـ (البيت) OIKOS بدقة معنى طقوس الخميس العظيم. تقول الترنيمة: (لنتقدم جميعنا بخوف إلى المائدة السرّية، ونقتبل الخبز المقدس بنفوس طاهرة، ولنمكث مع السيّد، لكي نعاين كيف يغسل أقدام التلاميذ وينشّفها بالمنديل، فنقتدي به. ولنخضع بعضنا لبعض، ونغسل بعضنا أقدام بعض، لأن المسيح نفسه هكذا أمر تلاميذه وصار قدوة لهم. إلاّ أن يهوذا، ذاك العبد الغاش الدافع، أبى أن يسمع وأمسى عادم التقويم). يبرز هذا النص ثلاثة أوجه للخميس العظيم: الغسل، مائدة الرب، وخيانة يهوذا. فلنتأمل بكل من هذه الأوجه على حدة
لكن قبل أن نرى ما يحدث في العلّية، فلنلتفت إلى العلّية نفسها. أرسل يسوع تلاميذه ليقولوا لصاحب البيت: (عندك أصنع الفصح (متى18:26) … فأين هو المكان الذي يمكنني أن آكل فيه الفصح مع تلاميذي ؟ (مر14:14)). إن هذه الجملة موجّهة إلى كل منّا. يرغب يسوع، في كل عيد فصح، أن يأتي بصورة خاصة إلينا و (يصنع الفصح) روحياً في أنفسنا. وخارج زمن الفصح، وفي كل مرة يوزّع الرب يسوع علينا، من مائدته الخاصة، الخبز الذي هو شركة جسده، والخمر الذي هو شركة دمه، فإنه يقيم الفصح في علّيتنا الداخلية، في نفس الوقت الذي يتم فيه السر الخارجي. ولكن هذا ليس بكل شيء. فعلاوة على عيد الفصح وعلاوة على سر الشكر، بإمكاننا أن نقيم كل يوم في علّية أنفسنا فصحاً غير منظور وفي الصمت. يمكننا أن نتقبل كلما شئنا، الرب يسوع بالإيمان والمحبة، وأن نجعل منه، بالروح، غذاءنا. ويقول لنا يسوع عن هذه المائدة الداخلية الروحية: (اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم…) (لو15:22). لكن أين هي العلّية التي سنستقبله فيها ؟ أكل شيء فيها جاهز؟ لا توجد في نفسي غرفة مؤهلة بنظافتها وزينتها لزيارة كهذه . على كلٍ لن يكفي أن أهيئ زاوية في نفسي متجاهلاً الفوضى التي تعم الأجزاء الباقية في داخلي. إذ لا بد من أن أغسل نفسي كلها وأن أقوم بتنظيفها. ليس لدي القوة الذاتية للقيام بهذا العمل، لذا، تعال يا سيّد وهيّئ أنت لنفسك فيَّ علّية. لا تمرّ بي مرور الكرام بل ابق واسكن في نفسي باستمرار، لا بل تملكها. ها هي المفاتيح التي تفتح كل الأبواب. وهاأنذا الآن ضيف عليك
وإذا أردت يا رب أن تأتي إليّ مع تلاميذك، فهذا يعني أنه يجب أن أستقبلك في داخلي بشكل (جماعي). لا يمكنني أن أفصلك عن أعضاء جسدك السرّي. لذا عندما أستقبلك، أستقبل أيضاً بالروح كل جماعة تلاميذك، كل الكنيسة. على نفسي أن تنفتح بعطف وتتحد بصلاة واحدة مع كل الذين يؤمنون بك، وكل الذين يحبونك، وكل الذين يتضرعون إليك. فلأصبح إذاً واحداً معهم جميعاً، الذين يعيشون فيك والذين ماتوا فيك، مع والدتك القديسة ورسلك وشهدائك وجميع قديسيك، في الأمس واليوم وغداً. أدخل إليّ، يا رب، مع تلاميذك
تقترب مني، يا رب، لتغسل رجليّ، دون أن تسمح لي بالاحتجاج على تواضعك الفائق الذي يجعلك تركع أمامي وتغسلني. تقول لي: (إن كنتُ لا أغسلك فليس لك معي نصيب) (يو8:13). بقوله هذا يشير إلى أمرين. أولاً أنه يجب علينا أن ندعه يطهرنا من خطايانا، من غبار الطريق ومن اللطخات الكبيرة: (يا سيّد ليس رجليّ فقط بل أيضاً يديّ ورأسي) (يو9:13) كما قال بطرس. ثم إن اشتراكنا بالمسيح هو اشتراك بتواضعه وتنازله، اشتراك بالإله الإنسان الذي يغسل أقدام البشر. سيكون لي نصيب مع مسيح الغسل إذا تركته يغسل رجليّ وإذا غسلت أنا أقدام الآخرين كما فعل هو: (فإن كنت وأنا السيّد والمعلّم قد غسلت أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض) (يو14:13). ماذا يعني أن نغسل أرجل البشر؟ هذا يعني أنه يجب، قبل صب الماء على أرجلهم، أن نتخذ الموقف الجسدي الوحيد الذي يسمح لنا بذلك، في اتضاع تام، أي يجب أن نكون على مستواهم وأن نركع أمامهم. باختصار يجب أن نتضع. نجد في هذا الموقف إشارة ذات أهمية فائقة بالنسبة لحياتنا الروحية: يمكننا أن نذهب نحو الله، أمّا بالصعود وأمّا بالنزول، الارتفاع نحوه أو الاتضاع. في بعض الأحيان نفقد، إذا جاز التعبير، أجنحتنا، وتمتد الصحراء إلينا، ولا يسعنا أن نرتفع إلى الله. في هذه الأوقات حيث لا نستطيع أن نجد الله أعلى منّا، وحيث لم نعد نجده ربما حتى فينا، يمكننا أن نجده إذا نزلنا إلى ما هو أسفل منّا. يمكننا أن نهتم بضيق أو خطيئة يبدوان في الظاهر (أَفْظَعْ) من خطايانا وضيقاتنا، (أقول بالظاهر لأنه إذا ميّزنا بوضوح نعرف أن خطايانا هي (أفظع) ما يكون)، أو أن نهتم بآفة جسدية لم نتعرّض لها. في مساعدتنا هؤلاء نجد الله في حركة نزولنا هذه. غسل أرجل الناس يعني أن نعزّي كل حزين، ونساعد كل متألم. ولكنه يعني أيضاً السعي لجعل الخاطئ يبتعد عن خطيئته. إن تطبيق عملية (غسل الأقدام) على الخاطئ يتطلب جهداً خاصاً وأسلوباً دقيقاً للغاية، إذ يجب الكف عن الملامة والتأنيب وابدأ النصائح والمبادئ العامة. إن لهجة التعالي التي يمكن استعمالها في بعض الأحيان لا مجال لها في مثل هذه الحالة. يجب أن نتخذ تجاه الخاطئ موقف الخدمة والتواضع. ويجب أن يؤثر هذا التواضع وهذه الخدمة عليه بشكل يدفعانه معه، بدون أي جدل، خارج خطيئته. هذه هي الاستنتاجات العميقة والصعبة التي يوصلنا إليها المقطع الإنجيلي المتعلق بغسل الأرجل
يكمن سر العلّية الرئيسي في سر الشكر، حيث يعطي الرب يسوع، الحاضر حقاً كموزِّع وموزَّع، ذاته لنا في الإفخارستيا . جميع المؤمنين الأرثوذكسيين يعتقدون بأننا، في السر، نحصل على خبز الحياة، أعني جسد المخلص ودمه الكريمين: لذا لن نتوسّع، هنا، في هذه الناحية من الموضوع، لكننا سنتطرق باختصار على نواحي أخرى، ربما كانت أقل وضوحاً. فالإفخارستيا قبل أن تكون حضوراً للمسيح فينا، هي ذبيحة المسيح من أجلنا . يجدر بنا أن نتذكر، في الخميس العظيم، بصورة خاصة، الصلة التي أرادها السيد بين عشاء العلّية والفصح اليهودي ، وبين هذا العشاء والآلام . كل إفخارستيا هي عشاء تقدمة وذبيحة. وفي كل مرة نتناول فيها جسد المسيح المذبوح ودمه المهراق، فإنا نشترك بآلامه، نشاركه ذبيحته. لذلك يجب علينا أن نذبح كياننا بالذات ونقدمه مع رغباتنا الأنانية وإرادتنا، علينا أن ندع سكّين الذابح ينغرس عميقاً في قلبنا. كل مناولة ذبح روحي. لكن يجب ألاّ ننسى أن مفهوم الذبح لا يشمل كل معاني الذبيحة: إن قبول الله للضحيّة هو جزء لا يتجزأ من كل ذبيحة. يشكل العشاء في العلّية وكذلك خدمنا الإفخارستية ليس فقط سر آلام السيّد لكن سر تمجيده واستجابة الآب الظاهرة في القيامة والصعود أيضاً . إن إفخارستياتنا المقامة على الأرض تجعلنا في صلة مع الإفخارستيا الأبدية السماوية
توجد ناحية أخرى من سر الشكر لا يتوقف عندها المسيحيون بما فيه الكفاية، ألا هي أنهم يتناولون المسيح الكلي، أي أنهم يشتركون ليس فقط بالرأس بل بكل أعضاء الجسد السرّي. باشتراكنا بجسد ودم المسيح، نشترك مع كل الناس بقدر ما يشتركون، بالطبيعة والنعمة، بالإله المتأنس . لأنه يدمجنا بشخص يسوع، يدمجنا سر الشكر، أيضاً، في الكنيسة، بكل إخوتنا وأخواتنا
ثم لا بد من التذكير بما قلناه بشأن علّية نفسنا، إذ، يوجد، علاوة على الفصح المنظور والذبيحة والمناولة الأسرارية، فصح غير منظور، ذبيحة ومناولة روحيتان يمكننا أن نقدمهما ونتقبلهما في خفاء نفوسنا. وبإمكان هذه الإفخارستيا الداخلية التي نحن خدامها والمستفيدون منها في آن، أن تجني لنا ثماراً كثيرة. يمكن أن نغتذي بالروح من الخبز الحي النازل من السماء وأن نأكل جسد السيد ودمه الكريمين. يقول لنا كاهننا الأبدي، يسوع المسيح، في كل لحظة، كما يقول الكاهن في قداديسنا الأرضية: (بخوف الله وإيمان ومحبة، تقدموا
يدعونا يوم الخميس العظيم لتأمل خيانة يهوذا. إن هذه الخيانة كانت قد تمت عندما اتفق يهوذا مع الكهنة اليهود على أن يسلّمهم السيّد، لكنها ظهرت بصورة أشد فظاعة في العلّية، أثناء العشاء الأخير: (الذي يأكل معي الخبز رفع عليّ عقبه… الحق الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيسلمني… هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه. فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا الاسخريوطي، فبعد اللقمة دخله الشيطان) (يو18:13، 21، 26، 27). يقبل يهوذا، وقد دخلت الخيانة قلبه، اللقمة المقدّمة من يسوع ! إننا، لا شك، نمقت عمله هذا، لأنه دنّس مائدة الرب. لئن كم من مرة جلسنا نحن أيضاً إلى هذه المائدة بدون أن نطهر قلبنا كما يليق ؟ كم من مرة سقطنا في الخطيئة بملء إرادتنا وبعد اشتركنا في عشاء الرب ؟ خان يهوذا سيّده مرة واحدة، نحن نخونه باستمرار. قال يسوع ليهوذا: (ما يجب أن تعمله، فاعمله بسرعة) (يو27:13). فخرج يهوذا ليتمم عمله، و (كان ليلاً) (يو30:13). كان الظلام يعمّ كل مكان خارج العلّية وفي قلب الخائن. يشتمل كلام يسوع هذا، داعياً يهوذا للخروج لإتمام جرمه، على عمق ورحمة أوسع بكثير مما يبدو لأول وهلة. يقول لنا الإنجيلي الرابع أن الرسل اعتقدوا أن يسوع كان قد كلّف يهوذا بشراء بعض الأشياء، أو بإعطاء بعض النقود للفقراء لكي يقيموا العيد. وكان هذا الاعتقاد صحيحاً بمعنى لم يتوقعه الرسل، إذ أرسل يسوع يهوذا لشراء حمل الله الفصحي بثلاثين من الفضة، لأنه، بعمله هذا – أي بتسليمه سيّده – أعطى يهوذا العالم ضحية الفصح المزمعة أن ترفع كل خطيئة. إن الكرم الذي أظهره يسوع في عمله الفدائي يفوق ويغمر كل الخيانات
فلنختصر معنى يوم الخميس العظيم في ترتيلة نأخذها من خدمة هذا النهار الليتورجية وتعاد في كل مرة أحد المؤمنين يتناول جسد المسيح ودمه الكريمين: (اقبلني اليوم شريكاً لعشائك السرّي، يا ابن الله، لأني لست أقول سرك لأعدائك ولا أعطيك قبلة غاشة مثل يهوذا، لكني كاللص أعترف لك هاتفاً: أذكرني يا رب متى أتيت في ملكوتك
الاب ليف جيللة
نقرأ في صلاة السحر، بعد المزامير والطروبارية، الإنجيل (لو1:22- 39) الذي يسرد الأحداث التي حصلت ابتداء من حديث يهوذا مع اليهود إلى الوقت الذي ترك فيه يسوع العلّية ليذهب إلى جبل الزيتون. ثم يلي ذلك ترتيل القانون. نعود في الساعة الأولى إلى قراءة سفر ارميا (18:11- 15:12)، حيث نسمع: (أنا خروف بريء من الشر مسوق إلى الذبح… رعاة كثيرون أفسدوا كرمي ودنّسوا نصيبي… فأرحمهم وأسكنهم كلاً في مورثه وكلاً في أرضه
ثم تقام خدمة الغروب حيث نتابع قراءة سفر الخروج (10:19- 19): يهبط الله على جبل سيناء وسط النار والدخان، لكنه لا يعطي وصاياه بعد. وكان موسى قد أوصى الشعب: (كونوا مستعدين لليوم الثالث). وكان أفراد الشعب قد غسلوا ثيابهم وتطهروا. كل هذه الأمور هي بمثابة صور عن قيامة المسيح في اليوم الثالث، وعن ظهوره للبشر بعد الفصح، وعن الطهارة التي علينا أن نتحلى بها. في اقترابنا من السر الفصحي، نتابع أيضاً قراءة سفر أيوب (1:38- 23، 1:42- 5). يكلم الله أيوب ويسأله بعض الأسئلة، قائلاً: (إني أسألك فأخبرني). ثم يتكلم أيوب بدوره ويقول لله العبارة نفسها: (فأتكلم أسألك فأخبرني). هذا هو نموذج الحوار العجيب الذي يجب أن يتم بين الله والإنسان. لقد وصل أيوب إلى نهاية مصاعبه وبقي أميناً. فيقول للرب ما تصبو كل نفس لقوله (وما يقوله العديد من النفوس المحبة المصلّية): (كنت قد سمعتك سمع الأذن، أمّا الآن فعيني قد رأتك). نقرأ أخيراً بعض الآيات من بداية سفر أشعياء النبي (4:1- 11)، حيث يوبّخ الله إسرائيل، لأنه (أمة خاطئة، شعب ثقيل الإثم). ويعلن أنه ملّ من الذبائح المقدّمة له: (أتخمت من محرقات كباش وشحم مسمّنات وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسرّ). وها أن ذبيحة أفضل ستقدم له الآن
نقرأ في القداس مقطعاً من الرسالة الأولى إلى الكورنثيين (23:11- 32) حيث يتكلم بولس الرسول عن تأسيس سر الشكر: (… إن الرب يسوع، في الليلة التي أُسلم فيها، أخذ خبزاً وشكر…). أمّا التلاوة الإنجيلية فهي مجموعة نصوص طويلة (متى2:26- 20، يو 3:13- 17، متى21:26- 39، لو43:22- 44، متى40:26- 2:27)، تتحدث عن مجمع الكهنة، دهن رأس يسوع بالطيب في بيت عنيا، تهيئة الفصح، الغسل، تأسيس الإفخارستيا، الصعود إلى جثسماني، قبلة يهوذا، توقيف يسوع واستجوابه عند رئيس الكهنة، نكران بطرس، وأخيراً تسليم يسوع إلى الوالي الروماني. وتبتدأ البركة الختامية هكذا: (يا من بصلاحك علّمتنا التواضع بغسلك أرجل تلاميذك…). وفي بعض الكاتدرائيات يحيي الأسقف، بعد القداس، خدمة غسل الأرجل، حيث يقوم هو بدور المسيح واثنا عشر كاهناً بدور الرسل
إن خدمة أناجيل الآلام الاثني عشر التي يعتبرها الشعب من خصائص الخميس العظيم، هي بالفعل تتعلّق بيوم الجمعة العظيم، لذلك سنتحدث عنها فيما بعد
توجز إحدى قطع صلاة السحر المسماة بـ (البيت) OIKOS بدقة معنى طقوس الخميس العظيم. تقول الترنيمة: (لنتقدم جميعنا بخوف إلى المائدة السرّية، ونقتبل الخبز المقدس بنفوس طاهرة، ولنمكث مع السيّد، لكي نعاين كيف يغسل أقدام التلاميذ وينشّفها بالمنديل، فنقتدي به. ولنخضع بعضنا لبعض، ونغسل بعضنا أقدام بعض، لأن المسيح نفسه هكذا أمر تلاميذه وصار قدوة لهم. إلاّ أن يهوذا، ذاك العبد الغاش الدافع، أبى أن يسمع وأمسى عادم التقويم). يبرز هذا النص ثلاثة أوجه للخميس العظيم: الغسل، مائدة الرب، وخيانة يهوذا. فلنتأمل بكل من هذه الأوجه على حدة
لكن قبل أن نرى ما يحدث في العلّية، فلنلتفت إلى العلّية نفسها. أرسل يسوع تلاميذه ليقولوا لصاحب البيت: (عندك أصنع الفصح (متى18:26) … فأين هو المكان الذي يمكنني أن آكل فيه الفصح مع تلاميذي ؟ (مر14:14)). إن هذه الجملة موجّهة إلى كل منّا. يرغب يسوع، في كل عيد فصح، أن يأتي بصورة خاصة إلينا و (يصنع الفصح) روحياً في أنفسنا. وخارج زمن الفصح، وفي كل مرة يوزّع الرب يسوع علينا، من مائدته الخاصة، الخبز الذي هو شركة جسده، والخمر الذي هو شركة دمه، فإنه يقيم الفصح في علّيتنا الداخلية، في نفس الوقت الذي يتم فيه السر الخارجي. ولكن هذا ليس بكل شيء. فعلاوة على عيد الفصح وعلاوة على سر الشكر، بإمكاننا أن نقيم كل يوم في علّية أنفسنا فصحاً غير منظور وفي الصمت. يمكننا أن نتقبل كلما شئنا، الرب يسوع بالإيمان والمحبة، وأن نجعل منه، بالروح، غذاءنا. ويقول لنا يسوع عن هذه المائدة الداخلية الروحية: (اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم…) (لو15:22). لكن أين هي العلّية التي سنستقبله فيها ؟ أكل شيء فيها جاهز؟ لا توجد في نفسي غرفة مؤهلة بنظافتها وزينتها لزيارة كهذه . على كلٍ لن يكفي أن أهيئ زاوية في نفسي متجاهلاً الفوضى التي تعم الأجزاء الباقية في داخلي. إذ لا بد من أن أغسل نفسي كلها وأن أقوم بتنظيفها. ليس لدي القوة الذاتية للقيام بهذا العمل، لذا، تعال يا سيّد وهيّئ أنت لنفسك فيَّ علّية. لا تمرّ بي مرور الكرام بل ابق واسكن في نفسي باستمرار، لا بل تملكها. ها هي المفاتيح التي تفتح كل الأبواب. وهاأنذا الآن ضيف عليك
وإذا أردت يا رب أن تأتي إليّ مع تلاميذك، فهذا يعني أنه يجب أن أستقبلك في داخلي بشكل (جماعي). لا يمكنني أن أفصلك عن أعضاء جسدك السرّي. لذا عندما أستقبلك، أستقبل أيضاً بالروح كل جماعة تلاميذك، كل الكنيسة. على نفسي أن تنفتح بعطف وتتحد بصلاة واحدة مع كل الذين يؤمنون بك، وكل الذين يحبونك، وكل الذين يتضرعون إليك. فلأصبح إذاً واحداً معهم جميعاً، الذين يعيشون فيك والذين ماتوا فيك، مع والدتك القديسة ورسلك وشهدائك وجميع قديسيك، في الأمس واليوم وغداً. أدخل إليّ، يا رب، مع تلاميذك
تقترب مني، يا رب، لتغسل رجليّ، دون أن تسمح لي بالاحتجاج على تواضعك الفائق الذي يجعلك تركع أمامي وتغسلني. تقول لي: (إن كنتُ لا أغسلك فليس لك معي نصيب) (يو8:13). بقوله هذا يشير إلى أمرين. أولاً أنه يجب علينا أن ندعه يطهرنا من خطايانا، من غبار الطريق ومن اللطخات الكبيرة: (يا سيّد ليس رجليّ فقط بل أيضاً يديّ ورأسي) (يو9:13) كما قال بطرس. ثم إن اشتراكنا بالمسيح هو اشتراك بتواضعه وتنازله، اشتراك بالإله الإنسان الذي يغسل أقدام البشر. سيكون لي نصيب مع مسيح الغسل إذا تركته يغسل رجليّ وإذا غسلت أنا أقدام الآخرين كما فعل هو: (فإن كنت وأنا السيّد والمعلّم قد غسلت أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض) (يو14:13). ماذا يعني أن نغسل أرجل البشر؟ هذا يعني أنه يجب، قبل صب الماء على أرجلهم، أن نتخذ الموقف الجسدي الوحيد الذي يسمح لنا بذلك، في اتضاع تام، أي يجب أن نكون على مستواهم وأن نركع أمامهم. باختصار يجب أن نتضع. نجد في هذا الموقف إشارة ذات أهمية فائقة بالنسبة لحياتنا الروحية: يمكننا أن نذهب نحو الله، أمّا بالصعود وأمّا بالنزول، الارتفاع نحوه أو الاتضاع. في بعض الأحيان نفقد، إذا جاز التعبير، أجنحتنا، وتمتد الصحراء إلينا، ولا يسعنا أن نرتفع إلى الله. في هذه الأوقات حيث لا نستطيع أن نجد الله أعلى منّا، وحيث لم نعد نجده ربما حتى فينا، يمكننا أن نجده إذا نزلنا إلى ما هو أسفل منّا. يمكننا أن نهتم بضيق أو خطيئة يبدوان في الظاهر (أَفْظَعْ) من خطايانا وضيقاتنا، (أقول بالظاهر لأنه إذا ميّزنا بوضوح نعرف أن خطايانا هي (أفظع) ما يكون)، أو أن نهتم بآفة جسدية لم نتعرّض لها. في مساعدتنا هؤلاء نجد الله في حركة نزولنا هذه. غسل أرجل الناس يعني أن نعزّي كل حزين، ونساعد كل متألم. ولكنه يعني أيضاً السعي لجعل الخاطئ يبتعد عن خطيئته. إن تطبيق عملية (غسل الأقدام) على الخاطئ يتطلب جهداً خاصاً وأسلوباً دقيقاً للغاية، إذ يجب الكف عن الملامة والتأنيب وابدأ النصائح والمبادئ العامة. إن لهجة التعالي التي يمكن استعمالها في بعض الأحيان لا مجال لها في مثل هذه الحالة. يجب أن نتخذ تجاه الخاطئ موقف الخدمة والتواضع. ويجب أن يؤثر هذا التواضع وهذه الخدمة عليه بشكل يدفعانه معه، بدون أي جدل، خارج خطيئته. هذه هي الاستنتاجات العميقة والصعبة التي يوصلنا إليها المقطع الإنجيلي المتعلق بغسل الأرجل
يكمن سر العلّية الرئيسي في سر الشكر، حيث يعطي الرب يسوع، الحاضر حقاً كموزِّع وموزَّع، ذاته لنا في الإفخارستيا . جميع المؤمنين الأرثوذكسيين يعتقدون بأننا، في السر، نحصل على خبز الحياة، أعني جسد المخلص ودمه الكريمين: لذا لن نتوسّع، هنا، في هذه الناحية من الموضوع، لكننا سنتطرق باختصار على نواحي أخرى، ربما كانت أقل وضوحاً. فالإفخارستيا قبل أن تكون حضوراً للمسيح فينا، هي ذبيحة المسيح من أجلنا . يجدر بنا أن نتذكر، في الخميس العظيم، بصورة خاصة، الصلة التي أرادها السيد بين عشاء العلّية والفصح اليهودي ، وبين هذا العشاء والآلام . كل إفخارستيا هي عشاء تقدمة وذبيحة. وفي كل مرة نتناول فيها جسد المسيح المذبوح ودمه المهراق، فإنا نشترك بآلامه، نشاركه ذبيحته. لذلك يجب علينا أن نذبح كياننا بالذات ونقدمه مع رغباتنا الأنانية وإرادتنا، علينا أن ندع سكّين الذابح ينغرس عميقاً في قلبنا. كل مناولة ذبح روحي. لكن يجب ألاّ ننسى أن مفهوم الذبح لا يشمل كل معاني الذبيحة: إن قبول الله للضحيّة هو جزء لا يتجزأ من كل ذبيحة. يشكل العشاء في العلّية وكذلك خدمنا الإفخارستية ليس فقط سر آلام السيّد لكن سر تمجيده واستجابة الآب الظاهرة في القيامة والصعود أيضاً . إن إفخارستياتنا المقامة على الأرض تجعلنا في صلة مع الإفخارستيا الأبدية السماوية
توجد ناحية أخرى من سر الشكر لا يتوقف عندها المسيحيون بما فيه الكفاية، ألا هي أنهم يتناولون المسيح الكلي، أي أنهم يشتركون ليس فقط بالرأس بل بكل أعضاء الجسد السرّي. باشتراكنا بجسد ودم المسيح، نشترك مع كل الناس بقدر ما يشتركون، بالطبيعة والنعمة، بالإله المتأنس . لأنه يدمجنا بشخص يسوع، يدمجنا سر الشكر، أيضاً، في الكنيسة، بكل إخوتنا وأخواتنا
ثم لا بد من التذكير بما قلناه بشأن علّية نفسنا، إذ، يوجد، علاوة على الفصح المنظور والذبيحة والمناولة الأسرارية، فصح غير منظور، ذبيحة ومناولة روحيتان يمكننا أن نقدمهما ونتقبلهما في خفاء نفوسنا. وبإمكان هذه الإفخارستيا الداخلية التي نحن خدامها والمستفيدون منها في آن، أن تجني لنا ثماراً كثيرة. يمكن أن نغتذي بالروح من الخبز الحي النازل من السماء وأن نأكل جسد السيد ودمه الكريمين. يقول لنا كاهننا الأبدي، يسوع المسيح، في كل لحظة، كما يقول الكاهن في قداديسنا الأرضية: (بخوف الله وإيمان ومحبة، تقدموا
يدعونا يوم الخميس العظيم لتأمل خيانة يهوذا. إن هذه الخيانة كانت قد تمت عندما اتفق يهوذا مع الكهنة اليهود على أن يسلّمهم السيّد، لكنها ظهرت بصورة أشد فظاعة في العلّية، أثناء العشاء الأخير: (الذي يأكل معي الخبز رفع عليّ عقبه… الحق الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيسلمني… هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه. فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا الاسخريوطي، فبعد اللقمة دخله الشيطان) (يو18:13، 21، 26، 27). يقبل يهوذا، وقد دخلت الخيانة قلبه، اللقمة المقدّمة من يسوع ! إننا، لا شك، نمقت عمله هذا، لأنه دنّس مائدة الرب. لئن كم من مرة جلسنا نحن أيضاً إلى هذه المائدة بدون أن نطهر قلبنا كما يليق ؟ كم من مرة سقطنا في الخطيئة بملء إرادتنا وبعد اشتركنا في عشاء الرب ؟ خان يهوذا سيّده مرة واحدة، نحن نخونه باستمرار. قال يسوع ليهوذا: (ما يجب أن تعمله، فاعمله بسرعة) (يو27:13). فخرج يهوذا ليتمم عمله، و (كان ليلاً) (يو30:13). كان الظلام يعمّ كل مكان خارج العلّية وفي قلب الخائن. يشتمل كلام يسوع هذا، داعياً يهوذا للخروج لإتمام جرمه، على عمق ورحمة أوسع بكثير مما يبدو لأول وهلة. يقول لنا الإنجيلي الرابع أن الرسل اعتقدوا أن يسوع كان قد كلّف يهوذا بشراء بعض الأشياء، أو بإعطاء بعض النقود للفقراء لكي يقيموا العيد. وكان هذا الاعتقاد صحيحاً بمعنى لم يتوقعه الرسل، إذ أرسل يسوع يهوذا لشراء حمل الله الفصحي بثلاثين من الفضة، لأنه، بعمله هذا – أي بتسليمه سيّده – أعطى يهوذا العالم ضحية الفصح المزمعة أن ترفع كل خطيئة. إن الكرم الذي أظهره يسوع في عمله الفدائي يفوق ويغمر كل الخيانات
فلنختصر معنى يوم الخميس العظيم في ترتيلة نأخذها من خدمة هذا النهار الليتورجية وتعاد في كل مرة أحد المؤمنين يتناول جسد المسيح ودمه الكريمين: (اقبلني اليوم شريكاً لعشائك السرّي، يا ابن الله، لأني لست أقول سرك لأعدائك ولا أعطيك قبلة غاشة مثل يهوذا، لكني كاللص أعترف لك هاتفاً: أذكرني يا رب متى أتيت في ملكوتك
الاب ليف جيللة
الصعود
الصعود
القديس يوحنا الذهبي الفم
بينما هم شاخصون نحو السماء وهو منطلق، إذا برجلين وقفا عندهم بلباس أبيض وقالا لهم: أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء إن يسوع الذي ارتفع عنكم إلى السماء؟ سيأتي هكذا كما عاينتموه منطلقاً إلى السماء أعمال1: 10-11
فلننتصب إذاً أيها الأحباء ولنوجه أنظارنا إلى ذلك المجيء الثاني. يقول بولس الرسول: “إن الرب نفسه عند صوت رئيس الملائكة سينزل من السماء، ونحن الأحياء الباقين نُختطف في السُحُب لنلاقي المسيح في الجو” (1تسالونيكي 4: 15-16) لكن لا جميعنا لأن الجميع لا يُختطفون بل البعض يبقون والآخرون يُختطفون. فالخطأة يُترَكون ههنا منتظرين عقابهم، أما الصديقون فيُختطفون على السحب. فكما أنه متى قَدِمَ الملك يخرج لاستقباله أصحاب المراتب والسلطان والذين يتمتعون عنده بحظوة كبيرة، أما الجناة والمجرمون فيبقون في سجونهم منتظرين قضاء الملك، هكذا عندما يوافي الرب فالذين نالوا حظوة لديه يلاقونه في وسط الجو، أما المجرمون والمثقلون بخطايا كثيرة فينتظرون دينونتهم. وحسبي هنا أني جددت في خاطركم ذكر ذلك اليوم الأخير لكي لا يفرح الغني بغناه ولا يحزن الفقير على فقره بل ليفحص كل في نفسه فيرى أن غناه أو فقره في ضميره. فالغني لا يستوجب الغبطة ولا الشفقة. بل مغبوط ومثلث الغبطة ذاك الذي يؤهل لأن يُختطف في الغمام ولو كان أفقر الجميع.وتاعس ومثلث التعاسة ذاك الذي لا يؤهل لذلك ولو كان أغنى الجميع. ولقد قلت ذلك لكي نبكي نحن الخطأة على نفوسنا. ولا يكتفِ الخطأة بالبكاء بل فليغيّروا سيرتهم إذ يُتاح للخاطئ أن يبتعد عن التجربة ويعود إلى الفضيلةفيستطيع أن يعادل الذين عاشوا منذ البدء في الصلاح. أما الذين يعرفون أنهم سائرون في الفضيلة فليداوموا على التقوى ويزيدوا دائما هذا الكنز الثمين ولينمُّوا فيهم الرجاء الذي لهم. وأما نحن الخائفين والذين نشعر في ضمائرنا بخطايانا الجمة فلنغير مسلكنا حتى إذا ما وصلنا إلى ثقة أولئك نستقبل جميعاً معا بالإكرام الواجب ملك الملائكة ونتنعم بفرح الطوباويين في المسيح يسوع ربنا الذي له المجد والعزّة مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين
القديس يوحنا الذهبي الفم
بينما هم شاخصون نحو السماء وهو منطلق، إذا برجلين وقفا عندهم بلباس أبيض وقالا لهم: أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء إن يسوع الذي ارتفع عنكم إلى السماء؟ سيأتي هكذا كما عاينتموه منطلقاً إلى السماء أعمال1: 10-11
فلننتصب إذاً أيها الأحباء ولنوجه أنظارنا إلى ذلك المجيء الثاني. يقول بولس الرسول: “إن الرب نفسه عند صوت رئيس الملائكة سينزل من السماء، ونحن الأحياء الباقين نُختطف في السُحُب لنلاقي المسيح في الجو” (1تسالونيكي 4: 15-16) لكن لا جميعنا لأن الجميع لا يُختطفون بل البعض يبقون والآخرون يُختطفون. فالخطأة يُترَكون ههنا منتظرين عقابهم، أما الصديقون فيُختطفون على السحب. فكما أنه متى قَدِمَ الملك يخرج لاستقباله أصحاب المراتب والسلطان والذين يتمتعون عنده بحظوة كبيرة، أما الجناة والمجرمون فيبقون في سجونهم منتظرين قضاء الملك، هكذا عندما يوافي الرب فالذين نالوا حظوة لديه يلاقونه في وسط الجو، أما المجرمون والمثقلون بخطايا كثيرة فينتظرون دينونتهم. وحسبي هنا أني جددت في خاطركم ذكر ذلك اليوم الأخير لكي لا يفرح الغني بغناه ولا يحزن الفقير على فقره بل ليفحص كل في نفسه فيرى أن غناه أو فقره في ضميره. فالغني لا يستوجب الغبطة ولا الشفقة. بل مغبوط ومثلث الغبطة ذاك الذي يؤهل لأن يُختطف في الغمام ولو كان أفقر الجميع.وتاعس ومثلث التعاسة ذاك الذي لا يؤهل لذلك ولو كان أغنى الجميع. ولقد قلت ذلك لكي نبكي نحن الخطأة على نفوسنا. ولا يكتفِ الخطأة بالبكاء بل فليغيّروا سيرتهم إذ يُتاح للخاطئ أن يبتعد عن التجربة ويعود إلى الفضيلةفيستطيع أن يعادل الذين عاشوا منذ البدء في الصلاح. أما الذين يعرفون أنهم سائرون في الفضيلة فليداوموا على التقوى ويزيدوا دائما هذا الكنز الثمين ولينمُّوا فيهم الرجاء الذي لهم. وأما نحن الخائفين والذين نشعر في ضمائرنا بخطايانا الجمة فلنغير مسلكنا حتى إذا ما وصلنا إلى ثقة أولئك نستقبل جميعاً معا بالإكرام الواجب ملك الملائكة ونتنعم بفرح الطوباويين في المسيح يسوع ربنا الذي له المجد والعزّة مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين
استرنا يا الله بستر جناحيك
عظة المطران جورج خضر
في دفن المتقدّم في الكهنة الخوري جورج الخوري
في كنيسة القديس جاورجيوس – برمانا
الثلاثاء في 12 كانون الأوّل 2011
سيادة الأخ الجليل كوستا كيال
إخوتي الكهنة، والشمامسة، يا أحبة
ماذا يستر الله بين جناحيه؟ انه لساترٌ اولا خطايانا لكي يحرقها. ما الذي يحرق خطايانا؟ هي المحبة الكاملة تحت جناحي الرب، اذ ليس من لقاء بين الحب والخطأ، الى أن تجري حياتنا في قبضة الحب الالهي. فإذا نظرنا الى وجه انسان، في القراءة النفسية التي لنا، نرى مجموعة خطايا مرسومة على وجهه. ولكن القديسين قالوا لنا: ينبغي أن تقرأوا فقط النور الذي جعله الله على هذا الوجه منذ الخلق. لا يبقى إلا النور. فإذا ما انتقل أيّ منا الى رحمة الله، لا يحق لنا الا أن نسمو بقراءة النور مطوّبا على وجهه وعلى عائلته
كنت أتحرّك منذ أكثر من ستّين سنة في إحدى مدائن هذا البلد في الشمال. وإذ بي أرى شابا أفتى مني بقليل. سألتُه: من انت؟ قال: أنا جورج خوري. قلتُ: من يكون جورج خوري؟ اجاب: انا شاب من هذه الضيعة التي تسمى كفرعقّا في الكورة. وقال: تعال معي. ذهبت معه. واذ به يجعلني في وسط شُبّان هذه القرية، وقال: تكلّم. وكان في جيبي الصغير إنجيل اعتدنا نحن، تلك الجماعة، أن نقرأه في كل مكان. قالت الناس: هؤلاء قُرّاء الإنجيل، مع أنهم ينتمون الى مجموعة دينية لا تقرأ شيئا. طوّعنا هذه الجماعة لتجيء من الإنجيل، ولتصير كلمةُ الرب الجسر الوحيد بيننا. وأخذنا نتصاعد الى كفرعقّا والى جوارها. وبقي هذا الرجل المسجّى هنا يحنّ اليها، حتى الأسابيع الاخيرة من عمره. يذهب ليقول للأفتى: إنما انتم تجيئون من هذا الكتاب، وليس من كلمة اخرى في العالم. تجيئون منه او تموتون. قالوا: نحن لا نريد أن نموت. قال لهم هذا الرجل: اذًا، عليكم أن تقرأوا، أن تبتلعوا هذا الكتاب حتى يصير إياكم، وتصيروا إياه
ثم غاب عنّي قليلا جورج خوري. ورأيته عاملا في أحد المصانع في بيروت. قلتُ له: أَقابلتَني لتجيء الى هنا، أَم لتعمل في الكلمة وتمتصّها؟ تعال الى حيث يجب أن نكون. ورأيتُه وخلاّنًا له يتردّدون علينا في تلك المنطقة، ويقولون: هذه سُلّم الى الله. نحن جئنا نصعد على هذه الدرجات لأننا لا نقبل شيئا أقلّ من أن نرى الله. ثم افترقنا قليلا بسببٍ من ظروف الحياة. ثم أُرسلت خادما الى هذه المنطقة، فوجدت الرجل في هذه القرية. قلت له: ماذا تعمل هنا؟ قال: انا صرتُ كاهنا لله العليّ، وخادما للناس بقوة الكلمة التي صارت لي وابتلعتُها. تركتُ الكلمة بين يديه تبتلع القوم. وقيل لي في تلك السنوات إن هذا الكاهن يحبّ الرعية لأنها رعية يسوع. هو لا يعرف إلا يسوع، ويريد هذه الجماعة أن تلتصق به حتى تصير منه، وحتى لا يعرف البشرُ إلا المسيحَ على وجه الكاهن. بقي في خدمتهم طوال عشرات من السنين، أكبرُكم يَعرفها وأصغركم ذاق ما تبقّى منها. وصرتُم كنيسة -ولا أُريدُ بها هذا البناء-، صرتم كنيسة المسيح. هي عظيمة فيه وبه، وتحاولون أنتم أن تُصبحوا عظماء بها وفيها، تحاولون. وهذا الرجل يتعذّب. قال لي مرّاتٍ: الإيمان قليلٌ وضعيفٌ عند الناس. ماذا أعمل بالناس؟ كيف آتي بهم الى الرب المبارك؟ كيف يتجلّون؟ كيف يَحيون بلا مسيح في صدورهم وقلوبهم وأمعائهم ولحمهم ودمهم؟ كيف يحيون؟ من أين يحيون؟ حاولتُ أن أُعزّيه وأن أقول له: إن المخلّص صابر عليهم، ومعذّب بهم ايضا، كما أنت معذّب بهم. ولكن كُتب عليك »أنتَ كاهن الى الأبد على ترتيب ملكيصادق«. أنت كاهن إلى الأبد، وأحد القديسين اللامعين قال لنا: الكاهن يبقى كاهنا في السموات، ولن يكون مثل بقية الناس فقط معمّدا. ولكن وُضعت عليه الأيدي، أي نزلت عليه بركاتُ الرسل الإثني عشر لكي يموت عن الرعية في سبيل حبّه لها. ألسنا نموت يا سيدي كل يوم من أجلك، وخطايانا مستورة تحت جناحيك؟ ولكن محبتك تتنزّل من هذين الجناحين لتُحرق خطايانا
لقد عملتَ ما عملتَ يا أخي حُبّا بالمخلّص. وتعبت. وأخطأت. وهذا وضع الناس جميعا. ولكنك أردت أن تتوب. وهذا أعرفه. أَعرف هذه الإرادة. قلتَ لي منذ أيام: لقد اعترفتُ أمامك، ولكنك نسيتَ أن تحُلَّني. قلتُ له: انا لا أَنسى. أَعرف أن الآب والابن والروح القدس يَحلّونك من فوق. قال لي: خذ البطرشيل، وحُلّني. وهكذا أَطعتُ هذا الاخ الكريم، لكي يبدو جميلا أمام القديسين الذين لقيهم عند فراقنا عنه. سيقولون له: من انت؟ أأنت كنتَ هذا الولد من كفرعقّا، وهذا الكاهن من برمانا؟ هل انت هذا؟ يقول: انا دون ذلك. انا لستُ بشيء. انا أَحببتُ، وحاولتُ، وأَعطيتُ نفسي بالمعمودية لهذا الذي أَحبّني. وأنا أعود اليه حافيا عاريا، كما خرجتُ من بطن أُمّي. وبعد أيام من ولادته كاد يموت، ولكن الله حفظه لشأنٍ في مشيئته، حتى يأتي ويخدمكم، لكي يحسّ بصدمات في ذاته، لكي يشعر بجراحات في ذاته. ولكنه أَخذ خرقة وضعها في ماء المعمودية، ونضح نفسه بها، ونقّى نفسه بنعمة الروح القدس من كل خطيئة، حتى تُتابعوا أنتم مسيرة النقاوة، وحتى تفرحوا، لأن الميلاد آتٍ، ولأن الفصح دائما آتٍ، كل يوم. جئنا هنا كثيرين لنُرافقه درجةً درجةً الى باب الملكوت ليسمع صوت الآب يقول له: »كنتَ أَمينا على القليل، سأَجعلُك أمينا على الكثير. ادخُلْ الى فرح ربك«. وفي صلواتكم جميعا ورجائنا أن أبواب الفردوس مفتوحة أَمامه لكي يبتسم له القديسون عند استقبالهم، ولكي يدنو من العرش. لا يستطيع أن يجلس على العرش، ولكنه يلامسه بيمناه، ويقول: جُرحتُ وصُدمتُ وأَخطأتُ. ولكني الآن أمامك أيها الآب والابن والروح القدس، تَمجّد اسمك الى الابد في الأبرار، آمين
استرنا يا الله بستر جناحيك
في دفن المتقدّم في الكهنة الخوري جورج الخوري
في كنيسة القديس جاورجيوس – برمانا
الثلاثاء في 12 كانون الأوّل 2011
سيادة الأخ الجليل كوستا كيال
إخوتي الكهنة، والشمامسة، يا أحبة
ماذا يستر الله بين جناحيه؟ انه لساترٌ اولا خطايانا لكي يحرقها. ما الذي يحرق خطايانا؟ هي المحبة الكاملة تحت جناحي الرب، اذ ليس من لقاء بين الحب والخطأ، الى أن تجري حياتنا في قبضة الحب الالهي. فإذا نظرنا الى وجه انسان، في القراءة النفسية التي لنا، نرى مجموعة خطايا مرسومة على وجهه. ولكن القديسين قالوا لنا: ينبغي أن تقرأوا فقط النور الذي جعله الله على هذا الوجه منذ الخلق. لا يبقى إلا النور. فإذا ما انتقل أيّ منا الى رحمة الله، لا يحق لنا الا أن نسمو بقراءة النور مطوّبا على وجهه وعلى عائلته
كنت أتحرّك منذ أكثر من ستّين سنة في إحدى مدائن هذا البلد في الشمال. وإذ بي أرى شابا أفتى مني بقليل. سألتُه: من انت؟ قال: أنا جورج خوري. قلتُ: من يكون جورج خوري؟ اجاب: انا شاب من هذه الضيعة التي تسمى كفرعقّا في الكورة. وقال: تعال معي. ذهبت معه. واذ به يجعلني في وسط شُبّان هذه القرية، وقال: تكلّم. وكان في جيبي الصغير إنجيل اعتدنا نحن، تلك الجماعة، أن نقرأه في كل مكان. قالت الناس: هؤلاء قُرّاء الإنجيل، مع أنهم ينتمون الى مجموعة دينية لا تقرأ شيئا. طوّعنا هذه الجماعة لتجيء من الإنجيل، ولتصير كلمةُ الرب الجسر الوحيد بيننا. وأخذنا نتصاعد الى كفرعقّا والى جوارها. وبقي هذا الرجل المسجّى هنا يحنّ اليها، حتى الأسابيع الاخيرة من عمره. يذهب ليقول للأفتى: إنما انتم تجيئون من هذا الكتاب، وليس من كلمة اخرى في العالم. تجيئون منه او تموتون. قالوا: نحن لا نريد أن نموت. قال لهم هذا الرجل: اذًا، عليكم أن تقرأوا، أن تبتلعوا هذا الكتاب حتى يصير إياكم، وتصيروا إياه
ثم غاب عنّي قليلا جورج خوري. ورأيته عاملا في أحد المصانع في بيروت. قلتُ له: أَقابلتَني لتجيء الى هنا، أَم لتعمل في الكلمة وتمتصّها؟ تعال الى حيث يجب أن نكون. ورأيتُه وخلاّنًا له يتردّدون علينا في تلك المنطقة، ويقولون: هذه سُلّم الى الله. نحن جئنا نصعد على هذه الدرجات لأننا لا نقبل شيئا أقلّ من أن نرى الله. ثم افترقنا قليلا بسببٍ من ظروف الحياة. ثم أُرسلت خادما الى هذه المنطقة، فوجدت الرجل في هذه القرية. قلت له: ماذا تعمل هنا؟ قال: انا صرتُ كاهنا لله العليّ، وخادما للناس بقوة الكلمة التي صارت لي وابتلعتُها. تركتُ الكلمة بين يديه تبتلع القوم. وقيل لي في تلك السنوات إن هذا الكاهن يحبّ الرعية لأنها رعية يسوع. هو لا يعرف إلا يسوع، ويريد هذه الجماعة أن تلتصق به حتى تصير منه، وحتى لا يعرف البشرُ إلا المسيحَ على وجه الكاهن. بقي في خدمتهم طوال عشرات من السنين، أكبرُكم يَعرفها وأصغركم ذاق ما تبقّى منها. وصرتُم كنيسة -ولا أُريدُ بها هذا البناء-، صرتم كنيسة المسيح. هي عظيمة فيه وبه، وتحاولون أنتم أن تُصبحوا عظماء بها وفيها، تحاولون. وهذا الرجل يتعذّب. قال لي مرّاتٍ: الإيمان قليلٌ وضعيفٌ عند الناس. ماذا أعمل بالناس؟ كيف آتي بهم الى الرب المبارك؟ كيف يتجلّون؟ كيف يَحيون بلا مسيح في صدورهم وقلوبهم وأمعائهم ولحمهم ودمهم؟ كيف يحيون؟ من أين يحيون؟ حاولتُ أن أُعزّيه وأن أقول له: إن المخلّص صابر عليهم، ومعذّب بهم ايضا، كما أنت معذّب بهم. ولكن كُتب عليك »أنتَ كاهن الى الأبد على ترتيب ملكيصادق«. أنت كاهن إلى الأبد، وأحد القديسين اللامعين قال لنا: الكاهن يبقى كاهنا في السموات، ولن يكون مثل بقية الناس فقط معمّدا. ولكن وُضعت عليه الأيدي، أي نزلت عليه بركاتُ الرسل الإثني عشر لكي يموت عن الرعية في سبيل حبّه لها. ألسنا نموت يا سيدي كل يوم من أجلك، وخطايانا مستورة تحت جناحيك؟ ولكن محبتك تتنزّل من هذين الجناحين لتُحرق خطايانا
لقد عملتَ ما عملتَ يا أخي حُبّا بالمخلّص. وتعبت. وأخطأت. وهذا وضع الناس جميعا. ولكنك أردت أن تتوب. وهذا أعرفه. أَعرف هذه الإرادة. قلتَ لي منذ أيام: لقد اعترفتُ أمامك، ولكنك نسيتَ أن تحُلَّني. قلتُ له: انا لا أَنسى. أَعرف أن الآب والابن والروح القدس يَحلّونك من فوق. قال لي: خذ البطرشيل، وحُلّني. وهكذا أَطعتُ هذا الاخ الكريم، لكي يبدو جميلا أمام القديسين الذين لقيهم عند فراقنا عنه. سيقولون له: من انت؟ أأنت كنتَ هذا الولد من كفرعقّا، وهذا الكاهن من برمانا؟ هل انت هذا؟ يقول: انا دون ذلك. انا لستُ بشيء. انا أَحببتُ، وحاولتُ، وأَعطيتُ نفسي بالمعمودية لهذا الذي أَحبّني. وأنا أعود اليه حافيا عاريا، كما خرجتُ من بطن أُمّي. وبعد أيام من ولادته كاد يموت، ولكن الله حفظه لشأنٍ في مشيئته، حتى يأتي ويخدمكم، لكي يحسّ بصدمات في ذاته، لكي يشعر بجراحات في ذاته. ولكنه أَخذ خرقة وضعها في ماء المعمودية، ونضح نفسه بها، ونقّى نفسه بنعمة الروح القدس من كل خطيئة، حتى تُتابعوا أنتم مسيرة النقاوة، وحتى تفرحوا، لأن الميلاد آتٍ، ولأن الفصح دائما آتٍ، كل يوم. جئنا هنا كثيرين لنُرافقه درجةً درجةً الى باب الملكوت ليسمع صوت الآب يقول له: »كنتَ أَمينا على القليل، سأَجعلُك أمينا على الكثير. ادخُلْ الى فرح ربك«. وفي صلواتكم جميعا ورجائنا أن أبواب الفردوس مفتوحة أَمامه لكي يبتسم له القديسون عند استقبالهم، ولكي يدنو من العرش. لا يستطيع أن يجلس على العرش، ولكنه يلامسه بيمناه، ويقول: جُرحتُ وصُدمتُ وأَخطأتُ. ولكني الآن أمامك أيها الآب والابن والروح القدس، تَمجّد اسمك الى الابد في الأبرار، آمين
استرنا يا الله بستر جناحيك
أحد السجود للصليب الكريم المقدس
في الأحد الثالث من الصوم، اي في منتصف الصوم الأربعيني المقدس، تعيد كنيستنا الجامعة المقدسة الرسولية لأحد السجود للصليب الكريم المقدس جيث تنصب أمامنا صليب المسيح كي نسجد له
وتفعل الكنيسة ذلك مرتين أخريين في السنة، الأولة في 14 أيلول والثانية في الأول من شهر آب، معيدة الصليب إلى ذاكرتنا
وفي هذين العيدين يرتبط السجود للصليب بحوادث تاريخية
أمّا تذكار الصليب في الأحد الثالث من الصوم، فيستدعي فقط إيماننا وتقوانا، إذ يدور الأمر حول الجهر بدور الصليب في تاريخ الخلاص وحول استعدادنا لرؤية هذا الصليب الذي سيقام يوم الجمعة العظيم على الجلجلة التي ما زالت بعيدة
خلال صلاة السَحَر، نحو نهاية الذكصولوجية الكبرى، يضع الكاهن صليباً على طبق مزيّن بالزهور. وإذ يحمل الصليب فوق رأسه، يخرج من الهيكل، تتقدمه شموع مضاءة وبخور. عندما يصل إلى وسط الكنيسة، يضع الصليب على طاولة، ثم يبخره وترنم الجوقة: لصليبك يا سيّدنا نسجد ولقيامتك المقدسة نمجّد
ثم يأتي الشعب ليقبّل الصليب الذي يبقى معروضاً هكذا في وسط الكنيسة خلال الاسبوع كله
وتعبّر الترنيمة التالية من صلاة السَحَر تعبيراً جيداً عن معنى هذا العيد: إذ نشاهد اليوم صليب المسيح الكريم موضوعاً، فلنسجد له بإيمان فرحين، ونعانقه بشوق، مبتهلين إلى الرب الذي صُلب عليه بمشيئته، أن يؤهلنا جميعاً للسجود للصليب الكريم وأن نبلغ نهار القيامة جميعاً ونحن لا دينونة علينا
وتفعل الكنيسة ذلك مرتين أخريين في السنة، الأولة في 14 أيلول والثانية في الأول من شهر آب، معيدة الصليب إلى ذاكرتنا
وفي هذين العيدين يرتبط السجود للصليب بحوادث تاريخية
أمّا تذكار الصليب في الأحد الثالث من الصوم، فيستدعي فقط إيماننا وتقوانا، إذ يدور الأمر حول الجهر بدور الصليب في تاريخ الخلاص وحول استعدادنا لرؤية هذا الصليب الذي سيقام يوم الجمعة العظيم على الجلجلة التي ما زالت بعيدة
خلال صلاة السَحَر، نحو نهاية الذكصولوجية الكبرى، يضع الكاهن صليباً على طبق مزيّن بالزهور. وإذ يحمل الصليب فوق رأسه، يخرج من الهيكل، تتقدمه شموع مضاءة وبخور. عندما يصل إلى وسط الكنيسة، يضع الصليب على طاولة، ثم يبخره وترنم الجوقة: لصليبك يا سيّدنا نسجد ولقيامتك المقدسة نمجّد
ثم يأتي الشعب ليقبّل الصليب الذي يبقى معروضاً هكذا في وسط الكنيسة خلال الاسبوع كله
وتعبّر الترنيمة التالية من صلاة السَحَر تعبيراً جيداً عن معنى هذا العيد: إذ نشاهد اليوم صليب المسيح الكريم موضوعاً، فلنسجد له بإيمان فرحين، ونعانقه بشوق، مبتهلين إلى الرب الذي صُلب عليه بمشيئته، أن يؤهلنا جميعاً للسجود للصليب الكريم وأن نبلغ نهار القيامة جميعاً ونحن لا دينونة علينا
المسيح برهان يتطلب قرار
تبعية المسيح من خلال بشارة الحبيب يوحنا
بين "أتبعنى " وأتبعنى أنت
الأب أثناسيوس حنين
يذهب اللاهوتيون الى أن انجيل اليوم أحد الارثوذكسية أى احد انتصار حقيقة أيقونة التجسد ضد الشبهيين والمتشككين ’ نقول أنهم يرون أنجيل اليوم هو انجيل الدعوة الى تبعية السيد . صارت "تعال وأنظر " هى الرد القاطع على من يسألون بالمنطق (اللوجييكى)عن شخص المسيح الذى كان فى شاخصا فى الله الأب (اللوغوس).ولعله من حسن الطالع أن تتصدر هذه الدعوة انجيل الدعوة اليوحنائى !(فوجد يسوع فيلبس فقال له اتبعنى )’ وبين (أتبعنى ) الاولى (يوحنا 1 :43 ) و(أاتبعنى أنت ) الأخيرة (يوحنا 21 :22 ) يشرح الحبيب يوحنا منهجية تبعية المحبوب يسوع .من قرر اتباع يسوع سوف يرى السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الانسان ) يوحا 1 :51 . ومن ثم تتبع الايات التابعين فى عرس الحياة وذوق خمر الحياة و الطاعة المطلقة لصوت ام يسوع (مهما قال لكم فافعلوه) يو 2 :5 . وأكبر برهان يؤيد قرار التبعية هو الولادة من فوق (يو3 :3 ) سواء أكانت الولادة طقسية أو غير طقسية لأ من لم تعمدهم الكنيسة يعمدهم رب الكنيسة حسب نيقولا كابسيلاس . ومن ثم ولئلا يقول أحد ان الدعوة والبرهان للرسل والتلاميذ ’ فقط (كان لابد أن يجتاز السامرة ...) يو 4 :4 لكى يجدد العهود مع نفوس هو اختارها ودعاها واستمتع بحوارها المشاغب والمنطقى والعقلانى حتى الثمالة حتى ان التلاميذ تعجبوا انه يتكلم بهذه الدالة مع أمرأة ! (يو 4 :27 ) ’ أنها السامرية ’ سامريتنا ’ شفيعتنا ’ انساننا المشاغب ’ برهاننا لكى لا يتردد أحد مهما كان ماضية ان يأخذ قرر التبعية . ولا يكتفى السيد بهذه المبادرات ’ بل يذهب الى أبعد من ذلك فيدعو رجلا مقعدا ’ يأس من شفائه !لأنه (ليس له انسان يلقيه فى البركة متى تحرك الماء بالروح (يو 5 :7 ’ جأئته الدعوة (قم ...) وطما صارسرير الشلل مطرح البشارة . من قرر التبعية (بجد ) لن يعطله اتباع وموسسوا حزب (أنه سبت لا يحل لك !!!) يو 5 : 10 .ولا يوجد رحلة بلا زاد ولا مسيرة بلا طعام ’ وهنا يأتى برهان البراهين وهو الشكر على الأرغفة والتى رأى فيها المفسرون والفاهمون الكثير فوق حرفية النص ’ لا يمكن أن ننسى هذا الغلام الذى قرر أن يتبع السيد على طريقته بان قدم لهم ما يملك (يو 6: 9 ) ’ أنه ايقونة الطعام الباقى ’ الخبز من السماوئ ’ الخبز الحقيقى والذى لم يعطه موسى لأن موسى كان أداة طيعة فى يد (أبى )(يو 6 :23 . وكما يحدث اليوم ’ حدث فى ذاك الزمان اذا خرج قوم ’ منا وهم ليسوا منا ’ متذمرون ومتخاصمون ’ يتسألون كيف يقدر هذا ! ان يعطينا حسده لنأكله ! (يو 6 :52 ). لا تبعية دون روح الذى نتبعه ’ والا تهنا فى البرية وأكلتنا الحيات ’ لأن من أمن بيسوع وتبعه تدرى من بطنه أنهار ماء حى ...قال هذا عن الروح (يوحنا 7 :38 ). وتأتى الطامة الكبرى فى طريق تبعية يسوع بأنه يقبل زانية تلميذة بل ويطلقها بسلام (يو 8 :11 ). القضية ليست قضية أفراد بل قضية أشخاص اختاروا نور الحياة تاركين الظلمة بلا رجعة (يو 8 :12). ثم تأتى محطة الحرية الكبرى والتى تأتى من الثبات فى الكلام الحق (يو 8 :30 -33) . ولا يتوقف أعضاء حزب التبعية الكلامية وأرباب الشعارات من الامتعاض والتطاول والفشخرة بلا أساس كتابى او تاريخى (ابونا هو ابراهيم ) ثم مرحلة السب والقذف العلنى والردح الغير الالكترونى ( ألسنا نقول حسنا انك سامرى وبك شيطان ) يو 8 :48 . ويجئ الرد الدامغ على صدق التبعية ورصانة الشهادة بأنى (لا أعلم الا شيئا واحدا أنى كنت أعمى والأن أبصر ) يو 9 :25 .لم ينشغل المولود أعمى بشئ بل شخص فى وجه المسيح ! ويأتى الداعى الى الكشف الكبير للتابعين من كل قلوبهم بأنه هو راعيهم الصالح (يو 10 :11) . التبعية ليست وظيفة بل معرفة وعشرة وخبرة (يو 100 :14 ), ويزداد حقد الحاقدين وفزلكة المتفذلكين وفتاوى المتدينيين وأتهامات الكذابين وتطاولهم حتى وصلت الى السب واللعن والرجم (يو 10
ولا يدخل يسوع ولا تابعيه فى متاهة المجادلات الغبية بل يشهد بهم وفيهم بالاعمال (يو 10))) ويمضى مشوار التبعية ببرهان كبير وهو قيامة لعازرنا (يو 11 )’والمفاجأة الكبرى أن أناس يونانيون طلبوا ان يروا يسوع ’ وهنا أعلن السيد أن ساعة تمجيده قد أتت وألزم العقل اليونانى أن يدفن مثل حبة الحنطة فى أرض الحياة الجديدة لكى يأتى بثمر كثير (يو 12 :30 )ثم يأتى الافراط فى الحب وأدمان التواضع لكى ما يغربل التابعين بين تلميذ القى الشطان فى قلبه الخيانة (يو 13 :2 ) وأخر يستكثر ان يغسل يسوع رجليه ويتمنع ظنا منه أنها فضيلة !(يو 13 :8) ’ ويدرك المعلم أن الطريق طويل وصعب ويبثهم رسالة أمان (لا تضطرب قلوبكم ) يو 14 :1 . نأتى الى كشف لاهوت ثالوث التبعية حينما يعلن لهم أنه والاب واحد وأن الروح القدس هو الذى سيكمل مشوار التبعية (يو 14 :11 ’ 16 ) ولأن التبعية ليست شأنا فرديا جاء اعلان ان التابعين هم أغصان فى كرمة الرب كرامها (يو 15 :1 ) والتبعية ليست نزهة بل هى تجلب المتاعب ( يو 16 :1 )ولكن الروح المعزى هو زاد التابعين (يو 16 :7) ومن ثم يقرر المعلم أن يرفع عينيه نحو السماء ويصلى فى معية تابعيه (يو 17) بل ويقدم كشف حساب للاب السماوى عن دقائق رسالته على الارض (يو17 :4)ويعلن أن تابعوه يعرفون ذات الحب الذى أحب به الأب ابنه الوحيد (يو 17 :26)ثم يأتى وقت الشهادة والجد فيرتبك بعض التابعين وأنكر شيخ التلاميذ انه يعرف معلمه (يو 188 :16 )ثم واجه التابعون موقفا جديدا وهو الخلط الفاضح بين الدين والسياسة (ان اطلقت هذا فلست محب لقيصر)يو 19 :12 . الشئ اللافت أن التابعات هن أول من جئن باكرا الى قبر المعلم والظلام باق ورأين القبر فارغا وبشرا التلاميذ(يو 20 ::1 )ولعلها رسالة لمن حاولوا لاحقا نسبة التبعية فقط الى الذكور ومنهم قسيسين ورهبان وهم لا يعلمون .ولقد أعلن يسوع قيامته لامرأة وأرسلها لتبشر الرجال الذين كانوا فى البيت والابواب مغلقة ومن ثم ظهر لهم وسلمهم الروح القدس (يو 200 :17 -22 )ولم يتردد يسوع فى تثبيت ايمان توما وخصه بظهور شخصى ولكن وسط أخوته من التابعين (يو20 :26 ) وتمضى رحلة التبعية على بحيرة طبرية جيث علم يسوع تلاميذه فن صيد النفوس وختم كورس التلمذة باعلان كبير خص به بطرس ولكنه يعنى كل نتلميذ ليسوع وهو معنى االنضوج (لما كنت شابا منت تمنطق ذاتك وتمشى حيث تشاء ولكن متى شخت تمد يديك وأخر يمنطقك ويحملك الى حيث لا تشاء) وحينما انشغل بطرس بموقف يوحنا ’ نبهه يسوع الى (اتبعنى أنت ) وأترك كل واحد وشأنه فى ملء حريته (يو 21 :18 -22)
بين "أتبعنى " وأتبعنى أنت
الأب أثناسيوس حنين
يذهب اللاهوتيون الى أن انجيل اليوم أحد الارثوذكسية أى احد انتصار حقيقة أيقونة التجسد ضد الشبهيين والمتشككين ’ نقول أنهم يرون أنجيل اليوم هو انجيل الدعوة الى تبعية السيد . صارت "تعال وأنظر " هى الرد القاطع على من يسألون بالمنطق (اللوجييكى)عن شخص المسيح الذى كان فى شاخصا فى الله الأب (اللوغوس).ولعله من حسن الطالع أن تتصدر هذه الدعوة انجيل الدعوة اليوحنائى !(فوجد يسوع فيلبس فقال له اتبعنى )’ وبين (أتبعنى ) الاولى (يوحنا 1 :43 ) و(أاتبعنى أنت ) الأخيرة (يوحنا 21 :22 ) يشرح الحبيب يوحنا منهجية تبعية المحبوب يسوع .من قرر اتباع يسوع سوف يرى السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الانسان ) يوحا 1 :51 . ومن ثم تتبع الايات التابعين فى عرس الحياة وذوق خمر الحياة و الطاعة المطلقة لصوت ام يسوع (مهما قال لكم فافعلوه) يو 2 :5 . وأكبر برهان يؤيد قرار التبعية هو الولادة من فوق (يو3 :3 ) سواء أكانت الولادة طقسية أو غير طقسية لأ من لم تعمدهم الكنيسة يعمدهم رب الكنيسة حسب نيقولا كابسيلاس . ومن ثم ولئلا يقول أحد ان الدعوة والبرهان للرسل والتلاميذ ’ فقط (كان لابد أن يجتاز السامرة ...) يو 4 :4 لكى يجدد العهود مع نفوس هو اختارها ودعاها واستمتع بحوارها المشاغب والمنطقى والعقلانى حتى الثمالة حتى ان التلاميذ تعجبوا انه يتكلم بهذه الدالة مع أمرأة ! (يو 4 :27 ) ’ أنها السامرية ’ سامريتنا ’ شفيعتنا ’ انساننا المشاغب ’ برهاننا لكى لا يتردد أحد مهما كان ماضية ان يأخذ قرر التبعية . ولا يكتفى السيد بهذه المبادرات ’ بل يذهب الى أبعد من ذلك فيدعو رجلا مقعدا ’ يأس من شفائه !لأنه (ليس له انسان يلقيه فى البركة متى تحرك الماء بالروح (يو 5 :7 ’ جأئته الدعوة (قم ...) وطما صارسرير الشلل مطرح البشارة . من قرر التبعية (بجد ) لن يعطله اتباع وموسسوا حزب (أنه سبت لا يحل لك !!!) يو 5 : 10 .ولا يوجد رحلة بلا زاد ولا مسيرة بلا طعام ’ وهنا يأتى برهان البراهين وهو الشكر على الأرغفة والتى رأى فيها المفسرون والفاهمون الكثير فوق حرفية النص ’ لا يمكن أن ننسى هذا الغلام الذى قرر أن يتبع السيد على طريقته بان قدم لهم ما يملك (يو 6: 9 ) ’ أنه ايقونة الطعام الباقى ’ الخبز من السماوئ ’ الخبز الحقيقى والذى لم يعطه موسى لأن موسى كان أداة طيعة فى يد (أبى )(يو 6 :23 . وكما يحدث اليوم ’ حدث فى ذاك الزمان اذا خرج قوم ’ منا وهم ليسوا منا ’ متذمرون ومتخاصمون ’ يتسألون كيف يقدر هذا ! ان يعطينا حسده لنأكله ! (يو 6 :52 ). لا تبعية دون روح الذى نتبعه ’ والا تهنا فى البرية وأكلتنا الحيات ’ لأن من أمن بيسوع وتبعه تدرى من بطنه أنهار ماء حى ...قال هذا عن الروح (يوحنا 7 :38 ). وتأتى الطامة الكبرى فى طريق تبعية يسوع بأنه يقبل زانية تلميذة بل ويطلقها بسلام (يو 8 :11 ). القضية ليست قضية أفراد بل قضية أشخاص اختاروا نور الحياة تاركين الظلمة بلا رجعة (يو 8 :12). ثم تأتى محطة الحرية الكبرى والتى تأتى من الثبات فى الكلام الحق (يو 8 :30 -33) . ولا يتوقف أعضاء حزب التبعية الكلامية وأرباب الشعارات من الامتعاض والتطاول والفشخرة بلا أساس كتابى او تاريخى (ابونا هو ابراهيم ) ثم مرحلة السب والقذف العلنى والردح الغير الالكترونى ( ألسنا نقول حسنا انك سامرى وبك شيطان ) يو 8 :48 . ويجئ الرد الدامغ على صدق التبعية ورصانة الشهادة بأنى (لا أعلم الا شيئا واحدا أنى كنت أعمى والأن أبصر ) يو 9 :25 .لم ينشغل المولود أعمى بشئ بل شخص فى وجه المسيح ! ويأتى الداعى الى الكشف الكبير للتابعين من كل قلوبهم بأنه هو راعيهم الصالح (يو 10 :11) . التبعية ليست وظيفة بل معرفة وعشرة وخبرة (يو 100 :14 ), ويزداد حقد الحاقدين وفزلكة المتفذلكين وفتاوى المتدينيين وأتهامات الكذابين وتطاولهم حتى وصلت الى السب واللعن والرجم (يو 10
ولا يدخل يسوع ولا تابعيه فى متاهة المجادلات الغبية بل يشهد بهم وفيهم بالاعمال (يو 10))) ويمضى مشوار التبعية ببرهان كبير وهو قيامة لعازرنا (يو 11 )’والمفاجأة الكبرى أن أناس يونانيون طلبوا ان يروا يسوع ’ وهنا أعلن السيد أن ساعة تمجيده قد أتت وألزم العقل اليونانى أن يدفن مثل حبة الحنطة فى أرض الحياة الجديدة لكى يأتى بثمر كثير (يو 12 :30 )ثم يأتى الافراط فى الحب وأدمان التواضع لكى ما يغربل التابعين بين تلميذ القى الشطان فى قلبه الخيانة (يو 13 :2 ) وأخر يستكثر ان يغسل يسوع رجليه ويتمنع ظنا منه أنها فضيلة !(يو 13 :8) ’ ويدرك المعلم أن الطريق طويل وصعب ويبثهم رسالة أمان (لا تضطرب قلوبكم ) يو 14 :1 . نأتى الى كشف لاهوت ثالوث التبعية حينما يعلن لهم أنه والاب واحد وأن الروح القدس هو الذى سيكمل مشوار التبعية (يو 14 :11 ’ 16 ) ولأن التبعية ليست شأنا فرديا جاء اعلان ان التابعين هم أغصان فى كرمة الرب كرامها (يو 15 :1 ) والتبعية ليست نزهة بل هى تجلب المتاعب ( يو 16 :1 )ولكن الروح المعزى هو زاد التابعين (يو 16 :7) ومن ثم يقرر المعلم أن يرفع عينيه نحو السماء ويصلى فى معية تابعيه (يو 17) بل ويقدم كشف حساب للاب السماوى عن دقائق رسالته على الارض (يو17 :4)ويعلن أن تابعوه يعرفون ذات الحب الذى أحب به الأب ابنه الوحيد (يو 17 :26)ثم يأتى وقت الشهادة والجد فيرتبك بعض التابعين وأنكر شيخ التلاميذ انه يعرف معلمه (يو 188 :16 )ثم واجه التابعون موقفا جديدا وهو الخلط الفاضح بين الدين والسياسة (ان اطلقت هذا فلست محب لقيصر)يو 19 :12 . الشئ اللافت أن التابعات هن أول من جئن باكرا الى قبر المعلم والظلام باق ورأين القبر فارغا وبشرا التلاميذ(يو 20 ::1 )ولعلها رسالة لمن حاولوا لاحقا نسبة التبعية فقط الى الذكور ومنهم قسيسين ورهبان وهم لا يعلمون .ولقد أعلن يسوع قيامته لامرأة وأرسلها لتبشر الرجال الذين كانوا فى البيت والابواب مغلقة ومن ثم ظهر لهم وسلمهم الروح القدس (يو 200 :17 -22 )ولم يتردد يسوع فى تثبيت ايمان توما وخصه بظهور شخصى ولكن وسط أخوته من التابعين (يو20 :26 ) وتمضى رحلة التبعية على بحيرة طبرية جيث علم يسوع تلاميذه فن صيد النفوس وختم كورس التلمذة باعلان كبير خص به بطرس ولكنه يعنى كل نتلميذ ليسوع وهو معنى االنضوج (لما كنت شابا منت تمنطق ذاتك وتمشى حيث تشاء ولكن متى شخت تمد يديك وأخر يمنطقك ويحملك الى حيث لا تشاء) وحينما انشغل بطرس بموقف يوحنا ’ نبهه يسوع الى (اتبعنى أنت ) وأترك كل واحد وشأنه فى ملء حريته (يو 21 :18 -22)
وتسلحوا بسلاح الله الكامل
يبدأ صوم الفصح بحسب الآباء، بحسب حياة الرهبان، ثلاثة أيام لا يتناولون فيها لا طعام، ولا ماء، يفعلون هذا فقط ليعلنوا لله بأنهم بالفعل قد تركوا كل شيء وتبعوه، وماتوا عن أهوائهم، عن ملذاتهم، عن أطايب الحياة التي يركض ورائها الذين هم أبناء هذا الدهر. ومطبقين كلام الرسول بولس: “لنسلكن سلوكاً لائقاً كما في النهار”، وبه يحرضنا الرسول بولس أن نلبس أسلحة النور. لماذا يريدنا أن نلبس أسلحة النور؟ كلكم تعرفون أنه في المعمودية، نقول متضرعين الى الله: “إجعله جندياً جديداً في مملكة ربنا يسوع المسيح، إجعله خروفاً ناطقاً في رعيتك المقدسة”. وبالتالي الإنسان المؤمن يصبح جندياً في مملكة يسوع المسيح
نحن نعيّد في هذه الكنيسة للقديس الشهيد ثاوذورس. نعيّد في هذا الشهر، للقديسين الواحد والاربعون من عمورية، وهي مدينة كبيرة والتي فتحها المعتصم، الذي وقتها قال أبو تمام الشاعر: “السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبِاءً مِنَ الكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بَيْنِ الْجدِّ وَاللَّعِبِ”، معروفة الحادثة، هناك واحد واربعون شهيداً طُلب منهم أن يغيّروا إيمانهم بيسوع المسيح، لم يقبلوا. كما كان الجنود يبذلون دماءهم لحماية المدينة المحاصرة، ويقاتلون بكل شجاعة، ومستعدين أن يبذلوا الغالي والرخيص لأجل ثبات الأمن والسلام بحسب معطيات السلطة الزمنية التي كانوا يخدمون. وعندما جاء دورهم أن يخدموا، وأن يجاهدوا، وأن يضحّوا، وأن يقدموا لربنا يسوع المسيح، قدموا، وبكل شجاعة، مع أنهم أسروا، وأتوا بهم الى بغداد، وأبقوهم شهوراً بين الوعيد والترهيب، ما بين الإحسان والعذاب. لا الإحسان أثر فيهم حتى يغيّروا رأيهم، ولا العذاب أثر فيهم. الإحسان والعذاب في خدمة ربنا يسوع المسيح، لا يمكن أن يَفْرُقان عن بعضهما البعض. لأننا لا نخاف ممن يقتل الجسد، بل ممن له أن يلقي الجسد والروح في نار جهنم، يعني الإنسان كله، أي أن نخاف الله
نعيّد في هذا الشهر للقديسين الأربعين الذين إستشهدوا في سبسطيا، هكذا هم المؤمنون، الإنسان الصائم هو إنسان مضحّي، هو إنسان رجال، هو إنسان لا يخضع للأهواء ، ولعادات إجتماعية، ولما يراه من هنا وهناك، وما يسمعه. الإنسان المؤمن هو إنسان صوّام، إنسان لا يقتدي بالآخرين، لا يقلّد الآخرين، بل يسعى في النهاية أن يكون هو القدوة، وهو المؤثر، وهو صانع الحاضر والمستقبل. والذي يستطيع أن يصحح أيضاً الماضي بأن يحض الناس بحياته وسلوكه على التوبة. الإمتناع عن الطعام والشراب بالنسبة الى الإنسان المؤمن هو أدنى درجات سلم الفضيلة، وهو أول ما يتكلم عنه القديس يوحنا السلّمي، يتكلم عن الإنسان الساعي الى القداسة الذي يبدأ بالتخلص من أشياء هذا العالم وممتلكاته، يضعه بالدرجة الأولى، أو الساعي أن يصعد الى الدرجة الأولى. إذا صام الواحد منا عن السيجارة، يقول أنا أصوم!، إذا كان يعمل عمل سيئاً وفي الصوم لا يعمله، يقول أنا صائم! إنه لم يدخل بالأشياء الطبيعية، إنه لم يدخل على المرحلة الأولى ما بين الدرجة الأولى والأرض، إنه لم يرفع رجله ليصعد، لكن كيف الإنسان الصوّام الذي يعرف أن الصوم هو ليس صوم الطعام، بل هو إشارة إليه، لأن الصوم هو صوم القلب، ليس فقط صوم اللسان. انا لا أتكلم على أحد، انا لا أسرق، لا أختلس. هذا كلام أولاد صغار ، الأولاد الصغار هم الذين يقولون أنا لا أعمل هذه.. يدافعون عن أنفسهم. الإنسان الكبير يتكلم عن نجاحات، يتكلم شهادات، ويكون قد حقق شيئاً في حياته. يتكلم عن أشياء يفتخر بأن يقدمها للناس كفتح جديد. وفي الحياة الروحية لكل شخص هناك فتوحات هامّة يمكنه أن يفتخر بها أمام الله وملائكته. أن يفتخر أمام البشر جميعاً، أن يتكلم، وينصت إليه الناس، ينصت إليه البشر يقولون ويمجدون الله بسبب أعماله. هذا يعني أن الإنسان يتجند ليسوع المسيح. ماذا يعني يتجند؟ أنه جندي جديد ليسوع المسيح ربنا. ماذا يعني جندي جديد؟ الجندي العادي يتعلم فنون القتال ليذهب الى الحرب. إما ان يكون على المدفعية، او على الدبابات، أو بالطيران، او بالصواريخ، إما مشاة او مجوقل الى ما هنالك من أشياء بحسب الجيش الذي في هذا العالم. عليه أن يتدرب عليها جيداً ليستخدمها في المعركة وعند الحاجة لها.
وأيضاً المؤمنون في تجنُدهم ليسوع المسيح، يتسلحون بأسلحة البِر. ماذا يهمني إن كان أحد ما عنده مال الدنيا كلها، ولا يعرف كيف يحافظ على هذه النعمة، ويستخدمها لأجل خلاصه، وخلاص الذين من حوله. يأتي مئة لص ولص، وعندهم مئة طريقة وطريقة لسرقتها فتذهب مهب الريح. أريد أن أسأل كم شخص فقد ماله بسبب القمار، عادة واحدة أفقرت الناس. نفس الشيء في الحياة الروحية، الإنسان الذي يأخذ كل النعم الإلهية بالمعمودية، إذا لم يكن عنده السلاح، وطرق الدفاع الصالحة، القادر على استعمالها على الهجوم على ما يمكن أن ينزع منه هذه النعم التي يعطيه إياها الله له بالمعمودية، التي يعطيها الله له بالمناولة، وقراءة الكتب المقدسة، والكلمة. يأتي اللص عدو البشر، الشرير الشيطان، إبليس، ويخرق له أكياسه، ويبدأ بتفريغها شيئاً فشيئاً بطريقة ذكية، وبدون إنتباه من صاحبها
طريقتنا نحن، لماذا نريد أن نصوم؟ نحن نمتنع عن الأشياء التي نحبها كثيراً. من قال لك إذا أنت إمتنعت عن الأكل، تزيد أو تنقص. من قال لك إذا لم تمتنع عن الأكل، تزيد أو تنقص. الله لا يحاسب على الطعام والشراب، لأن الرسول بولس يقول لنا: “الجوف للأطعمة، والأطعمة للجوف، والله يبيد هذه وتلك”. وبالتالي، الصوم عن الطعام، هو عبارة عن تمرين الحواس لطاعة الكلمة الإلهية. يمرّن الإنسان ذاته أن يكون قوياً، ليس له سيّد إلا يسوع المسيح. لا الطعام، ولا المال، ولا العادات الإجتماعيّة. سيّده وحده يسوع المسيح. تخيلوا أن هناك مجتمعاً لا يرى في الدنيا له سيّداً، ولا متسلطاً عليه إلا يسوع المسيح. هذا المجتمع يكوِّن مجتمعاً ملكوتياً، كما في السماء، كذلك على الأرض. لأن هل هناك شيء ضد شريعة يسوع المسيح. بولس الرسول يقول: “هذه ليس من ناموس ضدها”، يعني ليس من شريعة ضدها. فأنت عندما تبدأ بالتمرن على الحياة الروحية بالصوم، عليك أن لا تعتبر أنك قد وصلت الى شيء، بل أن تسمع قول ربنا يسوع المسيح يقول لك: “مهما فعلتم فقولوا نحن عبيد بطّالون”. يجب على الإنسان أن يبقى موأَخذاً نفسه، وعاتباً، إذا لم يستطع الوصول الى محبة يسوع المسيح، يعني أن يحب يسوع المسيح، بقدر محبة يسوع المسيح له، على قدر محبة الله له. عند ذلك يستطيع أن يقول أنه يعيش حياة روحية، ويتأكد ذلك له في كشوفات، وإعلانات، ورؤى، وحضور قدسي من عالم السموات كما يحدث مع القديسين. عندئذ يستطيع الإنسان أن يقول: بالحقيقة قد قطعت أشواطاً في هذه الحياة، ولكن ما زلت من العبيد البطّالين. لأنه أين هو من لا نهائية الله في كل خير، لأنه مخلوق على صورته ومثاله. فالصوم، هو صوم كياني، ليس فقط صوم عن الطعام، بل هو صوم كياني، كما يقول الرسول بولس: “لست أنا أحيا، المسيح يحيا فيّا”. وإذا وصلنا أن ندرك هذا أننا بكلامنا، وبتعاملنا مع الناس، ومع طعامنا، ومع عاداتنا، وفي وظائفنا وفي كل مكان، نفكّر ماذا يريد يسوع المسيح الآن. ممتلكاً هذا الفكر، الشعور علينا، يعني بالحقيقة نستطيع أن نقول مع الرسول بولس: “لست أنا أحيا، المسيح يحيا فيّا” يكون المسيح قد حصنني، فيكون المسيح هو الذي أظهره أمام عالم شرير يريد أن يأخذنا الى الهاوية، والى حياة الشر
جهاد الصوم ككل جهاد روحي يحتاج الى أسلحة البِر، سيف الإيمان، خوذة الروح، درع الصدق والثبات
أسأل الله أن يعطينا جميعاً أن ندخل في هذا الجهاد ونحن بالفعل موطدين العزم، وقد لبسنا هذه الأسلحة التي أعطانا إياها الله لكي نستخدمها في الإنتصارات والفتوحات الروحية، لكي نبقى رعية واحدة لراع واحد الذي هو مباركنا، وهو مقدسنا يسوع المسيح آمين
باسيليوس، مطران عكار وتوابعها
عن “الكلمة”، كنيسة طرطوس، العدد 13، السنة 15، الأحد 27 آذار 2016
نحن نعيّد في هذه الكنيسة للقديس الشهيد ثاوذورس. نعيّد في هذا الشهر، للقديسين الواحد والاربعون من عمورية، وهي مدينة كبيرة والتي فتحها المعتصم، الذي وقتها قال أبو تمام الشاعر: “السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبِاءً مِنَ الكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بَيْنِ الْجدِّ وَاللَّعِبِ”، معروفة الحادثة، هناك واحد واربعون شهيداً طُلب منهم أن يغيّروا إيمانهم بيسوع المسيح، لم يقبلوا. كما كان الجنود يبذلون دماءهم لحماية المدينة المحاصرة، ويقاتلون بكل شجاعة، ومستعدين أن يبذلوا الغالي والرخيص لأجل ثبات الأمن والسلام بحسب معطيات السلطة الزمنية التي كانوا يخدمون. وعندما جاء دورهم أن يخدموا، وأن يجاهدوا، وأن يضحّوا، وأن يقدموا لربنا يسوع المسيح، قدموا، وبكل شجاعة، مع أنهم أسروا، وأتوا بهم الى بغداد، وأبقوهم شهوراً بين الوعيد والترهيب، ما بين الإحسان والعذاب. لا الإحسان أثر فيهم حتى يغيّروا رأيهم، ولا العذاب أثر فيهم. الإحسان والعذاب في خدمة ربنا يسوع المسيح، لا يمكن أن يَفْرُقان عن بعضهما البعض. لأننا لا نخاف ممن يقتل الجسد، بل ممن له أن يلقي الجسد والروح في نار جهنم، يعني الإنسان كله، أي أن نخاف الله
نعيّد في هذا الشهر للقديسين الأربعين الذين إستشهدوا في سبسطيا، هكذا هم المؤمنون، الإنسان الصائم هو إنسان مضحّي، هو إنسان رجال، هو إنسان لا يخضع للأهواء ، ولعادات إجتماعية، ولما يراه من هنا وهناك، وما يسمعه. الإنسان المؤمن هو إنسان صوّام، إنسان لا يقتدي بالآخرين، لا يقلّد الآخرين، بل يسعى في النهاية أن يكون هو القدوة، وهو المؤثر، وهو صانع الحاضر والمستقبل. والذي يستطيع أن يصحح أيضاً الماضي بأن يحض الناس بحياته وسلوكه على التوبة. الإمتناع عن الطعام والشراب بالنسبة الى الإنسان المؤمن هو أدنى درجات سلم الفضيلة، وهو أول ما يتكلم عنه القديس يوحنا السلّمي، يتكلم عن الإنسان الساعي الى القداسة الذي يبدأ بالتخلص من أشياء هذا العالم وممتلكاته، يضعه بالدرجة الأولى، أو الساعي أن يصعد الى الدرجة الأولى. إذا صام الواحد منا عن السيجارة، يقول أنا أصوم!، إذا كان يعمل عمل سيئاً وفي الصوم لا يعمله، يقول أنا صائم! إنه لم يدخل بالأشياء الطبيعية، إنه لم يدخل على المرحلة الأولى ما بين الدرجة الأولى والأرض، إنه لم يرفع رجله ليصعد، لكن كيف الإنسان الصوّام الذي يعرف أن الصوم هو ليس صوم الطعام، بل هو إشارة إليه، لأن الصوم هو صوم القلب، ليس فقط صوم اللسان. انا لا أتكلم على أحد، انا لا أسرق، لا أختلس. هذا كلام أولاد صغار ، الأولاد الصغار هم الذين يقولون أنا لا أعمل هذه.. يدافعون عن أنفسهم. الإنسان الكبير يتكلم عن نجاحات، يتكلم شهادات، ويكون قد حقق شيئاً في حياته. يتكلم عن أشياء يفتخر بأن يقدمها للناس كفتح جديد. وفي الحياة الروحية لكل شخص هناك فتوحات هامّة يمكنه أن يفتخر بها أمام الله وملائكته. أن يفتخر أمام البشر جميعاً، أن يتكلم، وينصت إليه الناس، ينصت إليه البشر يقولون ويمجدون الله بسبب أعماله. هذا يعني أن الإنسان يتجند ليسوع المسيح. ماذا يعني يتجند؟ أنه جندي جديد ليسوع المسيح ربنا. ماذا يعني جندي جديد؟ الجندي العادي يتعلم فنون القتال ليذهب الى الحرب. إما ان يكون على المدفعية، او على الدبابات، أو بالطيران، او بالصواريخ، إما مشاة او مجوقل الى ما هنالك من أشياء بحسب الجيش الذي في هذا العالم. عليه أن يتدرب عليها جيداً ليستخدمها في المعركة وعند الحاجة لها.
وأيضاً المؤمنون في تجنُدهم ليسوع المسيح، يتسلحون بأسلحة البِر. ماذا يهمني إن كان أحد ما عنده مال الدنيا كلها، ولا يعرف كيف يحافظ على هذه النعمة، ويستخدمها لأجل خلاصه، وخلاص الذين من حوله. يأتي مئة لص ولص، وعندهم مئة طريقة وطريقة لسرقتها فتذهب مهب الريح. أريد أن أسأل كم شخص فقد ماله بسبب القمار، عادة واحدة أفقرت الناس. نفس الشيء في الحياة الروحية، الإنسان الذي يأخذ كل النعم الإلهية بالمعمودية، إذا لم يكن عنده السلاح، وطرق الدفاع الصالحة، القادر على استعمالها على الهجوم على ما يمكن أن ينزع منه هذه النعم التي يعطيه إياها الله له بالمعمودية، التي يعطيها الله له بالمناولة، وقراءة الكتب المقدسة، والكلمة. يأتي اللص عدو البشر، الشرير الشيطان، إبليس، ويخرق له أكياسه، ويبدأ بتفريغها شيئاً فشيئاً بطريقة ذكية، وبدون إنتباه من صاحبها
طريقتنا نحن، لماذا نريد أن نصوم؟ نحن نمتنع عن الأشياء التي نحبها كثيراً. من قال لك إذا أنت إمتنعت عن الأكل، تزيد أو تنقص. من قال لك إذا لم تمتنع عن الأكل، تزيد أو تنقص. الله لا يحاسب على الطعام والشراب، لأن الرسول بولس يقول لنا: “الجوف للأطعمة، والأطعمة للجوف، والله يبيد هذه وتلك”. وبالتالي، الصوم عن الطعام، هو عبارة عن تمرين الحواس لطاعة الكلمة الإلهية. يمرّن الإنسان ذاته أن يكون قوياً، ليس له سيّد إلا يسوع المسيح. لا الطعام، ولا المال، ولا العادات الإجتماعيّة. سيّده وحده يسوع المسيح. تخيلوا أن هناك مجتمعاً لا يرى في الدنيا له سيّداً، ولا متسلطاً عليه إلا يسوع المسيح. هذا المجتمع يكوِّن مجتمعاً ملكوتياً، كما في السماء، كذلك على الأرض. لأن هل هناك شيء ضد شريعة يسوع المسيح. بولس الرسول يقول: “هذه ليس من ناموس ضدها”، يعني ليس من شريعة ضدها. فأنت عندما تبدأ بالتمرن على الحياة الروحية بالصوم، عليك أن لا تعتبر أنك قد وصلت الى شيء، بل أن تسمع قول ربنا يسوع المسيح يقول لك: “مهما فعلتم فقولوا نحن عبيد بطّالون”. يجب على الإنسان أن يبقى موأَخذاً نفسه، وعاتباً، إذا لم يستطع الوصول الى محبة يسوع المسيح، يعني أن يحب يسوع المسيح، بقدر محبة يسوع المسيح له، على قدر محبة الله له. عند ذلك يستطيع أن يقول أنه يعيش حياة روحية، ويتأكد ذلك له في كشوفات، وإعلانات، ورؤى، وحضور قدسي من عالم السموات كما يحدث مع القديسين. عندئذ يستطيع الإنسان أن يقول: بالحقيقة قد قطعت أشواطاً في هذه الحياة، ولكن ما زلت من العبيد البطّالين. لأنه أين هو من لا نهائية الله في كل خير، لأنه مخلوق على صورته ومثاله. فالصوم، هو صوم كياني، ليس فقط صوم عن الطعام، بل هو صوم كياني، كما يقول الرسول بولس: “لست أنا أحيا، المسيح يحيا فيّا”. وإذا وصلنا أن ندرك هذا أننا بكلامنا، وبتعاملنا مع الناس، ومع طعامنا، ومع عاداتنا، وفي وظائفنا وفي كل مكان، نفكّر ماذا يريد يسوع المسيح الآن. ممتلكاً هذا الفكر، الشعور علينا، يعني بالحقيقة نستطيع أن نقول مع الرسول بولس: “لست أنا أحيا، المسيح يحيا فيّا” يكون المسيح قد حصنني، فيكون المسيح هو الذي أظهره أمام عالم شرير يريد أن يأخذنا الى الهاوية، والى حياة الشر
جهاد الصوم ككل جهاد روحي يحتاج الى أسلحة البِر، سيف الإيمان، خوذة الروح، درع الصدق والثبات
أسأل الله أن يعطينا جميعاً أن ندخل في هذا الجهاد ونحن بالفعل موطدين العزم، وقد لبسنا هذه الأسلحة التي أعطانا إياها الله لكي نستخدمها في الإنتصارات والفتوحات الروحية، لكي نبقى رعية واحدة لراع واحد الذي هو مباركنا، وهو مقدسنا يسوع المسيح آمين
باسيليوس، مطران عكار وتوابعها
عن “الكلمة”، كنيسة طرطوس، العدد 13، السنة 15، الأحد 27 آذار 2016
أحد الأرثوذكسية
الأحد الأول من الصوم
الأحد الأول من الصوم هو أحد الأرثوذكسية به نحتفل بجميع الآباء القديسين المجاهدين الذين جاهدوا لنشر حقيقة
الإنجيل، الرسل والشهداء و آباء الكنيسة القديسينالذين حافظوا على استقامة البشارة الإنجيلية
يتحدث انجيل اليوم عن شخصان تعرّفا على المسيح، الأول وهو فيلبس وقد دعي من المسيح، حيث بدا عليه التأثر لإدراكه أن الواقف أمامه هو المسيح المخلص، لم يخفي فرحه أمام صديقه نثنائيل فقال له: وجدنا المعلم، الإله، ابن الله، طبعا بكلمة “وجدناه” مثّل فيلبس كل البشرية، وهي ليست كلمة نظرية فكرية إنما تأخذ وجودها الحقيقي من عيش الكلام الذي علّمه المسيح، فيجيب فيلبس “تعال وانظر” وهذا يعني بأننا ندرك الحقائق عن تعليم المسيح عندما نتوجه نحوه فاتحين قلوبنا نحو معرفته، عندها ندرك أنه وبلا توقف يهب لنا النعم الغير المنظورة والفرح الحقيقي
تعيّد الكنيسة في الأحد الأول من الصوم للأرثوذكسية، وبه ترفع الأيقونات المقدسة معلنة الإيمان المستقيم، هذه الاستقامة ترتبط بالإيمان في الحياة الحاضرة والحياة الثانية، والتي بدورها ترتبط بالرجاء بيسوع المسيح
في هذا اليوم نعيّد لرفع الأيقونات المقدسة، وعيد الأيقونة هو عيد الإنسان الذي هو على صورة الله. وفيه نشهد أن الكنيسة مكان للحياة الفصحية، يسعى أبناؤها للوصول للفصح، الغير المنتهي، ويكون ذلك من خلال عيش الافخارستيا، فتدعوا الكنيسة بالصلاة كل البشرية أن تأخذ مكاناً في محبة الله الغير المحدودة. وفي هذا العيش نشهد أن لدى الإنسان دعوة ونعمة تأخذه من هذا العالم، أي يعيش فيه وهو ليس منه، وتعطيه قوة كي يتغير نحو الأفضل، ونشهد أيضاً أن الله هو فرح وحرية وحياة الإنسان، الذي بدوره يعرف الله بالمحبة، مُتْحِداً ذاته وقلبه مع المسيح أي “قلب الكنيسة” كما يقول نيقولاوس كباسيلاس
الأحد الأول من الصوم
الأحد الأول من الصوم هو أحد الأرثوذكسية به نحتفل بجميع الآباء القديسين المجاهدين الذين جاهدوا لنشر حقيقة
الإنجيل، الرسل والشهداء و آباء الكنيسة القديسينالذين حافظوا على استقامة البشارة الإنجيلية
يتحدث انجيل اليوم عن شخصان تعرّفا على المسيح، الأول وهو فيلبس وقد دعي من المسيح، حيث بدا عليه التأثر لإدراكه أن الواقف أمامه هو المسيح المخلص، لم يخفي فرحه أمام صديقه نثنائيل فقال له: وجدنا المعلم، الإله، ابن الله، طبعا بكلمة “وجدناه” مثّل فيلبس كل البشرية، وهي ليست كلمة نظرية فكرية إنما تأخذ وجودها الحقيقي من عيش الكلام الذي علّمه المسيح، فيجيب فيلبس “تعال وانظر” وهذا يعني بأننا ندرك الحقائق عن تعليم المسيح عندما نتوجه نحوه فاتحين قلوبنا نحو معرفته، عندها ندرك أنه وبلا توقف يهب لنا النعم الغير المنظورة والفرح الحقيقي
تعيّد الكنيسة في الأحد الأول من الصوم للأرثوذكسية، وبه ترفع الأيقونات المقدسة معلنة الإيمان المستقيم، هذه الاستقامة ترتبط بالإيمان في الحياة الحاضرة والحياة الثانية، والتي بدورها ترتبط بالرجاء بيسوع المسيح
في هذا اليوم نعيّد لرفع الأيقونات المقدسة، وعيد الأيقونة هو عيد الإنسان الذي هو على صورة الله. وفيه نشهد أن الكنيسة مكان للحياة الفصحية، يسعى أبناؤها للوصول للفصح، الغير المنتهي، ويكون ذلك من خلال عيش الافخارستيا، فتدعوا الكنيسة بالصلاة كل البشرية أن تأخذ مكاناً في محبة الله الغير المحدودة. وفي هذا العيش نشهد أن لدى الإنسان دعوة ونعمة تأخذه من هذا العالم، أي يعيش فيه وهو ليس منه، وتعطيه قوة كي يتغير نحو الأفضل، ونشهد أيضاً أن الله هو فرح وحرية وحياة الإنسان، الذي بدوره يعرف الله بالمحبة، مُتْحِداً ذاته وقلبه مع المسيح أي “قلب الكنيسة” كما يقول نيقولاوس كباسيلاس
|
|
الكاهن الأب الرّوحيّ
على الكهنة أن يكونوا آباء روحيّين. هذا يتطلّب منهم أن يتحرّروا من أهوائهم، ذلك لأنّهم يعيشون في العالَم وعليهم أن يتطهّروا من مساوئ العالَم
ذلك لكي يكتسبوا، بقوّة الرّوح، السّلطة على النّفوس وإرشادها إلى الخلاص
عندها يستطيعون أن يحرّروا الآخرين من أهوائهم الضارّة
يقول القدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ
"علينا أن نتطهّر قبل أن نطهّر الآخرين؛ علينا أن نستنير قبل أن ننير الآخرين، أن نتقدّس قبل أن نقدّس الآخرين" (Orations 2.71)
هذا يعني أنّ الأب الرّوحيّ، لكي يُرشد الآخرين في الحياة المسيحيّة، عليه أوّلاً أن يعيشها، أن يختبرها هو بنفسه أوّلاً. عليه أن يكون قدوةً، مثالاً "لاحظ نفسك والتّعليم" 1 تيموثاوس 4: 16
"كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرّف، في المحبّة، في الإيمان، في الطّهارة" (1 تيمو 4: 12
القدّيس ديونيسيوس الأريوپاجيّ يتكلّم على الدّرجات الثّلاث للحياة الرّوحيّة: الطّهارة، الاِستنارة والتألّه أو القداسة. وهو يَنسبها إلى الشّمامسة الدّرجة الأولى
والكهنة الدّرجة الثانيّة
والأساقفة الدّرجة الثّالثة
أمّا الفضائل التي يجب على الكاهن أن يكتسبها فهي: التّواضع، اللّطف، الصّبر أو طول الأناة، الرّأفة compassion، التّمييز والمحبّة. هذه لا بدّ منها وهي بمثابة أدوية فعّالة من أجل شفاء النّفوس
لا بدّ، إلى جانب كلّ ذلك، من
أن تتوفّر أدوية التّوبة ورأفة الله ورحمته. على الإبن الرّوحيّ أن يحافظ على الرّجاء برحمة الله ورأفته شرط أن يتوب عن خطاياه، على مثال الاِبن الشّاطر والعشّار، مهما كثرت الخطايا. إن كانت هناك توبة صادقة يتقبّل الرّبّ التّائب ويغفر له خطاياه ويمنحه نعمته الشّافية
"حيث تكثر الخطيئة تفيض النّعمة"، هذا يجعلنا نحن المؤمنين أن لا نيأس من أيّ إنسان خاطئ حتّى ولو كان مجرماً أو زانياً لأنّه، إن تاب، يعود إلى الصحّة وحتّى إلى القداسة على مثال القدّيسة مريم المصريّة
الكاهن رسول للمسيح يعرف أنّه غيرُ كامل بل هو ضعيف، مع ذلك عليه أن يُلقي كلمة الله كما يُلقي الصيّاد الشّبكة
طبعاً يتمنّى بولس له "أن يكون بلا لوم" (1 تيموثاوس 3: 2
عليه أن يكون، دائماً، مستعدًّا للبشارة. حاول بافتقادك لأهل رعيّتك أن تتكلّم بكلام الله
مسؤوليّته هي في تغذية المؤمنين بكلمة الله. لذلك عليه أن يعرف الإنجيل والرّسائل جيّداً
طبعاً أساساً مسؤوليّته هي
جهاده الرّوحيّ في الصّلاة والمطالعة والخدمة كلّها من أجل القداسة. العطاء يجب أن يكون، قدر الإمكان، مجّانيّاً وبلا مقابل بل من كلّ القلب
طبعاً القداسة، الصّلاة، المطالعة، وحتّى البشارة مطلوبة من كلّ مؤمن، لكنّ الكاهن عليه أن يكون، قبل كلّ أحد آخر، قدوةً
هو إنسان مكشوف للآخرين أكثر من غيره
من صلاته في الكنيسة يعرف الحاضرون إن كانت الصلاة تأتي من قلبه أو أنّها رتابةٌ وتردادٌ آليّ. يجب أن لا تأتي العثراتُ من الإكليروس
بقلم: سيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الإحترام، راعي أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس
الله معكم
على الكهنة أن يكونوا آباء روحيّين. هذا يتطلّب منهم أن يتحرّروا من أهوائهم، ذلك لأنّهم يعيشون في العالَم وعليهم أن يتطهّروا من مساوئ العالَم
ذلك لكي يكتسبوا، بقوّة الرّوح، السّلطة على النّفوس وإرشادها إلى الخلاص
عندها يستطيعون أن يحرّروا الآخرين من أهوائهم الضارّة
يقول القدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ
"علينا أن نتطهّر قبل أن نطهّر الآخرين؛ علينا أن نستنير قبل أن ننير الآخرين، أن نتقدّس قبل أن نقدّس الآخرين" (Orations 2.71)
هذا يعني أنّ الأب الرّوحيّ، لكي يُرشد الآخرين في الحياة المسيحيّة، عليه أوّلاً أن يعيشها، أن يختبرها هو بنفسه أوّلاً. عليه أن يكون قدوةً، مثالاً "لاحظ نفسك والتّعليم" 1 تيموثاوس 4: 16
"كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرّف، في المحبّة، في الإيمان، في الطّهارة" (1 تيمو 4: 12
القدّيس ديونيسيوس الأريوپاجيّ يتكلّم على الدّرجات الثّلاث للحياة الرّوحيّة: الطّهارة، الاِستنارة والتألّه أو القداسة. وهو يَنسبها إلى الشّمامسة الدّرجة الأولى
والكهنة الدّرجة الثانيّة
والأساقفة الدّرجة الثّالثة
أمّا الفضائل التي يجب على الكاهن أن يكتسبها فهي: التّواضع، اللّطف، الصّبر أو طول الأناة، الرّأفة compassion، التّمييز والمحبّة. هذه لا بدّ منها وهي بمثابة أدوية فعّالة من أجل شفاء النّفوس
لا بدّ، إلى جانب كلّ ذلك، من
أن تتوفّر أدوية التّوبة ورأفة الله ورحمته. على الإبن الرّوحيّ أن يحافظ على الرّجاء برحمة الله ورأفته شرط أن يتوب عن خطاياه، على مثال الاِبن الشّاطر والعشّار، مهما كثرت الخطايا. إن كانت هناك توبة صادقة يتقبّل الرّبّ التّائب ويغفر له خطاياه ويمنحه نعمته الشّافية
"حيث تكثر الخطيئة تفيض النّعمة"، هذا يجعلنا نحن المؤمنين أن لا نيأس من أيّ إنسان خاطئ حتّى ولو كان مجرماً أو زانياً لأنّه، إن تاب، يعود إلى الصحّة وحتّى إلى القداسة على مثال القدّيسة مريم المصريّة
الكاهن رسول للمسيح يعرف أنّه غيرُ كامل بل هو ضعيف، مع ذلك عليه أن يُلقي كلمة الله كما يُلقي الصيّاد الشّبكة
طبعاً يتمنّى بولس له "أن يكون بلا لوم" (1 تيموثاوس 3: 2
عليه أن يكون، دائماً، مستعدًّا للبشارة. حاول بافتقادك لأهل رعيّتك أن تتكلّم بكلام الله
مسؤوليّته هي في تغذية المؤمنين بكلمة الله. لذلك عليه أن يعرف الإنجيل والرّسائل جيّداً
طبعاً أساساً مسؤوليّته هي
جهاده الرّوحيّ في الصّلاة والمطالعة والخدمة كلّها من أجل القداسة. العطاء يجب أن يكون، قدر الإمكان، مجّانيّاً وبلا مقابل بل من كلّ القلب
طبعاً القداسة، الصّلاة، المطالعة، وحتّى البشارة مطلوبة من كلّ مؤمن، لكنّ الكاهن عليه أن يكون، قبل كلّ أحد آخر، قدوةً
هو إنسان مكشوف للآخرين أكثر من غيره
من صلاته في الكنيسة يعرف الحاضرون إن كانت الصلاة تأتي من قلبه أو أنّها رتابةٌ وتردادٌ آليّ. يجب أن لا تأتي العثراتُ من الإكليروس
بقلم: سيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الإحترام، راعي أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس
الله معكم
"خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي"
"λάβετε φάγετε, τοῦτό ἐστιν τὸ σῶμά μου"
المطران نيقولا أنطونيو الجزيل الإحترام مطران طنطا وتوابعها
ووكيل البطريرك لشئون الطائفة الناطقة بالعربية بمصر
ووكيل البطريرك لشئون الطائفة الناطقة بالعربية بمصر
لماذا سمّي المسيح “يسوع” لا “عمّانوئيل” كما تنبّأ عنه إشعياء النبيّ
في سفر إشعياء النبيّ ترد النبوءة الشهيرةعن ولادة ابن العذراء الذي يُدعى اسمه “عمّانوئيل” (إش ٧: ١٤). ومعنى الاسم في العربيّة هو “الله معنا”. ثمّ تأتي في السفر عينه مجموعة من النبوءات عن عمّانوئيل وعن دوره. لذا من أجل فهم النبوءة عن ولادته وتسميته يجب علينا أن نقرأها على ضوء كلّ ما يخبره النبيّ إِشعياء عنه.
ومن الأقوال النبويّة عن ذلك الصبيّ المولود لنا وعن دوره، أنّ اسمه يُدعى مشيرًا عجيبًا، إلهًا قويًّا، أبا الدهر الآتي. فيدلّنا تكرار القول “ويّدعى اسمه”، مع التسميات الإضافيّة له (“مشيرًا عجيبًا…”)، على أنّ الأسماء التي تُطلق على الصبيّ ليست بمثابة أسماء علم، بل إنّما هي تسمياتٌ تدلّ على هويّته.
ويبان جليًّا من الآية إش ٨: ٨ والآية ٨: ١٠ بشكل خاص، أن اسم عمّانوئيل فيها لا يأتي كإسم علم بل في الإشارة إلى حال الخلاص التي يصنعها الربّ:
“وأيّ رأيٍ افتكرتم به يلاشيه الربّ،وأي قولٍ قلتموه لا يثبت لكم، لأَنَّ اللهَ مَعَنَا” (هنا نقرأ في النصّ العبريّ “لأنّ عمانوئيل”)
تساعدنا هذه النبوءات، بالإضافة إلى تلك التي تليها في الإصحاح التاسع من السفر عينه، على استنتاج الآتي: إن الإسم عمّانوئيل، كما الأسماء الأخرى التي تطلق عليه، ليس إسم علمٍ بقدر ما هو يدلّ على حقيقة هويّة الشخص الذي يسمّى به. أي إنّ الصبيّ المولود هو الله الذي معنا.
ونبوءة إشعياء عن عمانوئيل التي أكّدها الملاك ليوسف في الحلم، تجد تفسيرها في نهاية الإنجيل بحسب متّى، حين يقول ربنا يسوع المسيح: “…وأنا معكم كلّ الأيّام”. “أنا معكم” في نهاية الإنجيل تُقابل “الله معنا” (عمّانوئيل) في بدايته. هكذا، يكون كلمة الله المتجسّد، في ولادته وحياته وكلّ تدبيره الخلاصيّ، “عمّانوئيل” – الله الذي سكن بيننا. ولا حاجة لأن يناديه الآخرون باسم عمّانوئيل كإسم علم يُعرف به.
أضف إلى ذلك أنّ اسم عمّانوئيل لم يكن معهودًا بين اليهود. وكان الأمر ليبدو غريبًا جدًا أن يُدعى طفل حديث الولادة به. فلو دُعي ربنا ومخلصنا به لكانت صعوبات جمّة لتواجهه مع عائلته. وتجدر الملاحظة أنّ الأدب اليهوديّ اللاحق لم يذكر “عمّانوئيل” كإسم علم للمسيّا المنتظر، ممّا يثبت صحّة اعتقادنا بأنّ وروده في سفر إشعياء كان يدلّ على حال معيّنة، أي على وجود الله مع شعبه، كما في الآية إشعياء ٨: ١٠.
لكلّ هذه الأسباب مجتمعة، لا غرابة في أنّ الملاك قد أوصى أن يُطلق على الصبيّ المولود اسم “يسوع” الذي تفسيره “الربّ يخلّص”، لأنّه يخلّص شعبه من خطاياهم. هنا تحديدًا، ذكر الإنجيلي متّى، الذي عاين الخلاص يتحقّق بموت وقيامة الربّ يسوع، نبوءة إشعياء النبيّ عن عمّانوئيل، وقال إنّها تحقّقت بولادة هذا الطفل. فهذا هو “عمّانوئيل”، وسنعرفه من قداسته وأعماله وغلبته على الموت وقدرته على إعطاء الحياة.
الأرشمندريت يعقوب خليل
رئيس دير سيدة البلمند البطريركيّ
في سفر إشعياء النبيّ ترد النبوءة الشهيرةعن ولادة ابن العذراء الذي يُدعى اسمه “عمّانوئيل” (إش ٧: ١٤). ومعنى الاسم في العربيّة هو “الله معنا”. ثمّ تأتي في السفر عينه مجموعة من النبوءات عن عمّانوئيل وعن دوره. لذا من أجل فهم النبوءة عن ولادته وتسميته يجب علينا أن نقرأها على ضوء كلّ ما يخبره النبيّ إِشعياء عنه.
ومن الأقوال النبويّة عن ذلك الصبيّ المولود لنا وعن دوره، أنّ اسمه يُدعى مشيرًا عجيبًا، إلهًا قويًّا، أبا الدهر الآتي. فيدلّنا تكرار القول “ويّدعى اسمه”، مع التسميات الإضافيّة له (“مشيرًا عجيبًا…”)، على أنّ الأسماء التي تُطلق على الصبيّ ليست بمثابة أسماء علم، بل إنّما هي تسمياتٌ تدلّ على هويّته.
ويبان جليًّا من الآية إش ٨: ٨ والآية ٨: ١٠ بشكل خاص، أن اسم عمّانوئيل فيها لا يأتي كإسم علم بل في الإشارة إلى حال الخلاص التي يصنعها الربّ:
“وأيّ رأيٍ افتكرتم به يلاشيه الربّ،وأي قولٍ قلتموه لا يثبت لكم، لأَنَّ اللهَ مَعَنَا” (هنا نقرأ في النصّ العبريّ “لأنّ عمانوئيل”)
تساعدنا هذه النبوءات، بالإضافة إلى تلك التي تليها في الإصحاح التاسع من السفر عينه، على استنتاج الآتي: إن الإسم عمّانوئيل، كما الأسماء الأخرى التي تطلق عليه، ليس إسم علمٍ بقدر ما هو يدلّ على حقيقة هويّة الشخص الذي يسمّى به. أي إنّ الصبيّ المولود هو الله الذي معنا.
ونبوءة إشعياء عن عمانوئيل التي أكّدها الملاك ليوسف في الحلم، تجد تفسيرها في نهاية الإنجيل بحسب متّى، حين يقول ربنا يسوع المسيح: “…وأنا معكم كلّ الأيّام”. “أنا معكم” في نهاية الإنجيل تُقابل “الله معنا” (عمّانوئيل) في بدايته. هكذا، يكون كلمة الله المتجسّد، في ولادته وحياته وكلّ تدبيره الخلاصيّ، “عمّانوئيل” – الله الذي سكن بيننا. ولا حاجة لأن يناديه الآخرون باسم عمّانوئيل كإسم علم يُعرف به.
أضف إلى ذلك أنّ اسم عمّانوئيل لم يكن معهودًا بين اليهود. وكان الأمر ليبدو غريبًا جدًا أن يُدعى طفل حديث الولادة به. فلو دُعي ربنا ومخلصنا به لكانت صعوبات جمّة لتواجهه مع عائلته. وتجدر الملاحظة أنّ الأدب اليهوديّ اللاحق لم يذكر “عمّانوئيل” كإسم علم للمسيّا المنتظر، ممّا يثبت صحّة اعتقادنا بأنّ وروده في سفر إشعياء كان يدلّ على حال معيّنة، أي على وجود الله مع شعبه، كما في الآية إشعياء ٨: ١٠.
لكلّ هذه الأسباب مجتمعة، لا غرابة في أنّ الملاك قد أوصى أن يُطلق على الصبيّ المولود اسم “يسوع” الذي تفسيره “الربّ يخلّص”، لأنّه يخلّص شعبه من خطاياهم. هنا تحديدًا، ذكر الإنجيلي متّى، الذي عاين الخلاص يتحقّق بموت وقيامة الربّ يسوع، نبوءة إشعياء النبيّ عن عمّانوئيل، وقال إنّها تحقّقت بولادة هذا الطفل. فهذا هو “عمّانوئيل”، وسنعرفه من قداسته وأعماله وغلبته على الموت وقدرته على إعطاء الحياة.
الأرشمندريت يعقوب خليل
رئيس دير سيدة البلمند البطريركيّ
سياحة لغوية ولاهوتية بين الترجمة الفانداكتية والأصول
القبطية واليونانية من خلال بشارة الحبيب يوحنا
الأب أثناسيوس حنين
(أن بداية التربية الصحيحة هى فحص معانى الكلمات )
نبدأ جولتنا ببشارة ذاك الذى لم يتعلم اللاهوت جالسا على مكتبه الضيق بل متكئأ على صدريسوع الرحب ! يرى العلماء اليسوعيون ’بما لا يدع مجالا للشك ’ بأن فى أنجيل يوحنا وجوه شبه كبيرة بالفكر اليونانى أكثر مما فى الأناجيل الأخرى(راجع الكتاب المقدس ’ الترجمة اليسوعية دار المشرق بيروت ١٩٨٩ ص ٢٨٠-٢٨٨ ) ’ وكما يذهب أخرون الى أن مقدمة انجيل يوحنا هى قصيدة شعرية فى مدح اللوغوس ’ الذى يحتل مكانة مرموقة عند يوحنا والمسيحيين الأوائل ’ كان يترنم ويتغنى بها المؤمنون فى العبادة قبل أن يأخذها يوحنا ويستهل بها بشارته أى أن مزود الانجيل هو الليتورجية والعبادة والسجود وليس المسارح والمنصات والديسكوتيكات والتنطيط وشغل القرود والصرعات المعاصرة !. ان كلمة (أرشى ) التى , يوحنا البشارة الرابعة ’ وهى ذات الكلمة التى تتوج بدايات سفر التكوين’ كتاب البدايات التى لا بدء لها ’ ’ لا تعنى (البدء الزمنى )’ كما توحى ترجمة فاندايك لان الله لا بدء له ولا نهاية ’ بل هى تعنى (البدء الذى لا بدء له ) أى البدء المطلق ’ وكما ترجمها اليونانيون بلغتهم الحديثة (الديموطيقى) نجدها (قبل أن يوجد كل شئ أنوجد اللوغوس ) والترجمة القبطية سباقة (وهنا لا يفوتنا تقديم الشكر الجزيل للاب الباحث والصديق القمص كيرلس القمص عبد المسيح – بالفشن والذى أهدانى نسخة نادرة للعهد الجديد بالقبطية من مكتبه أبائه العامرة وقد تم طبعها فى عهد البابا يوأنس التاسع عشر من باباوات الاسكندرية والذى ولد فى دير تاسا ساحل سليم اسيوط (ولا يفوتنا أن نتمنى لاسقف اسيوط الحالى والذى يحمل نفس اسم البابا ١٩ بالشفاء العاجل )عام ١٨٥٨ وتنيح فى ١٩٤٢ )’ نقول أن الترجمة القبطية اكثر تعبيرا وعمقا (خين تيارشى) أى فى داخل خون سفينة الزمن وبدايات بداياته وأعماقه (الخون كلمة مصرية قديمة يستخدمها المراكبية للاشارة الى عمق أعماق المركب والذى لا يعرفه أحد الا المراكبى الفهيم ولا يدخله الا الريس الكبير ’ الخون يا محسب ! فيلم صراع فى النيل ). الكوزموس هى النظام البديع والتى يترجمها (العالم) و يجب الاخذ فى الاعتبار معناها الشامل وتستعملها الترجمة القبطية (كوسموس) وزينة السيدات الانيقات من مجوهرات وخلافه يسميها اليونانيون (كوسميماتا ) .وتؤكد الترجمة القبطية ما سبق واشرنا اليه فى مقالنا السابق بخصوص (واللوغوس صار جسدا وحل فينا ) يقول القبط( أووه بيساجى أففير أؤؤ ساركس أووه أفشوبى أنيخيرى أنخيتين ) وهنا المعنى أعمق بمكان ’ (والساجى أتخذ جسدا وصار فى خون حياتنا أى فى أعمق أعماق سفينة حياتنا ! نأتى الى الأية ١٨ ( الله لم يره احد قط ...الابن الوحيد الذى فى حضن الأب هو خبر ) كلمة (خبربفتح الخاء والباء ) كلمة صحفية أكثر منها لاهوتية ’ الأصل يقول (أيكسيجيساتو - ايتافساجى ) أى شرح شرحا مسهبا وفياضا وهاديا ومعبرا من خلال الساجى اى اللوغوس . كما يشرح المدرس الدروس لتلاميذه وتأتى منها شرح الكلمة الالهية كمرادفة لكلمة (ايرمينيا). هوذا حمل الله الذى يرفع خطيئة العالم ) الذى يأخذ على عاتقه فقدان العالم لصوابه ! يجب أن نتفق من البدء على أن ترجمة (الهمارتيا ) فقط (بالخطيئة) ترجمة مضللة ومقزمة للمعنى الشامل للكلمة وتحصرها ’ كما سبق وقلنا ’ فى نطاق اخلاقى ضيق وتبدد معناها اللاهوتى والانسانى الواسع ! الهارمارتيا هى ’ حرفيا عند التراث القديم’ فقدان الهدف عند التصويب أى فقدان الصواب وبعدها تأتى الأخطاء العينية وبالتالى التوبة هى اولا عودة للصواب الاول ومن ثم التنقية مما يعيق الهداية ! ويفضل ترجمتها (الذى أخذ على عاتقه ضياع بوصلة حياتنا ’ وحمل فقدان صوابنا ’ وضياع هدفنا ) لأن المسيح لم يأتى لمحو خطايا ظاهرة واخلاقية ’ ينادى بها أى داعية هائج أو مبشر متحمس !’ ولكنه ذهب الى مصدر الخطيئة الخفى وهو فقدان الطبيعة الانسانية لصوابها أى فسادها ’ والا لكان قد تفضل وغفر خطايا البشر من علو سمائه وهو القادر بدلا من معاناة التجسد والبهدلة والهترة وقلة القيمة !ّ وبدون تجديد الطبيعة البشرية وتقديسها وشفائها من فيروس الخطيئة الخفى القاتل ’ يكون المسيح مات بلا سبب كما يرى الأباء الشراح والكلمة القبطية (ايمفنوفى ) هل أتت منها الكلمة الشعبية (يا دى النوبة ! يعنى المصيبة ! والنايبة يعنى الست المعيوبة والفاقدة صوابها باطنيا ؟ وبعدها تأتى مدايح السفالة وتراتيل قله الحياءوالردح البلدى ظاهريا ! (فى الغد أراد يسوع أن يخرج الى الجليل فوجد فيلبس فقال له اتبعنى ) ٤٣ . الفعل اتبعنى يتبعه رابط هام جدا فى اليونانية ويسمى (القابل ) ويشير الى الصلة الحميمية والصميمية والشخصية بيسوع أى اتبعنى عن كثب وعن قرب (تبت فى ديل جلبيتى زى ما بتقول الام المصرية لولدها فى زحمة السويقة !).
(يوريكا أو أوريكا ! وجدتها ) εύρήκαμενصارت صرخة التى صرخها فيليبس "وجدنا يسوع" تعبيرا شائعا عن الاكتشافات الكبرى ’ قالها بانبهار شديد العالم الكبيرأرشميدس بعد اكتشاف قانون الطفو والذى جدد وغير واعاد صياغة تاريخ البشرية! أن اكتشافنا ثقافة يسوع لا يقل أهمية عن اكتشاف العلماء لقوانين الحياة الجديدة ! يا معلم ’’
عن حق (رأبييئ ) ’ بينما كلمة (معلم)لا بربط القديم بالجديد ραββίعبرانيا (رابييئ) وكان البعض يرى يسوع مجرد رابى يهودى ! ’ كما لا يصح ترجمة (افبلبساسا) بمجرد (نظر اليه )يوحنا ١ :٤٢ بل هى ( حدق اليه وتمعن فى وجهه تمعن الصديق فى وجه صديقه )..
وللحديث بقية
القبطية واليونانية من خلال بشارة الحبيب يوحنا
الأب أثناسيوس حنين
(أن بداية التربية الصحيحة هى فحص معانى الكلمات )
نبدأ جولتنا ببشارة ذاك الذى لم يتعلم اللاهوت جالسا على مكتبه الضيق بل متكئأ على صدريسوع الرحب ! يرى العلماء اليسوعيون ’بما لا يدع مجالا للشك ’ بأن فى أنجيل يوحنا وجوه شبه كبيرة بالفكر اليونانى أكثر مما فى الأناجيل الأخرى(راجع الكتاب المقدس ’ الترجمة اليسوعية دار المشرق بيروت ١٩٨٩ ص ٢٨٠-٢٨٨ ) ’ وكما يذهب أخرون الى أن مقدمة انجيل يوحنا هى قصيدة شعرية فى مدح اللوغوس ’ الذى يحتل مكانة مرموقة عند يوحنا والمسيحيين الأوائل ’ كان يترنم ويتغنى بها المؤمنون فى العبادة قبل أن يأخذها يوحنا ويستهل بها بشارته أى أن مزود الانجيل هو الليتورجية والعبادة والسجود وليس المسارح والمنصات والديسكوتيكات والتنطيط وشغل القرود والصرعات المعاصرة !. ان كلمة (أرشى ) التى , يوحنا البشارة الرابعة ’ وهى ذات الكلمة التى تتوج بدايات سفر التكوين’ كتاب البدايات التى لا بدء لها ’ ’ لا تعنى (البدء الزمنى )’ كما توحى ترجمة فاندايك لان الله لا بدء له ولا نهاية ’ بل هى تعنى (البدء الذى لا بدء له ) أى البدء المطلق ’ وكما ترجمها اليونانيون بلغتهم الحديثة (الديموطيقى) نجدها (قبل أن يوجد كل شئ أنوجد اللوغوس ) والترجمة القبطية سباقة (وهنا لا يفوتنا تقديم الشكر الجزيل للاب الباحث والصديق القمص كيرلس القمص عبد المسيح – بالفشن والذى أهدانى نسخة نادرة للعهد الجديد بالقبطية من مكتبه أبائه العامرة وقد تم طبعها فى عهد البابا يوأنس التاسع عشر من باباوات الاسكندرية والذى ولد فى دير تاسا ساحل سليم اسيوط (ولا يفوتنا أن نتمنى لاسقف اسيوط الحالى والذى يحمل نفس اسم البابا ١٩ بالشفاء العاجل )عام ١٨٥٨ وتنيح فى ١٩٤٢ )’ نقول أن الترجمة القبطية اكثر تعبيرا وعمقا (خين تيارشى) أى فى داخل خون سفينة الزمن وبدايات بداياته وأعماقه (الخون كلمة مصرية قديمة يستخدمها المراكبية للاشارة الى عمق أعماق المركب والذى لا يعرفه أحد الا المراكبى الفهيم ولا يدخله الا الريس الكبير ’ الخون يا محسب ! فيلم صراع فى النيل ). الكوزموس هى النظام البديع والتى يترجمها (العالم) و يجب الاخذ فى الاعتبار معناها الشامل وتستعملها الترجمة القبطية (كوسموس) وزينة السيدات الانيقات من مجوهرات وخلافه يسميها اليونانيون (كوسميماتا ) .وتؤكد الترجمة القبطية ما سبق واشرنا اليه فى مقالنا السابق بخصوص (واللوغوس صار جسدا وحل فينا ) يقول القبط( أووه بيساجى أففير أؤؤ ساركس أووه أفشوبى أنيخيرى أنخيتين ) وهنا المعنى أعمق بمكان ’ (والساجى أتخذ جسدا وصار فى خون حياتنا أى فى أعمق أعماق سفينة حياتنا ! نأتى الى الأية ١٨ ( الله لم يره احد قط ...الابن الوحيد الذى فى حضن الأب هو خبر ) كلمة (خبربفتح الخاء والباء ) كلمة صحفية أكثر منها لاهوتية ’ الأصل يقول (أيكسيجيساتو - ايتافساجى ) أى شرح شرحا مسهبا وفياضا وهاديا ومعبرا من خلال الساجى اى اللوغوس . كما يشرح المدرس الدروس لتلاميذه وتأتى منها شرح الكلمة الالهية كمرادفة لكلمة (ايرمينيا). هوذا حمل الله الذى يرفع خطيئة العالم ) الذى يأخذ على عاتقه فقدان العالم لصوابه ! يجب أن نتفق من البدء على أن ترجمة (الهمارتيا ) فقط (بالخطيئة) ترجمة مضللة ومقزمة للمعنى الشامل للكلمة وتحصرها ’ كما سبق وقلنا ’ فى نطاق اخلاقى ضيق وتبدد معناها اللاهوتى والانسانى الواسع ! الهارمارتيا هى ’ حرفيا عند التراث القديم’ فقدان الهدف عند التصويب أى فقدان الصواب وبعدها تأتى الأخطاء العينية وبالتالى التوبة هى اولا عودة للصواب الاول ومن ثم التنقية مما يعيق الهداية ! ويفضل ترجمتها (الذى أخذ على عاتقه ضياع بوصلة حياتنا ’ وحمل فقدان صوابنا ’ وضياع هدفنا ) لأن المسيح لم يأتى لمحو خطايا ظاهرة واخلاقية ’ ينادى بها أى داعية هائج أو مبشر متحمس !’ ولكنه ذهب الى مصدر الخطيئة الخفى وهو فقدان الطبيعة الانسانية لصوابها أى فسادها ’ والا لكان قد تفضل وغفر خطايا البشر من علو سمائه وهو القادر بدلا من معاناة التجسد والبهدلة والهترة وقلة القيمة !ّ وبدون تجديد الطبيعة البشرية وتقديسها وشفائها من فيروس الخطيئة الخفى القاتل ’ يكون المسيح مات بلا سبب كما يرى الأباء الشراح والكلمة القبطية (ايمفنوفى ) هل أتت منها الكلمة الشعبية (يا دى النوبة ! يعنى المصيبة ! والنايبة يعنى الست المعيوبة والفاقدة صوابها باطنيا ؟ وبعدها تأتى مدايح السفالة وتراتيل قله الحياءوالردح البلدى ظاهريا ! (فى الغد أراد يسوع أن يخرج الى الجليل فوجد فيلبس فقال له اتبعنى ) ٤٣ . الفعل اتبعنى يتبعه رابط هام جدا فى اليونانية ويسمى (القابل ) ويشير الى الصلة الحميمية والصميمية والشخصية بيسوع أى اتبعنى عن كثب وعن قرب (تبت فى ديل جلبيتى زى ما بتقول الام المصرية لولدها فى زحمة السويقة !).
(يوريكا أو أوريكا ! وجدتها ) εύρήκαμενصارت صرخة التى صرخها فيليبس "وجدنا يسوع" تعبيرا شائعا عن الاكتشافات الكبرى ’ قالها بانبهار شديد العالم الكبيرأرشميدس بعد اكتشاف قانون الطفو والذى جدد وغير واعاد صياغة تاريخ البشرية! أن اكتشافنا ثقافة يسوع لا يقل أهمية عن اكتشاف العلماء لقوانين الحياة الجديدة ! يا معلم ’’
عن حق (رأبييئ ) ’ بينما كلمة (معلم)لا بربط القديم بالجديد ραββίعبرانيا (رابييئ) وكان البعض يرى يسوع مجرد رابى يهودى ! ’ كما لا يصح ترجمة (افبلبساسا) بمجرد (نظر اليه )يوحنا ١ :٤٢ بل هى ( حدق اليه وتمعن فى وجهه تمعن الصديق فى وجه صديقه )..
وللحديث بقية
ماذا يبقى لكم من القديسة تقلا؟
ماذا تقول كتبنا عن القديسة تقلا؟ اهم ما جاء فيها ان هذه العذراء كانت تتبع بولس الرسول. كان يصطحبها احيانا في رحلاته التبشيرية. ولعله اشار اليها لما كتب في احدى رسائله مفندا اقوال خصومه عنه " الا يحق لنا ان نصطحب امرأةً اختاً " ؟ اي مسيحية. لعله اشار اليها. ولكن جل ما نعرفه عنها نعرف عن مولدها عن مسقط راسها وهو ايقونية. معروفة الى اليوم في تركيا الحالية. بعد هذا نعرف انها خدمت في التبشير بولس الرسول. اي انها كانت تعرف شيئا من اللاهوت. تفهم تعاليم بولس. يمكن تكون شوي احسن من الروم الارثوذكس الحاليين. اهم ما ورد في سيرتها انها استشهدت. تذكرون ان الامبراطورية الرومانية اخذت تقتلنا في ذلك العهد. لقد قتلت بولس وبطرس وغيرهما من المسيحيين
تقول سيرتها. هذه اشياء بدو العلماء يتحققوا مناّ. ولكن ما نقل الينا انها جاءت الى قرية معلولا قرب دمشق. لعل بعضكم زار ديرها هناك، الدير المسمى باسمها. ودفنت في معلولا. وهذا ما يؤكده التراث الانطاكي عندنا
الان هنا عندكم ذخائر لها. شاء الله ان نأتيكم بها اليوم. ما معنى هذا؟ ما معنى تكريمنا لذخائر القديسين؟ نحن نعتقد ان الروح القدس ساكن في عظام القديسين، انه منعطف، انه منحن على اجسام القديسين في قبورهم. وبنوع عام ايضا نعتقد اننا جميعا بعد موتنا تكون عظامنا في تسلم الروح القدس. نحن لسنا عظاما مرمية في القبور. نحن جماعة الروح القدس التي يستمر هو بها ايضا على هذه الارض. هو يستمر طبعا في ذاته في السماء. ولكنه في حالة انحناء، في حالة انعطاف على الذين يؤمنون بالمسيح، لاعتقاد الكنيسة ان الروح القدس متصل، محتك باجساد القديسين. يجوز لنا ان نكرم بقاياهم. نحن المسيحيين لا نعتقد باننا مثل كل من مات في هذا العالم. نحن نعتقد ان الله نفسه موجود معنا بعد الموت. اذا اردتم اقدر ان اقول ان الله موجود في القبور. بمعنى انه ملازم للذين اخذوا الميرون. من اخذ الميرون ليس مثل لم ياخذ الميرون. انتم كلكم على اجسادكم هذا الزيت المقدس الذي اخذتموه بعد المعمودية. ويبقى هذا الروح القدس مع عظام القديسين. لاجل ذلك نكرم هذه البقايا، لايماننا اننا نتحد مع الذين ذهبوا الى السماء
الان السؤال الذي نكرره عليكم كل سنة. ماذا يبقى لكم من القديسة تقلا؟ يبقى لنا طبعا هذا الترتيل الخلاب الذي سمعناه هذا الصباح. كيف الله بيعمل بذاكرة الناس؟ ما بعرف. سامع العائلة الطيبة قبل الان بسنوات. لماذا اخذت هذه السنة اكثر؟ لست اعلم. هذه شفاعة القديسة تقلا، ربما
ماذا يبقى لنا من تقلا؟ هذا هو السؤال؟ بتعملولا عيد. مين ما كان بيعملا عيد مرة بالسنة. ما فيا شي كتير مهم. ما فيا جهد كبير. نأخذ فضائلها. نأخذ عذريتها. شو يعني عذرية؟ كلكن او اكتركن متزوجين او متزوجات. العذرية منّا قصة لحم. شقفة لحم. فيا وحدي تجيب عشر ولاد وبتكون عذراء بالمعنى المسيحي. يعني منصرفة الى الله. مقيدة بنقاوة المسيح. ما بتهمنا الاجساد نحنا. هذه تزوجت. وهذه ما تزوجت. ما بتهم هيدي. يللي بهمّ انو من هو هذا الانسان رجلا كان ام امراة، الذي حافظ على وحدته مع المسيح، ولم يتعرف الا للمسيح. هيدي بتكون عذراء
نأخذ اذا النقاوة من تقلا. نأخذ ايضا أن نقرأ الكتاب المقدس. ما راح اعمل استفتاء مين بيقرأ الكتاب المقدس من العهد القديم. على القليلي من بيقرأ من العهد الجديد كل يوم. ما شغتللي انا اعمل استفتاء معكم. كل واحد بيعمل استفتاء مع ضميره. قديّش بيقرأ. ما بيقدر الواحد يبقى مسيحي وبيكتفي بالطقوس. هذا ما بكفّي. كُتب هذا الانجيل ليُقرأ. مش تا يبقى مطبوع. وتنبسطو حاطينو على الرف ببيوتكم. ومغبّر. بدو ينفتح. هللق بتروحو لبيوتكم وبفتحوا هذا الكتاب. بيتبين اول سطر منوّ. في البدء خلق الله السموات والارض. هذه اول آية من سفر التكوين. بببين بانجيل يوحنا. في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله والها كان الكلمة. إذاً نقرأ. ندرس. الله حكي. ما بدكن تعرفوا الله شو قال؟ إذا سألت كل واحد من الارثوذكس، يا خيي قللي آية وحدي قالها المسيح. هل كل الناس يستطيعون ان يرددوا كلمة واحدة؟ ليش في ناس انا بعرفن، يعرفون العهد الجديد تقريبا عن الغايب؟ ما عم اطلب هالقد. بس عم اطلب ان تقرأوا، ان تستوعبوا كلمة الله. إذا هويي حكي، ما في افصح منو، الكلام عن نفسه. كيف بدنا نعيش بدون كلامو؟ كيف؟ مناكل. منشرب. متناسل. هذا بكفيّ؟ اماّ بدنا نبلع كلامو حتى يكونه هو، بكلامه. تقلا كانت تعمل هيك. كانت تقرأ. بدليل انها ترافق بولس الرسول. وهو اول من كتب في المسيحية
إذاً، نأخذ هذا منها، هذه النقاوة اولا، وناخذ منها الكلمة، وثانيا انها كانت تمشي مع بولس. يعني مع الانجيليين الاربعة وبقية الرسل. واخيرا نأخذ منها انها شهدت للمسيح. ماتت. قُتلت. ان شاء الله ما حدا يُقتل منكم. ولكن بدنا نشهد بكلامنا عن يسوع. ونقول لولادنا، منحبّو. ويحبوّ هنييّ. نحكي عنه. كنت اعرف شباب بيحكولي ربع ساعة او نصف ساعة عن البنت يللي خاطبينا. وهذا يضجرني. بس هنيّ مبسوطين فيا. مبسوط فيا، بيحكي عنّا. ما في الا المسيحيين ما بيحكوا عن المسيح. لأنن ما بيعرفوا. لأنن ما بيقرأوا
إذا بدكن تكرموا تقلا، ما مشان تجوا متل هالنهار على الكنيسة وبس، بدكن تكرموها، ان تعرفوا المسيح كما عرفته هي وان تشهدوا له بالكلام وبالسلوك وبالمحبة
الله يعيد عليكم هذا العيد ويكون جميل، ويكون بهي مثلما كان اليوم. والله معكم. آمين
عين السنديانة – عيد القديسة تقلا
كنيسة مارت تقلا – الاثنين 24 ايلول 2012
هل حضور القداس الألهي واجب على كل مسيحي؟
الكثير من الناس يستخدم هذه الأيه كدليل على أنه لا داعي
لحضور القداس الألهي " أما أنت، فإذا صليت فادخل غرفتك وأغلق بابها وصل لأبيك الذي لا تراه عين، وأبوك الذي يرى في الخفية هو يكافئك." متى 6:6
لاكن هذه الآية مرتبطة بالآية السّابقة: " وإذا صلّيتم، فلا تكونوا مثل المرائين، يحبّون الصّلاة قائمين في المجامـع ومفارق الطّرق ليشاهدهم النّاس. الحقّ أقول لكم: هؤلاء أخذوا أجرهم." متى 6:5
الآيتان من إنجيل متى الفصل السّادس، تؤكّدان على عدم الصّلاة بغية إرضاء النّاس، أو التظاهر بالإيمان
"أمّا حضور القداس فهو مبني على ايات كثيره أولها ” ان اردت ان تقدم قربانك للمذبح اذهب اولاً وصالح اخاك
وهنا سوف أذكر البعض من ايات الأنجيل التي تعلم وجوب التقدم للمناولة المقدسة
مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي، يثبت فيَّ وأنه فيه” يو56:6"
مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي، فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير” يو54:6"
من يأكل هذا الخبز، فإنه يحيا إلى الأبد” يو58:6"
لذلك فإن الكنيسة تدعونا لعدم الانقطاع عن التناول لأسابيع متوالية لئلا تقوى علينا الارواح الشريرة
هذا الحضور الفعلى للرب بجسده ودمه الحقيقيين الاقدسين يعيد الى ذاكرتنا كل ذكرى آلامه عنا لذلك يقول إصنعوا هذا لذكرى لو19:22
T Joseph Saba
#لا_لتسمية_المسيحي_بالنصراني
الكثير من الناس يستخدم هذه الأيه كدليل على أنه لا داعي
لحضور القداس الألهي " أما أنت، فإذا صليت فادخل غرفتك وأغلق بابها وصل لأبيك الذي لا تراه عين، وأبوك الذي يرى في الخفية هو يكافئك." متى 6:6
لاكن هذه الآية مرتبطة بالآية السّابقة: " وإذا صلّيتم، فلا تكونوا مثل المرائين، يحبّون الصّلاة قائمين في المجامـع ومفارق الطّرق ليشاهدهم النّاس. الحقّ أقول لكم: هؤلاء أخذوا أجرهم." متى 6:5
الآيتان من إنجيل متى الفصل السّادس، تؤكّدان على عدم الصّلاة بغية إرضاء النّاس، أو التظاهر بالإيمان
"أمّا حضور القداس فهو مبني على ايات كثيره أولها ” ان اردت ان تقدم قربانك للمذبح اذهب اولاً وصالح اخاك
وهنا سوف أذكر البعض من ايات الأنجيل التي تعلم وجوب التقدم للمناولة المقدسة
مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي، يثبت فيَّ وأنه فيه” يو56:6"
مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي، فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير” يو54:6"
من يأكل هذا الخبز، فإنه يحيا إلى الأبد” يو58:6"
لذلك فإن الكنيسة تدعونا لعدم الانقطاع عن التناول لأسابيع متوالية لئلا تقوى علينا الارواح الشريرة
هذا الحضور الفعلى للرب بجسده ودمه الحقيقيين الاقدسين يعيد الى ذاكرتنا كل ذكرى آلامه عنا لذلك يقول إصنعوا هذا لذكرى لو19:22
T Joseph Saba
#لا_لتسمية_المسيحي_بالنصراني
علّمَتْني والدةُ الإله
حين يبلُغُنا نبأُ رقاد شخصٍ بارٍّ نعرفه، يتبادر فورًا إلى ذهننا ما خلّفه لنا هذا الشخص من أمور حسنة وطيّبة عطِرة، ونأخُذ في استرجاع ما علّمَنا حضورُه بيننا من دروس وعِبَر تُلازمُ ذاكرتَنا ما حَيينا
مهما قال لكُم فافعلوه (يوحنا 2: 5): كلامٌ توجّهت فيه السيّدة إلى الناس الذين باتت أحوالُهم وظروفُهم حرجةً صعبةً، حاضّةً إياهم على إطاعة الرب في ما يطلبه منهم. ونرى صدًى لكلام السيّدة هذا في أيقونتها المدعوّة «المُرشدة» والتي فيها تحمل السيّدَ بيدٍ، وتُشير إليه باليد الأُخرى، وهي تُحدّق بنا لتُرشدنا إلى مخلّصنا
اليوم نعيّد لعيد صاحبة الكنيسة وجميعنا ماثلون أمام عرش واحد وحيد قائم وهو العرش الذي يجلس عليه إلهنا. اليوم نعيّد لعيد من هي أقدس من كل القدّيسين وهي والدة الإله. هي قد رقدت رقاد الموت الأرضي ولكنها كما كانت حيّة حتى أعماق طبيعتها، هكذا بقيت حيّة، حيّة بروحها الصاعدة إلى عرش الله، حيّة بجسدها القائم الذي تقف به الآن تتشفـّع لأجلنا. إنها عرش النعمة، وقد سكن فيها الإله الحي، وكان في أحشائها كما على عرش مجده. فبأي ّامتنان وبأيّ تعجّب نتأمل فيها، التي هي ينبوع الحياة كما تدعوها الكنيسة ممجّدة إياها من خلال إحدى إيقوناتها، والتي حياتها الأرضية تنتهي وهي محاطة بمحبّة الجميع
ولكن ما الذي تتركه لنا؟ وصية واحدة فقط ومثالاً عجيباً واحداً. الوصية هي تلك الكلمات التي قالتها للخدم في عرس قانا الجليل: “مهما قال لكم فافعلوه”. ففعلوا وصارت مياه التطهير في الأجران خمراً جيّدة لملكوت الله. هذه الوصية تتركها لكل منا قائلة: إفهم كلام المسيح، أصغِ إليه ولا تكن مجرّد مستمع بل نفـّذه، فعندها ستتحوّل كل الأرضيات إلى السماويات الخالدة المتجليّة الممجّدة. وقد تركت لنا مثالاً، فالإنجيل يقول إنها كانت تحفظ في قلبها كل كلمة عن المسيح وكل كلمة للمسيح ككنز، كأثمن شيء تمتلكه
فلنتعلم نحن الإصغاء بكلّ هذه المحبّة وبكل هذا الورع إلى كل كلمة من كلام المخلّص. قيل في الإنجيل الكثير من الأشياء، ولكن قلب كلّ واحد منا يستجيب تارة إلى شيء وتارة إلى شيء آخر. وما قد استجاب إليه قلبي أو قلبك هو الكلام الذي قاله المسيح المخلّص لي ولك شخصياً. وهذه الكلمة يجب أن نحفظها كطريق للحياة، كنقطة تماسّ بيننا وبين الله، كعلامة القرابة له والتقرّب إليه
وإذا عشنا هكذا وأصغينا بهذه الطريقة وحفظنا في قلوبنا كلام المسيح كما يتمّ بذر البذار في الأرض المحروثة، عندئذ يتحقق فينا ما قالته أليصابات لوالدة الإله عندما جاءت لزيارتها: “طوبى للتي آمنت أن يتمّ ما قيل لها من قبل الرب”. فليتحقق ذلك فينا أيضاً، ولتكن والدة الإله مثالاً لنا، ولنطبّق وصيتها الوحيدة، فحينئذ فقط سيكون تمجيدنا لها في هذه الكنيسة المقدّسة التي كُرّست مسكناً لها حقيقياً، لأننا سنسجد لله فيها ومن خلالها بالروح والحق. آمين
#لا_لتسمية_المسيحي_بالنصراني
حين يبلُغُنا نبأُ رقاد شخصٍ بارٍّ نعرفه، يتبادر فورًا إلى ذهننا ما خلّفه لنا هذا الشخص من أمور حسنة وطيّبة عطِرة، ونأخُذ في استرجاع ما علّمَنا حضورُه بيننا من دروس وعِبَر تُلازمُ ذاكرتَنا ما حَيينا
مهما قال لكُم فافعلوه (يوحنا 2: 5): كلامٌ توجّهت فيه السيّدة إلى الناس الذين باتت أحوالُهم وظروفُهم حرجةً صعبةً، حاضّةً إياهم على إطاعة الرب في ما يطلبه منهم. ونرى صدًى لكلام السيّدة هذا في أيقونتها المدعوّة «المُرشدة» والتي فيها تحمل السيّدَ بيدٍ، وتُشير إليه باليد الأُخرى، وهي تُحدّق بنا لتُرشدنا إلى مخلّصنا
اليوم نعيّد لعيد صاحبة الكنيسة وجميعنا ماثلون أمام عرش واحد وحيد قائم وهو العرش الذي يجلس عليه إلهنا. اليوم نعيّد لعيد من هي أقدس من كل القدّيسين وهي والدة الإله. هي قد رقدت رقاد الموت الأرضي ولكنها كما كانت حيّة حتى أعماق طبيعتها، هكذا بقيت حيّة، حيّة بروحها الصاعدة إلى عرش الله، حيّة بجسدها القائم الذي تقف به الآن تتشفـّع لأجلنا. إنها عرش النعمة، وقد سكن فيها الإله الحي، وكان في أحشائها كما على عرش مجده. فبأي ّامتنان وبأيّ تعجّب نتأمل فيها، التي هي ينبوع الحياة كما تدعوها الكنيسة ممجّدة إياها من خلال إحدى إيقوناتها، والتي حياتها الأرضية تنتهي وهي محاطة بمحبّة الجميع
ولكن ما الذي تتركه لنا؟ وصية واحدة فقط ومثالاً عجيباً واحداً. الوصية هي تلك الكلمات التي قالتها للخدم في عرس قانا الجليل: “مهما قال لكم فافعلوه”. ففعلوا وصارت مياه التطهير في الأجران خمراً جيّدة لملكوت الله. هذه الوصية تتركها لكل منا قائلة: إفهم كلام المسيح، أصغِ إليه ولا تكن مجرّد مستمع بل نفـّذه، فعندها ستتحوّل كل الأرضيات إلى السماويات الخالدة المتجليّة الممجّدة. وقد تركت لنا مثالاً، فالإنجيل يقول إنها كانت تحفظ في قلبها كل كلمة عن المسيح وكل كلمة للمسيح ككنز، كأثمن شيء تمتلكه
فلنتعلم نحن الإصغاء بكلّ هذه المحبّة وبكل هذا الورع إلى كل كلمة من كلام المخلّص. قيل في الإنجيل الكثير من الأشياء، ولكن قلب كلّ واحد منا يستجيب تارة إلى شيء وتارة إلى شيء آخر. وما قد استجاب إليه قلبي أو قلبك هو الكلام الذي قاله المسيح المخلّص لي ولك شخصياً. وهذه الكلمة يجب أن نحفظها كطريق للحياة، كنقطة تماسّ بيننا وبين الله، كعلامة القرابة له والتقرّب إليه
وإذا عشنا هكذا وأصغينا بهذه الطريقة وحفظنا في قلوبنا كلام المسيح كما يتمّ بذر البذار في الأرض المحروثة، عندئذ يتحقق فينا ما قالته أليصابات لوالدة الإله عندما جاءت لزيارتها: “طوبى للتي آمنت أن يتمّ ما قيل لها من قبل الرب”. فليتحقق ذلك فينا أيضاً، ولتكن والدة الإله مثالاً لنا، ولنطبّق وصيتها الوحيدة، فحينئذ فقط سيكون تمجيدنا لها في هذه الكنيسة المقدّسة التي كُرّست مسكناً لها حقيقياً، لأننا سنسجد لله فيها ومن خلالها بالروح والحق. آمين
#لا_لتسمية_المسيحي_بالنصراني
ايليا النبي
بقلم: سيادة المطران جورج خضر الجزيل الإحترام
كلمـة ايليا باللغـة العبريـة "الياهو"، وتعني "الهي هو اللـه". ايليا اذاً هو انسان متصل باللـه وغيور على مصلحة الله. ولذلك تصدحنا جملتان له "غيرةً غرتُ لرب الجنود"، و "حي هو الرب الذي انا واقف امامه"، اي انني ارى الرب امامي ولا ارى سواه
إيليا شخصية يذكرها الناس بسبب عجائب يلتمسونها ولا يعرفون عنها الا انها ذبحت كهنة البعل وعشتروت، ولكن حقيقتها انها دمّرت الاصنام ولا يزال ذكرها يقتلع منا جذور الوثنيـة
إيليا نبيّ هو. وجوهر النبوّة ان اللـه واحد وان لا يُشرَك بـه احد من الخلائق او شيء. هذه ليست حقيقـة مجردة فحسب، ولكنها التزام وجود. فمن اكد الرب ينعكس ذلك على سلوكه. ففي السلوك البشري تتجلى وحدانية اللـه فتنفي الاهواء البشريـة لأن الهوى إلـه
"كلام الله كان على لسان ايليا"، كما قال الكتاب، فحبس المطر وأُمرت السماء بألا تُمطر، وكان كلام الرب على فمه فأمر السماء بان تمطر ففعلت، وكان كلام الرب على فمه في صرفند لما كان يزور الأرملـة فنفخ كلمة اللـه على الـميت فقام الـميت
توّحد ايليا مع الكلمــة فاصطدم مع اكابر القـوم ومع أصاغرهم. اصطدم مع كل اعداء الـلـه. اصطـدم مع انبياء البعـل وانبياء عشتـروت، اي مع ممثلي السلطـة وممثلي الجنس، وهما كل الدنيا. وايليا لا يملـك من السلطـة سوى كلمـة لا يطيعها احد كما لا يملـك من الجنس شيئا لأنـه كان بتولا. بعرائـه يصارع، بقـوةٍ تملكـه ولا يملكها. فواجه الاصنـام التي اصطنعـها النـاس الذين أهملـوا انفسهم بلا إلـه. فما كان منـه الا أن ذبـح كل كهنـة البعـل وكهنـة عشتروت، ليس لأن الـلـه يريد الذبح - وقد وبّخه على ذلك لاحقا - ولكن معنى الكلام ان لا مكان للآلهـة الكاذبـة اذا ظهر الالـه الصحيح. لا مكان لعبـادة القـوة ولعبـادة الجسد اذا أطل الالـه الصحيح
توحد ايليا مع الكلمة فاصطدم مع الـملك الظالم. فعندما جاء آخاب الـملك وقال لـه: "أأنت معكّر صفو اسرائيل؟"، أجابه ايليا: "لم أعكّر صفو اسرائيل انا بل انت وبيت ابيك بترككم وصايا الرب وسيركم وراء البعل
توحد ايليا مع الكلمة فاصطدم مع الـملكة الوثنيـة الـمترفة الفـاجرة. امرأة خسيسة ارادت ان تدوس الفقير، فداسته بتظاهّـرة شعبيـة كأنها امرأة عصريـة. اعطت ايزابيل كل مظاهر الشرعية للجريمـة فتصدى لها النبي ناصر الفقراء. فطاردتـه الى الصحراء ليمـوت خنقا في رمال سيناء، علّها بذلـك تُسكت من كان صوتَ الـلـه. اما هو فأكل "وسار بقوة تلـك الأكلـة اربعين يوما واربعين ليلـة"، ووصل الى حوريب (سيناء) حيث ظهر الـلـه لـموسى اولا
وهناك تعلـّم إيليا لطف الـلـه الـمغاير لـلعنـف البشري. بعد ذبحـه كهنـة الأوثان أراد الـلـه أن يكشـف لـه أن وجهه الحق ليس وجه الغضب والاقتصاص. "فقال الرب: اخرج وقف على الجبل أمام الرب. فإذا الرب عابر وريح عظيمة وشديدة تصدع الجبال وتحطم الجبال وتحطم الصخور أمام الرب. ولم يكن الرب في الريح. وبعد الريح زلزال، ولم يكن الرب في الزلزال. وبعد الزلزال نار، ولم يكن الرب في النار. وبعد النار صوت نسيم لطيف". فخرج إيليا ووقف في باب الـمغارة لأن النسيم الـلطيف كان مدخلاً إلى الحضرة الإلهية. أدرك إيليا عندها أن الوداعة هي العنـف الكبيـر، وأصحابها "يرثـون الأرض" ومن عليها وما بعدها
ولكون إيليا أدرك هذا، لم يبق لـه موضع في الارض، فاختطفه الـلـه اليـه في عاصفـة وجعل لـه مركبـة ناريـة وخيلا ناريـة: ليس ان الانسان قادر ان يجلس على نار وان تقـوده نار، ولكن الـلـه نفسه هـو نار. أليس الـلـه نوراً وناراً بآن معا؟ اليس الـلـه لهب القلـوب وضوءها؟ حمل الله ايليا على كتفيه وقاده الى السماء. حي ايليا بحبـه، بغيرتـه، "غيـرةً غرتُ لرب الجنود". لـماذا غار لرب السماء والارض؟ لأنـه هو القائل "حي هو الرب الذي انا واقف امامه". الـلـه حيّ والنـاس أموات، والـملـوك أمـوات، والأوثان أموات. حيّ هو والسلطـة إلى زوال، والـمعرفة إلى زوال، والـمال إلى زوال، والجمال إلى زوال. اللـه وحده حي، ومن عرف ذلك ووقف أمام الـله الحي لا يستطيع أن يعيش مع الأموات
ثمانمئـة سنـة بعد رؤيـة جبل سيناء يُحضر الربُّ إيليا إلى جبل ثابور فيعاين الحضرة الإلهية على وجه الـمسيح. هناك كان هو وموسى يتكلمان مع الـمسيح عن موتـه. في وسط نور التجلي فهم إيليا أن اللـه ينكشف بموت حبيبه. "الآن قد تمجد ابن الإنسان وتمجد اللـه فيه". في ذاك الجبل، المكان الذي بات وحده مكان تجلي الألوهة، فهم إيليا أن العنف الشرعي الوحيد هو الذي اتخذه المسيح في جسده. وإذا رآه البشر يذوق الـموت حباً يهتدون إلى موكب القداسة
بقلم: سيادة المطران جورج خضر الجزيل الإحترام
كلمـة ايليا باللغـة العبريـة "الياهو"، وتعني "الهي هو اللـه". ايليا اذاً هو انسان متصل باللـه وغيور على مصلحة الله. ولذلك تصدحنا جملتان له "غيرةً غرتُ لرب الجنود"، و "حي هو الرب الذي انا واقف امامه"، اي انني ارى الرب امامي ولا ارى سواه
إيليا شخصية يذكرها الناس بسبب عجائب يلتمسونها ولا يعرفون عنها الا انها ذبحت كهنة البعل وعشتروت، ولكن حقيقتها انها دمّرت الاصنام ولا يزال ذكرها يقتلع منا جذور الوثنيـة
إيليا نبيّ هو. وجوهر النبوّة ان اللـه واحد وان لا يُشرَك بـه احد من الخلائق او شيء. هذه ليست حقيقـة مجردة فحسب، ولكنها التزام وجود. فمن اكد الرب ينعكس ذلك على سلوكه. ففي السلوك البشري تتجلى وحدانية اللـه فتنفي الاهواء البشريـة لأن الهوى إلـه
"كلام الله كان على لسان ايليا"، كما قال الكتاب، فحبس المطر وأُمرت السماء بألا تُمطر، وكان كلام الرب على فمه فأمر السماء بان تمطر ففعلت، وكان كلام الرب على فمه في صرفند لما كان يزور الأرملـة فنفخ كلمة اللـه على الـميت فقام الـميت
توّحد ايليا مع الكلمــة فاصطدم مع اكابر القـوم ومع أصاغرهم. اصطدم مع كل اعداء الـلـه. اصطـدم مع انبياء البعـل وانبياء عشتـروت، اي مع ممثلي السلطـة وممثلي الجنس، وهما كل الدنيا. وايليا لا يملـك من السلطـة سوى كلمـة لا يطيعها احد كما لا يملـك من الجنس شيئا لأنـه كان بتولا. بعرائـه يصارع، بقـوةٍ تملكـه ولا يملكها. فواجه الاصنـام التي اصطنعـها النـاس الذين أهملـوا انفسهم بلا إلـه. فما كان منـه الا أن ذبـح كل كهنـة البعـل وكهنـة عشتروت، ليس لأن الـلـه يريد الذبح - وقد وبّخه على ذلك لاحقا - ولكن معنى الكلام ان لا مكان للآلهـة الكاذبـة اذا ظهر الالـه الصحيح. لا مكان لعبـادة القـوة ولعبـادة الجسد اذا أطل الالـه الصحيح
توحد ايليا مع الكلمة فاصطدم مع الـملك الظالم. فعندما جاء آخاب الـملك وقال لـه: "أأنت معكّر صفو اسرائيل؟"، أجابه ايليا: "لم أعكّر صفو اسرائيل انا بل انت وبيت ابيك بترككم وصايا الرب وسيركم وراء البعل
توحد ايليا مع الكلمة فاصطدم مع الـملكة الوثنيـة الـمترفة الفـاجرة. امرأة خسيسة ارادت ان تدوس الفقير، فداسته بتظاهّـرة شعبيـة كأنها امرأة عصريـة. اعطت ايزابيل كل مظاهر الشرعية للجريمـة فتصدى لها النبي ناصر الفقراء. فطاردتـه الى الصحراء ليمـوت خنقا في رمال سيناء، علّها بذلـك تُسكت من كان صوتَ الـلـه. اما هو فأكل "وسار بقوة تلـك الأكلـة اربعين يوما واربعين ليلـة"، ووصل الى حوريب (سيناء) حيث ظهر الـلـه لـموسى اولا
وهناك تعلـّم إيليا لطف الـلـه الـمغاير لـلعنـف البشري. بعد ذبحـه كهنـة الأوثان أراد الـلـه أن يكشـف لـه أن وجهه الحق ليس وجه الغضب والاقتصاص. "فقال الرب: اخرج وقف على الجبل أمام الرب. فإذا الرب عابر وريح عظيمة وشديدة تصدع الجبال وتحطم الجبال وتحطم الصخور أمام الرب. ولم يكن الرب في الريح. وبعد الريح زلزال، ولم يكن الرب في الزلزال. وبعد الزلزال نار، ولم يكن الرب في النار. وبعد النار صوت نسيم لطيف". فخرج إيليا ووقف في باب الـمغارة لأن النسيم الـلطيف كان مدخلاً إلى الحضرة الإلهية. أدرك إيليا عندها أن الوداعة هي العنـف الكبيـر، وأصحابها "يرثـون الأرض" ومن عليها وما بعدها
ولكون إيليا أدرك هذا، لم يبق لـه موضع في الارض، فاختطفه الـلـه اليـه في عاصفـة وجعل لـه مركبـة ناريـة وخيلا ناريـة: ليس ان الانسان قادر ان يجلس على نار وان تقـوده نار، ولكن الـلـه نفسه هـو نار. أليس الـلـه نوراً وناراً بآن معا؟ اليس الـلـه لهب القلـوب وضوءها؟ حمل الله ايليا على كتفيه وقاده الى السماء. حي ايليا بحبـه، بغيرتـه، "غيـرةً غرتُ لرب الجنود". لـماذا غار لرب السماء والارض؟ لأنـه هو القائل "حي هو الرب الذي انا واقف امامه". الـلـه حيّ والنـاس أموات، والـملـوك أمـوات، والأوثان أموات. حيّ هو والسلطـة إلى زوال، والـمعرفة إلى زوال، والـمال إلى زوال، والجمال إلى زوال. اللـه وحده حي، ومن عرف ذلك ووقف أمام الـله الحي لا يستطيع أن يعيش مع الأموات
ثمانمئـة سنـة بعد رؤيـة جبل سيناء يُحضر الربُّ إيليا إلى جبل ثابور فيعاين الحضرة الإلهية على وجه الـمسيح. هناك كان هو وموسى يتكلمان مع الـمسيح عن موتـه. في وسط نور التجلي فهم إيليا أن اللـه ينكشف بموت حبيبه. "الآن قد تمجد ابن الإنسان وتمجد اللـه فيه". في ذاك الجبل، المكان الذي بات وحده مكان تجلي الألوهة، فهم إيليا أن العنف الشرعي الوحيد هو الذي اتخذه المسيح في جسده. وإذا رآه البشر يذوق الـموت حباً يهتدون إلى موكب القداسة
كيف يقرأ الكتاب المقدس؟
لعل واحدة من أكثر الآيات التي لا تنسى في العهد الجديد تأتي من مقدمة إنجيل القديس يوحنا ، " في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يوحنا 1: 1). لم يكن عن طريق الصدفة أن يستخدم القديس يوحنا ، كأداة رئيسية لتواصل شخص الله وحضوره ، كلمة كلمة
الكلمة هي وسيلة للتواصل. يتم التحدث بها عادة. هو في حد ذاته كشف عن الشخص الذي يتحدث عنه. إنه يتطلب رؤية وسماع ، وللتقطير بمعناه الكامل ، فإنه يتطلب "اجترار" أو التأمل في القلب. الكتاب المقدس هو خلاصة حية لكلمة الله ، مليئة بالقصص ، والدروس ، والتعليمات ، والاتجاهات ، والوعظ المصمم ليتم رؤيته ، سماعه ، وجلبه إلى أعماق القلب
الكتاب المقدس هو لقاء. إنه لقاء بين الإنسان وكاتب الإنسانية نفسه. إنه امتداد للعمل الخلاصي في يسوع المسيح. شهادة "حية" ، الكتاب المقدس هو وجود الروح القدس الذي يسعى إلينا لتجديدنا وإعادتنا لنعيش الحياة في عالم ما بعد الحداثة حيث ، للأسف ، الكلمات تنمو بشكل متزايد ، لا معنى لها ، وباطلة من أي قوة لإلهام . إذا كان الكتاب المقدس عجيبًا ، فلماذا يخفق عدد كبير من المسيحيين الأرثوذكس في قراءة كلمة الله كل يوم؟
تشير دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث حول الدين والحياة العامة إلى أن ما يقرب من 70 بالمائة من المسيحيين الأرثوذكس نادر ما يحملون الكتاب المقدس أو يقرأونه. 70 في المئة! أظن أن الكثير ، إن لم يكن معظم قراء هذه الكلمات سوف يصدمو عندما يعرفوا أن 43 في المئة من المسيحيين الأرثوذكس يعتقدون أن الكتاب المقدس ليس كلمة الله. هذه النتائج الاستقصائية المخيفة تقف في تناقض صارخ مع كلام القديس يوحنا كريسوستوم. ويخبر مستمعيه "أن يثابروا باستمرار على قراءة الكتاب المقدس الإلهي ، لأنه ليس ممكناً ، ولا يمكن لأحد أن يخلص دون أن يستفيد باستمرار من قراءة الكتاب المقدس روحياً
يؤكد القديس جيروم على نصيحة كريسوستوم عندما يكتب أن "الجهل بالكتاب المقدس هو جهل المسيح نفسه!" ولهذا السبب ، نحتاج إلى نهضة أرثوذكسية من قراءة الكتاب المقدس. من أجل قداستنا الخاصة ، والحياة الروحية والقرب المطلوب من يسوع ، نحتاج إلى قراءة الكلمة ، للتأمل في الكلمة ، ولعيش الكلمة - كل يوم! كيف يمكننا فعل ذلك؟ بسبب المقدار المحدود من الفضاء ، أقترح أن نبدأ بفهم كيفية قراءة الكتاب المقدّس وعن طريق معرفة أربع صفات أساسية في قراءة كلمة الله
أولاً ، هناك قراءة الكتاب المقدس التي تهتم أساسًا بما إذا كان حدثًا تاريخيًا (واقعيًا) أم لا. هذه الطريقة ، تعني الأصالة التاريخية كل شيء. غالباً ما يشار إليها على أنها الطريقة "الحرفية" وهي مبنية على فرضية أن كل شيء في الكتاب المقدس حدث حرفياً كما هو موصوف. ثانياً ، هناك الطريقة الأخلاقية لقراءة الكتاب المقدس التي تسعى إلى إيجاد الواقع الأخلاقي ، القيم / الأخلاق التي يتم تدريسها في كل فقرة. بهذه الطريقة تبحث عن المبادئ المختلفة للسلوك المسيحي. أخيراً ، هناك الطريقة الروحية لقراءة الكتاب المقدس. هذا الأسلوب يضع أهمية أقل بكثير على الواقع التاريخي من الأسلوب الحرفي وتأكيد على القراءة الأخلاقية المحضة
تعني القراءة الروحانية معرفة ما يقوله المقطع عن الله ، وعالمه ، وعمله في العالم - وكيف ينطبق على حياتي. تستخدم هذه الطريقة الأخيرة من قبل العلماء الأرثوذكس كما كان من قبل آباء الكنيسة الذين كانوا أول من المشاركة في الدراسة الرسمية وتطوير الكتاب المقدس. عالم الكتاب المقدس الاب. جوزيف فيتزماير يلاحظ أن "ثقافتنا مهووسة بالحقيقة الحرفية. ومع ذلك ، تناول الكتاب المقدس في فئات أكبر تلك الحقيقة الحرفية. يستخدم العهد الجديد ، على وجه الخصوص ، لغة رمزية / روحية. نادرًا ما نقرر قيمة المثل من خلال ما إذا كان قد حدث تاريخًا أم لا ، في الوقت الفعلي والمكان
يخبرنا الكتاب المقدس عن كيف أن ملكوت النور يطرد ظلمات الخطيئة والموت البشري ، كما يبشر بالأخبار السارة ومحياتها. الكتاب المقدس بأكمله هو في الواقع يقول الحقيقة "الروحية" وراء ما ندركه مع حواسنا. الطريقة الأرثوذكسية في قراءة الكتاب المقدس هي في الواقع أكثر إخلاصًا للواقع ، وليس كما نراه ، ولكن كما يراه الله. قراءة الكتاب المقدس هو تعبير عن ما قاله الطبيب النفسي النمساوي فيكتور فرانكل ، "بحث الإنسان
عن المعنى" - مدرسة الطب النفسي التي أطلق عليها
"logotherapy"
لعل واحدة من أكثر الآيات التي لا تنسى في العهد الجديد تأتي من مقدمة إنجيل القديس يوحنا ، " في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يوحنا 1: 1). لم يكن عن طريق الصدفة أن يستخدم القديس يوحنا ، كأداة رئيسية لتواصل شخص الله وحضوره ، كلمة كلمة
الكلمة هي وسيلة للتواصل. يتم التحدث بها عادة. هو في حد ذاته كشف عن الشخص الذي يتحدث عنه. إنه يتطلب رؤية وسماع ، وللتقطير بمعناه الكامل ، فإنه يتطلب "اجترار" أو التأمل في القلب. الكتاب المقدس هو خلاصة حية لكلمة الله ، مليئة بالقصص ، والدروس ، والتعليمات ، والاتجاهات ، والوعظ المصمم ليتم رؤيته ، سماعه ، وجلبه إلى أعماق القلب
الكتاب المقدس هو لقاء. إنه لقاء بين الإنسان وكاتب الإنسانية نفسه. إنه امتداد للعمل الخلاصي في يسوع المسيح. شهادة "حية" ، الكتاب المقدس هو وجود الروح القدس الذي يسعى إلينا لتجديدنا وإعادتنا لنعيش الحياة في عالم ما بعد الحداثة حيث ، للأسف ، الكلمات تنمو بشكل متزايد ، لا معنى لها ، وباطلة من أي قوة لإلهام . إذا كان الكتاب المقدس عجيبًا ، فلماذا يخفق عدد كبير من المسيحيين الأرثوذكس في قراءة كلمة الله كل يوم؟
تشير دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث حول الدين والحياة العامة إلى أن ما يقرب من 70 بالمائة من المسيحيين الأرثوذكس نادر ما يحملون الكتاب المقدس أو يقرأونه. 70 في المئة! أظن أن الكثير ، إن لم يكن معظم قراء هذه الكلمات سوف يصدمو عندما يعرفوا أن 43 في المئة من المسيحيين الأرثوذكس يعتقدون أن الكتاب المقدس ليس كلمة الله. هذه النتائج الاستقصائية المخيفة تقف في تناقض صارخ مع كلام القديس يوحنا كريسوستوم. ويخبر مستمعيه "أن يثابروا باستمرار على قراءة الكتاب المقدس الإلهي ، لأنه ليس ممكناً ، ولا يمكن لأحد أن يخلص دون أن يستفيد باستمرار من قراءة الكتاب المقدس روحياً
يؤكد القديس جيروم على نصيحة كريسوستوم عندما يكتب أن "الجهل بالكتاب المقدس هو جهل المسيح نفسه!" ولهذا السبب ، نحتاج إلى نهضة أرثوذكسية من قراءة الكتاب المقدس. من أجل قداستنا الخاصة ، والحياة الروحية والقرب المطلوب من يسوع ، نحتاج إلى قراءة الكلمة ، للتأمل في الكلمة ، ولعيش الكلمة - كل يوم! كيف يمكننا فعل ذلك؟ بسبب المقدار المحدود من الفضاء ، أقترح أن نبدأ بفهم كيفية قراءة الكتاب المقدّس وعن طريق معرفة أربع صفات أساسية في قراءة كلمة الله
أولاً ، هناك قراءة الكتاب المقدس التي تهتم أساسًا بما إذا كان حدثًا تاريخيًا (واقعيًا) أم لا. هذه الطريقة ، تعني الأصالة التاريخية كل شيء. غالباً ما يشار إليها على أنها الطريقة "الحرفية" وهي مبنية على فرضية أن كل شيء في الكتاب المقدس حدث حرفياً كما هو موصوف. ثانياً ، هناك الطريقة الأخلاقية لقراءة الكتاب المقدس التي تسعى إلى إيجاد الواقع الأخلاقي ، القيم / الأخلاق التي يتم تدريسها في كل فقرة. بهذه الطريقة تبحث عن المبادئ المختلفة للسلوك المسيحي. أخيراً ، هناك الطريقة الروحية لقراءة الكتاب المقدس. هذا الأسلوب يضع أهمية أقل بكثير على الواقع التاريخي من الأسلوب الحرفي وتأكيد على القراءة الأخلاقية المحضة
تعني القراءة الروحانية معرفة ما يقوله المقطع عن الله ، وعالمه ، وعمله في العالم - وكيف ينطبق على حياتي. تستخدم هذه الطريقة الأخيرة من قبل العلماء الأرثوذكس كما كان من قبل آباء الكنيسة الذين كانوا أول من المشاركة في الدراسة الرسمية وتطوير الكتاب المقدس. عالم الكتاب المقدس الاب. جوزيف فيتزماير يلاحظ أن "ثقافتنا مهووسة بالحقيقة الحرفية. ومع ذلك ، تناول الكتاب المقدس في فئات أكبر تلك الحقيقة الحرفية. يستخدم العهد الجديد ، على وجه الخصوص ، لغة رمزية / روحية. نادرًا ما نقرر قيمة المثل من خلال ما إذا كان قد حدث تاريخًا أم لا ، في الوقت الفعلي والمكان
يخبرنا الكتاب المقدس عن كيف أن ملكوت النور يطرد ظلمات الخطيئة والموت البشري ، كما يبشر بالأخبار السارة ومحياتها. الكتاب المقدس بأكمله هو في الواقع يقول الحقيقة "الروحية" وراء ما ندركه مع حواسنا. الطريقة الأرثوذكسية في قراءة الكتاب المقدس هي في الواقع أكثر إخلاصًا للواقع ، وليس كما نراه ، ولكن كما يراه الله. قراءة الكتاب المقدس هو تعبير عن ما قاله الطبيب النفسي النمساوي فيكتور فرانكل ، "بحث الإنسان
عن المعنى" - مدرسة الطب النفسي التي أطلق عليها
"logotherapy"
صوم الرسل
مارسه الرسل القّديسون الأطهار منذ البداية (وبينما هم يخدمون الرّب ويصومون أعمال ٢:١٣). والكنيسة بدورها حافظت عليه، فهو من ضمن تسليمها الشريف وإيمانها
فبعد مرور أسبوع على عيد العنصرة، يبدأ هذا الصوم
نقرأ في قانون الرسل:"إّنّكم بعد تعييّدكم عيد البنديكوستي أي الخمسيني – العنصرة، عيّدوا سُّبةً واحدة (أسبوعًا) وبعد تلك السّبة صوموا لأنّه من الواجب أن نفرح مسرورين بالموهبة الممنوحة من الله (الروح القدس) ونصوم بعد فرحنا
ويستشهد هذا القانون بأنبياء صاموا مثل موسى وإيلّيا، وصوم الأسابيع الثلاثة التي صامها دانيال النبيّ، وصوم حنّة النبيّة، وصوم أهل نينوى وصوم أستير ويهوديت وداود الملك. فعلىمثال هؤلاء يجب أن يصوم المسيحيّون أيضًا، لذلك كتب الرسل قائلين: "أنتم أيضًا عندما تصومون، اطلبوا سؤالكم من لدن إلهنا
فبعد تكريم الرسل في المجمع المسكونيّ الأوّل، سنة ٣٢٥م، على أنّهم معّلموا العبادة الحسنة ورعاة المسكونة كّلها، دعا الآباء المجتمعون الصوم: "صوم الرسل"، وحدّدوا أنّه بعد مرور عيد الخمسين بأسبوع واحد يجب على المسيحيين أن يصوموا عن اللحم والجبن وكلّ مشتقاتهما إلى يوم عيد الرسل في ٢٩ حزيران
هذا المرسوم الرسوليّ قد حفظه القدّيسون سابا المتقدّس، ويوحنا الدمشقيّ، وثاودورس الستوديتيّ، وغيرهم من الآباء الأقدمين، كما أنّ القدّيسَين باسيليوس الكبير ويوحنا الذهبيّ الفم يعلّمان بشكل كافٍ عن هذا الصوم، ويتمسّكان به
ففي إحدى عظاته على الروح القدس، يذكّر القديس يوحنا الذهبيّ الفم أهل أنطاكية بهذا الصوم المنسوب إلى الرسل القدّيسين، ويحثّهم على المحافظة عليه وتطبيقه
صوم الرسل، يبدأ في اليوم الثامن بعد العنصرة أي الإثنين التالي ألحد جميع القدّيسين وينتهي مساء ٢٨ حزيران/ يونيو، عشّية عيد القدّيسَين بطرس وبولس. يمكن أن تتراوح مدّته بين يوم واحد إلى ستة أسابيع وذلك بحسب تاريخ تعييد الفصح، كما لا يكون صوم إذا توافق مع العيد مباشرةً
مارسه الرسل القّديسون الأطهار منذ البداية (وبينما هم يخدمون الرّب ويصومون أعمال ٢:١٣). والكنيسة بدورها حافظت عليه، فهو من ضمن تسليمها الشريف وإيمانها
فبعد مرور أسبوع على عيد العنصرة، يبدأ هذا الصوم
نقرأ في قانون الرسل:"إّنّكم بعد تعييّدكم عيد البنديكوستي أي الخمسيني – العنصرة، عيّدوا سُّبةً واحدة (أسبوعًا) وبعد تلك السّبة صوموا لأنّه من الواجب أن نفرح مسرورين بالموهبة الممنوحة من الله (الروح القدس) ونصوم بعد فرحنا
ويستشهد هذا القانون بأنبياء صاموا مثل موسى وإيلّيا، وصوم الأسابيع الثلاثة التي صامها دانيال النبيّ، وصوم حنّة النبيّة، وصوم أهل نينوى وصوم أستير ويهوديت وداود الملك. فعلىمثال هؤلاء يجب أن يصوم المسيحيّون أيضًا، لذلك كتب الرسل قائلين: "أنتم أيضًا عندما تصومون، اطلبوا سؤالكم من لدن إلهنا
فبعد تكريم الرسل في المجمع المسكونيّ الأوّل، سنة ٣٢٥م، على أنّهم معّلموا العبادة الحسنة ورعاة المسكونة كّلها، دعا الآباء المجتمعون الصوم: "صوم الرسل"، وحدّدوا أنّه بعد مرور عيد الخمسين بأسبوع واحد يجب على المسيحيين أن يصوموا عن اللحم والجبن وكلّ مشتقاتهما إلى يوم عيد الرسل في ٢٩ حزيران
هذا المرسوم الرسوليّ قد حفظه القدّيسون سابا المتقدّس، ويوحنا الدمشقيّ، وثاودورس الستوديتيّ، وغيرهم من الآباء الأقدمين، كما أنّ القدّيسَين باسيليوس الكبير ويوحنا الذهبيّ الفم يعلّمان بشكل كافٍ عن هذا الصوم، ويتمسّكان به
ففي إحدى عظاته على الروح القدس، يذكّر القديس يوحنا الذهبيّ الفم أهل أنطاكية بهذا الصوم المنسوب إلى الرسل القدّيسين، ويحثّهم على المحافظة عليه وتطبيقه
صوم الرسل، يبدأ في اليوم الثامن بعد العنصرة أي الإثنين التالي ألحد جميع القدّيسين وينتهي مساء ٢٨ حزيران/ يونيو، عشّية عيد القدّيسَين بطرس وبولس. يمكن أن تتراوح مدّته بين يوم واحد إلى ستة أسابيع وذلك بحسب تاريخ تعييد الفصح، كما لا يكون صوم إذا توافق مع العيد مباشرةً
إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ
اجتمعت بعض السيدات لدراسة سفر ملاخي، وعندما وصلوا للآية الثالثة من الإصحاح الثالث
*فَيَجْلِسُ مُمَحِّصًا وَمُنَقِّيًا لِلْفِضَّةِ*
تأملوا ماذا يمكن أن يعرفوا من تلك الآية عن صفات الله، فتبرعت إحداهن أن تبحث في عملية تمحيص وتنقية الفضة وتوافيهم في الاجتماع القادم
فاتصلت بأحد صناع الفضة، وطلبت منه أن تراقبه وهو يعمل ولم تذكر له سبباً سوى أنها كانت تريد أن تعرف كيف تنقى الفضة
وبينما هي تراقبه، أخذ الصانع قطعة من الفضة و وضعها في وسط النار للتسخين، وشرح أنه يضع الفضة في المنطقة الأكثر سخونة في اللهب، وذلك ليحرق الشوائب
وفكرت المرأة ... إن الله يضعنا أينما كان "اللهب أكثر سخونة"، ثم تذكرت عبارة أنه يجلس ممحصاً ومنقياً للفضة، فسألت الصانع: هل حقيقي أنك لابد أن تجلس أمام النار وأنت تنقى الفضة؟
فأجابها الصانع: ليس فقط أن أجلس ممسكاً بالفضة، بل يجب أن أراقبها أيضاً جيداً طوال الوقت، لأنها لو تُركت دقيقة أطول في النار تفسد
سكتت المرأة برهة وسألته
و كيف تعرف أن الفضة قد صارت ممحصة ومنقاة تماماً؟
فابتسم الصانع وقال: هذا سهل ياسيدتي، عندما أرى صورتي فيها
الله يُمحّصنا ويُنقّينا، حتى تظهر صورته فينا. فنحن مخلوقين على صورته ومثاله. الخطيئة شوّهت صورة الله التي فينا وأظلمتها، لكن نعمة الله غير المخلوقة، تمحّصنا، لتعود صورة المسيح وتظهر فينا
إذا شعرت اليوم بحرارة النار... تذكر أن الله لن تغيب عيناه عنك ولن يتركك دقيقة أطول... إنه قريب منك ويراقبك باهتمام منتظرًا أن ينظر صورته فيك
"يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ" "غل4: 19"
اجتمعت بعض السيدات لدراسة سفر ملاخي، وعندما وصلوا للآية الثالثة من الإصحاح الثالث
*فَيَجْلِسُ مُمَحِّصًا وَمُنَقِّيًا لِلْفِضَّةِ*
تأملوا ماذا يمكن أن يعرفوا من تلك الآية عن صفات الله، فتبرعت إحداهن أن تبحث في عملية تمحيص وتنقية الفضة وتوافيهم في الاجتماع القادم
فاتصلت بأحد صناع الفضة، وطلبت منه أن تراقبه وهو يعمل ولم تذكر له سبباً سوى أنها كانت تريد أن تعرف كيف تنقى الفضة
وبينما هي تراقبه، أخذ الصانع قطعة من الفضة و وضعها في وسط النار للتسخين، وشرح أنه يضع الفضة في المنطقة الأكثر سخونة في اللهب، وذلك ليحرق الشوائب
وفكرت المرأة ... إن الله يضعنا أينما كان "اللهب أكثر سخونة"، ثم تذكرت عبارة أنه يجلس ممحصاً ومنقياً للفضة، فسألت الصانع: هل حقيقي أنك لابد أن تجلس أمام النار وأنت تنقى الفضة؟
فأجابها الصانع: ليس فقط أن أجلس ممسكاً بالفضة، بل يجب أن أراقبها أيضاً جيداً طوال الوقت، لأنها لو تُركت دقيقة أطول في النار تفسد
سكتت المرأة برهة وسألته
و كيف تعرف أن الفضة قد صارت ممحصة ومنقاة تماماً؟
فابتسم الصانع وقال: هذا سهل ياسيدتي، عندما أرى صورتي فيها
الله يُمحّصنا ويُنقّينا، حتى تظهر صورته فينا. فنحن مخلوقين على صورته ومثاله. الخطيئة شوّهت صورة الله التي فينا وأظلمتها، لكن نعمة الله غير المخلوقة، تمحّصنا، لتعود صورة المسيح وتظهر فينا
إذا شعرت اليوم بحرارة النار... تذكر أن الله لن تغيب عيناه عنك ولن يتركك دقيقة أطول... إنه قريب منك ويراقبك باهتمام منتظرًا أن ينظر صورته فيك
"يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ" "غل4: 19"
ذكرانية الراقدين وذبيحة القداس الإلهي
الصلاةُ من أجلِ الراقدين من صُلبِ الإيمانِ المسيحيّ، وحياةُ الإنسانِ لا تنتهي مع تحلُلِ جسمِه التُّرابيِّ وانفصالِ روحه عن جسدِه، بل يستمرُّ الإنسانُ حيًّا بالروح بانتظارِ القيامةِ العامّة: "لا تتعجّبوا من هذا، فإنّه تأتي ساعة فيها يسمَع جميعُ الذين في القبورِ صوتَه، فيخرجُ الذين فعَلوا الصالحاتِ إلى قيامةِ الحياة، والذين عمِلوا السيئاتِ الى قيامةِ الدينونة
يوحنا٢٨:٥-٢٩
لا موت في المسيحيّةِ بل رقادٌ وانتقالٌ إلى حياةٍ أبديّة، من هنا نَدعوهُ سبتَ الراقدين
الموتُ أُميتَ بموتِ المسيحِ على الصليب، وبنزولِ الرّبِّ إلى الجحيم غُلبَ الموتُ في عُقرِ دارِه
جوابًا لأخت لعازر الذي كان قد أنتنَ من بعد أربعةَ أيّامٍ في القبر، قالَ الرّبُّ يسوعُ المسيح: "أنا هو القيامةُ والحياةُ. مَن آمنَ بي ولو ماتَ فسيحيا (٢٥:١١)، وبعد ذلك نرى الربَّ يقفُ إزاءَ قبرِ لَعازرَ ويصرخُ بصوتٍ عظيمٍ قائلاً:":«لَعازر، هلم خارجًا!» فخرجَ
عندما كُتب الجزء الأوّل من دستور الإيمان في المجمع المسكونيّ الأوّل في نيقية عام ٣٢٥م، لم يستعمل الآباء كلمة "ماتَ" بل "صُلبَ عنّا على عَهدِ بيلاطسَ البنطيّ، وتألَّمَ وقُبرَ وقامَ في اليومِ الثالث". وذلك لأنّ المعنى اللفظيّ لكلمةَ "موت" هو الفناءُ والعدم. وللربّ يسوعَ طبيعتينِ كاملتين، إلهيّةً وبشريّةً، وأنّ الطبيعةَ الإلهيّةَ لا تموتُ، من هنا قامَ بسلطانِ ذاتِه، وهو سيقيمُ الأحياءَ والأموات
المسيحيّةُ تخاطبُ كلَّ بشرٍ وتقولُ له: يا إنسان، لا تَكتَفِ بالقولِ إنّك من الترابِ وإلى الترابِ تعود، بل قُلْ أيضًا إنّك من الله وإليه تعود
سبت الأموات أو بالأحرى سبت الراقدين
تُقيم الكنيسة الأرثوذكسيّة تذكارًا للراقدين على رجاء القيامة المجيدة مرّتين في السنة، ويعرفان بسبت الأموات
الأوّل: يقع قبل أحد مرفع اللحم أو ما يعرف ليتورجيًا بأحد الدينونة
الثاني: وهو السبت الذي يسبق أحد العنصرة مباشرةً
في السبتِ الذي قبلَ مرفعِ اللحمِ، تدعونا الكنيسةُ إلى ذكرى عامةٍ لجميعِ الذين رقَدوا على رجاءِ القيامةِ المجيدةِ والحياةِ الأبديّة
يأتي هذا السبتُ قبلَ أحدِ الدينونةِ وذلك لأنَّ الدينونةَ مرتبطةُ باللهِ وحدَه والكنيسةُ تصلّي على الرجاء
والدينونة تعني مجيء المسيح الثاني، ولأن أمواتنا لم يخضعوا للدينونة بعد، نذكرهم في الصلاة طالبين لهم الراحة ورحمة الله العظمى اللامتناهية، كما نذكّر في الوقت ذاته أنفسنا بالتوبة
السبت الآخر مرتبط بالروح القدّس الذي هو علّة الحياة والنعمة والقداسة. وفيه تطلب نعمة الروح القدس للراقدين لتعزيتهم وراحتهم
ملاحظة
١- كلّ سبت في الليتورجيا الأرثوذكسيّة هو مُخَّصَص للراقدين، كذلك في كلّ قدّاس إلهي يُذكر فيه الراقدون
٢ - لا موت في المسيحية لأن المائت الحقيقي هو الرافض لنعمة الرّب يسوع المسيح وحضوره في قلبه، من هنا لا يأتي دستور الإيمان الذي هو من القرن الرابع ميلادي إلى ذكر لفظة موت للمسيح بل يقول عنه "صُلب عنّا على عهد بيلاطس البنطي، تألّم وقبر، وقام في اليوم الثالث
وهذا مراده أن للمسيح طبيعتين كاملتين ومشيئتين كاملتين: إلهيّة وبشريّة. وهو مات من جهّة طبيعته البشريّة وليس من جهّة طبيعته الإلهيّة
فلأنّ أمواتنا يرقدون على رجاء القيامة الآبديّة وبالتالي لا يموتون، ولأنّ سيّد الحياة ومصدرها تجسّد، وأبطل الموت بموته، ولأنّنا به أناسٌ قياميون، نصلّي مع راقدينا ولهم
نعم، نحن في المسيح واحد، ومن أمن بالرّب يسوع وإن مات فسيحيا
المسيح قام
يمكننا أن نصلّي من أجل الموتى وخاصةً بذكرهم في ذبيحة القداس الإلهي؛ لأنّ القداس هو ختامُ الصلوات وقمة الشركة المسيحية. فإن كان اليهود يطلبون من أجل غفران خطاياهم وخطايا أمواتهم بدم الحيوانات، فكم بالحري المسيحيون بدم المسيح. مثل نعمة القداس الإلهي والقرابين الإلهية هي من أجل نفوس الراقدين، لا شيء آخر يمكنه أن يقدّم السعادة والغبطة للراقدين، لا الفردوس ولا حضن إبراهيم ولا غياب الحزنِ والوجعِ والتنهد، لا شيء أكثر من هذه الكأس وهذا الخبز
يشدّد القديس يوحنا فم الذهب على الفائدة التي يجنيها الأموات خاصةً من الذبيحة الإلهية ويقول: “إذا كانت لذبيحة إسحق، التي كان يقدمها يومياً لله من أجل أولاده، كلُّ هذه القوة والفاعلية على مغفرة خطاياهم، كيف يعقل لنا أن نشكّ بما يمكن أن تفيد الذبيحةُ الإلهية الأمواتَ، حيث لدينا جسد المسيح ودمه المسفوكان اللذان يطهّران العالم كلّه”، ويتابع: “عندما يقف كلُّ الشعب مع الكهنة بأيادٍ ضارعةٍ مرتفعةٍ بالصلاة متمّمين الذبيحة الإلهية الرهيبة، كيف لا نستدرّ عطف الله على الراقدين إن طلبنا من أجلهم؟ واثقين برحمة الله، علينا أن نطلبَ ونبتهل من أجلهم وأن نذكرهم مع الشهداء والمعترفين والكهنة”
يؤكد القديس سمعان التسالونيكي أيضاً ضرورة وفائدة الذبيحة الإلهية من أجل الراقدين. ويبرهن ذلك من العجائب الكثيرة التي حصلت ورآها أو وصلته مكتوبة. لهذا تشدّد الكنيسة وتعلّم ألا ينسحب أهل الراقدين قبل نهاية القداس بعد صلاة النياحة مباشرةً، لأنّ المناولة والشكر هما الجزء الأهم. تتعارض عادات كهذه مع معنى الصلاة للأموات. يسبب ذلك الجهل لعمق إيماننا ونسيان الوعي بأنه لا يوجد خلاصٌ فرديٌّ وصلواتٌ خصوصية في المسيحية، إنما هناك كنيسةٌ واحدة، كلّ واحدٍ منها حياً كان أم راقداً هو عضوٌ فيها وهي تصلّي من أجله وترفع طلباته وهو يصلّي فيها ومعها. إذاً إنّ غياب ذوي الراقدين عن المناولة، أي عن قلب تلك الذكرانية، يعاكس معناها
قال القديس أفرام السرياني قبيل وفاته مودّعاً تلاميذه: “انتبهوا يا إخوتي، عندما يحين يوم ذكرانيتي ألا تخطئوا إلى القرابين المقدسة، ولكن تقدّموا إليها بخشوعٍ وتواضعٍ وبلياقةٍ واجبة، مع طهارةٍ ويقظة، لئلا أظهر مُداناً أكثر بسبب تصرفاتكم غير اللائقة”. ففي القداس الإلهي تشترك كلّ الكنيسة، جسد المسيح الواحد، الأحياءُ والراقدون، في وحدةٍ متماسكة، فيها الحزانى يتعزون والراقدون يتنيّحون
يمكن رفع الصلوات بأي وقتٍ من أجل الراقدين بخدمةٍ خاصة تسمى خدمة “التريصاجيون” خارج القداس الإلهي أيضاً، لكن جرت العادة أن تقام الذكرانيات في الكنيسة وذلك في اليوم الثالث والتاسع والأربعين وبعد تمام الثلاثة أشهر والسنة. اختيار هذه الأيام لا يحتمل أي تفسير ميتافيزيقي (ورائي)، وإنما حصراً من جهةٍ أولى لأسبابٍ عملية كاختصارٍ للأربعين قداساً، كما كان يتمّ قديماً عن نفوس الأموات، وما يزال ذلك جارياً في الأديار حتى اليوم. ومن جهةٍ ثانية كمضاعفاتٍ للرقم ثلاثة المحبوب لدى المسيحيين كما هو عدد الثالوث ورقم اليوم الثالث، يوم قيامة المسيح. عدا هذه الأيام المرتبطة بكلّ وفاةٍ، فإنّ الكنيسة حددت سبتين في السنة نقيم فيهما تذكاراً وعيداً للراقدين، وهما السبت السابق لمرفع اللحم والسبت السابق ليوم العنصرة
كلّ سبت من أيام الأسبوع مخصصٌ ليتورجياً للأموات وذلك من خلال الدور الليتورجي الأسبوعي، حيث كلّ يومٍ فيه مخصصٌ لموضوعٍ محدّد: فالاثنين للملائكة والثلاثاء للقديس يوحنا المعمدان والأربعاء للصليب والخميس للرسل والجمعة للصليب أيضاً. وجرت العادة في كلّ سبت، أن تقام الذبيحة عن الموتى وأن يحضر الحزانى القداسَ ويتناولوا رافعين ابتهالاتٍ من أجل الراقدين. وبالأخصّ في السبتين المذكورين سابقاً. ازدادت مع الزمن سبوتُ الأموات وأضيف للسبتين السابقين سبت مرفع الجبن وسبت الأسبوع الأول من الصوم
يفضّل بالطبع أن تتمّ الذكرانيات دائماً يوم السبت (اليوم المخصص للراقدين)، وليس يوم أحد (يوم القيامة- فرح). للسبب نفسه في الأعياد الكبيرة والمواسم تمنع الكنيسة إقامة ذكرانيات، مثل عيد الميلاد والفصح والصعود، ومن سبت لعازر إلى أحد توما (أسبوع الآلام وأسبوع التجديدات)، ويوم العنصرة وعيد الرقاد
من كتاب ليكن ذكره مؤبداً
للمطران بولس يازجي
أعمال الرسل
منذ القرن الرابع الميلادي أخذ المسيحيون يقرأون كتاب أعمال الرسل، في القداس الإلهي، في زمن الفصح. كتاب "البنديكستاريون"، وهو الكتاب الذي يُستعمل في الصلوات الكنسية ابتداء من احد الفصح ولغاية احد جميع القديسين، يذكر اننا في هذه الفترة ذاتها نقرأ تفسير كتاب أعمال الرسل لأبينا الجليل في القديسين يوحنا الذهبي الفم. وهذا يعني أن الكنيسة أرادت للكتاب اكثر من قراءة، لأن غاية كل تفسير كتابي (وعظ) هو توزيع كلمة الله للسامعين على أساس انها موجَّهة لهم الآن وهنا. وتاليا فإن هذه القراءة المُفسَّرة، التي أنارت إيمان الكنيسة الاولى، هي دعوة وتذكير للذين اختاروا أن يكونوا تلاميذ للرب الى حمل الرسالة بإخلاص، وذلك أن المعمودية -التي كانت تُقتبل قديما في الفصح- تتطلب منهم أن يبقوا شاهدين، حتى الشهادة، للرب في العالم
عرف الكتاب، بحسب شهادة النسخ القديمة، أسماء عدّة منها: "اعمال الرسل" وهو الاسم الذي ثبت خلال القرن الثالث، ونادرا: "الأعمال" وايضا: "أعمال" وهو العنوان الذي يتفق اكثر من سواه مع محتويات السفر، لأن الكتاب هو بمثابة عرض مختارات او مقتطفات لأعمال الرسل، وواقعيا، لأعمال بعض منهم. اعتمد الكاتب، الذي امتاز عمله بالدقة، على وثائق مكتوبة وشفهيّة (تقليد أعمال الرسولين بطرس وبولس، تقليد السامريّين، محفوظات جماعتَيْ اورشليم وأنطاكية، ويوميات رحلات بولس...) فأعطانا -بعد أن صاغ هذه التقاليد- صورة وافية عن الكنيسة الاولى مع بُناها وحياتها الداخلية، ودلّ على الامتداد التدريجي للشهادة المؤدّاة للمسيح في العالم.عالم
التقليد الكنسي شهد بقانونية الكتاب وصحّة نسبته الى لوقا الإنجيلي. الآباء الرسوليّون، وفي طليعتهم كليمنضس الروماني، ألمحوا الى السفر، وذكره القديس يوستينوس الشهيد في دفاعه عن المسيحيّين، اما الأثر الأهم والأوضح فنجده عند القديس إيريناوس في كتابه "ضد الهرطقات"، الذي برهن، انطلاقا من المقاطع التي وردت، في الكتاب، في صيغة الجمع للمتكلّم (16 :10، 20 :5، 21: 18، 27 :1، 28: 16)، أن لوقا كاتب السفر كان رفيق بولس الدائم. أوسابيوس أسقف قيصرية، في كتابه "تاريخ الكنيسة"، أشار الى أن لوقا هو كاتب أعمال الرسل، وفي حديثه عن الأسفار القانونية قال: "اول كل شيء يجب أن توضع الأناجيل الاربعة يليها سفر الاعمال
موضوعُ الكتاب رسم معالمَهُ يسوع القائم من بين الأموات عندما قال لتلاميذه: "وتكونون لي شهودا في اورشليم وكل اليهودية والسامرة، وحتى أقاصي الأرض" (أعمال 1: 8). هذا الانفتاح على العالم الوثني بلغ مرماه الاخير عندما وصلت البشارة الجديدة على يد بولس الى قلب الامبراطورية الوثنية (رومية) وظهر خلاصُ الله لكل ذي جسد (اشعياء 40: 3-5، لوقا 3: 4-6). ما لا ريب فيه أن لوقا عَكس في كتابه الثاني نظرة العهد القديم للانفتاح على العالم الخارجي التي كانت تفترض أن يصعد الوثنيّون أنفسُهم الى أورشليم ليلتحقوا بالشعب اليهودي، الشهادة الجديدة التي يدفع الروحُ القدسُ الى تحقيقها تتطلب تبشير جميع الشعوب بالانجيل انطلاقا من أورشليم وحتى أقاصي الارض
في نهاية أعمال الرسل (28: 31) يعلّم الرسول بولس بكل ما يختص بالرب يسوع المسيح ويبشّر بملكوت الله، فيختم كلّ ما كتبه لوقا ويعيدنا الى كلام يسوع قُبَيْل ارتفاعه الى السماء (1 :1-3)، فنفهم اننا لسنا امام اعمال الرسل بقدر ما نحن امام كتاب يحدثنا عن إعلان ملكوت الله
وُلدت الكنيسة في اورشليم وانطلقت منها الى "اقاصي الأرض"، وعلى الرّغم من الصعوبات الكثيرة التي واجهتها استطاعت أن تكتشف ما يفرضه عليها إنجيلُ القائم من الموت، ذلك أن انتقالها من اورشليم الى رومية لم يكن انتقالا جغرافيا بقدر ما كان اكتشافا أعمق لرسالةٍ جعلت الذين آمنوا من اليهود والوثنيّين بيسوع ربّاً ومخلّصا جماعتَهُ الواحدة
كيف تمّ هذا الانتقال؟ على أثر الاضطهادات التي حدثت بسبب خطبة اسطفانس واستشهاده (اعمال 6: 8 حتى 9: 1) تشتّتت الجماعة الاولى كلُّها، فحُمِلت البشارة الى اليهودية والسامرة ومن ثم الى خارج فلسطين. وذلك أن الروح القدس دفع فيليبس، وهو أحد الشمامسة السبعة، ليذهب الى السامرة ويكرز بإنجيل الملكوت (8: 12)، والروح نفسه طلب أن يُفرز بولس وبرنابا ليذهبا بعد أنطاكية (11: 19-26) الى آسيا الصغرى (إصحاح 31و41)، لأن الله "فتح باب الإيمان للوثنيّين" (15 :1-35)، حيث استطاعت الكنيسة أن تبرز كجماعة تتشاور، القرار المحرِّر الذي أخذته، وهي مملوكةُ الروح القدس، أظهر أن الرسالة الجديدة لا يقيّدُها شيء
كتاب أعمال الرسل، كتاب الكنيسة الممتلئة روحا قدّوسا، هو بآن كتاب ناجزٌ ومفتوح، وذلك لأنه، من جهة، يعطينا صورة واضحة عن الرسالة التي استطاعت بقوة الروح الإلهي أن تنجح، ويدلّنا كلامُ الرسول، من جهة ثانية، في آخر السفر: "فاعلموا اذاً أن خلاص الله هذا أُرسل الى الوثنيّين وهم سيستمعون اليه" (28: 28)، أن صيغة المستقبل التي ينتهي فيها الكتاب "سيستمعون اليه" تجعله مفتوحا الى ما لا نهاية، وهي تشير الى أن رسالة الخلاص تفترض وجود من يتقبلها ويعمل لأجلها في كل زمان ومكان
نقلا عن https://www.orthodoxonline.org
منذ القرن الرابع الميلادي أخذ المسيحيون يقرأون كتاب أعمال الرسل، في القداس الإلهي، في زمن الفصح. كتاب "البنديكستاريون"، وهو الكتاب الذي يُستعمل في الصلوات الكنسية ابتداء من احد الفصح ولغاية احد جميع القديسين، يذكر اننا في هذه الفترة ذاتها نقرأ تفسير كتاب أعمال الرسل لأبينا الجليل في القديسين يوحنا الذهبي الفم. وهذا يعني أن الكنيسة أرادت للكتاب اكثر من قراءة، لأن غاية كل تفسير كتابي (وعظ) هو توزيع كلمة الله للسامعين على أساس انها موجَّهة لهم الآن وهنا. وتاليا فإن هذه القراءة المُفسَّرة، التي أنارت إيمان الكنيسة الاولى، هي دعوة وتذكير للذين اختاروا أن يكونوا تلاميذ للرب الى حمل الرسالة بإخلاص، وذلك أن المعمودية -التي كانت تُقتبل قديما في الفصح- تتطلب منهم أن يبقوا شاهدين، حتى الشهادة، للرب في العالم
عرف الكتاب، بحسب شهادة النسخ القديمة، أسماء عدّة منها: "اعمال الرسل" وهو الاسم الذي ثبت خلال القرن الثالث، ونادرا: "الأعمال" وايضا: "أعمال" وهو العنوان الذي يتفق اكثر من سواه مع محتويات السفر، لأن الكتاب هو بمثابة عرض مختارات او مقتطفات لأعمال الرسل، وواقعيا، لأعمال بعض منهم. اعتمد الكاتب، الذي امتاز عمله بالدقة، على وثائق مكتوبة وشفهيّة (تقليد أعمال الرسولين بطرس وبولس، تقليد السامريّين، محفوظات جماعتَيْ اورشليم وأنطاكية، ويوميات رحلات بولس...) فأعطانا -بعد أن صاغ هذه التقاليد- صورة وافية عن الكنيسة الاولى مع بُناها وحياتها الداخلية، ودلّ على الامتداد التدريجي للشهادة المؤدّاة للمسيح في العالم.عالم
التقليد الكنسي شهد بقانونية الكتاب وصحّة نسبته الى لوقا الإنجيلي. الآباء الرسوليّون، وفي طليعتهم كليمنضس الروماني، ألمحوا الى السفر، وذكره القديس يوستينوس الشهيد في دفاعه عن المسيحيّين، اما الأثر الأهم والأوضح فنجده عند القديس إيريناوس في كتابه "ضد الهرطقات"، الذي برهن، انطلاقا من المقاطع التي وردت، في الكتاب، في صيغة الجمع للمتكلّم (16 :10، 20 :5، 21: 18، 27 :1، 28: 16)، أن لوقا كاتب السفر كان رفيق بولس الدائم. أوسابيوس أسقف قيصرية، في كتابه "تاريخ الكنيسة"، أشار الى أن لوقا هو كاتب أعمال الرسل، وفي حديثه عن الأسفار القانونية قال: "اول كل شيء يجب أن توضع الأناجيل الاربعة يليها سفر الاعمال
موضوعُ الكتاب رسم معالمَهُ يسوع القائم من بين الأموات عندما قال لتلاميذه: "وتكونون لي شهودا في اورشليم وكل اليهودية والسامرة، وحتى أقاصي الأرض" (أعمال 1: 8). هذا الانفتاح على العالم الوثني بلغ مرماه الاخير عندما وصلت البشارة الجديدة على يد بولس الى قلب الامبراطورية الوثنية (رومية) وظهر خلاصُ الله لكل ذي جسد (اشعياء 40: 3-5، لوقا 3: 4-6). ما لا ريب فيه أن لوقا عَكس في كتابه الثاني نظرة العهد القديم للانفتاح على العالم الخارجي التي كانت تفترض أن يصعد الوثنيّون أنفسُهم الى أورشليم ليلتحقوا بالشعب اليهودي، الشهادة الجديدة التي يدفع الروحُ القدسُ الى تحقيقها تتطلب تبشير جميع الشعوب بالانجيل انطلاقا من أورشليم وحتى أقاصي الارض
في نهاية أعمال الرسل (28: 31) يعلّم الرسول بولس بكل ما يختص بالرب يسوع المسيح ويبشّر بملكوت الله، فيختم كلّ ما كتبه لوقا ويعيدنا الى كلام يسوع قُبَيْل ارتفاعه الى السماء (1 :1-3)، فنفهم اننا لسنا امام اعمال الرسل بقدر ما نحن امام كتاب يحدثنا عن إعلان ملكوت الله
وُلدت الكنيسة في اورشليم وانطلقت منها الى "اقاصي الأرض"، وعلى الرّغم من الصعوبات الكثيرة التي واجهتها استطاعت أن تكتشف ما يفرضه عليها إنجيلُ القائم من الموت، ذلك أن انتقالها من اورشليم الى رومية لم يكن انتقالا جغرافيا بقدر ما كان اكتشافا أعمق لرسالةٍ جعلت الذين آمنوا من اليهود والوثنيّين بيسوع ربّاً ومخلّصا جماعتَهُ الواحدة
كيف تمّ هذا الانتقال؟ على أثر الاضطهادات التي حدثت بسبب خطبة اسطفانس واستشهاده (اعمال 6: 8 حتى 9: 1) تشتّتت الجماعة الاولى كلُّها، فحُمِلت البشارة الى اليهودية والسامرة ومن ثم الى خارج فلسطين. وذلك أن الروح القدس دفع فيليبس، وهو أحد الشمامسة السبعة، ليذهب الى السامرة ويكرز بإنجيل الملكوت (8: 12)، والروح نفسه طلب أن يُفرز بولس وبرنابا ليذهبا بعد أنطاكية (11: 19-26) الى آسيا الصغرى (إصحاح 31و41)، لأن الله "فتح باب الإيمان للوثنيّين" (15 :1-35)، حيث استطاعت الكنيسة أن تبرز كجماعة تتشاور، القرار المحرِّر الذي أخذته، وهي مملوكةُ الروح القدس، أظهر أن الرسالة الجديدة لا يقيّدُها شيء
كتاب أعمال الرسل، كتاب الكنيسة الممتلئة روحا قدّوسا، هو بآن كتاب ناجزٌ ومفتوح، وذلك لأنه، من جهة، يعطينا صورة واضحة عن الرسالة التي استطاعت بقوة الروح الإلهي أن تنجح، ويدلّنا كلامُ الرسول، من جهة ثانية، في آخر السفر: "فاعلموا اذاً أن خلاص الله هذا أُرسل الى الوثنيّين وهم سيستمعون اليه" (28: 28)، أن صيغة المستقبل التي ينتهي فيها الكتاب "سيستمعون اليه" تجعله مفتوحا الى ما لا نهاية، وهي تشير الى أن رسالة الخلاص تفترض وجود من يتقبلها ويعمل لأجلها في كل زمان ومكان
نقلا عن https://www.orthodoxonline.org
تأملات في احد المُخَلَّع
أحبائي هناك دروس يجب أن نتعلمها من معجزة شفاء المُخَلَّع أوضحها لنا يسوع المسيح. اول درس هو عندما نرغب في عمل الخدمة ان نبحث عن الحالة الأكثر احتياجا ( ليس لي إنسان ) هذا المُخَلَّع المريض لمدة ٣٨ سنة كان وحيدا. الدرس الثاني هو ان نعطي المحتاج الحرية في طلب المساعدة "أتريد أن تبرأ؟" ومن جوابه نفهم احتياجات الناس و نوع المساعدة الملحة والمطلوبة، الملابس و الطعام احيانا يكوّنون آخر شَيْء يحتاجه. الدرس الثالث والأهم هو أنه عندما جاء السيد المسيح إلى أورشليم لم يزر قصور الأغنياء بل المستشفيات ، ليقدم حبا وحنوا نحو المرضى ، فقد جاء إلى العالم من أجل المحتاجين والمرضى
أحبائي هناك دروس يجب أن نتعلمها من معجزة شفاء المُخَلَّع أوضحها لنا يسوع المسيح. اول درس هو عندما نرغب في عمل الخدمة ان نبحث عن الحالة الأكثر احتياجا ( ليس لي إنسان ) هذا المُخَلَّع المريض لمدة ٣٨ سنة كان وحيدا. الدرس الثاني هو ان نعطي المحتاج الحرية في طلب المساعدة "أتريد أن تبرأ؟" ومن جوابه نفهم احتياجات الناس و نوع المساعدة الملحة والمطلوبة، الملابس و الطعام احيانا يكوّنون آخر شَيْء يحتاجه. الدرس الثالث والأهم هو أنه عندما جاء السيد المسيح إلى أورشليم لم يزر قصور الأغنياء بل المستشفيات ، ليقدم حبا وحنوا نحو المرضى ، فقد جاء إلى العالم من أجل المحتاجين والمرضى
تأملات في قيامة المسيح
١ - ولادة المسيح من عذراء: إن ولادة المسيح من عذراء، دليل قاطع على أنه وإن كان قد ظهر في جسد مادي، غير أنه لم يكن من جهة جوهره واحداً من سكان الأرض، بل كان هو الرب من السماء. وقد شهد الوحي بهذه الحقيقة بكل جلاء فقال الإنسان الأول (أي آدم) من الأرض ترابي (أي أن جسده مكون من التراب) . الإنسان الثاني (وهو المسيح يسوع) الرب من السماء (١ كورنثوس ١٥: ٤٨) . وشخص مكون جسده بفعل سماوي، كان لا بد أن يقوم بجسده هذا من القبر ويعود إلى السماء، كما أن الشخص المكون جسده من تراب الأرض، لا بد أن يعود إلى ترابها - تكوين ٣: ١٩
٢ - عصمته المطلقة: إن حياة المسيح على الأرض كانت حياة الكمال المطلق، وقد شهد أعداؤه وأصدقاؤه معاً بهذه الحقيقة. فقال أعداؤه عنه إنه ليست فيه علة ما (يوحنا ١٨: ٣٨) ، كما قالوا عنه إنه بار (متى ٢٧: ٥٤) ، فضلاً عن ذلك لما سأل جمعاً غفيراً منهم: من منكم يبكتني على خطيئة؟ لم يستطع واحد منهم أن يذكر له خطيئة واحدة، اقترفها في أي دور من أدوار حياته (يوحنا ٨: ٤٦) . أما أصدقاؤه فقالوا عنه إنه لم يفعل خطيئة ولا وجد في فمه مكر. الذي إذ شتم لم يكن يشتم عوضاً، وإذ تألم لم يكن يهدد، بل كان يسلم لمن يقضي بعدل (١ بطرس ٢: ٢٢-٢٣) ، وأنه قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات (عبرانيين ٧: ٢٦) ، وإنه أظهر لكي يرفع خطايانا، وليس فيه خطيئة - ١ يوحنا ٣: ٥
ولما كان الموت هو أجرة الخطيئة (رومية ٦: ٢٣) ، (تكوين ٢: ١٧) ، لذلك كان من البديهي أن لا يموت المسيح بأي حال من الأحوال، بل أن يعود إلى السماء في أي وقت أراد. ولكن إذ قصد أن يتمم بنفسه فداء اللّه للبشر، قبل على نفسه الخطيئة الأصلية (٢ كورنثوس ٥: ٢١ ، رومية ٨: ٣) والخطايا الفعلية أيضاً (١ بطرس ٢: ٢٤) ، واحتمل دينونة الأولى وقصاص الثانية، حتى الموت - ومن ثم فإنه لكماله الذاتي وكمال فدائه معاً، لم يكن لهذا الموت أن يسود عليه، كما ساد ويسود على البشر الذين بسبب خطاياهم، لهم في ذواتهم قضاء الموت. فيموتون ويظلون في قبورهم حتى يوم الدينونة
٣- قدرته الفائقة: إذا رجعنا إلى تاريخ المسيح، نرى أنه كان يكيّف النواميس الطبيعية حسب مشيئته. (فأولاً) لما وجد تلاميذه مرة على وشك الغرق، ذهب إليهم ماشياً على الماء (متى ١٤: ٢٥) . (ثانياً) ولما وجد بعد قيامته أنهم قد تجمعوا معاً في حجرة أحكموا غلقها بسبب خوفهم من اليهود، دخل إليهم والأبواب مغلقة (لوقا ٢٤: ٣٦) . ومن ثم كان أمراً طبيعياً أن لا يقوم فقط من الأموات، بل وأن يخرج أيضاً من القبر، والحجر لا يزال موضوعاً على فوهته. إذ أن الملاك لم يدحرج الحجر عن القبر لكي يخرج المسيح (لأنه لم يكن ثمة داع لذلك، كما يتضح من الحادثة الثانية التي ذكرناها) ، بل لكي يدخل أتباعه إلى القبر ويؤمنوا أنه قام من بين الأموات. ومن ثم لم يقل الوحي إن المسيح خرج من القبر عندما دحرج الملاك الحجر عنه، أو إن الحراس رأوا المسيح يصعد من القبر في هذا الوقت، بل قال فقط: إن الحراس ارتعبوا لما رأوا ملاك الرب. الأمر الذي يدل على أن المسيح لا بد أنه نفذ من القبر قبلما دحرج الملاك الحجر عنه. كما نفذ من الأكفان دون أن تنحل عقدة من عقدها، أو تتغير طية من طياتها، أو تتزحزح هي قيد شعرة عن مكانها، كما ذكرنا فيما سلف
٤ - كونه هو الحياة ورئيس الحياة: شهد المسيح عن نفسه أنه هو الطريق والحق والحياة (يوحنا ١٤: ٦) . وشهد بطرس الرسول عنه أنه رئيس الحياة أو بالحري أصلها ومصدرها (أعمال ٣: ١٥) . وشهد يوحنا الرسول عنه أنه الحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا (١ يوحنا ١: ٣) . ولما كان الشيء لا يقبل ضده (فالنور لا يقبل الظلمة. والحق لا يقبل الباطل، والحياة لا تقبل الموت) ، كان من البديهي أن يدفع المسيح الموت عن جسده الممات، ويستعيد إليه الحياة في عزة وكرامة منتصراً على القبر والهاوية معاً. وقد أشار له المجد إلى هذه الحقيقة من قبل، فقال عن نفسه إن له سلطاناً أن يسلمها، وسلطاناً أن يستردها أيضاً يوحنا ١٠: ١٧-١٨
٥ - إحياؤه لموتى الجسد وموتى الروح: إن المسيح لم يكن فقط يقيم الموتى من قبورهم، ويدعهم يعيشون كما كانوا يعيشون من قبل، كما فعل مع إبنة يايروس وابن أرملة نايين ولعازر (مرقس ٥ ، لوقا ٧ ، يوحنا ١١) ، بل كان أيضاً يحيي نفوس الذين سيطرت عليهم الخطيئة ويجعلها أهلاً للتوافق مع اللّه في صفاته الأدبية السامية، كما لا يزال يفعل لغاية الآن مع كل الذين يؤمنون به إيماناً حقيقياً. والرسول الذي اختبر هذه الحياة الروحية قال لِأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الحَيَاةِ فِي المَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ (رومية ٨: ٢) . كما قال للمؤمنين إنهم بعدما كانوا أمواتاً بالذنوب والخطايا أحياهم اللّه مع المسيح (أفسس ٢: ١-٤) . وكل ذلك مصداقا لقوله له المجد أما أنا فقد أتيت لتكون لهم (أي البشر) حياة ويكون لهم (حياة) أفضل (يوحنا ١٠: ١٠) ، وقوله من يؤمن بالابن تكون له حياة أبدية... ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة (متى ٣: ٣٦ ، ٥: ٢٤)
وشخص يحطم قيود الموت ويخرج النفوس من الهاوية لكي تعود إلى أجسادها، ويبعث في الخطاة أيضاً حياة روحية تحررهم من قوة الخطيئة وتسمو بهم فوقها، لا يمكن أن يظل جسده في القبر بعيداً عن روحه، بل لا بد أن تعود روحه إلى جسده المائت، ثم تقوم به ظافرة منتصرة، متحدية القبر وما وراء القبر
٦ - عدالة اللّه: أخيراً نقول لو لم يقم المسيح من الأموات، لتسرب إلينا الشك من جهة وجود اللّه وعدالة ناموسه لأنه قد سمح بموت شخص لا يجوز أن يدنو منه الموت على الإطلاق. أما الآن فلا يمكن أن يتسرب إلينا شك ما
قد يتساءل البعض قائلاً: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم ينقذ اللّه القديسين الشهداء من القتل قديماً!! (الجواب) إن هؤلاء القديسين تكمن فيهم الطبيعة الخاطئة مثل غيرهم من الناس، كما أنهم ليسوا معصومين من تنفيذ رغباتهم مثلهم، ومن ثم فإنهم يحملون في ذواتهم قضاء الموت. ومع كل لو كان اللّه قد أنقذهم من القتل بيد الأشرار، لكانوا سيموتون يوماً من الأيام. ولذلك كان من الأشرف لهم أن يموتوا شهداء الحق عوضاً أن يموتوا موتاً عادياً
أما المسيح، كما ذكرنا فيما سلف، غير قابل للموت بغير إرادته لأجل التكفير عن الخطيئة، وذلك بسبب كماله الذاتي، ومن ثم كان لا بد أن يقوم من الأموات، حتى تكون لناموس اللّه الأدبي سيادته وقدسيته. وإذا كان الأمر كذلك، لا تكون الغرابة في أن المسيح قام بعد موته، بل تكون الغرابة إذا لم يكن قد قام بعده. لأنه في هذه الحالة يكون هناك شخص توافرت فيه كل مقومات الحياة إلى الأبد، ومع ذلك يكون قد مات، الأمر الذي لا يمكن حدوثه بناء على هذا الناموس
فقيامة المسيح من الأموات لم تكن بسبب قوة خارجة عنه، بل بسبب قوة كامنة في ذاته. وقد أشار له المجد إلى هذه الحقيقة فقال عن نفسه: أنا هو القيامة والحياة (يوحنا ١١: ٢٥) . ولذلك لم يكن يتحدث عن موته إلا بالإقتران مع قيامته، كما شاهدنا في الباب الأول. وكل ما في الأمر أن جسده ظل في القبر، وظلت روحه في الهاوية أو الفردوس، حتى انتهت المدة المعينة حسب مشيئة اللّه، هذه المشيئة التي كان المسيح حريصاً على تنفيذها بالتمام، بوصفه الإنسان الكامل. ومن ثم فبمجرد قبوله من اللّه مشيئة القيامة، قام في الحال بقوة القيامة الكامنة في ذاته,
وإذا كان الأمر كذلك، فليست قيامة المسيح هي التي توجته بتاج البقاء والخلود كما يقول بعض الناس، كلا، فقد كان يلبس هذا التاج منذ بداءة حياته على الأرض، وذلك بسبب قداسته المطلقة وسماوية أصله، وكونه هو الحياة والقادر على كل شيء - بل أن قيامته كانت فقط مصادقة السماء العلنية على عدم جواز سيادة الموت عليه. وقد أشار الرسول إلى هذه الحقيقة الثمينة فقال عن المسيح إنه قام ناقضاً أوجاع الموت، إذ لم يكن ممكناً أن يمسك منه (أعمال ٢: ٤) ، بأي حال من الأحوال
١ - ولادة المسيح من عذراء: إن ولادة المسيح من عذراء، دليل قاطع على أنه وإن كان قد ظهر في جسد مادي، غير أنه لم يكن من جهة جوهره واحداً من سكان الأرض، بل كان هو الرب من السماء. وقد شهد الوحي بهذه الحقيقة بكل جلاء فقال الإنسان الأول (أي آدم) من الأرض ترابي (أي أن جسده مكون من التراب) . الإنسان الثاني (وهو المسيح يسوع) الرب من السماء (١ كورنثوس ١٥: ٤٨) . وشخص مكون جسده بفعل سماوي، كان لا بد أن يقوم بجسده هذا من القبر ويعود إلى السماء، كما أن الشخص المكون جسده من تراب الأرض، لا بد أن يعود إلى ترابها - تكوين ٣: ١٩
٢ - عصمته المطلقة: إن حياة المسيح على الأرض كانت حياة الكمال المطلق، وقد شهد أعداؤه وأصدقاؤه معاً بهذه الحقيقة. فقال أعداؤه عنه إنه ليست فيه علة ما (يوحنا ١٨: ٣٨) ، كما قالوا عنه إنه بار (متى ٢٧: ٥٤) ، فضلاً عن ذلك لما سأل جمعاً غفيراً منهم: من منكم يبكتني على خطيئة؟ لم يستطع واحد منهم أن يذكر له خطيئة واحدة، اقترفها في أي دور من أدوار حياته (يوحنا ٨: ٤٦) . أما أصدقاؤه فقالوا عنه إنه لم يفعل خطيئة ولا وجد في فمه مكر. الذي إذ شتم لم يكن يشتم عوضاً، وإذ تألم لم يكن يهدد، بل كان يسلم لمن يقضي بعدل (١ بطرس ٢: ٢٢-٢٣) ، وأنه قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات (عبرانيين ٧: ٢٦) ، وإنه أظهر لكي يرفع خطايانا، وليس فيه خطيئة - ١ يوحنا ٣: ٥
ولما كان الموت هو أجرة الخطيئة (رومية ٦: ٢٣) ، (تكوين ٢: ١٧) ، لذلك كان من البديهي أن لا يموت المسيح بأي حال من الأحوال، بل أن يعود إلى السماء في أي وقت أراد. ولكن إذ قصد أن يتمم بنفسه فداء اللّه للبشر، قبل على نفسه الخطيئة الأصلية (٢ كورنثوس ٥: ٢١ ، رومية ٨: ٣) والخطايا الفعلية أيضاً (١ بطرس ٢: ٢٤) ، واحتمل دينونة الأولى وقصاص الثانية، حتى الموت - ومن ثم فإنه لكماله الذاتي وكمال فدائه معاً، لم يكن لهذا الموت أن يسود عليه، كما ساد ويسود على البشر الذين بسبب خطاياهم، لهم في ذواتهم قضاء الموت. فيموتون ويظلون في قبورهم حتى يوم الدينونة
٣- قدرته الفائقة: إذا رجعنا إلى تاريخ المسيح، نرى أنه كان يكيّف النواميس الطبيعية حسب مشيئته. (فأولاً) لما وجد تلاميذه مرة على وشك الغرق، ذهب إليهم ماشياً على الماء (متى ١٤: ٢٥) . (ثانياً) ولما وجد بعد قيامته أنهم قد تجمعوا معاً في حجرة أحكموا غلقها بسبب خوفهم من اليهود، دخل إليهم والأبواب مغلقة (لوقا ٢٤: ٣٦) . ومن ثم كان أمراً طبيعياً أن لا يقوم فقط من الأموات، بل وأن يخرج أيضاً من القبر، والحجر لا يزال موضوعاً على فوهته. إذ أن الملاك لم يدحرج الحجر عن القبر لكي يخرج المسيح (لأنه لم يكن ثمة داع لذلك، كما يتضح من الحادثة الثانية التي ذكرناها) ، بل لكي يدخل أتباعه إلى القبر ويؤمنوا أنه قام من بين الأموات. ومن ثم لم يقل الوحي إن المسيح خرج من القبر عندما دحرج الملاك الحجر عنه، أو إن الحراس رأوا المسيح يصعد من القبر في هذا الوقت، بل قال فقط: إن الحراس ارتعبوا لما رأوا ملاك الرب. الأمر الذي يدل على أن المسيح لا بد أنه نفذ من القبر قبلما دحرج الملاك الحجر عنه. كما نفذ من الأكفان دون أن تنحل عقدة من عقدها، أو تتغير طية من طياتها، أو تتزحزح هي قيد شعرة عن مكانها، كما ذكرنا فيما سلف
٤ - كونه هو الحياة ورئيس الحياة: شهد المسيح عن نفسه أنه هو الطريق والحق والحياة (يوحنا ١٤: ٦) . وشهد بطرس الرسول عنه أنه رئيس الحياة أو بالحري أصلها ومصدرها (أعمال ٣: ١٥) . وشهد يوحنا الرسول عنه أنه الحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا (١ يوحنا ١: ٣) . ولما كان الشيء لا يقبل ضده (فالنور لا يقبل الظلمة. والحق لا يقبل الباطل، والحياة لا تقبل الموت) ، كان من البديهي أن يدفع المسيح الموت عن جسده الممات، ويستعيد إليه الحياة في عزة وكرامة منتصراً على القبر والهاوية معاً. وقد أشار له المجد إلى هذه الحقيقة من قبل، فقال عن نفسه إن له سلطاناً أن يسلمها، وسلطاناً أن يستردها أيضاً يوحنا ١٠: ١٧-١٨
٥ - إحياؤه لموتى الجسد وموتى الروح: إن المسيح لم يكن فقط يقيم الموتى من قبورهم، ويدعهم يعيشون كما كانوا يعيشون من قبل، كما فعل مع إبنة يايروس وابن أرملة نايين ولعازر (مرقس ٥ ، لوقا ٧ ، يوحنا ١١) ، بل كان أيضاً يحيي نفوس الذين سيطرت عليهم الخطيئة ويجعلها أهلاً للتوافق مع اللّه في صفاته الأدبية السامية، كما لا يزال يفعل لغاية الآن مع كل الذين يؤمنون به إيماناً حقيقياً. والرسول الذي اختبر هذه الحياة الروحية قال لِأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الحَيَاةِ فِي المَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ (رومية ٨: ٢) . كما قال للمؤمنين إنهم بعدما كانوا أمواتاً بالذنوب والخطايا أحياهم اللّه مع المسيح (أفسس ٢: ١-٤) . وكل ذلك مصداقا لقوله له المجد أما أنا فقد أتيت لتكون لهم (أي البشر) حياة ويكون لهم (حياة) أفضل (يوحنا ١٠: ١٠) ، وقوله من يؤمن بالابن تكون له حياة أبدية... ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة (متى ٣: ٣٦ ، ٥: ٢٤)
وشخص يحطم قيود الموت ويخرج النفوس من الهاوية لكي تعود إلى أجسادها، ويبعث في الخطاة أيضاً حياة روحية تحررهم من قوة الخطيئة وتسمو بهم فوقها، لا يمكن أن يظل جسده في القبر بعيداً عن روحه، بل لا بد أن تعود روحه إلى جسده المائت، ثم تقوم به ظافرة منتصرة، متحدية القبر وما وراء القبر
٦ - عدالة اللّه: أخيراً نقول لو لم يقم المسيح من الأموات، لتسرب إلينا الشك من جهة وجود اللّه وعدالة ناموسه لأنه قد سمح بموت شخص لا يجوز أن يدنو منه الموت على الإطلاق. أما الآن فلا يمكن أن يتسرب إلينا شك ما
قد يتساءل البعض قائلاً: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم ينقذ اللّه القديسين الشهداء من القتل قديماً!! (الجواب) إن هؤلاء القديسين تكمن فيهم الطبيعة الخاطئة مثل غيرهم من الناس، كما أنهم ليسوا معصومين من تنفيذ رغباتهم مثلهم، ومن ثم فإنهم يحملون في ذواتهم قضاء الموت. ومع كل لو كان اللّه قد أنقذهم من القتل بيد الأشرار، لكانوا سيموتون يوماً من الأيام. ولذلك كان من الأشرف لهم أن يموتوا شهداء الحق عوضاً أن يموتوا موتاً عادياً
أما المسيح، كما ذكرنا فيما سلف، غير قابل للموت بغير إرادته لأجل التكفير عن الخطيئة، وذلك بسبب كماله الذاتي، ومن ثم كان لا بد أن يقوم من الأموات، حتى تكون لناموس اللّه الأدبي سيادته وقدسيته. وإذا كان الأمر كذلك، لا تكون الغرابة في أن المسيح قام بعد موته، بل تكون الغرابة إذا لم يكن قد قام بعده. لأنه في هذه الحالة يكون هناك شخص توافرت فيه كل مقومات الحياة إلى الأبد، ومع ذلك يكون قد مات، الأمر الذي لا يمكن حدوثه بناء على هذا الناموس
فقيامة المسيح من الأموات لم تكن بسبب قوة خارجة عنه، بل بسبب قوة كامنة في ذاته. وقد أشار له المجد إلى هذه الحقيقة فقال عن نفسه: أنا هو القيامة والحياة (يوحنا ١١: ٢٥) . ولذلك لم يكن يتحدث عن موته إلا بالإقتران مع قيامته، كما شاهدنا في الباب الأول. وكل ما في الأمر أن جسده ظل في القبر، وظلت روحه في الهاوية أو الفردوس، حتى انتهت المدة المعينة حسب مشيئة اللّه، هذه المشيئة التي كان المسيح حريصاً على تنفيذها بالتمام، بوصفه الإنسان الكامل. ومن ثم فبمجرد قبوله من اللّه مشيئة القيامة، قام في الحال بقوة القيامة الكامنة في ذاته,
وإذا كان الأمر كذلك، فليست قيامة المسيح هي التي توجته بتاج البقاء والخلود كما يقول بعض الناس، كلا، فقد كان يلبس هذا التاج منذ بداءة حياته على الأرض، وذلك بسبب قداسته المطلقة وسماوية أصله، وكونه هو الحياة والقادر على كل شيء - بل أن قيامته كانت فقط مصادقة السماء العلنية على عدم جواز سيادة الموت عليه. وقد أشار الرسول إلى هذه الحقيقة الثمينة فقال عن المسيح إنه قام ناقضاً أوجاع الموت، إذ لم يكن ممكناً أن يمسك منه (أعمال ٢: ٤) ، بأي حال من الأحوال
تأملات في مثل العذاري العاقلات
رغم أن البتوليه والعذريه من أهم ما تحض عليه المسيحية ألا أن السيد المسيح أراد أن يقول لنا أنها غير كافيه بدون اعمال الفضائل
يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ
فمصابيح العذارى العاقلات بما فيها من زيت هي أعمال الفضائل، الزيت إشارة إلى الأعمال الصالحة والمقدّسة التي تميّز الإيمان الحيّ من الميّت. أما الجاهلات فحملْنَ مصابيحهِّن لكنّهُن لم يستطعن أن يقتنين الزيت المقدّس أي الأعمال الصالحة بالرب، إنّما حملْنَ إيمانا ميّتًا وعبادات شكليّة
وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ
النعس والنوم هي الموت وصراخ نصف الليل هي مجيء المسيح في يوم الدينونه الرهيب. فمن كان له أعمال فضائل قبل الموت دخل الى العرس أي الفردوس أما بَقِيَّةُ الْعَذَارَى منمن ليس لهم أعمال صالحة أُغْلِقَ الْبَابُ وقال لهن يسوع الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ
رغم أن البتوليه والعذريه من أهم ما تحض عليه المسيحية ألا أن السيد المسيح أراد أن يقول لنا أنها غير كافيه بدون اعمال الفضائل
يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ
فمصابيح العذارى العاقلات بما فيها من زيت هي أعمال الفضائل، الزيت إشارة إلى الأعمال الصالحة والمقدّسة التي تميّز الإيمان الحيّ من الميّت. أما الجاهلات فحملْنَ مصابيحهِّن لكنّهُن لم يستطعن أن يقتنين الزيت المقدّس أي الأعمال الصالحة بالرب، إنّما حملْنَ إيمانا ميّتًا وعبادات شكليّة
وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ
النعس والنوم هي الموت وصراخ نصف الليل هي مجيء المسيح في يوم الدينونه الرهيب. فمن كان له أعمال فضائل قبل الموت دخل الى العرس أي الفردوس أما بَقِيَّةُ الْعَذَارَى منمن ليس لهم أعمال صالحة أُغْلِقَ الْبَابُ وقال لهن يسوع الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ
ساعة موتنا !؟
الموت حدث اكيد في حياتنا، مع ذلك فان يوم موتنا وساعته تبقى مجهولة وكما ان يوم مجيء الثاني للرب سوف ياتي “كلص في الليل” (اتسا 5: 2) هكذا ايضا بطريقة سوف ياتي موت الأنسان في وقت غير معروف لان ساعة الموت “تقلد ذلك ” المجيء الثاني بما انها تشبهه وهي متعلقة به بينما يكون يوم مجيء الرب فجائيا يكون يوم الموت جزئيا وبالتالي فان نهاية الحياة كل منا هي صورة النهاية
القديس باسيليوس الكبير يسال الانسان الذي يؤجل عمل الخلاص: “ايها الانسان من حدّد حدود حياتك؟من حدّد أمد شيخوختك؟ من يكفل بتأكيد انك ستصل الى يوم غد؟ ألا ترى الاطفال يخطفون بالموت وكذلك الكهول يغادرون ؟ايها الانسان سوف تنتهي الحياة الحاضرة لكل واحد منا .الشيء الوحيد الذي نستطيع ان نقوله نحن البشر حول الموضوع هو هذا: سوف يأتي الموت عندما تكتمل شروط الحياة التي حدّدت منذ البداية بقضاء الله الطيب والعادل. الله وحده يرى مسبقا من بعيد ويعرف مسبقا بعمله الكلي الساعة الدقيقة لرحيل كل واحد من مخلوقاته من هذا العالم الحاضر انه الواحد الذي يحدد بحكته اللامتناهية تخوم حياة الانسان ويكون هذا لخيرنا الروحي دائما .لهذا ترتل كنيستنا : يا مسيحنا ،انسجاما مع قضائك الغامض والسري فانت ،قد حددت مسبقابطريقة كلية الحكمة متي ستأتي نهاية حياة كل انسان
” لو انني عرفت ساعة موتي لعملت كل جهدي كي اقدم نفسي امام عرش الله بشكل افضل ولكن الآن … ان الفضيلة التي تمارس تحت قوة الخوف من الموت ليست بالحقيقة فضيلة .ان لها صفة العبودية والاكراه يعلّم القديس يوحنا الدمشقي ان “ما يعمل بالقوة ليس عقلانيا ولا فاضلا .ويشير الذهبي الفم ايضا انه تحت هذه الشروط حتى القديسون لا يكون لهم مكالإأة على الفضيلة اذا عرفوا يوم موتهم المحدد. .. لانه عرف الرجل الشرير يوم موته بدقة فانه سيتجرأ ان يفعل كل شيء قبل ذلك اليوم كان سيتجرأ ان ينتقم ويعاقب اعداه“مرتبكا الوانا من الافعال الشريرة التي اختارها “وكان سيموت عندئذ راضيا لكونه قد انتقم من اولئك الذين أذوه.(الذهبي الفم ) . ولذلك فان عدم معرفة ساعة الموت يشكّل عائقا مانعا لعمل الناس الاشرار .. لو ان الانسان عرف مسبقا يوم وفاته فانه سيستمر يخطئ دون خوف خلال حياته وبالضبط قبل يومين او ثلاثة من موته سيتوب عندئذ معتمدا بشكل خاطئ ،طبعا) على الكلمة التي قالها الله من خلال النبي :” في الحالة التي اجدك فيها سوف أدينك”(القديس اثناسيوس) .عدم معرفتنا ساعة الموت يساعدنا ايضا ان نكون مستعدين دائما للحياة الأخرى ” لقد ابقى الله يوم موتنا مجهولا لكي بسبب عدم معرفتنا متى نتوقّعه نقدر ان نحفظ أنفسنا في الفضيلة دائما “( الذهبي الفم ) .قال الرب لتلاميذه :” فكونا اذن انتم ايضا مستعدين لان ابن البشر يلتي في ساعة لا تطنّونها “( متى 24: 44) . ولكن يوم المجيء الثاني ،يوم نهاية العالم وبالتالي يوم الدينونة لكل شخص هو ساعة الموت بشكل اساسي وهكذا بعد كشفه يوم موتنا فان الرب يريدنا ان نكون مصمّمين بشكل مستمر على الفضيلة .ذلك يعني، أن نكون دوما في حالى الاستعداد والتحضير ،حالة الجهاد الروحي الذي لا يتوقف يقظين ساهرين على اسوار انفسنا ،يساعدنا التوقع المستمر للموت لكي نتشجّع فواظب على ممارسة الفضيلة - القديس يوحنا الذهبي الفم
أم - الأم في الكتاب المقدس
١– وضعها في العهد القديم : وهي في العبرية " أم " لا نجد في الكتاب المقدس شيئا شبيها بوضع المرأة – باعتبارها أدنى من الرجل – في المجتمعات الشرقية ، فوضعها – كما نراه في الكتاب المقدس – يختلف عن ذلك كثيرا ، فنجد النساء في الكتاب المقدس على نفس المستوى الاجتماعي للرجال ، بل كثيرا ما شغلن مراكز قيادية ( خر 15 : 20 ، قض 4 : 4 ، 2 مل 22 : 14 ) وحب الذرية عميق الجذور في قلب المرأة العبرانية ، ولهذا كانت للأمومة أرفع منزلة ، وفي عصر الآباء كانت الأمهات تشغلن مكانا بارزا ، فعند زواج رفقة ، يبدو أنه كان لأمها رأي في ذلك مع أبيها بتوئيل وأخيها لابان ( تك 24 : 28 و 50 و 53 و 55 ) كما ان يعقوب " سمع لأبيه وأمه " ( تك 28 : 7 ) بل كانت أمه هي مشيرة الأول ، وقد أمر الناموس باكرام الأب والأم ( خر 20 : 12 ) والابن الذي يضرب أباه أو أمه أو يشتم منهما ، كان يقتل قتلا خر 21 : 15 و 17 ) ، كما كان نفس المصير ينتظر الابن المعاند والمارد الذي لا يسمع لقول ابيه ولا لقول امه ( تث 21 : 18 – 21 )
بل جاءت الأم قبل الب في اللاويين ( 19 : 3 ) في الوصية : " تهابون كل إنسان أمه وأباه " ويصف المرنم الحزن العميق بالقول : " كمن ينوح على امه " ( مز 35 : 14 ) ، ونجد في كل سفر الأمثال تشدديدا قويا لعى احترام البناء وطاعتهم لأمهاتهم ، وأظم راحة أو تعزية يمكن تصورها ، هي التعزية التي تعزي بها الأم ابنها ( اش 66 : 13
٢ – وضعها في العهد الجديد : ونجد نفس الشئ ايضا في العهد الجديد ، نفس المستوى الرفيع للمرأة ، ونفس الاحترام والتوقير للأم ، فمولد المسيح سما بمقام الأمومة إلى ارفع مكان ، وجعله قبلة الأنظار ، وآخر شئ عمله يسوع على الصليب ، هو أنه عهد بأمه ليوحنا الحبيب كوديعته الغالية ، وما وصلت إليه المرأة اليوم ، وما تخطئ به الأمومة من تقدير وتبجيل ، انما يرجع الى المكانة السامية التي يضعها فيها الكتاب المقدس
وأحيانا كان يطلق لفظ " الأم " على زوجة الأب ( تك 37 : 10 ) ، واحيانا على الجدة مهما علت ( تك 3 : 20 ، 1 مل 15 : 10 ) ، كما قالت دبورة عن نفسها : " قمت أما في اسرائيل " ( قض 5 : 7
كا يطلق لفظ " الأم " مجازيا على " الأمة " لهي أم الشعب وأفراد الشعب هم ابناؤها ( اش 50 : 1 ، ارميا 50 : 12 ، هو 2 : 4 ، 4 : 5
كما يطلق لفظ " الأم " على المدن الكبيرة ( 2 صم 20 : 19 – انظر غلى 4 : 26 ) ، بل ان ايوب يقول عن الأرض انها أمه : عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود الى هناك " ( ايوب 1 : 21
ماذا يخبرنا الكتاب عن الأم المسيحية؟
الأمومة دورهام جداً ينعم به الله علي كثير من النساء. فالكتاب يوصي الأمهات بمحبة أطفالهن في تيطس 4:2-5 ويقول "لكي ينصحن الحدثات أن يكن محبات لرجالهن و يحببن أولادهن. متعقلات، عفيفات، ملازمات بيوتهن، صالحات، خاضعات لرجالهن، لكي لا يجدف علي كلمة الله". وفي أشعياء 15:49 يقول الكتاب المقدس، "هل تنسي المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟" فمتي تبدأ الأمومة؟
الأطفال هم هبة من الله (مزمور 3:127-5). وفي تيطس 4:2 يستخدم الكلمة اليونانية "فيليوتيكونس" وتعني "محبة الأم". وتشير الي الوصية الكتابية الي أنه يجب علي الأم "الأعتناء" بأطفالها و "احتضانهم" و"مراعاة احتياجاتهم" و"مصادقتهم" كل واحد علي حدة كهبة صالحة من يد الله. وتصبح هنا "محبة الأم" مسئولية. والكتاب يوصي الأمهات والآباء لممارسة عدة أشياء كالآتي
التواجد – صباحاً، ظهراً، ومساءاً (تثنية 6:6-7
المشاركة – في المناقشة، التفكير، وفهم أمور الدنيا (أفسس 4:6
التعليم – أي تعليم مباديء الكتاب المقدس (مزمور 5:78-6 و تثنية 10:4 وأفسس 4:6
التدريب – أي مساعدة الأطفال لتنمية مواهبهم واكتشاف مهاراتهم (أمثال 6:22
التأديب – أي تعليمهم مخافة الله، بصورة حازمة محبة ومستمرة (أفسس 4:6 وعبرانيين 5:12-11 و أمثال 24:13 و 18:19 و 15:22 و 13:23-14 و 15:29-17
العناية – وذلك بتوفير مناخ ينمو فية الطفل متمتعاً بالتشجيع و القبول وقت الفشل، والمحبة الغير مشروطة (تيطس 4:2 و تيموثاوس الثانية 7:1 و أفسس 29:4-32 و 1:5-2 و غلاطية 22:5 و بطرس الأولي 8:3-9)
مثل أعلي – أي أنه يجب علي الوالدين أن يعيشا بنزاهة وضمير حي وأن يمارسا كل ما يعلمون أولادهم (تثنية 9:4 و 15 و 23 و أمثال 9:10 و 3:11 ومزمور 18:37 و 37
ولا يخبرنا الكتاب أنه يجب علي كل أمرأة أن تكون أماً. ولكن يوصي الذين قد أنعم الله عليهم بهبة الأمومة أن يتخذوا هذه المسئولية بجدية. فالأم لها دور هام ومتميز في حياة أطفالها. الأمومة ليست عبء أو مهمة غير مرغوب فيها. وكما تحمل الأم الجنين أثناء فترة الحمل، وكما تعتني وتطعم رضيعها بعد ولادته – يستمر دور الأم في رعاية أولادها سواء كانوا أطفالاً، مراهقين، أم شباباً. وفي حين أن دورها يتغير ويتبدل – فأن الرعاية والعناية والتشجيع الذي تمنحه الأم لأولادها لا ينتهي أبداً.
اكل السمك في عيد البشارة واحد الشعانين
في الوقت الذي يُمنع فيه تناول الأسماك خلال الصوم الأربعيني الكبير، الى جانب اللحوم والبيض والألبان ومشتقاتها، الّا أن الكنيسة تسمح بتناول الأسماك في عيدَيّ البشارة والشعانين فقط، والسبب هو أن هذان العيدان هما من الأعياد السيّدية الاثنا عشر الكبرى، لذلك ومن حيث وقوعهما خلال زمن الصوم الكبير، فانّ الكنيسة الأرثوذكسية تجري على مبدأ الصوم المُخفَّف نوعاً ما، فصار السماح بهما بتناول الأسماك، نظراً لكثرة الأصوام في كنيستنا الشرقية الأرثوذكسية، ولأن الانسان الصائم من الناحية الجسدية يحتاج الى البروتين الحيواني فيمكنه التزوّد به، وبذلك نُدرك أن هذا شكلٌ من الترفُّق والتخفيف والتسهيل من قبل الكنيسة الأرثوذكسية اعتباراً منها لفرح وبهجة العيد المُقام.
كما أنّ هناك رموزٌ عميقة تربط بين السمكة وحياة الانسان المسيحي، نذكُر أهمّها
١-السمك يولد في الماء، والمسيحيّ يولد في مياه جرن المعمودية المقدسة
٢- تكاثر السمك في الماء ليس فيه تزاوج بين الذكر والأنثى (وكأنه ميلادٌ عُذري) فالأنثى تضع بيوضها في الماء، ثم يأتي السمكة الذكر بعدها ويُخصِّب البيوض، وهي تُشير الى ولادتنا في المعمودية المقدسة بالماء والروح، ولادة روحية من فوق، وكأنها ميلادٌ بتوليّ يُخصِّب فيه الروح القدس النفس بعطاياه ومواهبة الإلهية
٣- رغم كون الأسماك تندرج تحت تعريف “اللحوم”، غير أنه ليس فيها غرائز الحيوانات الأخرى، حيث تناول الدهون الحيوانية يؤثّر تأثيراً مباشراً على الغدّة النخامية التي تُحفِّز من افراز هورمون الذكورة (التوستيسترون) وهورمون الأنوثة (الاستروجين)، لذلك فانّ تناول الأسماك ليس له تأثير على الانسان الصائم من جهة تحريك الانفعالات الغرائزية، الأمر الذي لا يتوافق ولا ينسجم مع روحانية الصوم وغايته
٤- لعنة الطوفان في أيام نوح أصابت كل المخلوقات على الأرض وأودَت بها الى الهلاك، ما عدا الأسماك التي بطبيعتها لن تغرق في الماء، وحادثة الطوفان تُشير أيضاً على نحوٍ ما الى الضربات العشر التي نزلت عقاباً من الرب على أرض مصر، وأصابت كل المصريين، باستثناء شعب الله، كما أن الموت الأبدي لا سُلطان له على المؤمنين بالمسيح
٥- الرب يسوع المسيح أجرى معجزتين عبر القليل من السمك والخبز، حيث باركها وأشبع منها جموعاً غفيرة، راجع (مرقس فصل 6) وأيضاً (متى فصل 15)، وهو بذلك يُبارك القليل الذي لدينا ويُغنينا به، ويُبارك كل عطاءٍ أو عملٍ نقوم به في مسيرة الجهاد الروحيّ، مهما بدى هذا العطاءُ أو العملُ صغيراً أو بسيطاً
٦- السمكة في التقليد المسيحي هي رمزٌ للمسيح، وقد استخدمها المسيحيون الأوائل بكثرة فيما بينهم كما لو كانت “كلمة السرّ” للتعرّف على بعضهم البعض في أزمنة الاضطهاد
في الوقت الذي يُمنع فيه تناول الأسماك خلال الصوم الأربعيني الكبير، الى جانب اللحوم والبيض والألبان ومشتقاتها، الّا أن الكنيسة تسمح بتناول الأسماك في عيدَيّ البشارة والشعانين فقط، والسبب هو أن هذان العيدان هما من الأعياد السيّدية الاثنا عشر الكبرى، لذلك ومن حيث وقوعهما خلال زمن الصوم الكبير، فانّ الكنيسة الأرثوذكسية تجري على مبدأ الصوم المُخفَّف نوعاً ما، فصار السماح بهما بتناول الأسماك، نظراً لكثرة الأصوام في كنيستنا الشرقية الأرثوذكسية، ولأن الانسان الصائم من الناحية الجسدية يحتاج الى البروتين الحيواني فيمكنه التزوّد به، وبذلك نُدرك أن هذا شكلٌ من الترفُّق والتخفيف والتسهيل من قبل الكنيسة الأرثوذكسية اعتباراً منها لفرح وبهجة العيد المُقام.
كما أنّ هناك رموزٌ عميقة تربط بين السمكة وحياة الانسان المسيحي، نذكُر أهمّها
١-السمك يولد في الماء، والمسيحيّ يولد في مياه جرن المعمودية المقدسة
٢- تكاثر السمك في الماء ليس فيه تزاوج بين الذكر والأنثى (وكأنه ميلادٌ عُذري) فالأنثى تضع بيوضها في الماء، ثم يأتي السمكة الذكر بعدها ويُخصِّب البيوض، وهي تُشير الى ولادتنا في المعمودية المقدسة بالماء والروح، ولادة روحية من فوق، وكأنها ميلادٌ بتوليّ يُخصِّب فيه الروح القدس النفس بعطاياه ومواهبة الإلهية
٣- رغم كون الأسماك تندرج تحت تعريف “اللحوم”، غير أنه ليس فيها غرائز الحيوانات الأخرى، حيث تناول الدهون الحيوانية يؤثّر تأثيراً مباشراً على الغدّة النخامية التي تُحفِّز من افراز هورمون الذكورة (التوستيسترون) وهورمون الأنوثة (الاستروجين)، لذلك فانّ تناول الأسماك ليس له تأثير على الانسان الصائم من جهة تحريك الانفعالات الغرائزية، الأمر الذي لا يتوافق ولا ينسجم مع روحانية الصوم وغايته
٤- لعنة الطوفان في أيام نوح أصابت كل المخلوقات على الأرض وأودَت بها الى الهلاك، ما عدا الأسماك التي بطبيعتها لن تغرق في الماء، وحادثة الطوفان تُشير أيضاً على نحوٍ ما الى الضربات العشر التي نزلت عقاباً من الرب على أرض مصر، وأصابت كل المصريين، باستثناء شعب الله، كما أن الموت الأبدي لا سُلطان له على المؤمنين بالمسيح
٥- الرب يسوع المسيح أجرى معجزتين عبر القليل من السمك والخبز، حيث باركها وأشبع منها جموعاً غفيرة، راجع (مرقس فصل 6) وأيضاً (متى فصل 15)، وهو بذلك يُبارك القليل الذي لدينا ويُغنينا به، ويُبارك كل عطاءٍ أو عملٍ نقوم به في مسيرة الجهاد الروحيّ، مهما بدى هذا العطاءُ أو العملُ صغيراً أو بسيطاً
٦- السمكة في التقليد المسيحي هي رمزٌ للمسيح، وقد استخدمها المسيحيون الأوائل بكثرة فيما بينهم كما لو كانت “كلمة السرّ” للتعرّف على بعضهم البعض في أزمنة الاضطهاد
أنر عينيّ لئلاّ أنام إلى الوفاة – المطران جورج خضر
كان الأقدمون يعتبرون أنّ العين فيها نور وبواسطته نرى الأشياء، لذلك جاء في صلاة النوم الكبرى «أنر عينيّ لئلاّ أنام إلى الوفاة». هناك من ينامون حتّى آخر العمر والنعمة التي تغذّينا هي نعمة الصحو. الآباء الذين نسكوا في البرّيّة وعلّموا عن الحياة في المسيح يقال لهم الآباء اليقظون أو الصاحون. الإنسان الغارق في خضمّ من الأهواء والخطايا لا يعرف نفسه. تقول كنيستنا إنّه ليس على الإنسان أن يعرف خطاياه وحسب، لكن أن يعرف الأهواء أي الأشياء التي تحرّكه وتنبع منها الخطايا
المهمّ أن نعرف كيف نبصر وكيف ننجو من الفساد. كما أنّ الحياة مع المسيح لها قواعد، كذلك الحياة بدون المسيح، بالرذيلة، لها قواعد تنشأ عليها الرذيلة. من هنا قول صاحب الصلاة «أنر عينيّ لئلاّ أنام إلى الوفاة». النور الإلهيّ الذي ذكرناه الأحد الماضي عندما أقمنا ذكرى القدّيس غريغوريوس أسقف تسالونيكي، النور الإلهيّ، النور الأزليّ المنسكب في القلب بنعمة المعموديّة، يجعلنا ندرك حقيقة الله ومحبّته ويجعلنا ندرك الظلمات التي تحيط بنا
تعلّم كنيستنا أنّ الروح القدس وحده يسكن في القلب البشريّ وأنّ الشيطان لا يسكن في القلب البشريّ، ولكنّه يرسل سهامه وحرابه إلينا فتضرب القلب. القلب تجرحه الرذائل، الشرور، الخطايا. كيف نعرف هذه الشرور؟ نسلّط عليها أضواء النور. الصلاة هي النور الكبير. الصلاة المستمرّة العميقة لا تتزامن مع الخطيئة. فإمّا أن تزول الخطيئة أو أن تنقطع الصلاة. من هنا أنّنا نقطع يومنا بصلوات كثيرة إذا كنّا متروّضين على محبّة يسوع. نصلّي في الصباح والمساء وعند الغروب وعند الظهر فالإنسان يحدّد لنفسه أوقاتًا يصلّي فيها
على سبيل المثال إذا صلّى الإنسان قبل خروجه من البيت في الصباح فهذا درع له يقيه السهام التي يتلقّاها في العمل والتعامل. ذكر الله صلاة، ذكر الله المستمرّ لا يتّفق مع الخطيئة. ولهذا تعرف كنيستنا دعاء يُدعى دعاء اسم يسوع: «أيّها الربّ يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ». هذا يكرّره الرهبان وهذا عملهم في القلالي وفي الصوامع. لكن يمكننا نحن أيضًا أن نقول صلاة اسم يسوع في البيت، في الطريق، في السيّارة في أوقات معيّنة حتّى تحلّ علينا حضرة يسوع وتحلّي النفس
والأمر الثاني الذي يضيء القلب البشريّ هو الكتاب المقدّس حسب ما قال الربّ: «فتّشوا الكتب لأنّكم تظنّون أنّ لكم فيها حياة أبديّة» (يوحنّا ٥: ٣٩). فتّشوا الكتب أي اسهروا كلّ يوم. وكما قال بولس الرسول لتلميذه: «أعكف على القراءة حتّى مجيئي» (١تيموثاوس ٤: ١٣) أي متى جئتُ سأفسّر لك الكتب ولكن قبل ذلك ادرسها، محّصها كلّ يوم لأنّها سراج لرجليك. شبّهنا الكتاب المقدّس بالخوذة والدرع والسيف، سيف الحقّ، سيف الكلمة الذي ينفذ إلى القلب البشريّ، إلى كلّ طبقات القلب وثناياه حتّى لا يبقى وجود إلاّ للنور
نسلّط أضواء الصلاة والكتاب على القلب حتّى يُضاء فيعرف الإنسان كم هو منسجم في الأعماق مع الربّ ويعرف خطاياه. يأتي البعض إلى الاعتراف ولا يقرّون بالخطيئة لا لأنّهم يخجلون ولكن لأنّهم لا يعرفون. لماذا لا يعرف أحدنا خطيئته؟ لأنّه لا يعرف ربّه. من كانت له محبّة الله يعرف نفسه أوّل الخاطئين حسبما قال بولس الرسول: «إنّ المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلّص الخطأة الذين أنا أوّلهم» تيموثاوس ١: ١٥
أضواؤنا هي بذاتها تمحّص القلب حسبما قال إرمياء «الله فاحص القلوب والكلى بعدل» (إرمياء ١٧: ١٠). يتسرّب الربّ إلى الداخل البشريّ بعد أن نعرف خطايانا حقًّا. على كلّ منّا أن يحدّد نفسه، أن يعرف أين آثار الشيطان في نفسه: هذا بالكبرياء البشريّ وذاك بالكذب والآخر بالسرقة والرابع بالاحتيال إلى ما هنالك. عندما يعرف الإنسان خطاياه يحاربها بالصلاة والصوم والإنجيل
طبعًا هناك ترويض روحيّ لنعرف كيف نضرب خطايانا. أعطينا مثل الصوم: إنّه يضرب الشراهيّة بالإمساك، فإذا تروض على أن يأكل قليلاً مدّة أربعين يومًا قد تنتهي منه الشراهة. لكنّ الخطيئة متأهّبة للعودة، من أجل ذلك قال الله «تمّموا خلاصكم بخوف ورعدة» (فيليبّي ٢: ١٢
الخطيئة تعود ولكنّ المسيح يعود أيضًا، والربّ حاضر في القلب. كلّما تطهّر القلب يصير مصفّحًا لا يخترقه الرصاص. عندئذ نقوى بالمسيح ولكنّنا نخاف السقوط لذلك نبقى تحت الرحمة الإلهيّة باستمرار. من أجل ذلك نمتحن قلوبنا، ندخل في عمق قلوبنا نعرف ما هي ميولنا الحقيقيّة، أين موقفنا من المسيح، هل نحن في صدق معه
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما جبل لبنان
نشرة رعيتي
كان الأقدمون يعتبرون أنّ العين فيها نور وبواسطته نرى الأشياء، لذلك جاء في صلاة النوم الكبرى «أنر عينيّ لئلاّ أنام إلى الوفاة». هناك من ينامون حتّى آخر العمر والنعمة التي تغذّينا هي نعمة الصحو. الآباء الذين نسكوا في البرّيّة وعلّموا عن الحياة في المسيح يقال لهم الآباء اليقظون أو الصاحون. الإنسان الغارق في خضمّ من الأهواء والخطايا لا يعرف نفسه. تقول كنيستنا إنّه ليس على الإنسان أن يعرف خطاياه وحسب، لكن أن يعرف الأهواء أي الأشياء التي تحرّكه وتنبع منها الخطايا
المهمّ أن نعرف كيف نبصر وكيف ننجو من الفساد. كما أنّ الحياة مع المسيح لها قواعد، كذلك الحياة بدون المسيح، بالرذيلة، لها قواعد تنشأ عليها الرذيلة. من هنا قول صاحب الصلاة «أنر عينيّ لئلاّ أنام إلى الوفاة». النور الإلهيّ الذي ذكرناه الأحد الماضي عندما أقمنا ذكرى القدّيس غريغوريوس أسقف تسالونيكي، النور الإلهيّ، النور الأزليّ المنسكب في القلب بنعمة المعموديّة، يجعلنا ندرك حقيقة الله ومحبّته ويجعلنا ندرك الظلمات التي تحيط بنا
تعلّم كنيستنا أنّ الروح القدس وحده يسكن في القلب البشريّ وأنّ الشيطان لا يسكن في القلب البشريّ، ولكنّه يرسل سهامه وحرابه إلينا فتضرب القلب. القلب تجرحه الرذائل، الشرور، الخطايا. كيف نعرف هذه الشرور؟ نسلّط عليها أضواء النور. الصلاة هي النور الكبير. الصلاة المستمرّة العميقة لا تتزامن مع الخطيئة. فإمّا أن تزول الخطيئة أو أن تنقطع الصلاة. من هنا أنّنا نقطع يومنا بصلوات كثيرة إذا كنّا متروّضين على محبّة يسوع. نصلّي في الصباح والمساء وعند الغروب وعند الظهر فالإنسان يحدّد لنفسه أوقاتًا يصلّي فيها
على سبيل المثال إذا صلّى الإنسان قبل خروجه من البيت في الصباح فهذا درع له يقيه السهام التي يتلقّاها في العمل والتعامل. ذكر الله صلاة، ذكر الله المستمرّ لا يتّفق مع الخطيئة. ولهذا تعرف كنيستنا دعاء يُدعى دعاء اسم يسوع: «أيّها الربّ يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ». هذا يكرّره الرهبان وهذا عملهم في القلالي وفي الصوامع. لكن يمكننا نحن أيضًا أن نقول صلاة اسم يسوع في البيت، في الطريق، في السيّارة في أوقات معيّنة حتّى تحلّ علينا حضرة يسوع وتحلّي النفس
والأمر الثاني الذي يضيء القلب البشريّ هو الكتاب المقدّس حسب ما قال الربّ: «فتّشوا الكتب لأنّكم تظنّون أنّ لكم فيها حياة أبديّة» (يوحنّا ٥: ٣٩). فتّشوا الكتب أي اسهروا كلّ يوم. وكما قال بولس الرسول لتلميذه: «أعكف على القراءة حتّى مجيئي» (١تيموثاوس ٤: ١٣) أي متى جئتُ سأفسّر لك الكتب ولكن قبل ذلك ادرسها، محّصها كلّ يوم لأنّها سراج لرجليك. شبّهنا الكتاب المقدّس بالخوذة والدرع والسيف، سيف الحقّ، سيف الكلمة الذي ينفذ إلى القلب البشريّ، إلى كلّ طبقات القلب وثناياه حتّى لا يبقى وجود إلاّ للنور
نسلّط أضواء الصلاة والكتاب على القلب حتّى يُضاء فيعرف الإنسان كم هو منسجم في الأعماق مع الربّ ويعرف خطاياه. يأتي البعض إلى الاعتراف ولا يقرّون بالخطيئة لا لأنّهم يخجلون ولكن لأنّهم لا يعرفون. لماذا لا يعرف أحدنا خطيئته؟ لأنّه لا يعرف ربّه. من كانت له محبّة الله يعرف نفسه أوّل الخاطئين حسبما قال بولس الرسول: «إنّ المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلّص الخطأة الذين أنا أوّلهم» تيموثاوس ١: ١٥
أضواؤنا هي بذاتها تمحّص القلب حسبما قال إرمياء «الله فاحص القلوب والكلى بعدل» (إرمياء ١٧: ١٠). يتسرّب الربّ إلى الداخل البشريّ بعد أن نعرف خطايانا حقًّا. على كلّ منّا أن يحدّد نفسه، أن يعرف أين آثار الشيطان في نفسه: هذا بالكبرياء البشريّ وذاك بالكذب والآخر بالسرقة والرابع بالاحتيال إلى ما هنالك. عندما يعرف الإنسان خطاياه يحاربها بالصلاة والصوم والإنجيل
طبعًا هناك ترويض روحيّ لنعرف كيف نضرب خطايانا. أعطينا مثل الصوم: إنّه يضرب الشراهيّة بالإمساك، فإذا تروض على أن يأكل قليلاً مدّة أربعين يومًا قد تنتهي منه الشراهة. لكنّ الخطيئة متأهّبة للعودة، من أجل ذلك قال الله «تمّموا خلاصكم بخوف ورعدة» (فيليبّي ٢: ١٢
الخطيئة تعود ولكنّ المسيح يعود أيضًا، والربّ حاضر في القلب. كلّما تطهّر القلب يصير مصفّحًا لا يخترقه الرصاص. عندئذ نقوى بالمسيح ولكنّنا نخاف السقوط لذلك نبقى تحت الرحمة الإلهيّة باستمرار. من أجل ذلك نمتحن قلوبنا، ندخل في عمق قلوبنا نعرف ما هي ميولنا الحقيقيّة، أين موقفنا من المسيح، هل نحن في صدق معه
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما جبل لبنان
نشرة رعيتي
المدارس المسيحية واتجهاتها في تفسير الكتاب المقدس
منذ بدء انتشار المسيحية ظهرت مدارس مسيحية لمقاومة الفكر الفلسفي الوثني والفكر اليهودي المضدان للمسيحية
أولاً: مدرسة الإسكندرية
وتبنت مدرسة الإسكندرية مبادىء التفسير الرمزي للكتاب المقدس والتأويل معتمدة الإسلوب الرمزي للفليسوف فيلون الاسكندري. في القرن الثالث نالت هذه المدرسة شهرة واسعة بتفسيرها اللاهوتي العميق النظري والتفسير السرائري (الصوفي) - السري الرمزي- الرمزي للكتاب المقدس الذي مكن فيها الطريقة التأملية. وقد استخدمت التفسير الرمزي في تفسير العهد القديم لاكتشاف معاني فلسفية وأخلاقية من خلال الرموز، ولذا تبنت مدرسة الإسكندرية الممثلة في أبنائها وكتابتهم التفسير الرمزي، فقد استخدم القديس كليمندس هذا النوع من التفسير، وشكل العلامة أوريجانوس نظامه ووضع قواعده. ويعتبر كليمندس أنه أول من قدم نظرية الرمزية
في بدء القرن الرابع بدأ اتجاه مدرسة الإسكندرية اللاهوتية الفلسفية في طريقة التفسير الرمزي للكتاب المقدس والتأويل يتزعزع، برفض ممثلو مدرسة الإسكندرية مبدئيًا لهذه الطريقة. ففي بحثهم عقائد الإيمان والنظريات الفلسفية صاروا يوجهون انتباههم إلى التقليد الكنسي مقابلين ومُصلحين به ما أنجزوه من آراء بمساعدة العقل بشأن العقائد. نتيجة لهذا الاتجاه، المتغير نوعًا ما، الذي قبلته هذه المدرسة سُميّت «مدرسة الإسكندرية الجديدة»، وكانت الصفة المميزة لها جَعْل الآراء في عقائد الإيمان مطابقة للتقليد الكنسي. وقد بث هذا الاتجاه الجديد في مدرسة الإسكندرية القديس البابا الكسندروس الأول أسقف الإسكندرية (٣١٣-٣٢٨ م) أول مدافع عن الأرثوذكسية ضد الأريوسية. ثم مدافع آخر عن الأرثوذكسية وأكثر شهرة القديس البابا أثناسيوس الأول الكبير (٣٢٨-٣٧٣ م) أفضل ممثل لمدرسة الإسكندرية الجديدة
أما بالنسبة إلى المسيح فإن مدرسة الإسكندرية كانت تركز بالأكثر فى لاهوت المسيح
في القرن الخامس كان القديس البابا كيرلس الإسكندري (٤١٢-٤٤٤ م) ممثلًا المدرسة الإسكندرية الجديدة، وآخر كُتّاب هذه المدرسة الأكثر شهرة. ويَنتسب أيضًا إلى هذه المدرسة من الكُتَّاب القديس باسيليوس الكبير (+ ٣٧١ م) والقديس غريغوريوس اللاهوتي (النزينزي) (+ ٣٩٠ م) والقديس غريغوريوس النسي النصيصي) + ٣٩٥ م)
ثانيًا: مدرسة أنطا كية
تركز علي استخدام طريقة التفسير الحرفي أو التاريخي للكتاب المقدس، وتحافظ بشدة علي النص الحرفي وترفض التأويل. ومن الذين يذكرهم التاريخ بإكبار، بعد القديس إغناطيوس، القديس تيوفيلوس الذي عرف بدفاعه الشديد عن العقيدة المسيحية في وجه المناهضين لها، وبولس السموساطي والذي يعتبر من أهم لاهوتيّي عصره. كذلك يذكر تاريخ القديس لوكيانوس والذي يعتبر من أهم المفسرين والشرّاح للكتاب المقدس إذ وضع أسس الطريقة النقدية في شرحه للسبعينيّة وللعهد الجديد. أمّا بالنسبة إلى المسيح فإن مدرسة أنطاكية كانت تؤكد على حقيقته الإنسانية من منطلق تاريخ الخلاص
فالكنيسة من بدء الإيمان المسيحى وهي تتعرض لهرطقات كثيرة وتتصدى لها من خلال عقد المجامع المسكونية والمكانية حتى تحفظ الإيمان المستلم من الآباء سليمًا ونقيًا. ومن الانحرافات الإيمانية الكثيرة المتزايدة اليوم هو الهجوم الواضح والشديد على الكتاب المقدس، والذى نراه يندرج تحت اسم علم جديد تتبناه مدارس غربية كثيرة وهو علم - النقد الكتابى
هذا النقد الذي يتعرض لقانونية بعض أسفار الكتاب المقدس، وصدق بعض الأحداث وحقيقة الكثير من المعجزات، وضرورة الوَحْيّ وصدقه وعلاقته بالأسفار، وانسحبت هذه المدارس إلى التشكيك في حقيقة التجسد الإلهي والفداء اللازم لخلاص البشرية. وصار هناك تأثير مباشر وغير مباشر على إيماننا بالأسرار الكنائسية، ووسائط الخلاص وشفاعة القديسين وكثير من العقائد الأخرى. وقد أتخذ شكلاً كثيفًا ابتداء من القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين
ثالثًا: مدارس النقد الكتابي الحديث الكاثوليكية - البروتستانتية
إن جماعة "سمينار يسوع ، التي تضم كاثوليك وبروتستانت ليبراليين (في أمريكا)، قالت أن 20 % فقط من الأقوال المنسوبة للرب يسوع المسيح قالها هو بالفعل وبقية ما نسب إليه من أقوال وضعها التلاميذ بعد صعوده لتلائم الظروف التي استجدت بعد انتشار المسيحية في بلاد كثيرة. ويتجاهلون المعجزات في الأناجيل ويركزون فقط على تعاليم المسيح. الأمر الذي صدم المشاعر الدينية للمؤمنين بالأرثوذكسية
والمدافعون عن هذه المدارس يبررون فلسفاتهم الغريبة عن تعاليم الآباء القديسين، ويعطون الشرعية للاهوتهم الغربي العقلاني بالقول أن القديسين باسيليوس الكبير، غريغوريوس اللاهوتي، يوحنا الذهبي الفم، غريغوريوس بالاماس، ويوستينوس الفيلسوف، كانوا مالكين لعلوم عصرهم. وبالتالي هم يعطون الشرعية الآبائية كي يبحروا في العلوم ويقدمون أنفسهم للناس على أنهم أكثر فهمًا من غيرهم
هذه الحجة تبدو مقنعة للوهلة الاولى، ولكنها ليست إلا خدعة من خدع القوات المظلمة التي تحارب الارثوذكسية وتثور وتريد اقتلاعها من نفوس الناس على حد قول القديس نكتاريوس العجائبي
ومما يؤلم أن بعض أبناء الكنيسة بدأوا يتأثرون بهذه المناهج النقدية مما كان له تأثير على سلامة التعليم الأرثوذكسي
وهذه المدارس تشكك فى الكتاب المقدس ورواياته؛ وانصب معظم نقد علماء النقد الماديين على أسفار موسى الخمسة، التوراة، وركزوا عليها أكثر من بقية أسفار العهد القديم. فأنكاروا الوحي الإلهي والأنبياء عمومًا ونفوا وجود آدم وحواء. وعللوا المعجزات المذكورة في الكتاب المقدس بتعليلات مادية فاعتبر انشقاق البحر لبني إسرائيل عند خروجهم من مصر مجرد رياح شرقية شقت لهم في البحر طريقًا. وأن الأنبياء لجئوا لسرد قصص المعجزات والأمثال والحكايات التي تتناسب مع عقلية الشعب، والمأخوذة من منطقة الشرق الأدنى. غير أن الرسالة الرئيسية للتوراة هي وحدانية الله المطلقة، خلقه للعالم وسهره عليه. وتحمل التوراة في نفس الوقت رسائل تتعلق بوحدانية الله وبالسلوك الاجتماعي.
إن النقد الحديث للكتاب المقدس ينقسم إلى النقد الأدنى (النَصِّي) والنقد الأعلى (الأدبي والتاريخي)
١ - النقد النَصِّي ، أو النقد الأدنى
النقد هو الذي يبحث في الوثائق القديمة والنسخ العديدة المنقولة عن المخطوطات الأصلية سواء بلغاتها الأصلية أو باللغات التي ترجمت إليها، خاصة اليونانية واللاتينية والسريانية والقبطية، وذلك من عصور وأزمنة وبلدان وأمم مختلفة، للتأكد من صحة النصوص ومطابقتها أو الوصول بها إلى التطابق الكامل مع النصوص الأصلية كما دونها كتاب الوحي واستعادة الكلمات الصحيحة، الأصلية، في حالة ما إذا كان قد طرأ عليها تبديل أو تغيير بسبب عمليات النسخ اليدوي المتكرر على مر العصور والأزمنة وفي مختلف البلاد والقارات وذلك بواسطة كتبة (نساخ) مختلفين في الفكر والثقافة والظروف. فقد كانت عمليات انتشار وتوزيع الكتب قديما وقبل عصر الطباعة تتم بنقلها ونسخها يدويًا سواء من المخطوطات الأصلية التي دونها الأنبياء كتاب الوحي أو من المنقولة عنها.
٢ - النقد الأعلى (النقد الأدبي والتاريخي
يبحث في التكوين الداخلي للأسفار المقدسة، أي تركيب السفر من حيث المصادر التي أعتمد عليها كُتّاب الوحي والطريقة التي اعتمدوا عليها واستخدموها في ضم هذه المصادر. فيحلل تركيب السفر والأشكال الأدبية والأسلوب والمفردات اللغوية وتكرار الكلمات ومنطق السفر ووجهة النظر فيه، وأي تغيير في الأسلوب أو اختيار الكلمات يدل على اختلاف الكتابة أو زمن.
وبرغم أن هذا النقد عمومًا، سواء النَصِّي أو الأعلى لا يشكل مشكلة بالنسبة للكتاب المقدس بل يساعد الدارس على الوصول للنص الأصلي لأسفار الكتاب المقدس بكل دقة وفهم المحتوى الداخلي لها، إلا أنه كان منذ البداية لغير صالح الكتاب المقدس؛ فقد استخدمت بعض المناهج الخاطئة التي استندت على بعض الافتراضات المسبقة المثيرة للجدل. فنجد أن القصة الكتابية للتاريخ العبري القديم حلت محلها نظرية معقدة متناقضة مع رواية إسرائيل في كل النقط الرئيسية تقريبًا. هذا المنهج أنتج نتائج متطرفة، سلبية للكتاب المقدس، أي "نقض" الكتاب وما جاء فيه، فأنكرت الوحي الإلهي والمعجزات وطوحت بالتقليد. وأصبحت هذه المدرسة تُعرف في بعض الدوائر بأنها "النقد العالي الهدام"
أما الكنيسة الأرثوذكسية فقبلت التوراة وبقية أسفار العهد القديم بأنهم إعلان من الله أولاً ثم وحْيّ منه. وأن الوحْيّ الإلهي هو كلمة الله المقدمة للبشرية من خلال النبي وعلى لسانه بعد أن يتسلمها أولاً من الله في صورة إعلان إلهي، أي إبلاغ كلمة الله للبشرية "أسمعوا كلمة الرب"،" هكذا يقول الرب". كما يعنى أيضًا تدوين كلمة الله وتسجيلها وكتابتها في أسفار مقدسة بالروح القدس بناء على شهادة الرب يسوع المسيح وتلاميذه ورسله لوحيها وقانونيتها وصحة وسلامة نصوصها، مؤكدة على أن موسى النبي هو كاتب الأسفار الخمسة الأولى، التوراة، بوحْيّ الروح القدس ( 2تي 16:3) (2بط 20:1 و21)؛ وكذلك كتب الأنبياء الموحَى إليهم بقية أسفار العهد القديم. وهذا يعنى أن كل ما تكلم ونطق به الأنبياء والرسل وكل ما دونوه في الأسفار المقدسة، كل أسفار الكتاب المقدس" كلمة الله" التي تكلم بها بواسطة، أو عن طريق، أو من خلال أنبيائه القديسين. وسارت الكنيسة على هذا الأساس طوال القرون الأولى للميلاد ولم يخرج عن ذلك سوى بعض الهراطقة من شيعة الناصريين والأبيونيين
فقد اقتبس الرب يسوع المسيح وتلاميذه ورسله وأشاروا إلى معظم ما جاء في أسفار التوراة الخمسة، مثل خلق السموات والأرض بكلمة الله (تك 1:1) مع (عب 3:11)، خلق إنسان واحد (تك 7:2) مع (رو 12:5)، وخدعة الحية لحواء (تك 4:3) مع (2كو 3:11)، وغواية حواء (تك 6:3) مع (1تي 14:2)، وتقدمة هابيل وقايين (تك 33:4) مع (4:11)، وقتل قايين لهابيل (تك 8:4) مع (1يو 12:3)، ونقل أخنوخ إلى السماء (تك 4:5) مع (عب 5:1)، وفساد الأرض أيام نوح (تك 12:6) مع (1بط 10:3) ، وفلك نوح (تك 14:6) مع (لو 27:17)، ودعوة إبراهيم (تك 1:12-3) مع (عب 8:11)، وملكي صادق (تك 18:14) مع (عب1:7)، وإيمان إبراهيم بالله (تك 1:15) مع (رو 3:4)، ودعوة سارة لإبراهيم بـ"سيدى "(تك 12:18) مع (1بط 6:3)، وهلاك سدوم وعمورة (تك 24:19-26)، وصيرورة امرأة لوط عمود ملح (تك 26:19)، وطرد سارة لهاجر (تك 1:21-12) مع (غل 30:4)، وتقديم اسحق ذبيحة (تك 2:22) مع (عب 11:7)، وبيع عيسو بكوريته ليعقوب (تك 33:25) مع (عب 16:12)، وبركة يعقوب ليوسف (تك 15:48و16)، ووصية يوسف عند موته (تك 24:50و25).
وهناك إحصائية تقول أنه يوجد 2,559 آية في العهد الجديد (من أجمالي 7,964 آية، أي بنسبة 32%) تستشهد بالعهد القديم وتقتبس منه وتشير إليه. فقد أقتبس الرب يسوع المسيح من آياته وأسفاره وأشار إلي أهم أحداثه في تعليمه أمام الجموع، وفى مناقشاته مع الكهنة والكتبة والفريسيين، وعند الإجابة على أسئلتهم سواء التي سألوها بصدق وإخلاص أو بقصد الإيقاع به، كما أقتبس منها وهو يعلم تلاميذه ، وأشار إليها في صلاته للآب، وأقتبس منها وأشار إليها كذلك وهو على الصليب وعند قيامته من الأموات، وكذلك فعل تلاميذه
لاشك أن السبب الرئيسى فى نشأة مدارس نقد الكتاب المقدس، هو "الأسلوب البروتستانتى فى التفسير"؛ لأنه أسلوب متحرر، وأحيانًا يكون أسلوبًا متحللاً من أى ضوابط. فالكنيسة الأرثوذكسية لا نقبل أن يفسِّر أحد الكتاب المقدس، دون أن تكون له مرجعية كنسية تتكون من
١- التقليد الكنسى: الذى تسلمته الكنيسة جيلاً بعد جيل، والذى- هو نفسه- سلمنا الكتاب المقدس، بعد أن تمت كتابة أسفار العهد الجديد
٢- قوانين الرسل: التى سلمت قوائم أسفار الكتاب المقدس من جيل إلى جيل، كما حدث مع قائمة "موارتورى" أو قانون مجمع نيقية للأسفار المقدسة
٣- تفاسير الآباء الأولين: بدءًا من الآباء الرسوليين، إلى قديسى القرون الأولى وآبائها، مثل القديس كيرلس الكبير والقديس يوحنا ذهبى الفم والقديس أغسطينوس وغيرهم كثيرون
٤- الإجماع الآبائى: فالكنيسة تتمسك بأن التفسير السليم فى أمر ما يجب أن يتوافر له الإجماع الآبائى. لهذا قد لا تأخذ بتفسير واحد من الآباء لأمر ما؛ كما تقدر ما قاله أغسطينوس إنه يمكن أن يخطئ ويحتاج إلى من يصححه. والكنيسة لا نعتبر كتابات الآباء وحيًا بالروح القدس، ولكنها تأملات وتفسيرات بنعمة الروح القدس، دون أن يعصم الروح الكاتب من الزلل، كما فى حالة الوحى الإلهى
أخيرًا نحن الأرثوذكس نؤمن أن الكنيسة هي التى سلمتنا الكتاب المقدس، وأن التقليد الرسولي والكنسي هو الضمان لذلك. وقد قال المغبوط أغسطينوس
"أنا أؤمن بالكتاب المقدس، مسلَّمًا من الكنيسة، مشروحًا بالآباء، معاشًا في القديسين"
المطران نيقولا أنطونيو الجزيل الإحترام مطران طنطا وتوابعها
ووكيل البطريرك لشئون الطائفة الناطقة بالعربية بمصر
منذ بدء انتشار المسيحية ظهرت مدارس مسيحية لمقاومة الفكر الفلسفي الوثني والفكر اليهودي المضدان للمسيحية
أولاً: مدرسة الإسكندرية
وتبنت مدرسة الإسكندرية مبادىء التفسير الرمزي للكتاب المقدس والتأويل معتمدة الإسلوب الرمزي للفليسوف فيلون الاسكندري. في القرن الثالث نالت هذه المدرسة شهرة واسعة بتفسيرها اللاهوتي العميق النظري والتفسير السرائري (الصوفي) - السري الرمزي- الرمزي للكتاب المقدس الذي مكن فيها الطريقة التأملية. وقد استخدمت التفسير الرمزي في تفسير العهد القديم لاكتشاف معاني فلسفية وأخلاقية من خلال الرموز، ولذا تبنت مدرسة الإسكندرية الممثلة في أبنائها وكتابتهم التفسير الرمزي، فقد استخدم القديس كليمندس هذا النوع من التفسير، وشكل العلامة أوريجانوس نظامه ووضع قواعده. ويعتبر كليمندس أنه أول من قدم نظرية الرمزية
في بدء القرن الرابع بدأ اتجاه مدرسة الإسكندرية اللاهوتية الفلسفية في طريقة التفسير الرمزي للكتاب المقدس والتأويل يتزعزع، برفض ممثلو مدرسة الإسكندرية مبدئيًا لهذه الطريقة. ففي بحثهم عقائد الإيمان والنظريات الفلسفية صاروا يوجهون انتباههم إلى التقليد الكنسي مقابلين ومُصلحين به ما أنجزوه من آراء بمساعدة العقل بشأن العقائد. نتيجة لهذا الاتجاه، المتغير نوعًا ما، الذي قبلته هذه المدرسة سُميّت «مدرسة الإسكندرية الجديدة»، وكانت الصفة المميزة لها جَعْل الآراء في عقائد الإيمان مطابقة للتقليد الكنسي. وقد بث هذا الاتجاه الجديد في مدرسة الإسكندرية القديس البابا الكسندروس الأول أسقف الإسكندرية (٣١٣-٣٢٨ م) أول مدافع عن الأرثوذكسية ضد الأريوسية. ثم مدافع آخر عن الأرثوذكسية وأكثر شهرة القديس البابا أثناسيوس الأول الكبير (٣٢٨-٣٧٣ م) أفضل ممثل لمدرسة الإسكندرية الجديدة
أما بالنسبة إلى المسيح فإن مدرسة الإسكندرية كانت تركز بالأكثر فى لاهوت المسيح
في القرن الخامس كان القديس البابا كيرلس الإسكندري (٤١٢-٤٤٤ م) ممثلًا المدرسة الإسكندرية الجديدة، وآخر كُتّاب هذه المدرسة الأكثر شهرة. ويَنتسب أيضًا إلى هذه المدرسة من الكُتَّاب القديس باسيليوس الكبير (+ ٣٧١ م) والقديس غريغوريوس اللاهوتي (النزينزي) (+ ٣٩٠ م) والقديس غريغوريوس النسي النصيصي) + ٣٩٥ م)
ثانيًا: مدرسة أنطا كية
تركز علي استخدام طريقة التفسير الحرفي أو التاريخي للكتاب المقدس، وتحافظ بشدة علي النص الحرفي وترفض التأويل. ومن الذين يذكرهم التاريخ بإكبار، بعد القديس إغناطيوس، القديس تيوفيلوس الذي عرف بدفاعه الشديد عن العقيدة المسيحية في وجه المناهضين لها، وبولس السموساطي والذي يعتبر من أهم لاهوتيّي عصره. كذلك يذكر تاريخ القديس لوكيانوس والذي يعتبر من أهم المفسرين والشرّاح للكتاب المقدس إذ وضع أسس الطريقة النقدية في شرحه للسبعينيّة وللعهد الجديد. أمّا بالنسبة إلى المسيح فإن مدرسة أنطاكية كانت تؤكد على حقيقته الإنسانية من منطلق تاريخ الخلاص
فالكنيسة من بدء الإيمان المسيحى وهي تتعرض لهرطقات كثيرة وتتصدى لها من خلال عقد المجامع المسكونية والمكانية حتى تحفظ الإيمان المستلم من الآباء سليمًا ونقيًا. ومن الانحرافات الإيمانية الكثيرة المتزايدة اليوم هو الهجوم الواضح والشديد على الكتاب المقدس، والذى نراه يندرج تحت اسم علم جديد تتبناه مدارس غربية كثيرة وهو علم - النقد الكتابى
هذا النقد الذي يتعرض لقانونية بعض أسفار الكتاب المقدس، وصدق بعض الأحداث وحقيقة الكثير من المعجزات، وضرورة الوَحْيّ وصدقه وعلاقته بالأسفار، وانسحبت هذه المدارس إلى التشكيك في حقيقة التجسد الإلهي والفداء اللازم لخلاص البشرية. وصار هناك تأثير مباشر وغير مباشر على إيماننا بالأسرار الكنائسية، ووسائط الخلاص وشفاعة القديسين وكثير من العقائد الأخرى. وقد أتخذ شكلاً كثيفًا ابتداء من القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين
ثالثًا: مدارس النقد الكتابي الحديث الكاثوليكية - البروتستانتية
إن جماعة "سمينار يسوع ، التي تضم كاثوليك وبروتستانت ليبراليين (في أمريكا)، قالت أن 20 % فقط من الأقوال المنسوبة للرب يسوع المسيح قالها هو بالفعل وبقية ما نسب إليه من أقوال وضعها التلاميذ بعد صعوده لتلائم الظروف التي استجدت بعد انتشار المسيحية في بلاد كثيرة. ويتجاهلون المعجزات في الأناجيل ويركزون فقط على تعاليم المسيح. الأمر الذي صدم المشاعر الدينية للمؤمنين بالأرثوذكسية
والمدافعون عن هذه المدارس يبررون فلسفاتهم الغريبة عن تعاليم الآباء القديسين، ويعطون الشرعية للاهوتهم الغربي العقلاني بالقول أن القديسين باسيليوس الكبير، غريغوريوس اللاهوتي، يوحنا الذهبي الفم، غريغوريوس بالاماس، ويوستينوس الفيلسوف، كانوا مالكين لعلوم عصرهم. وبالتالي هم يعطون الشرعية الآبائية كي يبحروا في العلوم ويقدمون أنفسهم للناس على أنهم أكثر فهمًا من غيرهم
هذه الحجة تبدو مقنعة للوهلة الاولى، ولكنها ليست إلا خدعة من خدع القوات المظلمة التي تحارب الارثوذكسية وتثور وتريد اقتلاعها من نفوس الناس على حد قول القديس نكتاريوس العجائبي
ومما يؤلم أن بعض أبناء الكنيسة بدأوا يتأثرون بهذه المناهج النقدية مما كان له تأثير على سلامة التعليم الأرثوذكسي
وهذه المدارس تشكك فى الكتاب المقدس ورواياته؛ وانصب معظم نقد علماء النقد الماديين على أسفار موسى الخمسة، التوراة، وركزوا عليها أكثر من بقية أسفار العهد القديم. فأنكاروا الوحي الإلهي والأنبياء عمومًا ونفوا وجود آدم وحواء. وعللوا المعجزات المذكورة في الكتاب المقدس بتعليلات مادية فاعتبر انشقاق البحر لبني إسرائيل عند خروجهم من مصر مجرد رياح شرقية شقت لهم في البحر طريقًا. وأن الأنبياء لجئوا لسرد قصص المعجزات والأمثال والحكايات التي تتناسب مع عقلية الشعب، والمأخوذة من منطقة الشرق الأدنى. غير أن الرسالة الرئيسية للتوراة هي وحدانية الله المطلقة، خلقه للعالم وسهره عليه. وتحمل التوراة في نفس الوقت رسائل تتعلق بوحدانية الله وبالسلوك الاجتماعي.
إن النقد الحديث للكتاب المقدس ينقسم إلى النقد الأدنى (النَصِّي) والنقد الأعلى (الأدبي والتاريخي)
١ - النقد النَصِّي ، أو النقد الأدنى
النقد هو الذي يبحث في الوثائق القديمة والنسخ العديدة المنقولة عن المخطوطات الأصلية سواء بلغاتها الأصلية أو باللغات التي ترجمت إليها، خاصة اليونانية واللاتينية والسريانية والقبطية، وذلك من عصور وأزمنة وبلدان وأمم مختلفة، للتأكد من صحة النصوص ومطابقتها أو الوصول بها إلى التطابق الكامل مع النصوص الأصلية كما دونها كتاب الوحي واستعادة الكلمات الصحيحة، الأصلية، في حالة ما إذا كان قد طرأ عليها تبديل أو تغيير بسبب عمليات النسخ اليدوي المتكرر على مر العصور والأزمنة وفي مختلف البلاد والقارات وذلك بواسطة كتبة (نساخ) مختلفين في الفكر والثقافة والظروف. فقد كانت عمليات انتشار وتوزيع الكتب قديما وقبل عصر الطباعة تتم بنقلها ونسخها يدويًا سواء من المخطوطات الأصلية التي دونها الأنبياء كتاب الوحي أو من المنقولة عنها.
٢ - النقد الأعلى (النقد الأدبي والتاريخي
يبحث في التكوين الداخلي للأسفار المقدسة، أي تركيب السفر من حيث المصادر التي أعتمد عليها كُتّاب الوحي والطريقة التي اعتمدوا عليها واستخدموها في ضم هذه المصادر. فيحلل تركيب السفر والأشكال الأدبية والأسلوب والمفردات اللغوية وتكرار الكلمات ومنطق السفر ووجهة النظر فيه، وأي تغيير في الأسلوب أو اختيار الكلمات يدل على اختلاف الكتابة أو زمن.
وبرغم أن هذا النقد عمومًا، سواء النَصِّي أو الأعلى لا يشكل مشكلة بالنسبة للكتاب المقدس بل يساعد الدارس على الوصول للنص الأصلي لأسفار الكتاب المقدس بكل دقة وفهم المحتوى الداخلي لها، إلا أنه كان منذ البداية لغير صالح الكتاب المقدس؛ فقد استخدمت بعض المناهج الخاطئة التي استندت على بعض الافتراضات المسبقة المثيرة للجدل. فنجد أن القصة الكتابية للتاريخ العبري القديم حلت محلها نظرية معقدة متناقضة مع رواية إسرائيل في كل النقط الرئيسية تقريبًا. هذا المنهج أنتج نتائج متطرفة، سلبية للكتاب المقدس، أي "نقض" الكتاب وما جاء فيه، فأنكرت الوحي الإلهي والمعجزات وطوحت بالتقليد. وأصبحت هذه المدرسة تُعرف في بعض الدوائر بأنها "النقد العالي الهدام"
أما الكنيسة الأرثوذكسية فقبلت التوراة وبقية أسفار العهد القديم بأنهم إعلان من الله أولاً ثم وحْيّ منه. وأن الوحْيّ الإلهي هو كلمة الله المقدمة للبشرية من خلال النبي وعلى لسانه بعد أن يتسلمها أولاً من الله في صورة إعلان إلهي، أي إبلاغ كلمة الله للبشرية "أسمعوا كلمة الرب"،" هكذا يقول الرب". كما يعنى أيضًا تدوين كلمة الله وتسجيلها وكتابتها في أسفار مقدسة بالروح القدس بناء على شهادة الرب يسوع المسيح وتلاميذه ورسله لوحيها وقانونيتها وصحة وسلامة نصوصها، مؤكدة على أن موسى النبي هو كاتب الأسفار الخمسة الأولى، التوراة، بوحْيّ الروح القدس ( 2تي 16:3) (2بط 20:1 و21)؛ وكذلك كتب الأنبياء الموحَى إليهم بقية أسفار العهد القديم. وهذا يعنى أن كل ما تكلم ونطق به الأنبياء والرسل وكل ما دونوه في الأسفار المقدسة، كل أسفار الكتاب المقدس" كلمة الله" التي تكلم بها بواسطة، أو عن طريق، أو من خلال أنبيائه القديسين. وسارت الكنيسة على هذا الأساس طوال القرون الأولى للميلاد ولم يخرج عن ذلك سوى بعض الهراطقة من شيعة الناصريين والأبيونيين
فقد اقتبس الرب يسوع المسيح وتلاميذه ورسله وأشاروا إلى معظم ما جاء في أسفار التوراة الخمسة، مثل خلق السموات والأرض بكلمة الله (تك 1:1) مع (عب 3:11)، خلق إنسان واحد (تك 7:2) مع (رو 12:5)، وخدعة الحية لحواء (تك 4:3) مع (2كو 3:11)، وغواية حواء (تك 6:3) مع (1تي 14:2)، وتقدمة هابيل وقايين (تك 33:4) مع (4:11)، وقتل قايين لهابيل (تك 8:4) مع (1يو 12:3)، ونقل أخنوخ إلى السماء (تك 4:5) مع (عب 5:1)، وفساد الأرض أيام نوح (تك 12:6) مع (1بط 10:3) ، وفلك نوح (تك 14:6) مع (لو 27:17)، ودعوة إبراهيم (تك 1:12-3) مع (عب 8:11)، وملكي صادق (تك 18:14) مع (عب1:7)، وإيمان إبراهيم بالله (تك 1:15) مع (رو 3:4)، ودعوة سارة لإبراهيم بـ"سيدى "(تك 12:18) مع (1بط 6:3)، وهلاك سدوم وعمورة (تك 24:19-26)، وصيرورة امرأة لوط عمود ملح (تك 26:19)، وطرد سارة لهاجر (تك 1:21-12) مع (غل 30:4)، وتقديم اسحق ذبيحة (تك 2:22) مع (عب 11:7)، وبيع عيسو بكوريته ليعقوب (تك 33:25) مع (عب 16:12)، وبركة يعقوب ليوسف (تك 15:48و16)، ووصية يوسف عند موته (تك 24:50و25).
وهناك إحصائية تقول أنه يوجد 2,559 آية في العهد الجديد (من أجمالي 7,964 آية، أي بنسبة 32%) تستشهد بالعهد القديم وتقتبس منه وتشير إليه. فقد أقتبس الرب يسوع المسيح من آياته وأسفاره وأشار إلي أهم أحداثه في تعليمه أمام الجموع، وفى مناقشاته مع الكهنة والكتبة والفريسيين، وعند الإجابة على أسئلتهم سواء التي سألوها بصدق وإخلاص أو بقصد الإيقاع به، كما أقتبس منها وهو يعلم تلاميذه ، وأشار إليها في صلاته للآب، وأقتبس منها وأشار إليها كذلك وهو على الصليب وعند قيامته من الأموات، وكذلك فعل تلاميذه
لاشك أن السبب الرئيسى فى نشأة مدارس نقد الكتاب المقدس، هو "الأسلوب البروتستانتى فى التفسير"؛ لأنه أسلوب متحرر، وأحيانًا يكون أسلوبًا متحللاً من أى ضوابط. فالكنيسة الأرثوذكسية لا نقبل أن يفسِّر أحد الكتاب المقدس، دون أن تكون له مرجعية كنسية تتكون من
١- التقليد الكنسى: الذى تسلمته الكنيسة جيلاً بعد جيل، والذى- هو نفسه- سلمنا الكتاب المقدس، بعد أن تمت كتابة أسفار العهد الجديد
٢- قوانين الرسل: التى سلمت قوائم أسفار الكتاب المقدس من جيل إلى جيل، كما حدث مع قائمة "موارتورى" أو قانون مجمع نيقية للأسفار المقدسة
٣- تفاسير الآباء الأولين: بدءًا من الآباء الرسوليين، إلى قديسى القرون الأولى وآبائها، مثل القديس كيرلس الكبير والقديس يوحنا ذهبى الفم والقديس أغسطينوس وغيرهم كثيرون
٤- الإجماع الآبائى: فالكنيسة تتمسك بأن التفسير السليم فى أمر ما يجب أن يتوافر له الإجماع الآبائى. لهذا قد لا تأخذ بتفسير واحد من الآباء لأمر ما؛ كما تقدر ما قاله أغسطينوس إنه يمكن أن يخطئ ويحتاج إلى من يصححه. والكنيسة لا نعتبر كتابات الآباء وحيًا بالروح القدس، ولكنها تأملات وتفسيرات بنعمة الروح القدس، دون أن يعصم الروح الكاتب من الزلل، كما فى حالة الوحى الإلهى
أخيرًا نحن الأرثوذكس نؤمن أن الكنيسة هي التى سلمتنا الكتاب المقدس، وأن التقليد الرسولي والكنسي هو الضمان لذلك. وقد قال المغبوط أغسطينوس
"أنا أؤمن بالكتاب المقدس، مسلَّمًا من الكنيسة، مشروحًا بالآباء، معاشًا في القديسين"
المطران نيقولا أنطونيو الجزيل الإحترام مطران طنطا وتوابعها
ووكيل البطريرك لشئون الطائفة الناطقة بالعربية بمصر